بعد الحديث المؤثر عن احوال المؤمنين من اهل كتاب وبيان ما اعده الله لهم من الجزاء الحسن اتبعه بالحديث عن سوء عاقبة الكافرين وعن اهم الاسباب التي ادت الى كفرهم وفسوقهم هل في الوجود كنعمة القرآن هو رؤوف وضعت تزداد في الوجدان هل في وجودك نعمة في القرآن هو روضة تزدان في الوجدان وبال عمران ازدهت ارواحنا وزمت بها لمراتب الاحساء زهراء وحنة استظل بظلها بخلاصة التفسير للقرآن امين. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان الذين كفروا لن تغني عنهم اموالهم ولا اولادهم الله شيئا واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون بعد ان ذكر الله تعالى في الاية السابقة شيئا من احوال المؤمنين من اهل الكتاب ذكر بعدها شيئا من احوال الكافرين ومآلهم. ليتضح الفرق بينهما. فهؤلاء الكفار الذين تهالكوا على اقتناء الاموال وتفانوا في حب الاولاد وتفاخروا بكثرة اموالهم واولادهم لن تدفع عنهم من عذاب الله شيئا. ولن تنفعهم شيئا. بل هم مخلدون في عذاب جهنم ثم ضرب الله تعالى مثلا من اروع الامثلة في القرآن لاموالهم التي ينفقونها في اغراض الدنيا طلبا والرياء والمفاخرة وكسب الثناء. فاسمع ماذا قال الله. مثل ما انفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح مثل ريح فيها سر اصابت حرث قوم ظلموا انفسهم فاهلكته وما ظلمهم الله ولكن انفسهم يظلمون ضرب الله تعالى مثلا عظيما لبطلان ما ينفقه الكافرون من اموال في الدنيا. في وجوه الخير المختلفة رغبة في سماع الثناء ومدح الناس. فحالهم كحال قوم ظلموا انفسهم بالمعاصي. عندهم ارض فيها زرع فهبت عليهم ريح فيها برد شديد. فلما رأوها رجوا منها خيرا ايران فاذ بها تفسد زرعهم وتدمره. فكذلك الكفار يمحق الله تعالى ثواب نفقاتهم التي انفقوها في الدنيا. كما اهلكت تلك الريح هذا الزرع. وما ظلمهم الله باهلاك زرعهم ولكنهم ظلموا انفسهم بارتكاب ما يستوجب العقاب. وكذلك ما فعله الله تعالى بهؤلاء الكفار من احباط ثواب اعمالهم. لانهم لم يقصدوا بها وجه الله. وانما ارادوا الرياء والسمعة ومدح الناس. فحصل لهم ما ارادوه في الدنيا. اما الاخرة فليس لهم فيها اجر ولا ثواب. وهم بذلك ظلموا انفسهم لسوء مقصدهم الذين امنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم قبالا. ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من افواههم وما تخفي صدورهم اكبر قدمين لكم الايات ان كنتم تعقلون يا معشر المؤمنين لا تتخذوا اولياء وخواص من غير المؤمنين كاليهود والنصارى والمنافقين. تودونهم وتطلعونهم على اسراركم. فهذا امر لا يجوز لماذا؟ لعدة اسباب. الاول ان غير المؤمنين لا يقصرون في افساد امركم وحالكم السبب الثاني انهم يحبون لكم العنت اي المشقة والشدة. ويتمنون حصول ما يضركم ويشق عليكم والسبب الثالث انه قد ظهرت علامات الكراهية والعداوة لكم من فلتات السنتهم ولاح على صفحات وجوههم. ومع هذا فانما تخفيه نفوسهم المريضة من بغظ احقاد اكبر مما نطقت به السنتهم من بغضاء. ثم ختم الله تعالى الاية ببيان فضل على المؤمنين حيث كشف لهم احوال اعدائهم. فقال لهم قد بينا لكم العلامات الواضحات التي تعرفون بها اعدائكم. فتحذروهم ان كنتم من اهل العقل والفهم ها انتم اولئك تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله واذا لقوكم قالوا وامنا واذا خلوا عضوا عليكم الانمل من الغيث قل موتوا بغيظكم ان الله عليم بذات الصدور وهنا عاتب الله تعالى المؤمنين الذين مع اعدائهم بالمودة والمحبة. فقال لهم ها انتم يا معشر المؤمنين خاطئون في موالاتكم اذ تحبون اعدائكم بينما هم لا يحبونكم. تريدون لهم الخير والنفع وهم يريدون لكم الشر والضر وانتم تؤمنون بالكتب المنزلة كلها. ومنها كتبهم وهم لا يؤمنون بالقرآن الذي انزله الله على انا بيجيكم وهذا لوم للمؤمنين بان اعدائكم وهم على الباطل اصلب منكم وانتم على الحق وبلغ مكرهم وخبثهم انهم يظهرون امامكم الايمان النفاق. فعند التقائكم بهم يقولون بالسنة امنا وصدقنا. لكن ان خلت مجالسهم منكم عضوا اطراف اصابعهم من شدة والغضب لما يرون من وحدتكم وائتلافكم واجتماع كلمتكم واعتزازكم بدينكم قل لهم يا محمد موتوا بغيظكم. اي ادام الله غيظكم الى ان تموتوا. ان الله عليم بما تكنه وسرائركم من البغضاء والحسد للمؤمنين. وعليم بما تحمله صدوركم من الضلال والكفر بالله وسيجازيكم عليه يوم القيامة تسوءهم وان تصبكم سيئة يفرح بها اه وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ان الله بما يعملون الله تعالى لونا اخر من الوان بغض الكافرين للمؤمنين. فقال محذرا لهم ان اصابكم ما يسر من رخاء ونصرة وغنيمة ونحو ذلك ساءتهم واحزنتهم. وان اصابكم ما يضركم من شدة وهزيمة وخسارة وامثال ذلك سرتهم واسعدتهم. وهذا بسبب فرط حقدهم وحسدهم وعداوتهم. ثم ختم الله تعالى الاية بارشاد المؤمنين الى الدواء الذي يحفظهم من كيد وهو الصبر والتقوى. فقال ان صبرتم على اذى اعدائكم. واتقيتم الله في اقوالكم واعمالكم لا يضركم مكرهم واذاهم اطلاقا. فالله تعالى محيط باعمالهم وعليم بكيدهم ولا تخفى عليه خافية منها. وسيجازيهم عليها باشد العقاب واذ غدوت من اهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقت ام. والله سميع عليم ايها الاخوة المشاهدون، سورة ال عمران من مطلعها الى هنا. حدثتنا عن المجادلات التي حدثت بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين اهل الكتاب. وساقت لنا الوانا من الحروب النفسية والفكرية والعقائدية التي شنها اهل الكتاب على اهل الاسلام. وردت عليهم بما يخرس السنتهم وساقت للمؤمنين من التوجيهات والعظات ما يهدي قلوبهم ويصلح بالهم ويكفل لهم ان النصر على اعدائهم. وبعد هذا السبح الطويل انتقلت سورة ال عمران من الحديث عن معركة الفكري واللسان الى الحديث عن معركة السيف والسنان. وما صاحبها من افكار واقوال اعلن وافعال. واذكر يا محمد حين خرجت اول النهار من بيت اهلك في المدينة لقتال المشركين في غزوة احد. واخذت تنزل المؤمنين مواقعهم وتنظمهم لقتال المشركين فهؤلاء في الميمنة وهؤلاء في الميسرة وهؤلاء في موضع الرماة. وهكذا والله سميع لاقوالكم عليم باحوالكم. في الايات التالية ستحدثنا سورة ال عمران في حوالي ستين اية عن جوانب متعددة من غزوة احد. تلك الغزوة التي كانت لها اثارها الهامة في حياة الصحابة واحوالهم قل امين. وروضة تزدان في الوجدان ازدهت ارواحنا مد بها لمراتب الاحسان. زهراء وحنا يظل بظلها بخلاصة التفسير للقرآن اني