فتحها بذلك فقال فتلقى في جهنم اي خالدا مخلدا. فانه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة. ومأواه النار اي قد لحقتك اللائمة واللعنة والذم من الله وملائكته والناس اجمعين قولا عظيما وهذا انكار شديد على من زعم ان الله اتخذ من خلقه بنات فقال اي اختار لكم الصفوة والقسم الكامل. واتخذ لنفسه من الملائكة اناثا. حيث زعموا ان الملائكة بنات الله اليه ويتخذوه وحده وكيلا. ومدبرا لهم في امر دينهم ودنياهم. ولا يتعلق بغيره من المخلوقين. الذي حين لا يملكون شيئا ولا ينفعونهم بشيء ايا ذرية من من عليهم وحملناهم مع نوح بذلك كله وغيره ليس له من ذلك شيء. ثم ذكر بعد حقه القيام بحق الوالدين فقال اي احسنوا اليهما بجميع وجوه الاحسان. القول والفعل لانهما سبب وجود العبد. ولهما من المحبة المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم فلكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم ينزه تعالى نفسه المقدسة ويعظمها لان له الافعال العظيمة والمنن الجسيمة التي من جملتها انه اسرى بعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. ليلا من المسجد الحرام الذي هو كل المساجد على الاطلاق الى المسجد الاقصى الذي هو من المساجد الفاضلة. وهو محل الانبياء. فاسري به في ليلة واحدة الى مسافة بعيدة جدا. ورجع في ليلته. واراه الله من اياته. ما ازداد به هدى وبصيرة. وثباتا وفرقانا وهذا من اعتنائه تعالى به ولطفه. حيث يسره لليسرى في جميع اموره. وخوله نعما فاق بها الاولين والاخرين وظاهر الاية ان الاسراء كان في اول الليل وانه من نفس المسجد الحرام. لكن ثبت في الصحيح انه اسري به من بيت ام هانئ فعلى هذا تكون الفضيلة في المسجد الحرام لسائر الحرم. فكله تضاعف فيه العبادة كتضاعفها في في نفس المسجد وان الاسراء بروحه وجسده معا والا لم يكن في ذلك اية كبرى ومنقبة عظيمة. وقد كثرت الاحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاسراء. وذكر تفاصيل ما رأى انه اسري به الى بيت المقدس. ثم عرج به من هناك الى السماوات حتى وصل الى ما فوق السماوات العلى ورأى الجنة والنار والانبياء على مراتبهم وفرض صلى الله عليه الصلوات خمسين. ثم ما زال يراجع ربه باشارة موسى الكليم. حتى صارت خمسا في الفعل وخمسين في الاجر والثواب وحاز من المفاخر تلك الليلة هو وامته ما لا يعلم مقداره الا الله عز وجل. وذكره هنا في مقام الانزال للقرآن ومقام التحدي بصفة العبودية. لانه نال هذه المقامات الكبار بتكميله لعبودية ربه وقوله الذي باركنا حوله اي بكثرة الاشجار والانهار والخصب الدائم. ومن بركته تفضيله على كغيره من المساجد سوى المسجد الحرام ومسجد المدينة. وانه يطلب شد الرحل اليه للعبادة والصلاة فيه. وان الله اختصه ومحلا لكثير من انبيائه واصفيائه كثيرا ما يقرن الباري بين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوة موسى صلى الله عليه وسلم. وبين كتابيهما وشريعتيهما. لان كتابيهما افضل الكتب وشريعة اكمل الشرائع ونبوتيهما اعلى النبوات واتباعهما اكثر المؤمنين. ولهذا قال هنا فاتينا موسى الكتاب الذي هو التوراة وجعلناه هدى لبني اسرائيل يهتدون به في ظلمات الجهل الى العلم بالحق اي وقلنا لهم ذلك وانزلنا اليهم الكتاب لذلك ليعبدوا الله وحده وينيبوا ففيه التنويه بالثناء على نوح عليه السلام بقيامه بشكر الله واتصافه بذلك. والحث لذريته ان يقتدوا به في شكر به ويتابعوه عليه. وان يتذاكروا نعمة الله عليهم. اذ ابقاهم واستخلفهم في الارض واغرق غيرهم وقضينا الى بني اسرائيل اي تقدمنا وعهدنا اليهم واخبرناهم في كتابهم انهم لابد ان يقع هم افساد في الارض مرتين بعمل المعاصي. والبطر لنعم الله والعلو في الارض والتكبر فيها. وانه اذا وقع واحدة منهما سلط الله عليهم الاعداء وانتقم منهم. وهذا تحذير لهم وانذار. لعلهم يرجعون فيتذكرون فاذا جاء وعد اولاهما اي اولى المرتين اللتين يفسدون فيهما اي اذا وقع منهم ذلك الفساد بعثنا عليكم بعثا قدريا وسلطنا اليكم تسليطا كونيا جزائيا عبادا لنا اولي بأس شديد. اي ذوي شجاعة وعدد وعدة فنصرهم الله عليكم قتلوكم وسبوا اولادكم ونهبوا اموالكم. فجاسوا خلال الديار وهتكوا الدور ودخلوا المسجد الحرام وافسدوه. وكان وعد مفعولا لا بد من وقوعه لوجود سببه منهم. واختلف المفسرون في تعيين هؤلاء المسلطين. الا انه متفق على انهم قوم كفار اما من اهل العراق او الجزيرة او غيرها سلطهم الله على بني اسرائيل لما كثرت فيهم المعاصي وتركوا كثيرا من شريعتهم وطغوا في الارض ثم رددنا لكم الكرة عليهم اي على هؤلاء الذين سلطوا عليكم فاجليتموهم من دياركم. وامددناكم باموال وبنين. اي اكثرنا ارزاقكم و وقويناكم عليهم. وجعلناكم اكثر نفيرا منهم. وذلك بسبب احسانكم وخضوعكم لله ليس اه ان احسنتم احسنتم لانفسكم. لان النفع عائد اليكم حتى في الدنيا كما شاهدتم من انتصاركم على اعدائكم وان اسأتم فلها اي فلانفسكم يعود الضرر كما اراكم الله من تسليط الاعداء. فاذا جاء وعد الاخرة اي مرت الاخرة التي تفسدون فيها في الارض سلطنا عليكم الاعداء. ليسوءوا وجوهكم بانتصارهم عليكم وسبيكم دخولوا المسجد كما دخلوه اول مرة. والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس. وليتبروا اي يخربوا ويدمروا ما علوا عليه تتبيرا فيخربوا بيوتكم ومساجدكم وحرثكم وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا. عسى ربكم ان فيدير لكم الكرة عليهم. فرحمهم وجعل لهم الدولة. وتوعدهم على المعاصي فقال وان عدتم من الافساد في الارض عدنا الى عقوبتكم فعادوا لذلك فسلط الله عليهم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. فانتقم الله به منهم فهذا جزاء الدنيا. وما عند الله من النكال اعظم واشنع. ولهذا قال يصلونها ويلازمونها لا يخرجون منها ابدا. وفي هذه الايات التحذير لهذه الامة من العمل بالمعاصي. لان لا يصيبهم ما اصاب بني اسرائيل. فسنة الله واحدة لا تبدل ولا تغير ومن نظر الى تسليط الكفرة والظلمة على المسلمين عرف ان ذلك من اجل ذنوبهم عقوبة لهم وانهم اذا اقاموا كتاب الله وسنة رسوله مكن الله لهم في الارض ونصرهم على اعدائهم يخبر تعالى عن شرف القرآن وجلالته وانه يهدي للتي هي اقوم. اي اعدل على من العقائد والاعمال والاخلاق. فمن اهتدى بما يدعو اليه القرآن كان اكمل الناس واقومهم واهداهم في جميع الامور ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات من الواجبات والسنن اعده الله لهم في دار كرامته لا يعلم وصفه الا هو فالقرآن مشتمل على البشارة والنذارة وذكر الاسباب التي تنال البشارة وهو الايمان والعمل الصالح. والتي تستحق بها النذارة وهو ضد ذلك وهذا من جهل للانسان وعجلته. حيث يدعو على نفسه واولاده بالشر عند الغضب. ويبادر بذلك الدعاء. كما يبادر بالدعاء في الخير. ولكن ان الله بلطفه يستجيب له في الخير ولا يستجيب له بالشر. ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي اليهم اجلهم وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا اية الليل وجعلنا يقول تعالى الا وجعلنا الليل والنهار ايتين اي دالتين على كمال قدرة الله وسعة رحمته. وانه الذي لا تنبغي العبادة الاله فمحونا اية الليل اي جعلناه مظلما للسكون فيه والراحة. وجعلنا اية النهار مبصرة اي مضيئة لتبتغوا وفضلا من ربكم في معايشكم وصنائعكم وتجاراتكم واسفاركم. ولتعلموا بتوالي الليل والنهار واختلاف في القمر عدد السنين والحساب فتبنون عليها ما تشاؤون من مصالحكم اي بينا الايات وصرفناها لتتميز الاشياء ويتبين الحق من الباطل كما قال تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء وهذا اخبار عن كمال عدله ان كل انسان يلزمه طائره في عنقه اي ما عمل من خير وشر يجعله الله ملازما له لا يتعداه الى غيره فلا يحاسب بعمله لغيره ولا يحاسب غيره بعمله فيه عمله من الخير والشر حاضرا صغيره وكبيره. ويقال له وهذا من اعظم العدل والانصاف ان يقال للعبد حاسب نفسك ليعرف ما عليه من الحق الموجب للعقاب وزر اخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. اي كل احد وضلاله لنفسه ولا يحمل احد ذنب احد ولا يدفع عنه مثقال ذرة من الشر. والله تعالى اعدل العادلين لا يعذب احدا حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة. ثم يعاند الحجة. واما من انقاد للحجة. او لم تبلغه حجة الله تعالى فان الله تعالى لا يعذبه. استدل بهذه الاية على ان اهل الفترات واطفال المشركين لا يعذبهم الله حتى ليبعث اليهم رسولا لانه منزه عن الظلم امرنا مترفيها امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول تدميرا. يخبر تعالى انه اذا اراد ان يهلك قرية من القرى ظالمة ويستأصلها بالعذاب امر مترفيها امرا قدريا ففسقوا فيها واشتد طغيانهم. فحق عليها القول اي كلمة العذاب التي لا مرد لها وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا وهؤلاء امم كثيرة ابادهم الله بالعذاب. من بعد قوم نوح كعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم من عاقبهم الله لما كثر بغيهم واشتد كفرهم. انزل الله بهم عقابه العظيم فلا يخافون منه ظلما وانه يعاقبهم على ما عملوه يخبر تعالى ان من كان يريد العاجلة اي الدنيا المنقضية الزائلة فعمل لها وسعى ونسي المبدأ او المنتهى ان الله يعجل له من طعمها ومتاعها ما يشاؤه ويريده مما كتب له في اللوح المحفوظ. ولكنه متاع غير نافع ولا دائم له ثم يجعل له في الاخرة جهنم يصلاها اي يباشر عذابها. اي في حالة الخزي والفضيحة والذم من الله ومن خلقه والبعد عن رحمة الله فيجمع له العذاب والفضيحة من عطاء ربك ومن اراد الاخرة فرضيها واثرها على الدنيا وسعى لها سعيها الذي دعت اليه الكتب السماوية والاثار النبوية. فعمل بذلك على قدر امكانه وهو مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. اي قبولا منمى مدخرا. لهم اجرهم وثوابهم عند ربهم. ومع هذا فلا يفوتهم نصيبهم من الدنيا. فكلا يمدهم الله منها لانه عطاؤه واحسانه. اي ممنوع مع من احد بل جميع الخلق راكعون بفضله واحسانه انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض في الدنيا بسعة الارزاق وقلتها واليسر والعسر والعلم والجهل والعقل والسفه وغير ذلك من الامور التي فضل الله العباد بعضهم هم على بعض بها. فلا نسبة نعيم الدنيا ولذاتها الى الاخرة بوجه من الوجوه. فكم بين من هو في الغرف العاليات واللذات المتنوعات والسرور والخيرات والافراح ممن هو يتقلب في الجحيم ويعذب بالعذاب الاليم. وقد حل عليه سخط الرب الرحيم. وكل من الدارين بين اهلها من ما لا يمكن احدا عده اي لا تعتقد ان احدا من المخلوقين يستحق شيئا من العبادة. ولا تشرك بالله احدا منهم ان ذلك داع للذم والخذلان. فالله وملائكته ورسله قد نهوا عن الشرك. وذموا من عمله اشد الذنب. ورتبوا عليهم من الاسماء المذمومة والاوصاف المقبوحة ما كان به متعاطيه. اشنع الخلق وصفا واقبحهم نعتا. وله من في امر دينه ودنياه بحسب ما تركه من التعلق بربه. فمن تعلق بغيره فهو مخذول قد وكل الى من تعلق به. ولا احد من الخلق ينفع احدا الا باذن الله. كما ان من جعل مع الله الها اخر له الذم والخذلان. فمن وحده واخلص انه لله وتعلق به دون غيره فانه محمود معان في جميع احواله. وقضى ربك الا تعبدوا اما يبلغن عندك الكبر لما نهى تعالى عن الشرك به امر بالتوحيد فقال قضى ربك قضاء دينيا وامرا شرعيا الا تعبدوا احدا من اهل الارض والسماوات الاحياء والاموات الا اياك لانه الواحد الاحد الفرد الصمد الذي له كل صفة كمال وله من كل صفة اعظمها على وجه لا يشبهه احد من خلقه وهو المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة. الدافع لجميع النقم الخالق الرازق المدبر لجميع الامور. فهو المتفرد نعمة الله عليك وكمال معرفتك. ينقذك مما يحل بك من العذاب لكن الله تعالى عصمك من اسباب الشر ومن الشر. فثبتك وهداك الصراط المستقيم. ولم تركن اليهم بوجه من الوجوه. فله للولد والاحسان اليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر. اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما اي اذا وصل الى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والاحسان ما هو معروف. فلا تقل لهما اف. وهذا ادنى مراتب الاذى نبه به على ما سواه. والمعنى لا تؤذهما ادنى اذية. ولا تنهرهما. اي تزجرهما تكلموا كلاما خشنا. وقل لهما قولا كريما. بلفظ يحبانه وتأدب وتلطف معهما بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما. وذلك يختلف باختلاف الاحوال والعوائد والازمان واخفض لهما جناحا وقل رب ارحمهما وقل رب ارحمهما صغيرا. اي تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للاجر. لا لاجل الخوف منهما او الرجاء لما لهما ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد. وقل رب ارحمهما اي ادعوا لهما بالرحمة احياء وامواتا. جزاء على تربيتهما اياك صغيرا. وفهم من هذا انه كلما ازدادت التربية ازداد الحق وكذلك من تولى تربية الانسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الابوين فان له على من رباه حق التربية فانه كان غفورا. اي ربكم تعالى مطلع على ما اكنته سرائركم من خير وشر. وهو لا انظروا الى اعمالكم وابدانكم وانما ينظر الى قلوبكم وما فيها من الخير والشر. ان تكونوا صالحين بان تكون ارادتكم ومقاصدكم دائرة على مرضات الله ورغبتكم فيما يقربكم اليه. وليس في قلوبكم ارادات مستقرة لغير الله. فانه كان وبنا غفورا. اي الرجاعين اليه في جميع الاوقات. غفورا. فمن اطلع الله على قلبه. وعلم انه ليس فيه الا الانابة اليه ومحبته ومحبة ما يقرب اليه. فانه وان جرى منه في بعض الاوقات. ما هو مقتضى الطبائع البشرية. فان الله يعفو عنه ويغفر له الامور العارضة غير المستقرة يقول تعالى واتي ذا القربى حقه من البر والاكرام. الواجب والمسنون. وذلك الحق يتفاوت بتفاوت الاحوال والاقارب والحاجة وعدمها والازمنة. والمسكين اته حقه من الزكاة ومن غيرها. لتزول مسكنه وابن السبيل وهو الغريب المنقطع به عن بلده. ولا تبذر تبذيرا. يعطي الجميع من المال على وجه لا يضر المعطي ولا يكون زائدا على المقدار اللائق فان ذلك تبذير. وقد نهى الله عنه واخبر الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل لان الشيطان لا يدعو الا الى كل خصلة دميمة. فيدعو الانسان الى البخل والامساك فاذا عصاه دعاه الى الاسراف والتبذير. والله تعالى انما يأمر باعدل الامور وابسطها. ويمدح عليه كما في عن عباد الرحمن الابرار. والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا. وكان بين ذلك قواما. وقال هنا ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك. كناية عن شدة الامساك والبخل. ولا تبسطها كل البسط. فتنفق فيما لا ينبغي. وزيادة على ما ينبغي فتقعد ان فعلت ذلك ملوما اي تلام على ما فعلت محسورا اي حاسر اليد فارغها فلا بقي ما في يدك من المال ولا خلفه مدح وثناء. وهذا الامر بايتاء ذي القربى مع القدرة والغنى. فاما مع العدم او تعسر النفقة الحاضرة. فامر تعالى ان يردوا ردا جميلا فقال واما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها. اي لتعرضن عن اعطائهم الى وقت اخر ترجو فيه من الله تيسير الامر. اي لطيف برفق ووعد بالجميل عند سنوح الفرصة. واعتذار بعدم الامكان في الوقت الحاضر. لينقلب عنك مطمئنة خواطرهم. كما قال تعالى قول معروف ومغفرة. خير من صدقة يتبعها اذى. وهذا ايضا من لطف الله تعالى بالعباد. امرهم بانتظار الرحمة والرزق منه لان انتظار ذلك عبادة. وكذلك وعدهم بالصدقة والمعروف عند التيسير. عبادة حاضرة. لان الهم بفعل الحسنة حسنة ولهذا ينبغي للانسان ان يفعل ما يقدر عليه من الخير وينوي فعل ما لم يقدر عليه ليثاب على ذلك. ولعل الله له بسبب رجائه. ثم قال تعالى انه كان بعباده خبيرا بصيرا. ان ربك يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر ان يضيقه على من يشاء فيجزيهم على ما يعلمه صالحا لهم. ويدبرهم بلطفه وكرمه نحن نرزقهم واياكم ان قتلهم كان خطئا كبيرا وهذا من رحمته عباده حيث كان ارحم بهم من والديهم. فنهى الوالدين ان يقتلوا اولادهم. خوفا من الفقر والاملاق. وتكفل برزق الجميع. واخبر ان قتلهم كان خطئا كبيرا. اي من اعظم كبائر الذنوب لزوال الرحمة من القلب والعقوق العظيم. والتجرؤ على قتل الاطفال الذين لم يجري منهم ذنب ولا معصية. ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة النهي عن قربان الزنا ابلغ من النهي عن مجرد فعله. لان ذلك يشتمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه. فان من حول الحمى يوشك ان يقع فيه. خصوصا هذا الامر الذي في كثير من النفوس اقوى داع اليه. ووصف الله الزنا وقبحه بانه كان فاحشة. اي انما يستفحش في الشرع والعقل والفطر. لتضمنه التجري على الحرمة في حق الله. وحق المرأة وحق اهلها او زوجها وافساد الفراش واختلاط الانساب وغير ذلك من المفاسد. وقوله آآ اي بئس السبيل سبيل من تجرأ على هذا الذنب العظيم وهذا شامل لكل نفس حرم الله قتلها من صغير وكبير وذكر وانثى وحر وعبد ومسلم وكافر له عهد الا بالحق كالنفس بالنفس والزاني المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة الباغي في حال بغيه اذا لم يندفع الا بالقتل. ومن قتل مظلوما اي بغير حق فقد جعلنا لوليه وهو اقرب عصباته وورثته اليه سلطانا. اي حجة ظاهرة على القصاص من القاتل. وجعلنا له ايضا تسلطا قدريا على ذلك وذلك حين تجتمع الشروط الموجبة للقصاص. كتعمد العدوان والمكافأة. فلا يسرف الولي في القتل انه كان منصور والاسراف مجاوزة الحد اما ان يمثل بالقاتل او يقتله بغير ما قتل به او يقتل غير القاتل. وفي هذه الاية دليل على ان الحق في القتل للولي فلا يقتص الا باذنه. وان عفا سقط القصاص. وان ولي المقتول يعينه الله على القاتل ومن اعانه حتى يتمكن من قتله وهذا من لطفه ورحمته تعالى باليتيم الذي فقد والده وهو صغير غير عارف بمصلحة نفسه ولا قائم بها ان امر اولياءه بحفظه وحفظ ماله واصلاحه والا يقربوه الا بالتي هي احسن من التجارة فيه وعدم تعريضه للاخطار. والحرص على تنميته ذلك ممتد الى ان يبلغ اليتيم اشده. اي بلوغه وعقله ورشده. فاذا بلغ اشده زالت عنه الولاية. وصار ولي نفسه ودفع اليه ما له. كما قال تعالى فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم. واوفوا العهد الذي عاهدتم الله عليه والذي عاهدتم الخلق عليه اي مسؤولون عن الوفاء به فان وفيتم فلكم الثواب الجزيل. وان لم تفوا فعليكم الاثم العظيم. واوفوا الكيل اذا كلتم وزنوا وهذا امر بالعدل وايفاء والموازين بالقسط من غير بخس ولا نقص. ويؤخذ من عموم المعنى النهي عن كل غش في ثمن. او مثمن او عليه والامر بالنصح والصدق في المعاملة. ذلك خير من عدمه. واحسن تأويلا اي احسن عاقبة. به يسلم العبد من التبعات وبه تنزل البركة كان عنه مسؤولا. اي ولا تتبع ما ليس لك به علم. بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك كان عنه مسؤولا. فحقيق بالعبد الذي يعرف انه مسؤول عما قاله وفعله. وعما استعمل به جوارحه التي خلقها الله ولعبادته ان يعد للسؤال جوابا وذلك لا يكون الا باستعمالها بعبودية الله واخلاص الدين له وكفها عما يكرهه الله تعالى يقول تعالى ولا تمش في الارض مرحا اي كبرا وتيها وبطرا متكبرا على الحق ومتعاظم من على الخلق انك في فعلك ذلك هل تكون حقيرا عند الله ومحتقرا عند الخلق؟ مبغوضا ممقوتا قد اكتسبت شر الاخلاق واكتسيت بارذلها من غير ادراك لبعض ما تروم. كل ذلك المذكور الذي نهى الله عنه فيما تقدم من قوله ولا تجعل مع الله الها اخر. والنهي عن عقوق الوالدين وما عطف على ذلك اي كل ذلك يسوء العاملين ويضرهم. والله تعالى يكرهه ويأباه ذلك مما اوحى اليك ربك من الحكمة. ذلك الذي بيناه ووضحناه من هذه الاحكام الجليلة. مما اوحى اليك ربك من الحكمة فان الحكمة الامر بمحاسن الاعمال ومكارم الاخلاق والنهي عن اراذل الاخلاق واسوء الاعمال وهذه الاعمال المذكورة في هذه الايات. من الحكمة العالية التي اوحاها رب العالمين لسيد المرسلين. في اشرف الكتب تأمر بها افضل الامم فهي من الحكمة التي من اوتيها فقد اوتي خيرا كثيرا. ثم ختمها بالنهي عن عبادة غير الله. كما انكم لتقولون قولا عظيما. فيه اعظم الجرأة على الله حيث نسبتم له الولد المتضمن واستغناء بعض المخلوقات عنه. وحكمتم له باردأ القسمين وهو الاناث وهو الذي خلقكم واصطفاكم بالذكور تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا يخبر تعالى انه صرف لعباده في هذا القرآن اي نوع الاحكام ووضحها واكثر من الادلة والبركات على ما دعا اليه ووعظ وذكر لاجل ان يتذكروا ما ينفعهم في سلكوه. وما يضرهم فيدعوه. ولكن ابى اكثر الناس الا نفورا عن ايات الله. لبغضهم للحق. ومحبتهم ما كانوا عليه من الباطل. حتى تعصبوا لباطلهم ولم ايات الله لهم سمعا ولا القوا لها بالا. ومن اعظم ما صرف فيه الايات والادلة. التوحيد الذي هو اصل الاصول. فامر ونهى عن ضده واقام عليه من الحجج العقلية والنقلية شيئا كثيرا بحيث ان من اصغى الى بعضها لا تدع وفي قلبه شكا ولا ريب. ومن الادلة على ذلك هذا الدليل العقلي الذي ذكره هنا. فقال قل للمشركين الذين يجعلون مع الله الها اخر لو كان معه الهة كما يقولون. اي على موجب زعمهم وافترائهم اي لاتخذوا سبيلا الى الله بعبادته. والانابة اليه والتقرب وابتغاء الوسيلة. فكيف يجعل العبد الفقير الذي يرى شدة افتقاره لعبودية ربه الها مع الله. هل هذا الا من اظلم الظلم واسفه السفه؟ فعلى هذا المعنى تكون هذه الاية كقوله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب. وكقوله تعالى ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله. فيقول اانتم اضللتم عبادي هؤلاء؟ ام هم ضلوا السبيل؟ قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا ان نتخذ من دونك من اولياء. ويحتمل ان المعنى في قوله قل لو كان معه الهة كما يقولون. اذا الا ابتغوا الى ذي العرش سبيلا. اي لطلبوا السبيل وسعوا في مغالبة الله تعالى. فاما ان يعلو عليه فيكون من علا وقهر. هو الاله فاما وقد علموا انهم يقرون ان الهتهم التي يعبدون من دون الله مقهورة مغلوبة ليس لها من الامر شيء فلما اتخذوها وهي بهذه الحال؟ فيكون هذا كقوله تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق. ولعلى بعضهم على بعض سبحانه وتعالى اي تقدس وتنزه وعلت اوصافه عما يقولون من الشرك به. واتخاذ معه علوا كبيرا. فعلى قدره وعظم وجلت كبرياؤه. التي لا تقدر ان يكون معه الهة. فقد ضل من قال كذلك ضلالا مبينا. وظلم ظلما كبيرا. لقد تضاءلت لعظمته المخلوقات العظيمة وصغرت لدى كبريائه السماوات السبع ومن فيهن والارضون السبع ومن فيهن والارض جميعا قبضته يوم القيامة. والسماوات مطويات بيمينه وافتقر اليه العالم العلوي والسفلي فقرا ذاتيا لا ينفك عن احد منهم في وقت من الاوقات. هذا الفقر بجميع وجوهه فقر من جهة الخلق والرزق والتدبير. وفقر من جهة الاضطرار. الى ان يكون معبوده ومحبوبه. الذي اليه يتقربون في كل حال يفزعون. ولهذا قال وان من شيء من حيوان ناطق وغير ناطق ومن اشجار ونبات وجامد وميت الا يسبح بحمده بلسان الحال ولسان المقال. اي باقي المخلوقات التي على غير لغتكم بل يحيط بها علام الغيوب. انه كان حليما غفورا حيث لم يعادل بالعقوبة من قال فيه قولا تكاد السماوات والارض تتفطر منه وتخر له الجبال ولكنه وانعم عليهم وعافاهم ورزقهم. ودعاهم الى بابه. ليتوبوا من هذا الذنب العظيم. ليعطيهم الثواب الجزيل ويغفر لهم ذنبهم. فلولا حلمه ومغفرته لسقطت السماوات على الارض. ولما ترك على ظهرها من دابة يخبر تعالى عن عقوبته للمكذبين بالحق الذين ردوه واعرضوا عنه ان يحول بينهم وبين الايمان فقال واذا قرأت القرآن الذي فيه الوعظ والتذكير والهدى والايمان والخير والعلم الكثير يسترهم عن فهمه حقيقة وعن التحقق بحقائقه. والانقياد الى ما يدعو اليه من الخلق خير وجعلنا على قلوبهم اكنة اي اغطية واغشية لا يفقهون معها القرآن. بل يسمعونه سماعا تقوم به عليهم الحجة. وفي اذانهم واقرأ اي صمما على سماعه واذا ذكرت ربك في القرآن وحده داعيا لتوحيده ناهيا عن الشرك به ولوا على ادبارهم نفورا من شدة بغضهم ومحبتهم لما هم عليه من الباطل. كما قال تعالى واذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاخرة واذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون نحن اعلم بما يستمعون اي انما منعناهم من الانتفاع عند سماع القرآن. لاننا نعلم ان مقاصدهم سيئة. يريدون ان يعثروا على اقل شيء ليقدحوا به وليس استماعهم لاجل الاسترشاد وقبول الحق. وانما هم متعمدون على عدم اتباعه. ومن كان بهذه الحالة لم يفيده الاستماع شيئا. ولهذا قال اذ يستمعون اليك واذ هم نجوى اي متناجين. اذ يقول الظالمون في مناجاة فاذا كانت هذه مناجاتهم الظالمة فيما بينهم وقد بنوها على انه مسحور فهم جازمون انهم غير معتبرين لما قال وانه يهذي لا يدري ما يقول قال تعالى انظر متعجبا كيف ضربوا لك الامثال التي هي اضل الامثال وابعدها عن الصواب. فضلوا في ذلك او صارت سببا لضلالهم. لانهم بنوا عليها امرهم. والمبني على مفاسد افسدوا منه فلا يستطيعون سبيلا. اي لا يهتدون اي اهتداء فيصيبهم الضلال المحض. والظلم الصرف فسيقولون الذي فطركم اول مرة فسينقضون اليك رؤوسهم ويقولون متاه قل عسى ان يكون يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون ان لبثتم الا قليلا تعالى عن قول المنكرين للبعث وتكذيبهم به. واستبعادهم بقولهم اإذا كنا عظاما ورفاتا اي اجسادا بالية فانا لمبعوثون خلقا جديدا. اي لا يكون ذلك وهو محال بزعمهم. فجهلوا اشد الجهل حيث كذبوا رسول الله وجحدوا ايات الله وقاسوا قدرة خالق السماوات والارض بقدرتهم الضعيفة العاجزة. فلما رأوا ان هذا ممتنع عليهم لا قادرون عليه جعلوا قدرة الله كذلك. فسبحان من جعل خلقا من خلقه يزعمون انهم اولو العقول والالباب مثالا في جهل اظهر الاشياء واجلاها واوضحها براهين واعلاها. ليري عباده انه ما ثم الا توفيقه واعانته او الهلاك والضلال. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا. وهب لنا من لدنك رحمة. انك انت الوهاب. ولهذا امر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يقول لهؤلاء المنكرين للبعث استبعادا او خلقا من ما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم او او خلقا مما يكبر في صدوركم اي يعظم في صدوركم لتسلموا بذلك على زعمكم من ان تنالكم قدرة الله او تنفد فيكم مشيئته. فانكم غير معجز الله في اي حالة تكونون. وعلى اي وصف تتحولون وليس في تدبير في حالة الحياة وبعد الممات. فدعوا التدبير والتصريف لمن هو على كل شيء قدير. وبكل شيء محيط فسيقولون حين تقيم عليهم الحجة في البعث من يعيدنا قل الذي فطركم اول مرة فكما فطركم ولم تكونوا شيئا مذكورا فانه سيعيدكم خلقا جديدا. كما بدأنا اول خلق نعيده. فسينغضون اليك رؤوسهم ان يهزونك انكارا وتعجبا مما قلت. ويقولون متى هو؟ اي متى وقت البعث الذي تزعمه على قولك؟ ولا اقرار منهم لاصل بل ذلك سفه منهم وتعجيز. قل عسى ان يكون قريبا. فليس في تعيين وقته فائدة. وانما فائدة والمدار على تقريره والاقرار به واثباته. والا فكما هو ات فانه قريب. يوم يدعوك قم للبعث والنشور وينفخ في الصور فتستجيبون بحمده. اي تنقادون لامره. ولا تستعصون عليه. وقوله بحمده اي هو المحمود تعالى على فعله. ويجزي به العباد اذا جمعهم ليوم التناد الا قليلا. من سرعة وقوعه وان الذي مر عليكم من النعيم كانه ما كان. فهذا الذي يقول عنه المنكرون متى يندمون غاية الندم عند وروده. ويقال لهم هذا الذي كنتم به تكذبون. وقل لعبادي يقول وهذا من لطفه بعباده. حيث امرهم باحسن الاخلاق والاعمال والاقوال. الموجبة للسعادة في الدنيا والاخرة فقال وهذا امر بكل كلام يقرب الى الله من قراءة ذكر وعلم وامر بمعروف ونهي عن منكر وكلام حسن لطيف. مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم. وانه اذا اذا دار الامر بين امرين حسنين فانه يأمر بايثار احسنهما. ان لم يمكن الجمع بينهما. والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح. فان من ملك لسانه ملك جميع امره. وقوله ان يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم. فدواء هذا الا يطيعوه في الاقوال غير الحسنة التي يدعوهم اليها وان يلينوا فيما بينهم لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم فانه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم ان يحاربوا فانه يدعوهم ليكونوا من اصحاب السعير. واما اخوانهم فانهم وان نزغ الشيطان فيما بينهم وسعى في العداوة فان الحزم كل الحزم السعي في ضد عدوهم وان يقمعوا انفسهم الامارة بالسوء التي يدخل الشيطان من قبلها بذلك كي يطيعون ربهم ويستقيموا امرهم ويهدون لرشدهم ربكم اعلم بكم ان يشأ يرحمكم او ان ربكم اعلم بكم من انفسكم فلذلك لا يريد لكم الا فما هو الخير ولا يأمركم الا بما فيه مصلحة لكم. وقد تريدون شيئا والخير في عكسه. ان يشأ يرحمكم او ان يشأ يعذبكم فيوفق من شاء لاسباب الرحمة ويخذل من شاء. فيضل عنها فيستحق العذاب تدبر امرهم وتقوم بمجازاتهم. وانما الله هو الوكيل وانت مبلغ هاد الى صراط مستقيم ولقد فضلنا بعضا اتينا داوود زبورا. وربك اعلم بمن في السماوات والارض. من جميع اصناف الخلائق فيعطي كلا منهم ما يستحقه تقتضيه حكمته ويفضل بعضهم على بعض في جميع الخصال الحسية والمعنوية. كما فضل بعض النبيين المشتركين بوحيه على بعض بالفضائل والخصائص الراجعة الى ما من به عليهم من الاوصاف الممدوحة والاخلاق المرضية والاعمال الصالحة وكثرة الاتباع ونزول الكتب على بعضهم المشتملة على الاحكام الشرعية والعقائد المرضية. كما انزل على داوود زبورا وهو الكتاب المعروف فاذا كان تعالى قد فضل بعضهم على بعض واتى بعضهم كتبا فلما ينكر المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم انزله الله عليه وما فضله به من النبوة والكتاب كشف الضر عنكم فلا يملك وكشف الضر عنكم ولا تحويلا. يقول تعالى قل للمشركين بالله الذين اتخذوا من دونه اندادا يعبدونهم كما يعبدون الله ويدعونهم كما يدعونه ملزما لهم تصحيح ما زعموه واعتقدوه ان كانوا صادقين ادعوا الذين زعمتم الهة من دونه. فانظروا هل ينفعونكم او عنكم الضر فلا يملكون كشف الضر عنكم من مرض او فقر او شدة ونحو ذلك فلا يدفعونه بالكلية ولا يملكون ايضا تحويلا له من شخص الى اخر من شدة الى ما دونها. فاذا كانوا بهذه الصفة فلاي شيء تدعونهم من دون الله فانه لا كمال لهم ولا فعال نافعة. فاتخاذهم الهة نقص في الدين والعقل. وسفه في الرأي. ومن العجب ان عند الاعتياد والممارسة وتلقيه عن الاباء الضالين بالقبول يراه صاحبه هو الرأي السديد. والعقل المفيد ويرى اخلاص الدين بسم الله الواحد الاحد المنعم بجميع النعم الظاهرة والباطنة هو السفه والامر المتعجب منه. كما قال المشركون اجعل الها واحدا ان هذا لشيء عجاب. ثم اخبر ايضا ان الذين يعبدونهم من دون الله في شغل شاغل عنهم باهتمامهم بالافتقار الى الله وابتغاء الوسيلة اليه فقال اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم اولئك الذين يدعون من الانبياء والصالحين والملائكة يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب. ايتنافسون هنا في القرب من ربهم ويبذلون ما يقدرون عليه. من الاعمال الصالحة المقربة الى الله تعالى. ويرجون رحمته ويخافون عذابه فيجتنبون كل ما يوصل الى العذاب. اي هو الذي ينبغي شدة الحذر والتوقي من اسبابه. وهذه الامور الثلاثة الخوف والرجاء والمحبة. التي وصف الله بها هؤلاء المقربين عنده هي الاصل والمادة في كل خير. فمن تمت له تمت له امور. واذا خلا القلب منها ترحلت عنه الخيرات. واحاطت فيه الشرور وعلامة المحبة ما ذكره الله ان يجتهد العبد في كل محل يقربه الى الله وينافس في قربه باخلاص الاعمال كلها لله والنصح فيها وايقاعها في اكمل الوجوه المقدورة عليها. فمن زعم انه يحب الله بغير ذلك فهو كاذب اي ما من قرية من القرى المكذبة للرسل الا لابد ان يصيبهم هلاك قبل يوم القيامة. او عذاب شديد. كتاب كتبه الله. وقضاء ابرمه. لابد من وقوعه. فليبادر المكذبون الى الله وتصديق رسله قبل ان تتم عليهم كلمة العذاب ويحق عليهم القول فيها وما نرسل بالايات الا تخويفا. يذكر تعالى رحمته بعدم انزاله في الايات التي اقترحها المكذبون وانه ما منعه ان يرسلها الا كراهة تكذيبهم لها. فاذا كذبوا بها عاجلهم العقاب وحل بهم من غير تأخير. كما فعل بالاولين الذين كذبوا بها. ومن اعظم الايات الاية التي ارسلها الله الى ثمود. وهي الناقة العظيمة الباهرة التي كانت تصدر عنها جميع القبيلة باجمعها. ومع ذلك كذبوا بها فاصابهم ما قص الله علينا في كتابه وهؤلاء كذلك ولو جاءتهم الايات الكبار لم يؤمنوا فانه ما منعهم من الايمان خفاء ما جاء به الرسول اشتباهه هل هو حق او باطل؟ فانه قد جاء ومعه من البراهين الكثيرة. بما دل على صحة ما جاء به. الموجب لهداية من طلب الهداية فغيرها مثلها. فلا بد ان يسلكوا بها ما سلكوا بغيرها. فترك انزالها والحالة هذه خير لهم وانفع وقوله اي لم يكن القصد بها ان تكون داعية وموجبة للايمان. الذي لا يحصل الا بها بل المقصود منها التخويف والترهيب. ليرتدعوا عما هم عليه واذ قلنا لك ان والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا قلنا لك ان ربك احاط بالناس علما وقدرة فليس لهم ملجأ يلجأون اليه ولا ملاذ يلوذون به عنه. وهذا كاف لمن له عليك اتم نعمة وابلغ منحة لا يلبسون خلافك الا قليلا سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد اي من بغضهم لمقامك بين اظهرهم. وقد كادوا ان يخرجوك من الارض ويجلوك عنها هو عقل في الانكفاف عما يكرهه الله الذي احاط بالناس. وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الا فتنة. اكثر المفسرين على انها ليلة الاسراء والشجرة الملعونة التي ذكرت في القرآن وهي شجرة الزقوم التي تنبت في اصل الجحيم. والمعنى اذا كان هذان الامران قد صارا فتنة للناس حتى استلج الكفار بكفرهم. وازداد شرهم وبعض من كان ايمانه ضعيفا رجع عنه بسبب ان ما اخبرهم به من الامور التي كانت ليلة الاسراء. ومن الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى. كان خارقا للعادة والاخبار بوجود شجرة تنبت في اصل الجحيم ايضا من الخوارق. فهذا الذي اوجب لهم التكذيب. فكيف لو الايات العظيمة والخوارق الجسيمة. اليس ذلك اولى ان يزداد بسببه شرهم؟ فلذلك رحمهم الله وصرفه عنهم ومن هنا تعلم ان عدم التصريح في الكتاب والسنة بذكر الامور العظيمة التي حدثت في الازمنة المتأخرة اولى واحسن. لان الامور التي لم يشاهد الناس لها نظيرا ربما لا تقبلها عقولهم. فيكون ذلك ريبا في قلوب بعض المؤمنين. ومانعا يمنع من لم يدخل الاسلام ومنفرا عنه. بل ذكر الله الفاظا عامة فتناولوا جميع ما يكون. والله اعلم. ونخوفهم بالايات ما يزيدهم التخويف. وهذا ابلغ ما يكون في التحلي بالشر ومحبته. وبغض الخير وعدم له خلقت طينا. ينبه تعالى عباده على شدة عداوة الشيطان. وحرصه على اضلالهم. وانه لما خلق الله ادم استكبر عن السجود له وقال متكبرا. اي من طين وبزعمه انه خير منه انه خلق من نار وقد تقدم فساد هذا القياس الباطل من عدة اوجه. فلما تبين لابليس تفضيل الله لادم قال خاطبا لله لاحتنكن ذريته اي لاستأصلنهم بالاضلال ولاغوينهم الا قليلا عرف الخبيث انه لابد ان يكون منهم من يعاديه ويعصيه. فقال الله له اذهب فمن تبعك فمنهم واختارك على ربه ووليه الحق اي مدخرا لهم موفرا جزاء اعمالكم. ثم امره الله ان يفعل كل ما يقدر عليه من اضلال فقال واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيرك ورجلك وشاركهم واستفزز من استطعت منهم بصوتك ويدخل في هذا كل داع الى المعصية. واجلب عليهم بخيلك ورجلك. ويدخل فيه كل راكب وماش في معصية الله. فهو من خير الشيطان ورجله. والمقصود ان الله ابتلى العباد بهذا العدو المبين. الداعي لهم الى معصية الله باقواله وافعاله شاركهم في الاموال والاولاد. وذلك شامل لكل معصية. تعلقت باموالهم واولادهم. من منع الزكاة والكفارات والحقوق الواجبة وعدم تأديب الاولاد تربيتهم على الخير وترك الشر واخذ الاموال بغير حقها او وضعها بغير حقها او استعمال الردية بل ذكر كثير من المفسرين انه يدخل في مشاركة الشيطان في الاموال والاولاد ترك التسمية عند الطعام والشراب اجتماع وانه اذا لم يسم الله في ذلك شارك فيه الشيطان كما ورد في الحديث. وعدهم الوعود المزخرفة التي لا حقيقة لها ولهذا قال اي باطلا مضمحلا كان يزين المعاصي والعقائد الفاسدة. ويعدهم عليها الاجر. لانهم يظنون انهم على الحق. وقال تعالى الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا. ولما اخبر عما يريد الشيطان ان يفعل بالعباد. وذكر ما يعتصم به من فتنته وهو عبودية الله والقيام بالايمان والتوكل قال وكفى بربك وكيلا. ليس لك عليهم سلطان اي تسلط واغواء بل الله يدفع عنهم بقيامهم بعبوديته كل شر. ويحفظهم من الشيطان الرجيم. ويقوموا بكفايتهم لمن توكل عليه وادى ما امر به يذكر تعالى نعمته على العباد بما سخر لهم من الفلك والسفن والمراكب والهمهم كيفية صنعتها وسخر لهم البحر الملتطم. يحملها على ظهره لينتفع العباد بها في الركوب والحمل للامتعة. والتجارة وهذا من رحمته بعباده. فانه لم يزل بهم رحيما رؤوفا. يؤتيهم من كل ما تعلقت به ارادتهم ومنافعهم فلما نجاكم الى البر اعرضتم مكان ومن رحمته الدالة على انه وحده المعبود دون ما سواه انهم اذا مسهم الضر في البحر فخافوا من الهلاك لتراكم الامواج. ضل عنهم ما كانوا يدعون من دون الله. في حال الرخاء من الاحياء والاموات. فكأنهم لم كونوا يدعونهم في وقت من الاوقات لعلمهم انهم ضعفاء. عاجزون عن كشف الضر. وصرخوا بدعوة فاطر الارض والسماوات. الذي يستغيثوا به في شدائدها جميع المخلوقات. واخلصوا له الدعاء والتضرع في هذه الحال. فلما كشف الله عنهم الضر ونجاهم الى البر نسوا ما كانوا يدعون اليه من قبل. واشركوا به من لا ينفع ولا يضر. ولا يعطي ولا يمنع. واعرضوا عن لربهم ومليكهم. وهذا من جهل الانسان وكفره. فان الانسان كفور للنعم الا من هدى الله. فمن عليه بالعقل السليم واهتدى الى الصراط المستقيم فانه يعلم ان الذي يكشف الشدائد وينجي من الاهوال هو الذي يستحق ان يفرد تخلص له سائر الاعمال في الشدة والرخاء واليسر والعسر. واما من خذل ووكل الى عقله الضعيف. فانه لم يلحظ وقت الشدة الا مصلحته الحاضرة وان جاءه في تلك الحال. فلما حصلت له النجاة وزالت عنه المشقة. ظن بجهله انه قد اعجز الله ولم يخطر بقلبه شيء من العواقب الدنيوية. فضلا عن امور الاخرة. ولهذا ذكرهم الله بقوله اي فهو على كل شيء قدير. ان شاء انزل عليكم عذابا من اسفل منكم بالخسف او من فوقكم بالحاصب. وهو العذاب الذي يحصبهم فيصبح هالكين. فلا تظنوا ان الهلاك لا يكون الا في البحر وان ظننتم ذلك فلستم امنين من ان يعيدكم فيه تارة اخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح اي ريحا شديدا جدا تقصف ما اتت عليه اي تبعة ومطالبة فان الله لم يظلمكم مثقال ذرة البحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير وهذا من كرمه عليهم واحسانه. الذي لا يقادر قدره حيث كرم بني ادم بجميع وجوه الاكرام بالعلم والعقل وارسال الرسل وانزال الكتب. وجعل منهم الاولياء والاصفياء وانعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة وحملناهم في البر على الركاب من الابل والبغال والحمير والمراكب البرية والبحر في السفن والمراكب ورزقناهم من الطيبات من المآكل والمشارب والملابس والمناكح. فما من طيب تتعلق به حوائجهم الا وقد اكرمهم الله به لهم غاية التيسير بما خصهم به من المناقب وفضلهم به من الفضائل التي ليست لغيرهم من انواع المخلوقات. افلا يقومون بشكر من اولى النعم ودفع النقم ولا تحجبهم النعم عن المنعم فيشتغلوا بها عن عبادة ربهم بل ربما استعانوا بها على معاصيه كل اناس بامامهم فمن اوتي كتابه بيمينه فاولئك يقرؤون كتاب يخبر تعالى عن حال الخلق يوم القيامة وانه يدعو كل اناس معهم امامهم الى الرشد وهم الرسل ونوابهم فتعرض كل امة ويحضرها رسولهم الذي دعاهم وتعرض اعمالهم على الكتاب الذي الذي يدعو اليه الرسول هل هي موافقة له ام لا؟ فينقسم بهذا قسمين. فمن اوتي كتابه بيمينه لكونه اتبع امامة الهادية الى صراط مستقيم. واهتدى بكتابه فكثرت حسناته وقلت سيئاته. فاولئك يقرأون كتابهم قراءة سرور وبهجة على ما يرون فيها مما يفرحهم ويسرهم. ولا يظلمون فتيلا مما عملوه من الحسنات ومن كان في هذه الدنيا ما عن الحق فلم يقبله ولم ينقد له بل اتبع الضلال. فهو في الاخرة اعمى عن سلوك طريق الجنة. كما لم يسلكه في الدنيا واضل سبيلا فان الجزاء من جنس العمل. وكما تدين تدان. وفي هذه الاية دليل على ان كل امة تدعى الى دينها وكتابها. هل عملت به ام لا؟ وانهم لا يؤاخذون بشرع نبي لم يؤمروا باتباعه. وان الله لا يعذب احدا الا بعد قيام الحجة عليه ومخالفته لها. وان اهل الخير يعطون كتبهم بايمانهم ويحصل لهم من الفرح والسرور شيء عظيم وان اهل الشر بعكس ذلك وانهم لا يقدرون على قراءة كتبهم من شدة غمهم وحزنهم وثبورهم يذكر تعالى منته على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وحفظه له من اعدائه الحريصين على فتنته بكل طريق فقال اي قد كادوا لك امرا لم يدركوه. وتحيلوا لك على ان تفتري على الله غير الذي انزلنا اليك. فتجيء بما يوافق اهواءهم وتدعو ما انزل الله اليك. واذا لو فعلت ما يهوون لاتخذوك خليلا. اي حبيبا صفيا. اعز عليهم من احبابهم لما جبلك الله عليه من مكارم الاخلاق ومحاسن الاداب المحببة للقريب والبعيد والصديق والعدو. ولا اكن لتعلم انهم لم يعادوك. وينابذوك العداوة الا للحق الذي جئت به. لا لذاتك. كما قال الله تعالى نعلم انه ليحزنك الذي يقولون. فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. ومع هذا لولا ان ثبتناك على الحق تننى عليك بعدم الاجابة لداعيهم. من كثرة المعالجة ومحبتك لهدايتهم اذا لو ركنت اليهم بما يهوون اي لاصبناك بعذاب مضاعف في الدنيا والاخرة وذلك لكمال لو فعلوا ذلك لم يلبثوا بعدك الا قليلا حتى تحل بهم العقوبة كما هي سنة الله التي لا تحول ولا تبدل في جميع الامم كل امة كذبت رسولها واخرجته عاجلها الله بالعقوبة. ولما مكر به الذين كفروا واخرجوه لم يلبثوا الا قليلا حتى اوقع الله بهم ببدر وقتل صناديدهم وفض بيضتهم فله الحمد. وفي هذه الايات دليل على شدة افتقار العبد الى تثبيت الله اياه. وانه لا يزال متملقا لربه ان يثبته على الايمان. ساعيا في كل سبب موصل الى ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم وهو اكمل الخلق قال الله له ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا فكيف بغيره؟ وفيها تذكير الله لرسوله منته عليه وعصمته من الشر. فدل ذلك على ان الله تحب من عباده ان يتفطنوا لانعامه عليهم عند وجود اسباب الشر بالعصمة منه والثبات على الايمان. وفيها انه بحسب علو مرتبة العبد وتواتر النعم عليه من الله يعظم اثمه. ويتضاعف جرمه. اذا فعل ما يلام عليه. لان الله ذكر قال رسوله لو فعل وحاشاه من ذلك بقوله لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا وفيها ان الله اذا اراد اهلاك امة تضاعف جرمها وعظم وكبر في حق عليها القول من الله فيوقع بها العذاب كما هي سنته في الامم اذا اخرجوا رسولهم. اقم الصلاة لدلوك الشمس الى يأمر تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم باقامة الصلاة ظاهرا وباطنا في اوقاتها. لدلوك الشمس اي ميلانها الى الافق الغربي بعد الزوال. فيدخل في ذلك صلاة الظهر وصلاة العصر الى غسق الليل اي ظلمته فدخل في ذلك صلاة المغرب وصلاة العشاء وقرآن الفجر اي صلاة الفجر. وسميت قرآنا لمشروعية اطالة القراءة فيها اطول من غيرها. ولفضل القراءة فيها حيث شهدها الله وملائكة الليل والنهار. ففي هذه الاية ذكر الاوقات الخمسة للصلوات المكتوبات. وان الصلوات الموقعة فيها فرائض لتخصيصها بالامر. ومنها ان الوقت شرط لصحة الصلاة. وانه سبب لوجوبها لان الله امر باقامتها لهذه الاوقات. وان الظهر والعصر يجمعان والمغرب والعشاء كذلك. للعذر لان الله جمع وقتهما جميعا وفيه فضيلة صلاة الفجر وفضيلة اطالة القراءة فيها وان القراءة فيها ركن لان العبادة اذا سميت ببعض اجزائها دل على فرضية ذلك. وقوله نافلة لكعسى ومن الليل فتهجد به اي صل به في سائر اوقاته نافلة لك اي لتكون صلاة الليل زيادة لك في علو القدر ورفع الدرجات بخلاف غيرك فانها تكون كفارة لسيئاته. ويحتسب امل ان يكون المعنى ان الصلوات الخمس فرض عليك وعلى المؤمنين بخلاف صلاة الليل فانه فرض عليك بالخصوص. ولكرامة على الله ان جعل وظيفتك اكثر من غيرك. وليكثر ثوابك. وتنال بذلك المقام المحمود. وهو المقام الذي يحمدك فيه فيه الاولون والاخرون. مقام الشفاعة العظمى حين يتشفع الخلائق بادم. ثم بنوح ثم ابراهيم ثم موسى ثم ثم عيسى وكلهم يعتذر ويتأخر عنها حتى يستشفعوا بسيد ولد ادم. ليرحمهم الله من هول الموقف وكربه يشفع عند ربه فيشفعه ويقيمه مقاما يغبطه به الاولون والاخرون. وتكون له المنة على جميع الخلق ايجعل مداخلي ومخارجي كلها في طاعتك وعلى مرضاتك. وذلك لتضمنها اخلاص وموافقتها الامر. اي حجة ظاهرة وبرهانا قاطعا على جميع مآتيه وما اذره. وهذا اعلى حالة ينزلها الله العبد ان تكون احواله كلها خيرا ومقربة له الى ربه وان يكون له على كل حال من احواله. دليل ظاهر وذلك متضمن للعلم النافع والعمل الصالح للعلم بالمسائل والدلائل. وقوله والحق هو ما اوحاه الله الى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. فامره الله ان يقول ويعلن قد جاء الحق الذي في لا يقوم له شيء وزهق الباطل. اي اضمحل وتلاشى. ان الباطن كان زهوقا. اي هذا وصف الباطل ولكنه قد يكون له صولة ورواج اذا لم يقابله الحق. فعند مجيء الحق يطمحل الباطل فلا يبقى له حراك لهذا لا يروج الباطل الا في الازمان والامكنة الخالية من العلم بايات الله وبيناته. وقوله القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. ولا يزيد الظالمين اي في القرآن مشتمل على الشفاء والرحمة. وليس ذلك لكل احد. وانما ذلك للمؤمنين به. المصدقين اياته العاملين بها. واما الظالمون بعدم التصديق به. او عدم العمل به. فلا تزيدهم اياته الا خسارا. اذ به عليهم الحجة. فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب من الشبه والجهالة. والاراء الفاسدة والانحراف السيء والقصود السيئة فانه مشتمل على العلم اليقين. الذي تزول به كل شبهة وجهالة. والوعظ والتذكير الذي يزول به كل شهوة تخالف امر الله. ولشفاء الابدان من الامها واسقامها. واما الرحمة فان ما فيه من الاسباب والوسائل يحث عليها متى فعلها العبد فاز بالرحمة والسعادة الابدية والثواب العاجل والاجل هذه طبيعة الانسان من حيث هو الا من هداه الله. فان الانسان عند انعام الله عليه يفرح بالنعم ويبتر بها ويعرض. وينأى بجانبه عن ربه فلا يشكره ولا يذكره. واذا مسه الشر كالمرض ونحوه كان يؤوسا من الخير. قد قطع من ربه رجاءه وظن ان ما هو فيه دائم ابدا. واما من هداه الله فانه عند النعم يخضع لربه ويشكر نعمته وعند الضراء يتضرع ويرجو من الله عافيته. وازالة ما يقع فيه وبذلك يخف عليه البلاء اي قل كل من الناس يعمل على اي على ما يليق به من الاحوال. ان كانوا من الصفوة الابرار لم يشاكلهم الا عملهم لرب العالمين. ومن كانوا من غير من المخذولين لم يناسبهم الا العمل للمخلوقين. ولم يوافقهم الا ما وافق اغراضهم. فربكم اعلم بمن هو فيعلم من يصلح للهداية فيهديه ومن لا يصلح لها فيخذله ولا يهديه وهذا متضمن لمن يسأل المسائل التي يقصد بها التعنت والتعجيز. ويدع السؤال عن المهم. فيسألون عن الروح التي هي من الامور الخفية. التي لا يتقن وصفها وكيفيتها كل احد. وهم قاصرون في العلم الذي يحتاج اليه العباد. ولهذا امر الله رسوله ان يجيب سؤالهم بقوله قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا. اي من جملة مخلوقاته التي امرها ان تكون فكانت فليس في السؤال عنها كبير فائدة. مع عدم علمكم بغيرها. وفي هذه الاية دليل على ان المسؤول اذا سئل عن امر الاولى به ان يعرض عن اجابة السائل عما سأل عنه. ويدله على ما يحتاج اليه ويرشده الى ما ينفعه يخبر تعالى ان القرآن والوحي الذي اوحى او الى رسوله رحمة منه عليه وعلى عباده. وهو اكبر النعم على الاطلاق على رسوله. فان فضل الله عليه كبير لا يقادر وقدره. فالذي تفضل به عليك قادر على ان يذهب به. ثم لا تجد رادا يرده. ولا وكيلا يتوجه عند الله فيه تغتبط به ولتقر به عينك. ولا يحزنك تكذيب المكذبين. ولا استهزاء الضالين. فانهم عرضت عليهم اجل النعم فردوها لهوانهم على الله وخذلانه لهم لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض وهذا دليل قاطع وبرهان ساطع على صحة ما جاء به الرسول وصدقه. حيث تحدى الله الانس والجن ان يأتوا بمثله. واخبر انهم لا يأتون بمثله. ولو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه. ووقع كما اخبر الله فان دواعي اعدائه المكذبين به متوفرة على رد ما جاء به. باي وجه كان وهم اهل اللسان والفصاحة. فلو كان كان عندهم ادنى تمكن من ذلك لفعلوه. فعلم بذلك انهم اذعنوا غاية الاذعان. طوعا وكرها وعجزوا عن معارضته وكيف يقدر المخلوق من تراب؟ الناقص من جميع الوجوه الذي ليس له علم ولا قدرة ولا ارادة ولا مشيئة ولا كمال ولا الكلام الا من ربه ان يعارض كلام رب الارض والسماوات. المطلع على سائر الخفيات الذي له الكمال المطلق الحمد المطلق والمجد العظيم. الذي لو ان البحر يمده من بعده سبعة ابحر مدادا. والاشجار كلها اقلام. لنفد المد وفنيت الاقلام ولم تنفد كلمات الله. فكما انه ليس احد من المخلوقين مماثلا لله في اوصافه. فكلام من اوصافه التي لا يماثله فيها احد. فليس كمثله شيء في ذاته واسمائه وصفاته. وافعاله تبارك وتعالى فتبا لمن اشتبه عليه كلام الخالق لكلام المخلوق. وزعم ان محمدا صلى الله عليه وسلم افتراه على الله واختلقه من نفسه وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض او تكون فتفجر او تأتي بالله والملائكة طبيلا او يكون لك بيت ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل ولن نؤمن برضيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه. قل سبحان قل سبحان ربي يقول تعالى اي نوعنا فيه المواعظ والامثال. وثنينا فيه المعاني التي يضطر اليها العباد. لاجل ان يتذكروا ويتقوا. فلم يتذكر الا القليل منهم الذين سبقت لهم من الله سابقة السعادة. واعانهم الله بتوفيقه. واما اكثر الناس فابوا الا كفورا لهذه النعمة التي هي اكبر من جميع النعم. وجعلوا يتعنتون عليه باقتراح ايات غير اياته. يخترعونها من تلقاء انفسهم كلمة الجاهلة فيقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اتى بهذا القرآن المشتمل على كل برهان واية قالوا لن نؤمن لك حتى تهجر لنا من الارض منبوعا. اي انهارا جارية. او تكون لك من نخيل وعنب فتستغني بها عن المشي في الاسواق والذهاب والمجيء. او تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا. اي قطعا من العذاب طبيلا. اي جميعا. او مقابلة ومعاينة يشهدون لك بما جئت به. او يكون لك بيت من زخرف اي مزخرف بالذهب وغيره. او ترقى في السماء حسيا ومع هذا لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه. ولما كانت هذه تعنتات وتعجيزات وكلام اسفه الناس واظلمهم المتضمنة لرد الحق وسوء ادب مع الله. وان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يأتي بالايات امره الله ان ينزهه فقال قل سبحان ربي عما تقولون علوا كبيرا. وسبحانه ان تكون احكامه واياته تابعة لاهوائهم الفاسدة ارائهم الضالة هل كنت الا بشرا رسولا؟ ليس بيده شيء من الامر اذ جاءهم الهدى الا ان قالوا ابعث الله بشرا رسولا. وهذا السبب الذي منع اكثر الناس من الايمان حيث كانت الرسل التي ترسل اليهم من جنسهم بشرا وهذا من رحمته بهم ان ارسل اليهم بشرا منهم فانهم لا التلقي من الملائكة اننا نزلنا عليهم لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا قل لو كان في الارض ملائكة يمشون مطمئنين يثبتون على رؤية الملائكة والتلقي عنهم ليمكنهم التلقي عنه شهيدا بيني وبينكم انه كان بعباده خبيرا بصيرا. فمن لرسوله ما ايده به من المعجزات وما انزله عليه من الايات. ونصره على من عاداه وناوأه. فلو تقول عليه بعض اقاويل لاخذ منه باليمين ثم لقطع منه الوتين فانه خبير بصير. لا تخفى عليه من احوال العباد خافية مأواهم جهنم مأواهم جهنم كل ما تجددناهم سعيرا. يخبر تعالى انه المنفرد بالهداية والاضلال. فمن يهده فيسره لليسرى ويجننه العسر فهو المهتدي على الحقيقة. ومن يضلله فيخذله ويكله الى نفسه. فلا هادي له من دون الله. وليس له ولي ينصره من عذاب الله حين يحشرهم الله على وجوههم خزيا عميا وبكما لا يبصرون ولا ينطقون وصم من لا يسمعون مأواهم اي مقرهم ودارهم. جهنم التي جمعت كل هم وغم وعذاب. كلما خبت اي تهيأت للانطفاف اه زدناهم سعيرا. اي سعرناها بهم لا يفتر عنهم العذاب ولا يقضى عليهم فيموتوا. ولا يخفف وعنهم من عذابها ولم يظلمهم الله تعالى. ذلك جزاؤهم بانهم كفروا باياتنا وقال بل جزاهم بما كفروا باياته وانكروا البعث الذي اخبرت به الرسل ونطقت به الكتب وعجزوا ربهم تمام قدرته خلقا جديدا. اي لا يكون هذا لانه في غاية البعد عن عقولهم الفاسدة الله الذي خلق السماوات والارض قادر على ان يخلق مثلهم وجعل لهم اجلا لا ريب فيه فابى الظالمون الا كفورا. اولم يروا ان الله الذي خلق السماوات والارض وهي اكبر من خلق الناس قادر على ان يخلق مثلهم. بلى انه على ذلك قدير. ولكنه قد جعل لهم اجلا لا ريب فيه ولا شك والا فلو شاء لجاءهم به بغتة. ومع اقامته الحجج والادلة على البعث ظلما منهم وافتراء قل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربي التي لا تنفذ ولا تبيد. اذا لامسكتم خشية الانفاق. اي خشية ان ينفذ ما تنفقون منه مع انه من المحال ان تنفد خزائن الله. ولكن الانسان مطبوع على الشح والبخل فقال اي لست ايها الرسول المؤيد بالايات اول رسول كذبه الناس فلقد ارسلنا قبلك موسى ابن عمران الكليم الى فرعون وقومه. واتيناه تسع ايات بينات كل واحدة منها تكفي لمن قصده اتباع الحق كالحية والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم واليد وفلق البحر ان شككت في شيء من ذلك فاسأل بني اسرائيل اذ جاءهم. فقال له فرعون مع هذه الايات قال لقد علمت ما انزل هؤلاء واني لاظنك يا فرعون قال له موسى لقد علمت يا فرعون ما انزل هؤلاء الايات الا رب السماوات والارض بصائر منه عبادة فليس قولك هذا بالحقيقة وانما قلت ذلك ترويجا على قومك واستخفافا لهم اي ممقوتا ملقى في العذاب لك الويل والذم واللعنة فاراد فرعون ان يستفزهم من الارض اي يجليهم ويخرجهم منها. واورثنا بني اسرائيل ارضهم وديارهم. ولهذا قال وقلنا من بعده لبني اسرائيل اسكنوا الارض. فاذا جاء وعد اي جميعا ليجازى كل عامل بعمله اي وبالحق انزلنا هذا القرآن الكريم كامر العباد ونهيهم وثوابهم وعقابهم. وبالحق نزل اي بالصدق والعدل والحفظ من كل شيطان رجيم ما ارسلناك الا مبشرا من اطاع الله بالثواب العاجل والاجل. ونذيرا لمن عصى الله بالعقاب العاجل والاجل. ويلزم من ذلك بيان ما يبشر به وينذر ايوه انزلنا هذا القرآن مفرقا فارقا بين الهدى والضلال والحق والباطل اي على مهل ليتدبروه ويتفكروا في معانيه ويستخرج علومه. اي شيئا فشيئا مفرقا في ثلاث وعشرين سنة ولا يأتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا. فاذا تبين انه الحق الذي لا شك فيه ولا ريب بوجه من قل امنوا به او لا تؤمنوا ان الذين اوتوا العلم من قبله اذا يتلى قل لمن كذب واعرض عنه امنوا به او لا تؤمنوا. فليس لله حاجة فيكم ولستم بضاريه شيئا وانما ضرر ذلكم عليكم فان لله عبادا غيركم وهم الذين اتاهم الله العلم النافع اي يتأثرون به غاية التأثر ويخضعون له. ويقولون سبحان ربنا ويقولون سبحان ربنا عما لا يليق بجلاله مما نسبه اليه المشركون ان كان وعد ربنا بالبعث والجزاء بالاعمال لمفعول اولى لا خلف فيه ولا شك خشوعا ويخرون للاذقان اي على وجوههم يبكون ويزيدهم القرآن خشوعا اولئك الذين من الله عليهم من مؤمني اهل الكتاب كعبد الله ابن سلام وغيره ممن امن في وقت النبي صلى الله عليه وسلم اما وبعد ذلك ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وبتغيير يقول تعالى لعباده ادعوا الله او ادعوا الرحمن اي ايهما شئتم ايا ما تدعوا فله الاسماء اسماء حسنى اي ليس له اسم غير حسن حتى ينهى عن دعائه به. اي اسم دعوتموه به حصل به المقصود. والذي ينبغي ان عافي كل مطلوب مما يناسب ذلك الاسم. ولا تجهر بصلاتك اي قراءتك ولا تخافت بها. فان في كل من الامرين اما الجهر فان المشركين المكذبين به اذا سمعوه سبوه وسبوا من جاء به. واما المخافة فانه لا يحصل المقصود لمن اراد استماعه مع الاخفاء. وابتغي بين ذلك ان يتخذ بين الجهر والاخفاء سبيلا. اي تتوسط فيما بينهما وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك تكبيرا. وقل الحمد لله الذي له الكمال والثناء والحمد والمجد. من جميع الوجوه المنزه عن كل في افة ونقص. الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك. بل الملك كله لله الواحد القهار. فالعالم العلوي والسفلي كلهم مملوكون لله. ليس لاحد من الملك شيء. ولم يكن له ولي من الذل. اي لا يتولى احدا من خلقه. ليتعزز انتبه ويعاونه فانه الغني الحميد الذي لا يحتاج الى احد من المخلوقات في الارض ولا في السماوات ولكنه يتخذ احسان منه اليهم ورحمة بهم. الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور. وكبره تكبيرا اي عظمه واجله بالاخبار باوصافه العظيمة وبالثناء عليه باسمائه الحسنى وبتحميده بافعاله المقدسة وبتعظيم واجلاله بعبادته وحده لا شريك له واخلاص الدين كله له