بسم الله الرحمن الرحيم. يسر اخوانكم في مشروع كبار العلماء ان يقدموا لكم قراءة لكتاب الجامع لفوائد وتقريرات الشيخ ابن باز رحمه الله على منسكه. التحقيق والايضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة. قال الشيخ ابن باز رحمه الله فصل في المواقيت المكانية وتحديدها المواقيت خمسة الاول ذو الحليفة وهو ميقات اهل المدينة وهو المسمى عند الناس اليوم ابيار علي الثاني الجحفة وهي ميقات اهل الشام وهي قرية خراب تلي رابغ والناس اليوم يحرمون من رابغ ومن احرم من رابغ فقد احرم من الميقات لان رابغ قبلها بيسير الثالث قرن المنازل وهو ميقات اهل نجد. وهو المسمى اليوم السيل الرابع يلملم وهو ميقات اهل اليمن الخامس ذات عرق وهي ميقات اهل العراق. وهذه المواقيت قد وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لمن ذكرنا ومن مر عليها من غيرهم ممن اراد الحج او العمرة والواجب على من مر عليها ان يحرم منها ويحرم عليه ان يتجاوزها بدون احرام. اذا كان قاصدا مكة يريد حجا او عمرة سواء كان مروره عليها من طريق الارض او من طريق الجو لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت هذه المواقيت هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن ممن اراد الحج والعمرة والمشروع لمن توجه الى مكة من طريق الجو بقصد الحج او العمرة ان يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة فاذا دنا من الميقات لبس ازاره ورداءه ثم لبى بالعمرة ان كان الوقت متسعا وان كان الوقت ضيقا لبى بالحج وان لبس ازاره ورداءه قبل الركوب او قبل الدنو من الميقات فلا بأس ولكن لا ينوي الدخول في النسك ولا يلبي بذلك الا اذا حاد الميقات او دنى منه لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم الا من الميقات والواجب على الامة التأسي به صلى الله عليه وسلم في ذلك كغيره من شؤون الدين. لقول الله سبحانه لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع خذوا عني مناسككم. واما من توجه الى مكة ولم يرد حجا ولا عمرة. كالتاجر والحطاب والبريد ونحو ذلك فليس عليه احرام الا ان يرغب في ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم لما ذكر المواقيت هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن ممن اراد الحج والعمرة فمفهومه ان من مر على المواقيت ولم يرد حجا ولا عمرة فلا احرام عليه وهذا من رحمة الله بعباده وتسهيله عليهم. فله الحمد والشكر على ذلك ويؤيد ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لما اتى مكة عام الفتح لم يحرم بل دخلها وعلى رأسه اغفر لكونه لم يرد حين ذاك حجا ولا عمرة وانما اراد افتتاحها وازالة ما فيها من الشرك واما من كان مسكنه دون المواقيت كسكان جدة وام السلم وبحرة والشرائع وبدر ومستورة واشباهها فليس عليه ان يذهب الى شيء من المواقيت الخمسة المتقدمة بل مسكنه هو ميقاته فيحرم منه بما اراد من حج او عمرة واذا كان له مسكن اخر خارج الميقات فهو بالخيار ان شاء احرم من الميقات وان شاء احرم من مسكنه الذي هو اقرب من الميقات الى مكة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس لما ذكر المواقيت قال ومن كان دون ذلك فمهله من اهله اي اهله بالتلبية من مكان احرامه حتى اهل مكة يهلون من مكة اخرجه البخاري ومسلم لكن من اراد العمرة وهو في الحرم فعليه ان يخرج الى الحل ويحرم بالعمرة منه لان النبي صلى الله عليه وسلم لما طلبت منه عائشة العمرة امر اخاها عبدالرحمن ان يخرج بها الى الحل تحرم منه فدل ذلك على ان المعتمر لا يحرم بالعمرة من الحرم وانما يحرم بها من الحل وهذا الحديث يخص حديث ابن عباس المتقدم ويدل على ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله حتى اهل مكة يهلون من مكة هو الاهلال بالحج لا العمرة اذ لو كان الاهلال بالعمرة جائزا من الحرم لاذن لعائشة رضي الله عنها في ذلك ولم يكلفها بالخروج الى الحل. وهذا امر واضح وهو قول جمهور العلماء رحمة الله عليهم وهو احوط للمؤمن لان فيه العمل بالحديثين جميعا والله الموفق. واما ما يفعله بعض الناس من الاكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم او الجعرانة او غيرهما وقد سبق ان اعتمر قبل الحج فلا دليل على شرعيته. بل الادلة تدل على ان الافضل تركه لان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم لم يعتمروا بعد فراغهم من الحج وانما اعتمرت عائشة من التنعيم لكونها لم تعتمر مع الناس حين دخول مكة بسبب الحيض فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم ان تعتمر بدلا من عمرتها التي احرمت بها من الميقات فاجابها النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك وقد حصلت لها العمرتان. العمرة التي مع حجها وهذه العمرة المفردة فمن كان مثل عائشة فلا بأس ان يعتمر بعد فراغه من الحج عملا بالادلة كلها وتوسيعا على المسلمين ولا شك ان اشتغال الحجاج بعمرة اخرى بعد فراغهم من الحج سوى العمرة التي دخلوا بها مكة يشق على الجميع ويسبب كثرة الزحام والحوادث مع ما فيه من المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته والله الموفق. المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله