فان الله شكر لهم لما فتحت مكة لم يحصل لهم منها غنائم فاحضروا يوم حنين جميع اموالهم حتى عد بعضهم الغنم اربعين الفا والسبايا من النساء والذرية نحو ستة الاف المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثالث والسبعون والمئة الحديث السادس عن عبدالله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه انه قال لما افاء الله على رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم حنين قسم في الناس وفي المؤلفة قلوبهم ولم يعطي الانصار شيئا وكأنهم وجدوا في انفسهم اذ لم يصبهم ما اصاب الناس فخطبهم فقال يا معشر الانصار الم اجدكم ضلالا فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فالفكم الله بي وعالة فاغناكم الله بي كلما قال شيئا قاله الله ورسوله امن قال ما يمنعكم ان تجيبوا رسول الله قالوا الله ورسوله امن قال لو شئتم لقلتم جئتنا كذا وكذا الا ترضون ان يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي الى رحالكم لولا الهجرة لكنت امرأ من الانصار ولو سلك الناس واديا او شعبا لسلكت وادي الانصار وشعبها الانصار شعار والناس دثار انكم ستلقون بعدي اثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عبد الله ابن زيد ابن عاصم لما افاء الله على رسوله يوم حنين وكانت غزوة حنين في شهر حرام ولكن المشركين هم الذين بدأوا بالقتال فانه لما فتح الله على رسوله مكة وذلك في رمضان سنة ثمان من الهجرة فتجمع لقتاله اناس من هوازن وثقيف وغيرهم فخرج اليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بمن معه في غزوة الفتح وهم عشرة الاف وخرج معه الفان من الطلقاء وهم اهل مكة فالتقى معهم في وادي حنين وهو واد عن جبل عرفة شرق جنوب قريب منكرا وكانوا قد وصلوا الى الوادي قبل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقد علموا بمسيره فتعبأوا للقتال وتهيأوا وقعدوا في المكامن والمتارس وقال لهم كبيرهم اذا اقبلوا عليهم فارموهم بالنبل رمية رجل واحد فلما اقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بمن معه ولم يتهيأ لهم رشقوهم بالنبل فانهزم اكثر المسلمين وانحاز رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يمين القوم ولم ينهزم ولم يكن معه الا نفر قليل اقل من مائة رجل وكان على بغلته ويتقدم اليهم ويقول انا النبي لا كذب انا ابن عبدالمطلب فانظر الى شجاعته وثباته صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكان معه عمه العباس وكان كبير الجسم فكان اذا طاف مع الناس كان بينهم كالنخلة السحوق وكان صوته على قدر جسمه جهوري الصوت فامره ان ينادي يا اصحاب السمرة يا اهل سورة البقرة يريد بذلك تذكيرهم لبيعة الرضوان والسمرة هي الشجرة التي بايعوه عندها فما احسن هذا الرأي فانه قد يذهل الانسان عن شيء كثير في مثل هذا الموضع فلما ذكرهم تراجعوا حتى اجتمع معه مئة منهم ولم يزالوا يتراجعون حتى ان اخرهم لم يجئ الا والغنائم والسبايا بين يدي رسول الله صلى الله عليه على اله وسلم فكانت العاقبة للمؤمنين كما قال الله تعالى لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم الايات ومن اعظم اسباب انهزامهم بالاول انهم اعجبوا بكثرتهم حتى قال بعضهم لن نغلب اليوم من قلة فترهوا وهذا من اعظم الاسباب المنافية للتوكل ومن وكل الى نفسه فهو مخذول فلما اراهم الله ان كثرتهم لا تغني عنهم من الله شيئا من عليهم ونصرهم بعد ذلك وكانت غنائم حنين كثيرة جدا والابل شيء كثير كما هو مبسوط في السير وقوله قسم في الناس الى اخره اي انه اعطى كل احد الا الانصار فانه لم يعطهم لانه وثق بهم ووكل الى ما معهم من الايمان ولما انهم وجدوا في انفسهم لان هذه طبيعة الانسان من حيث هو ولكنهم قنعوا لما قنعهم فلما عدد منته عليهم جعلوا يقولون الله ورسوله امن اي ان المنة لله ولرسوله وقوله لو شئتم لقلتم جئتنا كذا وكذا فسره في بعض الروايات اي مكذبا فصدقناك وطريدا فآويناك ومخذولا فنصرناك فكان في عدم قولهم ذلك اعظم الفخر لهم ثم ذكر انه هو حظهم في الدنيا والاخرة وان هذا المال عرض زائل ثم ذكر فضله وانه لولا الهجرة لكان منهم ففيه انه لا افضل منهم بعد المهاجرين وقوله الانصار شعار والناس دثار الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد مأخوذ من الشعر وادثار هو الثوب الظاهر وقوله انكم ستلقون بعدي اثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض اي انه سيأتي ملوك يستأثرون بالمال دونكم فاصبروا فرضوا رضي الله عنهم فقاموا وقد خضبوا لحاهم بالدموع وفي هذا فضل عظيم للانصار ولم يقسم السبايا لعلمه انهم سيأتون ويسلمون فلما جاءوا واسلموا خيرهم بين الاموال والذرية فاختاروا الذرية فاعطاهم نصيبه ونصيب من يمون عليه وقال لبقية الناس من شاء ان يهب لهم نصيبه تبرعا لله ولرسوله ومن شاء ان يبدل بذلك كثرة ست مرات اي الفريضة بمثلها ست مرات من اول غنيمة يغنمها المسلمون فتبرع بذلك اكثر الناس وبعض الاعراب لم يتبرع بل قالوا نريد الجزاء عن الفريضة بست فرائض ولا اعلم وجه مناسبة هذا الحديث لترجمة الباب الا ان يقال ان بعض العلماء قال ان حكم المؤلفة نسخ فليس لهم شيء من الزكاة فذكره المؤلف بيانا ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعطاهم من الغنائم في هذه الغزوة مع انها في اخر عمره سنة ثمان فلم ينسخ حكمهم في هذا ففي الزكاة من باب اولى واحرى لان الله ذكرها في القرآن مع ان هذا احتمال بعيد