المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثاني والسبعون والمئة الحديث الخامس عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عمر رضي الله عنه على الصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد ابن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ينقم ابن جميل الا ان كان فقيرا فاغناه الله تعالى واما خالد فانكم تظلمون خالدا وقد احتبس اذراعه واعتاده في سبيل الله واما العباس فهي علي ومثلها ثم قال يا عمر ما شعرت ان عم الرجل صنغ ابيه رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة بعث رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عمر على الصدقة اي عاملا فقبض الزكاة من الناس الا ثلاثة ولهذا شكروا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ينقم ابن جميل الا ان كان فقيرا فاغناه الله وهذا من باب تحسين الكلام وهو ان يأتي بالمدح بصيغة ذم مثل قوله تعالى وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله اي ان كان لهم ذنب فهو هذا الذي بالحقيقة انه مدح وهنا يقول ليس له عذر الا ان كان فقيرا فاغناه الله والحال ان هذا ليس عذرا بل المنة على هذا اعظم ولا اعرف ابن جميل هذا ولعله منافق ولم يذكر في الحديث انه اخذها منه قهرا ولا انه لم يأخذها منه فيرجع الى القاعدة العامة وهي ان من امتنع من اداء الواجب اجبر عليه بل قد ورد في الزكاة خصوصا الامر باجبار من منعها ان يدفعها كما تقدم من اجماع الصحابة على قتال مانع الزكاة وكما ورد ومن لم يؤدها فانا اخذوها وشطر ما له عزمة من عزمات ربنا لا يحل لمحمد ولا لآل محمد منها شيء اي اخذوها ونصف ما له قهرا عليه وهذا من باب التعزير بالاموال بحسب اجتهاد الحاكم وقوله واما خالد فانكم تظلمون خالدا وقد احتبس اذراعه واعتاده اي السلاح ونحوه في سبيل الله يحتمل ان المراد بذلك انه حبسها اي وقفها في سبيل الله ففيه ان الوقف ليس فيه زكاة لكن اذا كان عقارا ففي مغله زكاة لان المغل يملك ومن هذا قال الفقهاء ان التحبيس من الفاظ الوقف فقالوا الوقف تحبيس الاصل وتسبيل المنفعة ويحتمل ان المراد بذلك انه قد اعدها للجهاد في سبيل الله فهي من جملة حاجياته فليس عليه زكاة فيها لانها ليست للتجارة وقوله واما العباس فهي علي ومثلها يحتمل ان المراد بذلك اني متحملها عنه فابذلها من مالي ومثلها معها ويساعد هذا قوله يا عمر ما شعرت ان عم الرجل صنغ ابيه اي ان ذلك ليس بكثير لانه بهذه المثابة وهذا القرب ليس بكثير ان اتحملها عنه والصنغ القريب الذي اصله واحد وهو في الشجر كالنخل ونحوه القرائن التي تجتمع في اصل واحد يعني انه يجتمع مع ابيه في الجد وهذا الاحتمال اصح ويحتمل ان المراد بذلك انه قد عجل زكاة سنتين يعني ان احتجنا واخذناها منه فهي علينا ولهذا قال الفقهاء يجوز تقديم الزكاة لسنتين فقط فاذا كان وقت مسغبة وحاجة بالناس او حاجة للجهاد في سبيل الله فيستحسن تقديمها لهذه الحاجة وفي هذا الحديث فوائد عديدة منها ان عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه يبعث العمال لجباية الزكاة من الاموال الظاهرة كالحبوب والثمار وبهيمة الانعام وفي بعض الاوقات يرجع العامل وليس معه الا صوته وقد فرق الزكاة في المحل الذي اخذها منه كما تقدم في حديث ابن عباس في قوله لمعاذ فاخبرهم ان الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم وفي بعض الاوقات يأتي بالزكاة على حسب تدبيره لهم فانه اذا كان في محل الزكاة حاجة فالاحسن ان يفرقها هناك ولا يرجع منها بشيء والا فتفرق في اقرب المواضع اليه واشدها حاجة واما صرفها في شهوات الملوك فحرام ولكنها تجزئ عن اهلها والله المستعان ومنها ان من ترك امرا يجب عليه فعله فانه يجوز شكايته على والي الامر ومنها انه تجب الزكاة في المنقولات اذا كانت للتجارة كما تجب في الثمار والنقدين ومنها ان الوقف ليس فيه زكاة