المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل يقول كثير من الناس هذا وقت العلم والمعارف والرقي. ومقصودهم بهذا الاعراض عن الماضي وعن الدين والتزهيد فيها وقد صدقوا من جهة وكذبوا من جهات اخر قد صدقوا انه وقت ترقت فيه علوم الصناعات والمخترعات. وما يرجع الى الماديات والطبيعات. وقد كذبوا وافظع الكذب حيث حصروا العلم بهذا النوع ولم يعلموا ان العلم الحقيقي النافع والعلم بما جاء به الكتاب والسنة الكفيل بكل خير ديني ودنيوي واخروي والعلم النافع من علوم الصناعات والمخترعات داخل في ضمن هذا بل العلم الديني هو الذي يصير العلوم الطبيعية والصناعية نافعة نفعا صحيحا هو الذي يوجهها الى نفع النوع الانساني ويمنعها من التهور المهلك. ولهذا نقول وقد كذبوا ايضا من جهة ان هذه العلوم التي افتخروا بها لم يوجهوها التوجيه النافع بل استعملوها فيما يضر الخلق في الاهلاك الفناء والتدمير فهي من اعظم النعم ولكنها باستعمالهم اياها كانت من اكبر النكبات والنقم. وهذا من المعلوم الذي لا ريب فيه ان الشيء الذي لا يتولى الدين الصحيح توجيهه فهو منعكس ضرره اكبر من نفعه. وقد صدقوا وانه زمان ترقي الماديات الجافة. وقد كذبوا في اطلاقهم الترقي فيظن الظان انه ترق في كل شيء انما هو ترق في الصناعات والمخترعات لا في الاخلاق الفاضلة والديانات فلا ينفع الترقي في الماديات اذا هبطت الاخلاق التي عليها المدار في كل شيء. وهي التي تصلح الاشياء ولا تصلح الامور بدونها كما هو مشاهد محسوس فاي ترق صير اهله بمنزلة السباع الضارية ده ابوها الظلم والفتك والاستعمار للامم الضعيفة وسلبها حقوقها. فالترقي الصحيح الذي هو من اثار الدين من اثاره العدل والرحمة والوفاء بالحقوق. والحث على كل خير. والتحذير من كل شر هذا هو الترقي الذي لم يشموا له رائحة ولا خطر بقلوبهم. وكيف يخطر بقلوبهم وقلوبهم ملأى بالهلع والجشع والزهو والكبر والغرور ومن كل خلق رذيل. وقد كذبوا ايضا في زعمهم ان العلوم العصرية والفنون الاختراعية نافعة هم الذين ابتدؤوها وان الشريعة الاسلامية لم تهد اليها ولم ترشد الى اصولها. وهذا بهتان عظيم مكابرة يعرفها من له ادنى نظر في الدين الاسلامي وكيف اصل للعباد اصولا عظيمة نافعة بها صلاح دنياهم كما اصل لهم اصولا نافعة فيها صلاح دينهم وقد ذكرنا بعض النصوص من الكتاب والسنة الدالة على هذا الاصل كما سبقت الاشارة اليه. نعم لو قالوا ان في هذا الوقت انتفعوا بهذه الاصول والتعاليم الدينية في ترقية الصناعات وابتكار المخترعات ومعرفة طرق الاقتصاديات وما اشبه ذلك ولكنهم رقوها ترقية مبتورة مقطوعة الصلة بالله وبدين الله. فلهذا نفعت من جهة وضرت من جهاد نفعت بما اشتملت عليه من منافع العباد الدنيوية. ونفعت من استعان بها على الدين والخير. وضرت من جهة انها سببت لاهلها الوحشية والهمجية اللتين من اثارهما الاهلاك والتدمير والشرور التي لم يوجد لها نظير فيما سبق وضرت ايضا من جهة ما احدثت في نفوس اهلها من الزهو والغرور والكبرياء واستعباد الضعفاء وظلمهم وهضم الحقوق والشرور المتنوعة فلو ان هذه المخترعات تولى الدين توجيهها لحصل فيها من المنافع اضعاف اضعاف ما شوهد. ولا اندفعت مضارها شرورها ولكانت مبنية على الخير والصلاح ولكان من اثارها الخير للدين والدنيا ولكن لله في خلقه شئون