الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد هذا هو المجلس السابع عشر من مجالس قراءتنا تفسير القرآن العظيم لابي الفدى اسماعيل ابن كثير الدمشقي رحمه الله تعالى وآآ نحن في مساعي الاحد التاسع عشر من جمادى الاولى عام خمسة واربعين واربع مئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كنا قد وقفنا على الاية الخامسة والسبعين من سورة البقرة فنبدأ على بركة الله تبارك وتعالى قال رحمه الله تعالى يقول تعالى فتطمعون ايها المؤمنون ان يؤمنوا لكم ان ينقاد لكم بالطاعة هؤلاء الفرقة الضالة من اليهود الذين شاهد اباؤهم من الايات البينات ما شهدوا. ثم قست قلوبهم من بعد ذلك. وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفون اي يتأولونه على غير تأويله من بعد ما عقلوا. اي فهموا على الجلية ومع هذا يخالفونه على بصيرة وهم يعلمون انهم مخطئون فيما ذهبوا اليه من تحريفه وتأويله. وهذا المقام شبيه بقوله تعالى فبما نقضيهم ميثاق واجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه. قال محمد بن اسحاق حددني محمد بن ابي محمد عن سعيد بن جبير عن ابن رضي الله تعالى عنهما انه قال ثم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ولمن معه من المؤمنين يؤيسهم منهم افتطمعون ان يؤمنون لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله وليس قوله سمعوا التوراة كلهم قد سمعها ولكنهم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فاخذتهم الصاعقة فيها. وقال محمد بن ساعق فيما حدثني بعض اهل العلم انه قالوا لموسى يا موسى قد حيل بيننا وبين رؤية الله تعالى فاسمعنا كلامه فاسمعنا كلامه حين يكلمك. فطلب ذلك موسى الى ربه تعالى فقال نعم مرهم فليتطهروا ثيابهم ويصوموا ففعلوا ثم خرج بهم حتى اتوا الطور. فلما غشيهم الغمام وامرهم موسى ان يسجدوا فوقعوا سجودا وكلموا ربه. فلما سمعوا كلامه يأمرهم ويأمرهم وينام حتى عقلوا عنه ما سمعوا. ثم انصرف بهم الى بني اسرائيل. فلما جاءهم حرف فريق منهم ما امروا به وقالوا حين قال موسى لبني اسرائيل ان الله قد امركم بكذا وكذا قال ذلك البريق الذين ذكرهم الله. انما قال كذا وكذا خلافا لما قال الله عز وجل لهم فهم الذين عن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وقال السدي في قوله تعالى وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه قال هي التوراة حرفوها وهذا الذي ذكره واعم مما ذكره ابن عباس وابن اسحاق وان كان قد اختاره ابن جرير لظاهر السياق فانه ليس يلزم من سماع كلام الله ان يكون منه كما سمعه الكليم موسى كما سمعه الكليم موسى ابن عمران عليه الصلاة والسلام. وقد قال الله تعالى وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله مبلغا اليه اي مبلغا اليه. ولهذا قال قتادة في قوله ثم يحرفون ومن بعد ما قالوا وهم يعلمون. قال هم اليهود لو كانوا يسمعون كلام الله ثم يحرمون من بعد ما عقلوه ووعوه. وقال مجاهد الذين يحرفونه والذين يكتمونه هم العلماء منهم. وقال ابو يعمدوا الى ما انزل الله في نص كتابهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم فحرفوه عن مواضعه. وقال السدي وهم يعلمون اي انهم اذنبوا. وقال ابن وهب قال ابن زيد في قوله يسمعون كلام الله ثم يحرفونه. قال التوراة التي انزلها الله عليهم يحرفونها يجعلون الحالة هادي فيها حراما والحرام فيها حلالا والحق فيها باطلا والباطل فيها حقا. اذا جاءهم المحق برشوة اخرجوا لهم تاب الله واذا جاءهم المبطل برشوة اخرجوا له ذلك الكتاب فهو فيه محق. وان جاء احد يسألهم شيئا ليس فيه حق ولا ولا شيء امروه بالحق. فقال الله لهم اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب. افلا وقوله تعالى واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلى بعضهم الى بعض الاية قال محمد ابن اسحاق حدثنا محمد بن ابي محمد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا اي بصاحبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه اليكم خاصة واذا خلا بعض الى بعض قالوا لا تحدثوا العرب بهذا فانكم قد كنتم تستفتحون به عليهم فكان منهم فانزل الله واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلى بعضهم الى بعض قالوا وتعددونهم قالوا ما تحدثونهم بما فتح الله عليكم يحاجكم به عند ربكم اي تقرون بانه نبي وقد علمتم انه قد اخذ له الميثاق عليكم باتباعه وهو يخبر منه النبي الذي كنا ننتظر. ونجد في كتاب بنا يجحدوه ولا تقروا به. يقول الله تعالى ولا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون. وقال الظحاك عن ابن عباس رضي الله حدثنا عثمان بن سعيد عن بشر ابن عمارة عن ابي روق عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى ومنهم قال الاميون قوم لم يصدقوا رسولا عنه ما يعني المنافقين من اليوم كانوا اذا لاقوا اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا امنا. وقال السدي هؤلاء ناس من اليهود امنوا ثم نافقوا قال الربيع ابن انس وقتادة وغير واحد من السلف والخلف. حتى قال عبدالرحمن بن زيد بن اسلم فيما رواه ابن وابن عنه. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لا يدخلن علينا قصبة المدينة الا مؤمن. فقال الرؤساء من اهل الكفر والنفاق اذهبوا فقولوا امنا واكفروا اذا رجعتم الينا فكانوا يأتون المدينة بالبكر ويرجعون اليه بعد العصر. وقرأ قول الله تعالى وقالت طائفة من اهل الكتاب امنوا بالذين انزل الى الذين امنوا وجه النار. واكفروا اخرهم لعلهم يرجعون كانوا يقولون اذا دخلوا المدينة نحن مسلمون ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وامره. فاذا رجعوا رجعوا الى الكفر فلما اخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون وكان المؤمنون يظنون انهم مؤمنون. فيقولون اليس قد قال الله لكم كذا وكذا؟ فيقولون بلى. فاذا رجعوا الى قومهم يعني الرؤساء فقالوا وتحدثونهم بما فتح الله عليكم الاية؟ وقال ابو العالية اتحدثونهم بما فتح الله عليكم؟ يعني بما انزل عليكم في كتابكم من محمد صلى الله عليه وسلم. وقال عبد الرزاق عن معمر القتادة تحدثونهم بما فتح الله عليكم يحاجكم به عند ربكم. قال كانوا يقولون سيكون نبي فخلى بعضهم ببعض فقالوا اتحدثونهم بما فتح الله عليكم؟ قول اخر في المراد بالفتح. قال ابن جرين حدثني عن مجاهد في قوله تعالى اتحدثونهم بما فتح الله عليكم؟ قال قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال يا القردة يا اخوان القردة والخنازير ويا عبد الطاغوت ويا عبدة الطاغوت فقالوا من اخبر بهذا الامر محمدا؟ ما خرج هذا الامر الا وتحدثونهم بما فتح الله عليكم بما حكم الله للفتح ليكون لهم حجة عليكم. قال ابن جرين عن مجاهد هذا حين ارسل اليه ان ارسل اليهم عليا فاذوا محمدا صلى الله عليه وسلم وقال السدية تحدثنا مما فتح الله عليكم من العذاب ليحاجكم به عند ربكم هؤلاء الناس من اليهود امنوا ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب ما عذبوا به بما عذبوا به. فقال بعضهم لبعضنا تحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب ليقولوا نحن احب الى الله منكم واكرمنا الله منكم. وقال عطاء للخرسانية تحدثون مما فتح الله عليكم يعني بما قضى لكم وعليكم. وقال الحسن البصري هؤلاء اليهود كانوا اذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا. واذا خلى بعضهم الى بعض قال بعضهم لا واصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما فتح الله عليكم مما في كتابكم ليحاجكم به عند ربكم فيخصموكم او فيخصموا وقوله تعالى ولا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون. قال ابو العالية يعني ما سروا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به وهم يجدونه مكتوبا عندهم وكذا قال قتادة وقال الحسن ان الله يعلم ما يسرون. قال كانما سروا انهم كانوا اذا تولوا من اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وخلا بعضهم الى بعض تناهوا ان يخبر احد منهم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما فتح الله عليهم مما في كتاب خشية ان يحاجهم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما في كتابهم عند ربهم. وما يعلنون يعني حين قالوا لاصحاب محمد صلى الله عليه وسلم امنا وكذا قال ابو العالية والربيع وقتادة يقول تعالى ومنهم اميون اي ومن اهل الكتاب قال هو مجاهد والاميون جمع امي وهو الرجل الذي لا يحسن الكتابة قال هو ابو العلي والربيع وقتادة وابراهيم تعي وغير واحد وهو ظاهر في قوله تعالى لا يعلمون الكتاب الا اماني. اي لا يدرون ما فيه. ولهذا في صفات النبي صلى الله عليه وسلم انه الامي لانه لم يكن يحسن الكتابة. كما قال تعالى وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك. اذا لارتاب المبطنون وقال عليه الصلاة والسلام ان امة امية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا. الحديث اي لا نفتقر في عباداتنا ومواقيتها الى كتاب ولا حساب. وقال تبارك وتعالى هو الذي بعث بالا وقال ابن جرير نسبت العرب من لا يكتب سبت العرب من لا يكتب ولا يخط من الرجال الى امه في جانب الكتاب دون ابيه. قال وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قول خلاف هذا وهو ما حدثنا به ابو بكريب قال ارسله الله الى كتاب انزله الله فكتبوا كتابا بايديهم ثم قالوا لقوم سفلة جهال هذا من عند الله. وقال قد اخبر انهم يكتبون بايديهم ثم سماهم اميين لجحودهم كتب الله ورسله لجحودهم كتب الله ورسله. ثم قال ابن جرير رحمه الله وهذا التأويل تأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم. وذلك ان الامية عند العرب لا يكتب قلت ثم في صحة هذا لابن عباس رضي الله تعالى عنهما بهذا الاسناد نظر والله اعلم وقوله تعالى الا ماني قال ابن ابي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه الا من الا حديث. وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى الا اماني. يقول الا قولا يقولون بافواههم كذبا. وقال مجاهد الا كذبا وقال سنيد عن الحجاج علي بن جرير عن مجاهد في قوله تعالى ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب الا اماني. قال اناس من يهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله. ويقولون هو من الكتاب اماني يتمنونها. وعن الحسن البصري وقال ابو العالية والربيع وقتادة الا اماني يتمنون على الله ما ليس لهم. وقال عبدالرحمن بن زيد بن اسلم ان لامني قال تمنوا قالوا نحن من اهل الكتاب وليسوا منهم. قال ابن جرير ولا اشبه بالصوابق والضحاك عن ابن عباس. وقول مجاهد ان الاميين الذين وصفهم الله تعالى انهم لا يفقهون من الكتاب الذي انزله الله تعالى على موسى شيئا ولكنهم يتخرصون الكذب ويتخرصون باطلا كذبا وزورا والتمني في هذا الموضع هو تخلق الكذب وتخرصه ومنه الخبر المروي عن عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه ما تغنيت ولا تمنيت يعني ما تخرست الباطل ولا اخترقت الكذب وقيل المراد بقوله اللاماني بالتشديد والتخفيف ايضا الا اماني الا اماني هذا معنى بالتشديد والتخفيف ايضا اي الا تلاوة فعل هذا يكون استثناء من قطيعة واستشهدوا على ذلك بقوله تعالى الا اذا تمنى اي القى الشيطان في امنيته الاية. قال كعب بن مالك الشاعر تمنى كتاب الله اول ليله واخره لاقى حمام المقادير. وقال اخر تمنى كتاب الله اخر ليله تمني داوود الكتاب على رسمي. وقال محمد بن اسحاق حدثني محمد بن ابي محمد عن عكرمة او سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى لا يعلمون الكتاب الا ماني وانهم الا يظنون. اي ولا يدرون ما فيه وهم يجدون نبوتك بالظن. وقال مجاهد وانهم الا يظنون يكذبون. وقال قتادة ابو العالية والربيع يظنون بالله الظنون بغير الحق. وقوله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا. الاية هؤلاء صنف اخر من اليهود. وهم الدعاة الى الضلال بالزور والكذب على الله واكل اموال الناس بالباطل. والويل الهلاك والدمار وهي كلمة مشهورة في اللغة. وقال سفيان الثوري عن زياد بن فياض سمعتها بعياظ يقول ويل صديد في اصل جهنم وقال عطاء ابن يسار الويل واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لماعت. وقال ابن ابي حاتم حدثنا يونس ابن عبد الله لا قال اخبرنا ابن وهب. قال اخبرني عمر ابن الحارث عن عن ابي الهيثم عن ابي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر اربعين خريفا قبل ان يبلغ ورواه الترمذي عن عبد ابن حميد عن الحسن ابن موسى عن ابن لهيعة عن دراج به وقال هذا حديث غريب لا نعرفه الا من حديث ابن لهيعة. قلت الامير كما ترى ولكن الافة ممن بعده. وهذا الحديث بهذا الاسناد مرفوعا منكر والله اعلم. وقال ابن جرير حدثنا المثنى حديثنا ابراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري قال حدثنا علي بن جرير بن حماد بن سلمة عبد الحميد بن جعفر من كناية العدوي عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه عن رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فويل فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون. قال الويل جبل في النار هو الذي انزل فيه اليهود وهو الذي انزل في اليهود لانهم حرفوا التوراة زادوا فيها ما احبوا ومحوا منها ومحوا منها ما يكرهون ومحو اسمهم محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة. ولذلك غضب الله عليهم فرفع بعض التوراة. فقال تعالى فويل لهم مما كتبت ايديهم. وويل لهم مما يكسبون وهذا غريب ايضا جدا. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الويل المشقة من العذاب. وقال الخليل ابن احمد الويل شدة الشر وقالت ويل لمن وقع في الهلكة وويح لمن اشرف عليها. وقال الاصمعي الويل تفجع والويح ترحم. وقال غيره الويل الحزن. وقال وفي معنا ويل وويح وويش وويه وويك وويت ومنهم من فرق بينهما. وفي معني ويل وويح وويش ووي وويك رويت يعني المعاني متقاربة ومنهم من فرق بينها وقال بعض النحات انما جاز الابتداء بها وهي نكرة. لانها لان فيها معنى الدعاء. ومنهم من جوز نصبها لمعنى الزمهم ويلا طبعا القاعدة النحوية لا يجوز الابتداء بالنكرة. ما لم يفد كعند زيد النمرة كما قاله ابن مالك فهنا اذا قلنا ويل لكل همزة لهمزة كيف جاز الابتداء بالنكرة فاجاز عنه فاجاب عنه اه ابن كثير بقوله انما جاز الابتداء بها وهي نكرة لان فيها معنى الدعاء اي هلاك لهم فالجملة الابتدائية معا جاز الابتدائي بالكلمة لان معناه الدعاء وهو الطلب قال لا قلت لكن لم يقرأ بذلك احد وان كلمتان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم قال هم احبار اليهود. وكذا قال سعيد القتادة هم اليهود. وقال وكع في تفسيره حدثنا سفيان توري عن عبد الرحمن ابن علقمة سألت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن قوله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم. قال نزلت في المشركين واهل الكتاب وقال السدي كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب ويحدثونهم انهم من عند الله ليأخذوا به ثمنا قليلا. وقال الزري اخبرنا عبيد الله عبد الله عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انه قال يا معشر المسلمين كيف تسألون اهل الكتاب عن شيء وكتاب الله الذي انزله على نبيه احدث اخبار الله احدث احداث اخبار الله تقرأونها غظا لم يشب. وقد حدثكم الله تعالى ان اهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروا وكتبوا بايديهم الكتاب. وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا افلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟ ولا والله ما رأينا منهم احدا قط سألكم عن الذي انزل عليكم. رواه البخاري من طرق عن الزوري وقال الحسن ابن ابي الحسن البصري الثمن القليل الدنيا بحذافيرها قال وقوله تعالى فويل لهم مما كسب فويل لهم مما كسبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون اي فويل لهم مما كتبوا بايديهم من الكذب والبهتان والافتراء وويل مما اكلوا به من السحت كما قال الضحى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فويل لهم يقول فالعذاب عليهم من الذي من الذي كتبوا بايديهم من ذلك الكذب وويل لهم مما يكسبون يقولون مما يأكلون به الناس السفلة وغيرهم وغيرهم من الناس السفي وويل لهم مما يكسبون. يقول مما ياكلون به الناس من السفلة وغيرهم. وقال لن تمسنا النار الا يا من معدودة. ولاتخذتم عند الله اي اعدام فلن يخلف الله وعده ام تقولون على الله ما لا تعلمون. قال يقول تعالى اخبرنا اليهود فيما نقلوه وادعوه لانفسهم من انهم لن تمسهم النار الا اياما معدودة ثم ينجون منها فرد الله عليهم ذلك بقوله تعالى قل اتخذتم عند قل اتخذتم عند الله عهدا اي بذلك فان لقد وقع عهد فهو لا يخلف وعده ولكن هذا ما جرى ولا كان. ولهذا اتى بام بام التي بمعنى بل اي بل تقولون على الله ما لا تعلمون من الكذب والافتراء عليه. قال محمد بن اسحاق عن سيف ابن سليمان المجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان اليهود كانوا يقولون ان هذه الدنيا سبعة الاف سنة انما نعذب بكل الف سنة يوما في النار وانما هي سبعة ايام معدودة. فانزل الله تعالى وقالوا لن تمسنا النار الا يا من معدودة الى قوله خالدون. ثم رواه محمد عن سيدنا واكرم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بنحوه. وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودة. اليهود قالوا لن تمسنا النار الا اربعين ليلة. زاد غيره هي مدة عبادتهم العجل. وحكاه القرطبي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقتادة وقال الضحاك وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما زعمت اليهود انهم وجدوا في التوراة مكتوبا ان ما بين طرفي جهنم مسيرة اربعين سنة الى ان ينتهوا من الى شجرة الزقوم التي هي نابتة في اصل الجحيم. وقال اعداء الله انما نعذب حتى ننتهي الى شرة الزقوم فتذهب جهنم وتهلك قال واليهود عليهم لعين الله يتكاتمون وبينهم ولهذا قال تعالى فما جزاهم من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا اي بسبب مخالفتهم شرع الله وامره ويوم القيامة يردون الى فذلك قوله تعالى وقالوا لن تمسنا النار لا يما معدودة. وقال عبد الرزاق عن معمر القتادة وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودة يعني الايام التي عبدنا فيها العجل. وقال عكرمة خاصبة اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لن ندخل النار الا اربعين ليلة وسيخلفنا اليها قوم اخرون يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رؤوسهم بل انتم هكذا بيد عروسهم يعني هكذا بل انتم قال بل انتم خالدون مخلدون لا يخلفكم اليها احد. فانزل الله عز وجل وقالوا لن تمسنا النار الا يا من معدودة. الاية وقال الحافظ ابو بكر بن مردوية رحمه الله قال حدثني عبد الله بن جعفر قال حدثنا محمد بن صقر قال حدثنا ابو عبد الرحمن المقرئ قال حدثنا ليث ابن سعد قال حدثني سعيد ابن ابي سعيد ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال لما فتحت خيبر اهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة اهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مشاة فيها سم. فقال رسول الله صلى الله وسلم اجمعوا لمن كان من اليهود فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابوكم؟ قالوا فلان قال كذبتم بل ابوكم فلان فقالوا صدقت وبررت ثم قال لهم هل انتم صادقين يعني شي سألتكم عنه قالوا نعم يا ابا القاسم وان كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في ابينا. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من اهل النار؟ فقالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفون فيها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسئوا والله لا نخلفكم فيها ابدا. ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هل انتم صادقين عن شيء سألتكم عنه؟ قالوا نعم يا ابا قاسم قال هل جعلتم في هذه الشاة سما؟ فقالوا نعم. قال فما حملكم على ذلك؟ فقالوا وردنا ان كنت كاذبا ان نستريح منكم. ان كنت نبيا لم يضرك. ورواه الامام احمد والبخاري من حديث الليث بن سعد بنحوه قوله تعالى بلى من كسب سيئة واحاطت به خطيئة فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. والذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك اصحاب الجنة فيها خالدون قال رحمه الله تعالى يقول تعالى ليس الامر كما تمنيتم ولا كما تشتوون. بل الامر انه من عمل سيئة وحط بي خطيئته وهو من وافى يوم القيامة وليست له حسنة بل واعماله سيئات فهذا من اهل النار والذين امنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من العمل الموافق للشريعة فهم من اهل الجنة وهذا المقام شبي في قوله تعالى ليس بامانيكم ولا مني للكتاب من يعمل سوءا يجزى به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا. ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى ومؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا. قال محمد بن اسحاق حدثني محمد بن ابي محمد عن سعيد بن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى بلى من كسب سيئة اي عمل بمثل اعمالكم وكفر بمثل ما كفرتم به حتى يحيط به كفره فما له من حسنة. وفي رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال الشرك قال ابن ابي حاتم وروى عن ابي وائل قال ابن ابي حاتم وروي عن ابي وائل وابي العالية ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والربيع ابن نحوه وقال الحسن ايضا والسدي السيئة الكبيرة من الكبائر. وقال ابن جرين عن المجاهد واحاطت به خطيئته. قال بقلبه. وقال ابو هريرة رضي الله تعالى عنه واعطاه الحسن واحاط به خطيئته قالوا احاط به شركه. وقال الاعمى يشعر ان برازيل عن ربيع ابن خثيم واحاطت به خطيئته قال الذي يموت خطاياه من قبل ان يتوب وعن السدي وبرزين نحوه. وقال ابو العالية ومجاهد والحسن في رواية عنهما وقتادة. والربيع ابن انس واحاطت به خطيئة الكبيرة الموجبة وكل هذه الاقوال وكل هذه الاقوال متقاربة في المعنى. والله اعلم. ونذكر ها هنا الحديث الذي رواه الامام حيث قال حدثنا سليمان ابن داوود قال حدثنا عمران قتادة عن عبد ربه عن ابي عياض عن عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اياكم ومحقرات الذنوب فانهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكن. وان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهم مثلا كمثل قوم نزلوا بارض فلا. فحضر طنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجي بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا واججوا نارا فانضجوا ما قذفوه فيها. وقال محمد ابن اسحاق حدثني محمد عن سيدنا واكرمه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون اي من امن بما كفرتم به وعمل ما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها يخبرهم ان الثواب بالخير والشر مقيم على اهله ابدا لا انقطاع له. قوله تعالى واذا اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا. وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنى. واقيموا الصلاة واتوا الزكاة ثم قليلا منكم وانتم معرضون. قال رحمه الله تعالى يذكر تبارك وتعالى بني يذكر تبارك وتعالى بني اسرائيل بما امرهم به من الاوامر واخذه ميثاقهم على ذلك وانهم تولوا عن ذلك كله واعرظوا قصدا وعمدا وهم يعرفونه ويذكرونه فامرهم تعالى ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا بهذا وبهذا امر جميع خلقه. ولذلك خلقهم كما قال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي لانه لا اله الا انا فاعبدون. وقال تعالى ولقد بعثنا فيكم لامة الرسول ان يعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وهذا هو اعلى الحقوق واعظمها وهذا هو اعلى الحقوق واعظمها وهو حق الله تبارك وتعالى ان يعبد وحده لا شريك له. ثم بعده حق المخلوقين. واكدهم واولاهم بذلك حق الوالدين ولهذا يقرن الله تبارك وتعالى بين حقه وحق الوالدين. كما قال تعالى ان اشكر لي ولوالديك الي المصير. وقال تبارك وتعالى وقضى ربك الا الا اياه وبالوالدين احسانا الى ان قال واتيت القربى حقه والمسكين وابن السبيل. وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قلت قال قلت يا رسول الله في افضل قال الصلاة على وقتها قلت ثم ايه؟ قال بر الوالدين. قلت ثم اي؟ قال الجهاد في سبيل الله. ولهذا جاء في الحديث الصحيح ان رجل قال يا رسول الله من ابر؟ قال قال ثم من؟ قال امك قال ثم من؟ قال اباك ثم ادناك ادناك. وقوله تعالى لا تعبدون الا الله. قال الزمخشري خبر بمعنى الطلب وهو اكد وقيل كان اصله الا تعبدوا الا الله كما قرأها من قرأ من السلف فحذفت ان فارتفع وحكي عن ابي وابن مسعود رضي الله تعالى لعنهما انهما قرأا لا تعبدوا الا الله. وقيل لا تعبدون مرفوع على انه قسم اي والله لا تعبدون الا الله ونقل هذا التوجيه القرطبي في تفسيره عن سيبويه قال واختاره المبرد والكسائي والفراء قال واليتامى وهم الصغار الذين لا كاسب لهم من الاباء. وقال اهل اللغة اليتيم في بني ادم من فقد الاباء وفي البهائم من فقد الام وحكى المولدي ان اليتيم مطلق في بني ادم من الام ايضا والمساكين الذين لا يجدون ما ينفقون على انفسهم واهليهم وسيأتي الكلام على هذه الاصناف عند ايات النساء التي امرنا الله تعالى بها صريحا في قوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين الاية وقوله تعالى وقولوا للناس حسنى اي كلموهم طيبا ولينوا لهم جانبا ويدخل في ذلك الامر بالمعروف ويدخل في ذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعروف. كما قال الحسن البصري في قوله تعالى وقولوا للناس حسنا فالحسن من القول تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتحلم وتعفو وتصفح وتقول للناس حسنا كما قال الله وهو كل خلق حسن رضيه. وقرأ بعضهم حسنا اي قولا حسنا وقرأ اخرون مثل فعله وانكرها على الاخفش جماعة وقالوا لا يستعمل ذلك الا بالالف واللام مثل الكبرى والحسنى والعظمى. وعزوا الى سيبويا نقله القرطبي وقال الامام احمد رحمه الله حدثنا قال حدثني ابو عامر الخزاز عن ابي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن ابي ذر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا تحقرن من المعروف شيئا وان لم تجد فالقى اخاك بوجه طلق او بوجه طلق. واخرجه مسلم في صحيحه والترمذي من حديث ابي عامر الخزاز واسمه صالح بن رستم به وناسب ان يأمرهم بان يقولوا للناس حسنا بعدما امرهم بالاحسان اليهم بالفعل فجمع بين طرفين الاحسان الفعلي والقولي ثم اكد الامر بعبادته والاحسان الى الناس بالمتق بالمتعين من ذلك وهو الصلاة والزكاة. فقال واقيموا الصلاة واتوا الزكاة. واخبر انهم تولوا عن ذلك كله اي تركوا وراء ظهورهم. واعرضوا عن وال عمد بعد به الا القليل منهم. وقد امر الله تعالى هذه الامة بنظير ذلك في سورة النساء بقوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا امام المساكين والجالس وما ملكت ايمانكم ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا. فقامت هذه الامة من ذلك بما به امة من الامم قبله ولله الحمد والمنة. ومن النقول الغريبة او انما ذكر ابن ابي حاتم في تفسيره. قال حدثنا ابي قال حدثنا محمد بن خلف العسقلاني قال حدثنا عبد الله بن يوسف ايعني التنيسي قال حدثنا خالد بن صبيح عن حميد بن عقبة عن اسد بن وداعة انه كان يخرج من منزله فلا يلقى يهودي ولا نصرانيا الا سلم عليه فقيل له ما شأنك تسلم على اليهودي والنصراني؟ فقال ان الله تعالى يقول وقولوا للناس حسنى وهو السلام. قال وروي عن الخرساني نحوه قلت وقد ثبت في السنة انهم لا يبدأون بالسلام والله اعلم طبعا مسألة بداءة اليهود والنصارى بالسلام مسألة خلافية والصحيح من اقوال اهل العلم ان حديث لا تبدأهم بالسلام وحديث الجئوهم الى اضيق الطرق انما كان بسبب ورود وهو نقض قوم من اليهود العهد فامر النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة الا يلقوا اليهم السلام. وان لا يبدأوهم بالسلام وان يلجئوهم الى اضيق الطرق حتى يضطروا الى الخروج من المدينة والا فنحن اعطيناهم الامان واعطيناهم العهد. فكيف يقال بعد ذلك لا تسلموا عليهم والامان والعهد هو السلام. وهو السلم ولذلك كان جمع من الصحابة منهم ابن مسعود وحذيفة وسلمان ها كانوا يرون القاء السلام على العلوج وعلى اهل الكتاب وغيرهم. كما هو معروف في مصنف ابن عبد مصنف عبد الرزاق مصنف ابن ابي الشيبة وغيرهم. وقد نقل القولين العلامة ابن القيم ورجح هذا القول الذي رجحه الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى قوله تعالى واذا اخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون انفسكم من دياركم ثم اقررتم وانتم تشهدون ثم انتم هؤلاء اي تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم توارنا عدوان ويأتوكم ان شاء الله تفادون وهو محرم عليكم اخراجهم. افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض. فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون. اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون. يقول الله تبارك وتعالى منكرا على اليهود الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. وما كانوا يعانونه من القتال مع لوس والخزرج وذلك ان الاوس والخزرج وهم الانصار كانوا في الجاهلية عباد واصنام وكانت بينهم حروب كثيرة وكانت يهود المدينة ثلاث قبائل بنو قينقاع وبنو النظير حلفاء الخزرج وبنو قريظة حلفاء فكانت الحرب اذا نشبت بينهم بينهم قاتل كل فريق مع حلفائه فيقتل اليهودي واعدائه وقد يقتل اليهودي الاخر من الفريق الاخر وذلك فحرام عليهم في دينهم ونصك ونص كتابه ويخرجونهم من بيوتهم وينتهبون ما فيها من الاثاث والامتعة والاموال. ثم اذا وضعت الحرب استفكوا الاسارى من الفريق المغلوب عملا بحكم التوراة. ولهذا قال تعالى افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض. ولهذا قال تعالى واذا اخذنا ميثاق حقكم لا تسفكون دماءكم لا تخرجون انفسكم من دياركم اي لا يقتل بعضكم بعضا ولا يخرجه من منزله ولا يظاهر عليه ولا يظاهر عليه كما قال تعالى فتوبوا الى فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند باريكم. وذلك ان اهل الملة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة. كما قال عليه الصلاة والسلام مثل المؤمنين في تواد وتراحمهم وتواصلهم بمنزلة الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. وقوله تعالى ثم اقرأتم وانتم تشهدون اي ثم اقرأتم بمعرفة الميثاق وصحته وانتم تشهدون به ثم انتم هؤلاء تقديره ثم انتم يا هؤلاء ومنع كثير من النحات حذف حرف النداء مع اسم الاشارة وسوغه بعضهم وهو ظاهر السياق. وقيل هؤلاء بمعنى الذين ومعناه ثم انتم الذين تقتلون انفسكم الى اخره. وقيل معناه ثم انتم اليوم هؤلاء مبتدأ وخبره اي ثم صرتم بعد العهود والمواثيق على ما انتم عليه من الصفة المفسرة بما بعده. قال الزمخشري نزل تغيير الصفة نزل تغيير الصفة منزلة تغيير الذات. كما يقال دخل بغير الوجه الذي خرج به تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم الاية قال محمد بن اسحاق ابن يسار حدثني محمد بن ابي محمد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى ثم انتم اولئك تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم ديارهم الاية قال انبأهم الله بذلك من فعلهم وقد حرم عليهم التوراة سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء اسراهم فكانوا فريقين طائفة منهم بنو قينقه وانهم حلفاء الخزرج والنظير وقريضة وانهم حلفاء الاوس فكانوا اذا كانت بين الاوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقة مع الخزرج وخرجت النظير وقريضة على يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على اخوانه حتى يتسافكوا دمائهم بينهم وبايديهم التوراة يألفون فيها ما عليهم وما لهم والاوس والخزرج واهل شرك يعبدون ولا يعرفون جنة ولا نارا ولا بعثا ولا قياما ولا كتابا ولا حلالا ولا حراما. فاذا وضعت الحرب اوزارها افتدوا اسراهم. طبعا هنا كلام يعني لا يعرفون حلالا ولا حراما ولا كتابا يعني على وجه يقيني والا فان العرب يعرفون انه لا يجوز نكاح الام لا يجوز نكاح الاخت واضح هذه ولا لا؟ من ديانة ابراهيم عليه السلام. لكن ظنون ليس عندهم شيء يقيني قطعي يقطعون به. هذا مقصود آآ يعني رواية اذا ثبتت عن ابن عباس قال فاذا وضعت الحرب وزرف افتدوا اسراهم تصديقا لما في التوراة واخذا به بعضهم من بعض يفتدي بنو قينقاع ما كان من اسراهم في ايدي الاوس ويفتدي النظير ما كان في ايدي الخزرج منهم ويطلون ما صابوا من دمائهم وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لاهل الشرك عليهم يقول الله تعالى تروحين انباء بذلك افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ اي تفادونهم بحكم التوراة وتقتلونهم في حكم التوراة ان لا يفعل ويخرجه من داره ويظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد له كان من دونه ابتغاء اراضي الدنيا. ففي ذلك من فعلهم مع الاوس والخزرج فيما بلغني نزلة هذه القصة. وقال اسباط عن السدي كانت قريظة وحلفاء لوس وكانت النظير حلفاء الخزرج فكانوا يقتتلون في حرب السمير. فتقاتل بنو قريظة مع حلفائه النظير وحلفائهم. وكانت النظير تقاتل قريدهم وحلفائها يغلبونهم فيخربون ديارهم ويخرجونهم منها. فاذا اسر رجل من الفريقين كليهما جمعوا له حتى يفدوا. فتغير فتعيرهم العرب بذلك ويقولون كيف تقاتلونهم وتفدونهم قالوا انا امرنا ان نفديهم وحرم وحرم علينا قتالهم. قالوا فلم تقاتلونهم؟ قالوا انا نستحي ان تستدل حلفاؤنا ان ذل حلفاؤنا فذلك حين عيرهم الله تبارك وتعالى فقال تعالى ثم انتم اولئك تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديار الاية وقال عن السدي نزلت في هذه نزلت هذه الاية في قيس ابن الخطيب. ثم انتم هؤلاء تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من دياره بالاية. وقال اسباط عن السدي عن عبد خير قال مع سلمان بن ربيعة الباهلي بل انجر فحاصرنا اهلها ففتحنا المدينة واصبنا سبايا واشترى عبدالله بن سلام يهودية بسبعمائة فلما مرا برأس رجال نزل به فقال له عبد الله يا رأس الجالوت هل لك في عجوز ها هنا من اهل دينك تشتريها مني؟ قال نعم. قال اخذتها بسبعمئة اخذتها بسبعمائة درهم قال فاني اربحك سبعمائة اخرى. قال فاني قد حلفت الا انقصها من اربعة الاف. قال لا حاجة لي فيها. قال والله لتشترين لتشترين من او لتكفرن بدينك الذي انت عليه. قال ادنو مني فدنى منه. فقرأ في اذنه التي في التوراة انك لا تجد مملوكا من بني اسرائيل الا اشتريته فاعتقته. وان ان يأتوكم وساراة فادوهم وهو محرم عليكم اخراجهم. قال انت عبد الله ابن سلام. قال نعم. قال فجاء باربعة الاف فاخذ عبدالله الفين ورد عليه الفين وقال ادم ابن ابي ياسر في تفسيره حدثنا ابو جعفر قال يعني الرازي قال حدثنا الربيع بن انس قال اخبرنا ابو العالي ان عبد الله ابن سلام مر على رأس الجالود بالكوفة ويفاد من من النساء من لم يقع عليها العرب ولا يفادى من وقع عليه العرب فقالوا عبدالله بن سلام اما انه مكتوب عندك في كتابك ان تفاديهن كلهن والذي ارشادات والذي ارشدت اليه الاية الكريمة وهذا السياق ذم اليهود في قيامهم بامر التوراة التي يعتقدون صحتها ومخالفة شرعها مع معرفتهم بذلك بالصحة فلهذا لا يؤتمنون على ما فيها ولا على نقلها ولا يصدقون فيما كتموه من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعته ومبعثه ومخرجه وغير ذلك من شؤونه التي قد اخبرت بها الانبياء قبله عليهم الصلاة والسلام. يعني مقصود ابن كثير ان الله يخبر عن مذام اليهود كيف يفعلون ويتركون يؤمنون ويكفرون ويخفون وينظرون حتى لا تأمنوا انتم جانبهم ابدا لا في اعلامهم ولا في عهودهم ومواثيقهم ولا في علمهم ولا في عملهم اشد العذاب جزاء على ما كتبوه من كتاب الله الذي بايديهم. وما الله بغافل عما تعملون. اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة. اي استحبوها على الاخرة واختاروها فلا يخفف عنهم العذاب اي لا يفتر عنهم ساعة واحدة ولا هم ينصرون اي وليس لهم ناصر ينقذهم مما هم فيه من العذاب الدائم السرمدي ولا يجير ولقد اتينا موسى الكتاب وكفينا من بعده بالرسل واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس. افكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم ان استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون. قال رحمه الله تعالى ينعت تبارك وتعالى بني اسرائيل بالعتو والعناد والمخالفة والاستكبار على وانهم انما يتبعون هواهم. فذكر تعالى انه اتى موسى الكتاب وهو التوراة فحرفوها وبدلوها وقال فاوامرها واولوها وارسل الرسل والنبيين من بعده الذين يحكمونه وارسل الرسل والنبيين من بعده الذين يحكمون بشريعته كما قال تعالى انا انزلنا التوراة في هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا الذين هدوا الربانيون قال له في ابن عباس القدس الطهر وقال ابن جرير حدثنا يونس ابن عبد الله لقلم ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله تعالى الله عيسى بالانجيل روحا كما جعل القرآن روحا كلاهما روح الله كما قال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا. ثم قال ابن الجليل واولى التأويلات في ذلك نحضر بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء الاية. ولهذا قال تعالى من بعده بالرسل. قال السدي عن ابي ما لك اتبعنا. وقال غيره اردفنا والكل قريب كما قال تعالى ثم ارسلنا رسلنا تترا حتى ختم انبياء بني اسرائيل بعيسى ابن مريم. فجاء بمخالفة التوراة في بعض الاحكام. ولهذا اعطاه الله من بينات وهي المعجزات. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من احياء الموتى وخلقه من الطين كيات الطير. فينفخ فيها فتكون طيرا باذن الله. وابراهيم الاسقام واخباره بالغيوب فاذا بروح القدس وهو جبريل عليه السلام ما يدلهم به على صدقه فيما جاءهم به فاشتد تكذيب بني اسرائيل له وحسدهم وعنادهم لمخالفتهم التوراة في البعض كما قال تعالى اخبرنا عن عيسى وليحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم باية من ربكم الاية فكانت بنو اسرائيل تعامل الانبياء عليهم السلام اسوأ المعاملة ففريقا يكذبون فريقا يكذبونه ويقتلونه وماذا ذاك الا لانهم كانوا يأتونهم بالامور المخالفة لهوائهم ورائهم وبالزامهم باحكام التوراة التي قد تصرفوا في مخالفتها. فلهذا كان ذلك يشق عليه فيكذبونهم ربما قتلوا بعضهم ولهذا قال افكلما رسول بما نته انفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون. والدليل عنا روح القدس جبريل كما نص عليه ابن مسعود في تفسير هذه الاية وتابعه على ذلك ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومحمد ابن كعب واسماعيل ابن ابي خالد والسدي والربيع ابن انس وعطية العوفي قتادة ومع قوله تعالى نزل به الروح لمين وعلى قلبك لتكون من المنذرين. كما قال البخاري وقال ابن ابي الزناد عن ابي انورة عائشة رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وضع لحسان ابن ثابت رضي الله تعالى عنه منبرا في المسجد فكان ينافي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ايد حسان بروح القدس كما نافع عن نبيك وهذا من البخاري تعليقا. وقد رواه ابو داوود في سننه عن لوين والترمذي وعن علي بن حجر واسماعيل ابن موسى الفزهري. ثلاثة من عبد الرحمن بن ابي الزناد عن ابي بن عروة كلاهما عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها به. وقال الترمذي حسن صحيح وهو حديث ابن ابي الزناد. وفي الصحيحين من حديث سفيان بن عيت عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابي هريرة رضي الله عنه ان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مر بحسان رضي الله تعالى عنه وهو ينشر الشعر في المسجد فلحظ اليه فقال قد كنت انشد فيه وفيه من هو خير منك ثم التفت الى ابي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال انشدك الله اسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اجب عني اللهم ايده بروح القدس. فقال اللهم نعم. وفي بعض الروايات ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسن هجوم اوهاجهم وجبريل معك او في قوله وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس به خفاء وقال محمد ابن اسحاق عبد الله ابن عبد الرحمن ابن ابي حسين المكي عن شعر ابن حوش ابن الاشعري ان نفرا من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا اخبرنا عن الروح فقال ينشدكم بالله عند بني اسرائيل تعلمون جبرائيل وهو الذي يأتيني؟ قالوا نعم. وفي صحيح ابن حبان واظنه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان روح القدس في روعي انه لن تمت نفس حتى تستكمل رزقها واجلا. فاتقوا الله وادمنوا في الطلب. اقوال اخر. قال ابن ابي حاتم حدثنا ابو سرعة قال حدثنا من جابر ابن عن ابي روق عن الضحى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى ويدناه بروح القدس قال هو الاسم الاعظم الذي كان عيسى يحيي به الموتى اه وقال ابن الجليل حدثت عن المنجاب فذكره. وقال ابن ابي حاتم روي عن سعيد الجبير نحو ذلك. ونقله القرطبي عن عبيد ابن عمير ايضا قال وهو الاسم الاعظم. وقال ابن ابي نجيحين الروح هو حفظة على الملائكة. وقال ابو جعفر رازي عن ربيع بن انس القدس هو الرب تبارك وتعالى وهو قوله كعب يعني روح القدس يعني كانه على تفسير الربيع ابن انس يقول القدس هو الرب فكان المعنى رح القدس مضاف مضاف اليه مثل قولنا عبد الله او حكى وحكى القرطبي عن مجاهد والحسن البصري انهما قال القدس هو الله تعالى وروحه جبريل. فهل هذا يكون القول الاول؟ وهو قال السدي والقدوس البركة بالصواب قول من قال الروح في هذا الموضع جبرائيل فان الله تعالى اخبر انه ايد عيسى به كما اخبر في قوله تعالى اذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي اذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك اذا يدتك بروح القدس تكلم الناس بالمهد وكان لا واذا علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل الاية فذكر انه عياذ بالله فلو كان الروح الذي ايده به والانجيل لكان قوله اذا ايدت بروح القدس واذا لمتك الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل قول الله معنى له. والله سبحانه وتعالى والله سبحانه وتعالى اعز واجل ان يخاطب عباده بما لا يفيدهم به. قلت ومن الدليل على ان جبرائيل ما تقدم من اول السياق ولله الحمد والمنة. وقال الزمخشري بروح القدوس بالروح المقدسة كما تقول حاتم الجود ورجل ووصفها بالقدس كما قال وروح منه فوصف الاختصاص والتقريب تكريمة وقيل لانه لانه لم تضمه الاصلاب والارحام الطوامث. وقيل بجبريل وقيل قيل بالانجيل كما قال في القرآن روحا من امرنا وقيل بسم الله الاعظم الذي كان يحيي الموتى بذكره فتضمن كلامه قولا اخر وهو ان المراد رح عيسى نفسي المقدسة المطهرة. وقال الزمخشري في قوله تعالى ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون. انما لم يقل وفريقا قتلتم لانه اراد بذلك وصفهم مستقبلي ايضا لانهم حاولوا قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالسم والسحر وقد قال عليه السلام في مرض موته ما زلت ما زالت خيبر تعادني فهذا اوان انقطاع ابهري. قلت هذا الحديث في صحيح البخاري وغيره. يعني فريقا آآ كذبتم بصيغة في الماضي وفريقا تقتله ما الذي سيحصل منهم بصيغة المضارع محاولاتهم لقتل النبي صلى الله عليه وسلم. ومحاولة في اخر الزمان مع الدجال قتل عيسى ابن مريم وانا لهم ذلك وقالوا قلوبنا غلفا لعنهم الله بكفرهم فقليلا مما يؤمنون. قال محمد بن اسحاق حدثني محمد بن ابي محمد عن كلمته سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وقالوا قلوب هنا غلفي فيكن. وقال علي بن ابي طلحة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقالوا قلوبنا غلف اي لا تفقه. وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقالوا قلوب هنا غلف هي القلوب المطبوعة علي وقال مجاهد وقالوا قلوبنا غلف عليها غشاوة وقال عكرمة عليها طابع وقال ابو العالية اي لا تفقه وقال السدي يقولون عليها غلاف وهو الغطاء. وقال عبد الرزاق عن معمل القتادة. وقالوا قلوبنا غلف هو كقوله تعالى وقالوا قلوبنا في اكنة مما تدعونا اليه. وفي اذاننا اقر ومن بيننا وبينك اي فلا يخلص الينا شيء مما تقول. وقال عبدالرحمن بن زيد بن اسلم في قوله غلف قال تقول قلبي في غلاف فلا يخلص الي ما تقول. وقرأ وقالوا قلوبنا فيها مما تدعون اليه وهذا هو الذي رجحه ابن الجليل واستشهد بما روى من حديث عمرو ابن مروة الجملي عن ابي البختري عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال القلوب اربعة فذكر منها وقلب اغلى معصوب عليه وذاك قلب الكافر. وقال ابن ابي حاتم حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزميا ابي. قال عن جدي عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى قال لم تختن وهذا القول يرجع معناه الى ما تقدم من عدم طهارة قلوبهم وانها بعيدة من الخير. قول اخر قال الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقالوا قلوبنا غلف قال يقولون قلوبنا غلف مملوءة علما. لا تحتاج الى علم محمد ولا غيره. وقال عطية العوفي وقالوا قلوبنا غلف اي اوعية علمي وعلى هذا المعنى جاءت قراءة بعض الامصار فيها حكاوي ابن جرير وقالوا قلوبنا غلف بظم اللام نقلها الزمخشري عن ابي عمرو وحكاها القرطبي عن ابن عباس ابن محيص اي جمع غلاف اي اوعية بمعنى انهم ادعوا ان قلوبهم مملوءة بعلم لا يحتاجون ماء الى علم اخر كما كانوا يمنوا يمنون بعلم التوراة وقال القرطبي معناه وقالوا قلوبنا اوعية للعلم فما بال ولا تفهموا قول محمد والاول اولى وهو المنصوص عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انهم يقولون نحن في غنية بما عندنا من العلم مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهذا شبه بقوله فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. ولهذا قال تعالى بل لعنهم الله بكفرهم ما يؤمنون. اي ليس لهم ملك ما ادعوا بل قلوبهم ملعونة مطبوع عليها. كما قال في سورة النساء وقولهم يبنى غلفة طبع الله عليها بكفر فلا يؤمنون الا قليلا. وقد اختلفوا في معنى قوله فقليلا ماتوا يؤمنون. وقوله فلا يؤمنون الا قليلا. فقال بعضهم قليل من يؤمنون منهم اختاره فخر الدين الرازي وحكاهم قتادة ولا صموا بمسلم الاصفاني. وقيل فقليل ايمانهم بمعنى انهم يؤمنون بما جاءهم به موسى من امن المعادي والثواب والعقاب. ولكنه ايمان لا ينفعهم لانه مغمور بما كفروا به من الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. وقال بعض منا ما كانوا غير مؤمنين بشيء وانما قال فقليلا ما يؤمنون الجميع كافر كما تقول العرب فلما رأيت مثل هذا قلما رأيت مثل هذا قط تريد ما رأيت مثل هذا قط؟ وقال الكسائي تقول العرب مررنا بارض قلت تنبت اي لا تنبت شيئا. حكى له ابن جرير رحمه الله. والله اعلم. وقوله تعالى ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق الامام وكانوا من قبله يستفتحون على الذين كفروا. فلما ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين. يقول تعالى ولما جاءهم عن اليهود كتاب من عند الله والقرآن الذين انزل على محمد صلى الله عليه وسلم. مصدق لما معهم يعني التوراة وقوله وكانوا من قبله يستفتحون للذين كفروا اي وقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الكتاب يستنصرون بمجيء الاعداء من المشركين اذا قاتلوهم يقولون انه سيبعث نبي في اخر الزمان نقتلكم معه قتل عاد وايران. كما قال محمد بن مسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة الانصاري عن اشياخ منهم قال قالوا فينا والله يعني في الانصار وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم نزلت هذه القصة يعني ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبله يستفتحون الذين كفروا فلما ما عرفوا كفروا به قالوا كنا قد علوناهم دهرا في الجاهلية ونحن اهل شرك وهم اهل كتاب فكانوا يقولون ان نبيا من الانبياء سيبعث الان لنتبعه قد اضل فنقتلكم معه قتل عاد وايران. فلما بعث الله رسولا من قريش واتبعناه وكفروا به. يقول الله تعالى فلما جاءهم عروف كفروا به فلعنة الله على الكافرين. وقال الظحك ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى هما وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا قال يستظهرون. يقول نحن نعين محمدا صلى الله عليه وسلم عليهم وليسوا كذلك بل يكذبون. وقال محمد بن اسحاق اخبرني محمد بن ابي محمد قال اخبرني عكرمة او سعيد بن الجبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان يهود كانوا يستفتحون على الهوس والخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه. فقال له معاذ بن جبل وبشر ابن البراء بن معرور اخو بني سلمة وداوود بن سلمة يا يوم اتقوا الله واسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحن اهل شرك وتخبرونا بانه مبعوث وتصفونه لنا بصفته فقال سلام ابن مشكم اخو بين نظيره ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم فانزل الله في ذلك من قولهم ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما كانوا من قبل يستفتحون الذين كفروا. وقال عوفي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وكانوا من قبل يستفتحون الذين كفروا يقول يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وسلم على العرب يعني بذلك اهل الكتاب فلما بعث محمدا فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه. وقال ابو العالية كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى الله عليه يسلم على مشرك العرب. يقولون اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم. فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم روى انه من غيرهم كفروا به حسدا لعربهم يعلمون انه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين. وقال قتادة وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا قال وكانوا يقولون انه سيئة النبي فلما جاءهم النبي فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وقال مجاهدون فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين. قال هم اليهود وقال الامام احمد حدثنا يعقوب قال حدثنا ابي عن ابن اسحاق قال حدثني صالح ابن ابراهيم عبدالرحمن ابن عوف عن محمود ابن لبيد بني عبد الاشهل عن سلمة بن سلمة بن وقش وكان من ابي بدر رضي الله تعالى عنه قال كان لنا جار يهودي في بني عبد الله قال فخرج علينا يوم من بيته قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بيسير حتى وقف على مجلس بني عبد الاشهل قال سلمة انا يومئذ احدث من فيهم سنا على بردة مضطجعا فيها بفنايالي فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة فقال ذلك لاهل شرك اصحاب اوثى اصحاب اوثان لا يرون ان بعثا كائنا بعد الموت فقالوا له ويحك يا فلان ترى هذا كائنا الناس يبعثون بعد موتهم الى دارهم فيها جنة يجزون فيها باعمالهم يجزون فيها باعمالهم. قال نعم والذي يحلف به يود ان له بحظه من تلك النار اعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم يدخلونه اياه فيطبقونه عليه وان ينجوا من تلك النار غدا. قالوا له ويحك وما ذلك؟ قال نبي يبعث من نحو هذه البلاد. واشار بيده نحو مكة واليمن قالوا ومتى نراه؟ قال فنظر الي وانا من احداثهم سنا فقال يستنفذ هذا الغلام عمره ويدركه. قال سلمة فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهورنا فمن به وكفر به بغيا وحسدا. فقلنا ويلك يا فلان الست بالذي قلت لنا؟ قال بلى وليس به. تفرد به احمد. وحكى القرطبي وغيره ابن عباس رضي الله الله تعالى عنهما ان يهود خيبر اقتتلوا في زمن الجاهلية ما غطفت فهزمتهم غطفان فدعا اليهود عند ذلك فقالوا اللهم انا نسألك بحق النبي الامي الذي وعدتنا لاخراجه في اخر الزمان الا نصرتنا عليهم فنصروا عليهم. قال وكذلك يصنعون يدعون الله به فينصرون على ادائهم ومن ناواهم. قال الله تعالى فلما فجاءهم ما عرفوا اي من الحق وصفة محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به فلعنة الله على الكافرين. طبعا ذكر كلمة الحق نسألك حق محمد هذه لم تثبت ولا في رواية واحد كل الذي جاء انهم كانوا يستنصرون بالنبي صلى الله عليه وسلم اي بمبعثه والقتال معه وبدينه والقتال تحت لوائه. هذا هو المراد نكتفي بهذا القدر ان شاء الله نكمل بعد الصلاة صلى الله على نبينا محمد