ان في ذلك لاية لقوم يسمعون. ان في ذلك لاية لقوم يسمعون عن الله مواعظه وتذكيره فيستدلون بذلك على انه وحده المعبود. الذي لا تنبغي العبادة الاله وحده. لانه المنعم بانزال المطر وانبات جميع اصناف النبات المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يخبر تعالى عن جهل المشركين وظلمهم وافترائهم على الله الكذب. وانهم يجعلون لاصناف التي لا تعلم ولا تنفع ولا تضر. نصيبا مما رزقهم الله وانعم به عليهم. فاستعانوا برزقه على الشرك به. وتقربوا به الى لا اصناما منحوتة كما قال تعالى وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا. فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائهم فما كان لشركائهم فلا يصل الى الله. لتسألن عما كنتم تفترون. ويقال االله اذن لكم ام على الله تفتحون وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة فيعاقبهم على ذلك اشد العقوبة ايمسكه ويجعلون البنات حيث قالوا عن الملائكة العباد المقربين انهم بنات الله ولهم ما يشتهون اي لانفسهم الذكور حتى انهم يكرهون كراهة شديدة. فكان احدهم اذا بشر بالانثى ظل وجهه مسودا. من الغم الذي اصابه وهو كظيم. اي كاظم على الحزن والاسف اذا بشر بانثى. وحتى انه يتضح عند ابناء جنسه. ويتوارى منهم من سوء ما بشر به. ثم يعمل فكره ورأيه الفاسد فيما نسمع بتلك البنت التي بشر بها ايمسكه على هون؟ اي يتركها من غير قتل على اهانة وذل؟ ام يدسه في التراب؟ اي يدفنها وهي حية وهو الوأد الذي ذم الله به المشركين. الا ساء ما يحكمون. اذ وصفوا الله بما لا يليق بجلاله من نسبة الولد اليه ثم لم يكفهم هذا حتى نسبوا له اردأ القسمين وهو الاناث اللاتي يأنفون بانفسهم عنها ويكرهونها فكيف ينسبونها لله تعالى قال فبئس الحكم حكمهم. ولما كان هذا من امثال السوء التي نسبها اليه اعداءه المشركون. قال الله تعالى حين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى وهو العزيز الحكيم. للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء. اي المثل الناقص والعيب التام. ولله المثل الاعلى. وهو كل الصفة كمال. وكل كمال في الوجود الله احق به من غير ان يستلزم ذلك نقصا بوجه وله المثل الاعلى في قلوب اوليائه وهو التعظيم والاجلال والمحبة والانابة والمعرفة وهو العزيز الذي قهر جميع الاشياء وانقادت له المخلوقات باسرها الحكيم الذي يضع الاشياء مواضعها فلا يأمر ولا يفعل الا ما يحمد عليه ويثنى على كماله فيه ولكني لما ذكر تعالى ما افتراه الظالمون عليه. ذكر جمال حلمه وصبره فقال ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم من غير زيادة ولا نقص ما ترك عليها من دابة اي لاهلك المباشرين للمعصية وغيرهم من انواع الدواب والحيوانات. فان شؤم المعاصي يهلك به الحرث والنسل. ولكن يؤخرهم عن تعجيل العقوبة عليهم الى اجل مسمى وهو يوم القيامة. فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. فليحذروا ما داموا في وقت الامهال قبل ان في الوقت الذي لا امهال فيه لا جرمن لهم النار. لا جرم ان لهم النار وانهم مفرقون يخبر تعالى ان المشركين يجعلون لله ما يكرهون من البنات. ومن الاوصاف القبيحة وهو الشرك بصرف شيء من العبادات الى بعض المخلوقات التي هي عبيد لله. فكما انهم يكرهون ولا يرضون ان يكون عبيدهم وهم مخلوقون من جنسهم شركاء لهم فيما رزقهم الله. فكيف يجعلون له شركاء من عبيده وهم مع هذه الاساءة العظيمة تصف السنتهم الكذبة ان لهم الحسنى. اي ان لهم الحالة الحسنة في الدنيا والاخرة رد عليهم بقوله لا جرم ان لهم النار وانهم مفرطون. مقدمون عليها ماكثون فيها غير خارجين من ابدا بين تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم انه ليس هو اول رسول كذب. فقال تعالى وصلنا الى امم من قبلك فزين لهم الشيطان فزين لهم الشيطان اعمالهم فهو اوليهم اليوم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب اليم. تالله لقد الى امم من قبلك رسلا يدعونهم الى التوحيد فزين لهم الشيطان اعمالهم. فكذبوا الرسل وزعموا ان ما هم عليه هو الحق المنجي من كل مكروه وان ما دعت اليه الرسل فهو بخلاف ذلك. فلما زين لهم الشيطان اعمالهم صار وليهم في الدنيا فاطاعوه واتبعوه وتولوا افتتخذونه وذريته اولياء من دوني وهم لكم عدو. بئس للظالمين بدلا ولهم عذاب اليم في الاخرة حيث تولوا عن ولاية الرحمن ورضوا بولاية الشيطان. فاستحقوا لذلك عذاب الهوان والله انزل من السماء ما ان فاحيا به الارض بعد موتها ان على انه على كل شيء قدير. وان الذي احيا الارض بعد موتها قادر على احياء الاموات. وان الذي نشر هذا الاحسان لذو رحمة واسعة. وجود عظيم عظيم وان لكم في الانعام عبرة نسقيكم منا في بطونه من بين فرث ودم اي ان لكم في الانعام التي سخرها الله لمنافعكم لعبرة تستدلون بها على كمال قدرة الله وسعة احسانه. حيث اسقاكم من بطونها المشتملة على والدم فاخرج من بين ذلك لبنا خالصا من الكدر. سائغا للشاربين للذته. ولانه يسقي ويغذي. فهل هذه الا قدرة الهية لا امور طبيعية فاي شيء في الطبيعة يقلب العلف الذي تأكله البهيمة والشراب الذي تشربه من الماء العذب والملح لبنان خالصا سائغا للشاربين وجعل تعالى لعباده من ثمرات النخيل والاعناب منافع للعباد ومصالح من انواع الرزق الحسن الذي يأكله العباد طريا ونضيجا. وحاضرا ومدخرا وطعاما وشرابا. يتخذ من عصيرها او نبيذها من السكر الذي كان حلالا قبل ذلك. ثم ان الله نسخ حل المسكرات واعاض عنها بالطيبات من الانبذة. وانواع اللذيذة المباحة ان في ذلك لاية لقوم يعقلون عن الله كما لا اقتداره. حيث اخرجها من اشجار شبيهة بالحطب. فصارت ثمرة لذيذة وفاكهة طيبة وعلى شمول رحمته. حيث عم بها عباده ويسرها لهم. وانه الاله المعبود وحده. حيث انه المنفرد ذلك واوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس. ان في ذلك لاية لقوم في خلق هذه النحلة الصغيرة التي هداها الله هذه الهداية العجيبة ويسر لها المراعي ثم الرجوع الى بيوتها التي اصلحتها بتعليم الله لها وهدايته لها. ثم يخرج من بطونها هذا العسل اللذيذ. مختلف الالوان بحسب اختلاف ارضها ومراعيها فيه شفاء للناس من امراض عديدة. فهذا دليل على كمال عناية الله تعالى وتمام لطفه بعباده. وانه الذي لا ينبغي ان يحب غيره وهو يدعى سواه. والله خلقكم ثم يتوفاكم يخبر تعالى انه الذي خلق العباد ونقلهم في الخلقة طورا بعد طور. ثم بعد ان يستكملوا اجالهم. يتوفاهم ومنهم من يعمره حتى يرد الى ارض للعمر اي اخسه الذي يبلغ به الانسان الى ضعف القوى الظاهرة والباطنة. حتى العقل الذي هو جوهر الانسان يزيد ضعفه حتى انه ينسى كان يعلم ويصير عقله كعقل الصبي. ولهذا قال لكي لا يعلم بعد علم شيئا. ان الله عليم قدير. اي قد احاط علمه وقدرته بجميع الاشياء. ومن ذلك ما ينقل به الادمي من اطوار خلقه وخلقا بعد خلق. كما قال تعالى الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة. يخلق ما يشاء وهو العليم القدير