المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله السادس والستون والمئة الحديث الثالث عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن مسعود رضي الله عنه ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية اي نحو قولهم وويلاه وانقطاع ظهراه وسيداه وفلان الذي يفعل كذا وكذا وهكذا وكذا وهذا الحديث كحديث ابي موسى المتقدم وها هنا فائدة عظيمة ينبغي التنبه لها وهي ان العلماء كثرت اقوالهم واختلفوا في هذه الايات والاحاديث الواردة بنصوص الوعيد مثل الخلود في النار لمن معه اصل الايمان اذا فعل ذلك الامر المذكور ومثل التبري ممن فعله كقوله في حديث ابي موسى انه برئ من الصالقة الى اخره ومثل نفي الايمان كقوله لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه ومثل التبري منه كقوله ليس منا من غشنا وكقوله في هذا الحديث ليس منا من ضرب الخدود الى اخره ونحو ذلك من النصوص التي يظهر منها الخلود في النار والخروج من دائرة الاسلام بفعل ذلك الذنب الذي لا يكفر الانسان بفعله وسبب اختلافهم ان السلف الصالح اجمعوا على انه لا يخلد في النار من معه اصل الايمان وانه لا يخرج من الدين جملة وهذا مذهب اهل السنة والجماعة وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة ومن خرج عن هذا المذهب فقد دخل بمذهب احدى الطائفتين المفرطين او المفرطين اما مذهب الخوارج واما مذهب المعتزلة فلهذا اختلف الائمة رحمهم الله في معنى هذه الاحاديث اختلافا طويلا عريضا ولكن الصواب الذي لا صواب غيره وهو الذي يجمع النصوص كلها ولا يضرب بعضها ببعض هو ان يقال ان الايمان نوعان نوع يمنع من دخول النار ونوع لا يمنع من دخولها ولكن يمنع من الخلود فيها فمن كمل ايمانه فهو الذي حصل له النوعان والايمان المنفي في هذه الاحاديث هو الايمان الكامل الذي يمنع من دخول النار ولهذا قال شيخ الاسلام رحمه الله ان الاشياء لها شروط وموانع فلا يتم الشيء الا باجتماع شروطه وانتفاء موانعه فاذا رتب العذاب على عمل كان ذلك العمل موجبا لحصول العذاب ما لم يوجد مانع يمنع من حصوله واكبر الموانع وجود الايمان الذي يمنع من الخلود في النار فالقاتل وان دخل النار فانه لا يخلد فيها ما دام معه اصل الايمان لان القتل وان كان موجبا للخلود فيها فالايمان مانع من الخلود فيها والبراءة منه وقوله ليس منا اي في هذه الاحوال المخالفة لاحوال المؤمنين