وتخلية سبيلها وحكمة ذلك ان الزوجة تتخلص من زوجها على وجه لا رجعة فيه ففيه حل عاجل للاثنين ويسن للزوج ان يجيبها حينئذ وان كان الزوج يحبها اذ تحب له بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان الدرس مائة وواحد وستون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. ايها الاخوة الكرام السلام عليكم ورحمة رحمة الله وبركاته نواصل الحديث معكم ببرنامج من الفقه الاسلامي في احكام النكاح وقد انتهى بنا الحديث في الحلقة السابقة الى باب الخلع فليكن موضوع حديثنا في هذه الحلقة ان شاء الله. وذلك من حيث تعريفه وبيان اسبابه وبيان حكمه ودليله. فاما تعريفه فهو فراق الزوج لزوجته بعوض بالفاظ مخصوصة سمي بذلك لان المرأة تخلع نفسها من الزوج كما تخلع اللباس لان كلا من الزوجين لباس للاخر كما قال تعالى هن لباس لكم وانتم لباس لهن واما اسباب الخلع والمسوغات له فمن المعلوم ان الزواج ترابط بين الزوجين وتعاشر بالمعروف ينتج عنه بناء اسرة وانشاء جيل قال تعالى ومن رحمته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة فاذا لم يتحقق هذا المعنى من الزواج بحيث لم توجد المودة من الطرفين او لم توجد من الزوج وحده وساءت العشرة وتعسر العلاج فان الزوج مأمور بتسريح الزوجة باحسان قال تعالى فانساك بمعروف او تسريح باحسان وقال تعالى وان يتفرقا يغني الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما واما اذا وجدت المحبة من جانب الزوج ولم توجد من جانب الزوجة بان كرهك خلق زوجها او كرهت خلقه او كرهت نقص دينه او خافت اثما بترك حقه فانه في هذه الحالة مباح لها ان تطلب فراقه على عوض تبذله له وتفتدي به نفسها. قوله تعالى فان خفتم الا ما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به اي اذا علم الزوج او الزوجة انهما اذا بقيا على الزوجية لا يؤدي كل كل واحد منهما الواجب عليه نحو الاخر ويحصل من جراء ذلك ان يعتدي الزوج على زوجته او تخاف المرأة ان تعصي زوجها فلا حرج على الزوجة حينئذ ان تفتدي نفسها من الزوج بعوض ولا حرج على الزوج من اخذ ذلك العوض وان كان الزوج يحبها استحب لها ان تصبر ولا تفتدي منه واما واما حكم الخلع فانه يباح اذا توفر سببه الذي اشارت اليه الاية الكريمة وهو خوف الزوجين اذا بقي على النكاح الا يقيما حدود الله واذا لم يكن هناك حاجة للخلع فانه يكره وعند بعض العلماء انه يحرم في هذه الحال لقوله صلى الله عليه وسلم اي ما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة رواه الخمسة الا النسائي قال الشيخ تقي الدين رحمه الله الخلع الذي جاءت به السنة ان تكون المرأة مبغضة للرجل فتفتدي نفسها منه كالاسير وان كان الزوج لا يحبها ولكنه يمسكها لغرض ان تمل وتفتدي منه فانه يكون بذلك ظالما لها ويحرم عليه اخذ العوظ منها ولا يصح الخلع لقوله تعالى ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن اي لا تضاروهن في العشرة لتترك بعظ ما اصدقت او كله او تترك حقا من حقوقها التي لها على زوجها الا اذا كان عظله لها في تلك الحال لكونها غير عفيفة عن الزنا ففعل ذلك ليسترجع منها الصداق الذي اعطاها جاز له ذلك لقوله تعالى الا ان يأتين بفاحشة مبينة قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الاية هذا في الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي به. فنهى تعالى عن ذلك. ثم قال الا ان يأتين بفاحشة مبينة يعني الزنا فله ان يسترجع منها الصداق الذي اعطاها ويضجرها حتى تتركه له ويخالعها والدليل على جواز المخالعة عند حصول سببها المسوغ لها الكتاب والسنة والاجماع اما الكتاب فالاية التي اسلفنا تلاوتها وهي قوله تعالى فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به واما السنة ففي الصحيح ان امرأة ثابت ابن قيس رضي الله عنه قالت يا رسول الله ما اعيب عليه في دين ولا خلق ولكن اكره الكفر في الاسلام اي كفران العشير المنهي عنه والتقصير فيما يجب له بسبب الشدة البغض له فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم اثر الدين عليه حديقته؟ قالت نعم فامرها بردها وامره بفراقها. رواه البخاري واما الاجماع فقد قال ابن عبدالبر رحمه الله لا نعلم احدا خالف في ذلك الا المزني فانه زعم ان الاية منسوخة بقوله تعالى وان اردتم استبدال زوج مكان زوجي واتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ويشترط لصحة الخلع بذل عوضه ممن يصح تبرعه وان يكون صادرا من زوج يصح طلاقه والا يعضلها بغير حق حتى تبذله وان يكون بلفظ الخلع اما ان كان بلفظ الطلاق او بلفظ كناية الطلاق مع نيته فهو طلاق بائن لا يملك رجعتها لكن له ان يتزوجها بعقد جديد ولو لم تنكح زوجا غيره اذا لم يسبقه من عدد الطلاق ما يصير به ثلاثة اما ان وقع بلفظ الخلع او الفسخ او الفداء ولم ينوه طلاقا كان فسخا لا ينقص به عدد الطلاق روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما واحتج بقوله تعالى الطلاق مرتان ثم قال تعالى فلا جناح عليهما فيما افتدت به ثم قال تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فذكر تطليقتين ثم ذكر الخلع ثم ذكر تطليقة بعده فلو كان الخلع طلاقا لكان رابعا والله اعلم. ايها المستمعون الكرام الى الحلقة القادمة باذن الله لمواصلة الحديث في موضوع اخر والله الموفق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله رب العالمين