المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى مبينا حال المكذبين لرسوله من كفار قريش وما ال اليه امرهم الم تر الى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ونعمة الله هي ارسال محمد صلى الله عليه وسلم اليهم يدعوهم الى ادراك الخيرات في الدنيا والاخرة. والى النجاة من شرور الدنيا والاخرة. فبدلو هذه النعمة بردها. والكفر بها صد عنها بانفسهم وصدهم غيرهم حتى احلوا قومهم دار البوار. وهي النار حيث تسببوا لاضلالهم. فصاروا وبالا على قومهم من حيث يظن نفعهم ومن ذلك انهم زينوا لهم الخروج يوم بدر ليحاربوا الله ورسوله فجرى عليهم ما جرى وقتل كثير من كبرائهم وصناديدهم في تلك الوقعة. جهنم يصلونها ان يحيط بهم حرها من جميع جوانبهم وجعلوا لله اندادا اي نظراء وشركاء ليضلوا عن سبيله اي ليضلوا العباد عن سبيل الله. بسبب ما جعلوا لله من الانداد. ودعوهم الى عبادتها قل لهم متوعدا تمتعوا بكفركم وضلالكم قليلا. فليس ذلك بنافعكم اين مآلكم ومقركم ومأواكم فيها؟ وبئس المصير. قل لعبادي الذين امنوا يقيموا الصلاة وينفق مما رزقناهم سرا وعلانية سرا وعلانية اي قل لعباد المؤمنين امرا لهم بما ما فيه غاية صلاحهم وان ينتهزوا الفرصة قبل ان لا يمكنهم ذلك. يقيموا الصلاة ظاهرا وباطنا. وينفقوا مما رزقناهم من النعم التي انعمنا بها عليهم قليلا او كثيرا سرا وعلانية. وهذا يشمل النفقة الواجبة كالزكاة ونفقة من تجب عليه والمستحبة كالصدقات ونحوها اين ينفع فيه شيء؟ ولا سبيل الى استدراك ما فات لا بمعاوضة بيع وشراء ولا بهبة خليل وصديق كل امرئ له شأن يغنيه فليقدم العبد لنفسه. ولينظر ما قدمه لغد. وليتفقد اعماله ويحاسب نفسه قبل الحساب الاكبر الله الذي خلق السماوات والارض وانزل من السماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم يخبر تعالى انه وحده الذي خلق السماوات والارض على اتساعهما وعظمهما وانزل من السماء ماء وهو المطر الذي ينزله الله من السحاب. فاخرج بذلك الماء من الثمرات المختلفة الانواع. رزقا لكم ورزقا لانعامكم. وسخر لكم الفلك اي السفن والمراكب لتجري في البحر بامره فهو الذي يسر لكم صنعتها واقدركم عليها وحفظها على تيار الماء لكم وتحمل تجاراتكم وامتعتكم الى بلد تقصدونه. وسخر لكم الانهار. لتسقي حروفكم واشجار وتشربوا منها النهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين لا يفتران ولا ينيان يسعيان لمصالحكم من حساب ازمنتكم مصالح ابدانكم وحيواناتكم وزروعكم وثماركم. وسخر لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا. لتبتغوا من واتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله اه لا تحصوها ان الانسان لظلوم واتاكم من كل ما سألتموه اي اعطاكم من كل ما تعلقت به امانيكم وحاجتكم. مما تسألونه اياه بلسان الحال او بلسان المقال من انعام والات وصناعات وغير ذلك. وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. فضلا عن قيامكم بشكرها اي هذه طبيعة الانسان من حيث هو ظالم متجدد على المعاصي مقصر في حقوق ربه كفار لنعم الله. لا يشكرها ولا يعترف بها الا من هداه الله فشكر نعمه وعرف حق ربه وقام به. ففي هذه الايات من اصناف نعم الله على العباد شيء عظيم. مجمل ومفصل يدعو الله به العباد الى القيام بشكره وذكره ويحثهم على ذلك. ويرغبهم في سؤاله ودعائه. اناء الليل والنهار. كما ان نعمه تتكرر عليهم في جميع الاوقات اي واذكر ابراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه الحالة الجميلة. اذ قال رب اجعل هذا البلد اي الحرم امين هنا فاستجاب الله دعاءه شرعا وقدرا. فحرمه الله في الشرع ويسر من اسباب حرمته قدرا ما هو معلوم. حتى انه لم يرده ظالم بسوء الا قصمه الله كما فعل باصحاب الفيل وغيرهم. ولما دعا له بالامن دعا له ولبنيه بالامن. فقال اي اجعلني واياهم جانبا بعيدا عن عبادتها والالمام ثم ذكر الموجب لخوفه عليه وعلى بنيه بكثرة من افتتن وابتلي بعبادتها فقال كثيرا من الناس فمن تبعني فانه مني. ومن عصاني فانك غفور رحيم رب انهن اضللن كثيرا من الناس اي ضلوا بسببها. فمن تبعني على ما جئت به من التوحيد والاخلاص لله رب العالمين انه مني لتمام الموافقة. ومن احب قوما وتبعهم التحق بهم. ومن عصاني فانك غفور رحيم وهذا من شفقة الخليل عليه الصلاة والسلام. حيث دعا للعاصين بالمغفرة والرحمة من الله. والله تبارك وتعالى ارحم منه بعباده عبادة لا يعذب الا من تمرد عليه زرع عند بيتك المحرم. ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من وارزقهم من السمرات لعلهم يشكرون. وذلك انه اتى بهاجر ام اسماعيل وابنها اسماعيل عليه الصلاة والسلام. وهو في الرضاع من الشام حتى وضعهما في مكة. وهي اذ ذاك ليس فيها سكن ولا داع ولا مجيب. فلما وضعهما دعا ربه بهذا الدعاء فقال متضرعا متوكلا على ربه. ربنا اني اسكنت من الى كل ذريتي لان اسحاق في الشام وباقي بنيه كذلك. وانما اسكن في مكة اسماعيل وذريته. وقوله بواد غير ذي زرع. اي لان ارض مكة لا تصلح للزراعة. ربنا ليقيموا الصلاة ايجعلهم موحدين مقيمين الصلاة ان اقامة الصلاة من اخص وافضل العبادات الدينية. فمن اقامها كان مقيما لدينه. فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم اي تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه. فاجاب الله دعاءه فاخرج من ذرية اسماعيل محمدا صلى الله عليه وسلم. حتى دعا ذريته الى الدين الاسلامي والى ملة ابيهم ابراهيم. فاستجابوا له وصاروا مقيمي الصلاة. وافترض الله حج هذا البيت الذي اسكن به ذرية ابراهيم وجعل فيه سرا عجيبا جاذبا للقلوب. فهي تحجه ولا تقضي منه وترا على الدوام. بل كلما اكثر العبد التردد اليه ازداد زاد شوقه وعظم ولعه وطوقه. وهذا سر اضافته تعالى الى نفسه المقدسة فاجاب الله دعاءه فصار يجبى اليه ثمرات كل شيء. فانك ترى مكة المشرفة كل وقت الثمار فيها متوفرة والارزاق تتوالى اليها من كل جانب ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن اي انت اعلم بنا منا فنسألك من تدبيرك وتربيتك لنا ان تيسر لنا من الامور التي نعلمها والتي لا نعلمها. ما هو مقتضى علمك ورحمتك. ومن ذلك هذا الدعاء الذي لم يقصد به الخليل الا الخير وكثرة الشكر لله رب العالمين واسحاق فهبتهم من اكبر النعم. وكونهم على الكبر في حال الاياس من الاولاد. نعمة اخرى وكونهم انبياء صالحين اجل وافضل. اي قريب الاجابة ممن دعاه. وقد دعوته فلم يخيب رجائي. ثم دعا لنفسه ولذريته فقال الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم فاستجاب الله له ذلك كله الا ان دعاءه لابيه انما كان عن موعدة وعده اياه. فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه