ايظلمون فلا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم. فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون الا ما كنتم تعملون صغارها وكبارها. المتضمن ذلك زوال كل امر مكروه. ورحمته العظيمة التي بها صلحت احوالهم واستقامت امور دينهم ودنياهم فلهم الرحمة من الله في يوم القيامة. حين تأتي كل نفس تجادل عن نفسها. يوم تأتي كل نفس المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اي فاذا اردت القراءة لكتاب الله الذي هو اشرف الكتب واجلها. وفيه صلاح القلوب والعلوم الكثيرة. فان الشيطان احرص ما يكون على العبد عند شروعه في الامور الفاضلة يسعى في صرفه عن مقاصدها ومعانيها. فالطريق الى السلامة من شره. الالتجاء الى الله والاستعاذة به من شره. فيقول القارئ اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. متدبرا لمعناها معتمدا بقلبه على الله في صرفه عنه. مجتهدا في دفع وساوسه وافكاره الرديئة مجتهدا على السبب الاقوى في دفعه. وهو التحلي بحلية الايمان والتوكل. فان الشيطان ليس له سلطان اي تسلط على الذين امنوا على ربهم وحده لا شريك له يتوكلون. فيدفع الله عن المؤمنين المتوكلين عليه شر الشيطان. ولا يبقى له عليهم سبيل انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون انما سلطانه اي تسلطه على الذين يتولونه اي يجعلونه لهم وليا. وذلك بتخليهم عن ولاية الله ودخولهم في طاعة الشيطان وانضمامهم لحزبه فهم الذين جعلوا له ولاية على انفسهم. فازهم الى المعاصي ازا. وقادهم الى النار قودا واذا بدلنا اية والله اعلم بما ينزل قالوا انما انت يذكر تعالى ان المكذبين بهذا القرآن يتتبعون ما يرونه حجة لهم وهو ان الله تعالى هو الحاكم الحكيم الذي يشرع الاحكام. ويبدل حكما مكان اخر لحكمته ورحمته. فاذا رأوه كذلك في الرسول وبما جاء به وقالوا انما انت مفتر. قال الله تعالى بل اكثرهم لا يعلمون. فهم جهال لا علم لهم بربهم ولا بشر ومن المعلوم ان قدح الجاهل بلا علم لا عبرة به. فان القدح في الشيء فرع عن العلم به. وما يشتمل عليه مما يوجب المدح او القدح هذا ذكر الله تعالى حكمته في ذلك فقال قل نزله روح القدس وهو جبريل الرسول المقدس المنزل عن كل عيب وخيانة وافة. بالحق اي نزوله بالحق وهو مشتمل على الحق في اخباره واوامره ونواهيه. فلا سبيل لاحد ان يقدح فيه قدحا صحيحا لانه اذا علم انه الحق علم ان ما عارضه وناقضه باطل. ليثبت الذين امنوا عند نزول اياته وتوارده عليهم وقتا بعد وقت. فلا يزال الحق يصل الى قلوبهم شيئا فشيئا. حتى يكون ايمانهم اثبت من الجبال الرواسي كادر عن نفسها يوم تأتي كل نفس تجادل نفسها وتوفى كل نفس كل يقول نفسي نفسي لا اسمه سوى نفسه ففي ذلك اليوم يفتقر العبد الى حصون مثقال ذرة من الخير. وتوفى كل نفس ما عملت من خير وشر. وهم لا وايضا فانهم يعلمون انه الحق. واذا شرع حكما من الاحكام ثم نسخه. علموا انه ابدله بما هو مثله. او خير منه لهم. وان نسخ اهو هو المناسب للحكمة الربانية والمناسبة العقلية وهدى وبشرى للمسلمين ان يهديهم الى حقائق الاشياء ويبين لهم الحق ومن الباطل والهدى من الضلال. ويبشرهم ان لهم اجرا حسنا. ماكثين فيه ابدا. وايضا فانه كلما نزل شيئا فشيئا كان اعظم وهداية وبشارة لهم مما لو اتاهم جملة واحدة. وتفرق الفكر فيه. بل ينزل الله حكما وبشارة اكثر. فاذا فهموه وعقلوه وعرفوا المراد منه وترووا منه انزل نظيره وهكذا. ولذلك بلغ الصحابة رضي الله عنهم به مبلغا عظيما. وتغيرت اخلاقهم بائعهم وانتقلوا الى اخلاق وعوائد واعمال فاقوا بها الاولين والاخرين. وكان اعلى واولى لمن بعدهم ان يتربوا بعلومه تخلقوا باخلاقه ويستضيئوا بنوره في ظلمات الغي والجهالات. ويجعلوه امامهم في جميع الحالات. فبذلك تستقيم امورهم الدينية والدنيوية يخبر تعالى عن قيل المشركين لرسوله انهم يقولون ان ما يعلمه هذا الكتاب الذي جاء به بشر. وذلك البشر الذي يشيرون اليه اعجمي اللسان وهذا القرآن لسان عربي مبين. هل هذا القول ممكن؟ او له حظ من الاحتمال؟ ولكن الكاذب يكذب ولا يفكر فيما يؤول اليه كذبه. فيكون في قوله من التناقض والفساد ما يوجب رده بمجرد تصوره بايات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب ندم ان الذين لا يؤمنون بايات الله الدالة دلالة صريحة على الحق المبين. فيردونها ولا يقبلونها. لا يهديهم الله. حيث جاءهم الهدى فردوه. فعوقبوا حرمانه وخذلان الله لهم ولهم في الاخرة عذاب اليم بآيات الله واولئك هم الكاذبون. انما يفتري الكذب اي انما يصدر افتراء الكذب من الذين لا يؤمنون بايات الله. كالمعاندين لرسوله من بعد ما جاءتهم البينات. واولئك هم الكاذبون. اي الكذب منحصر بهم وعليهم اولى بان يطلق من غيرهم. واما محمد صلى الله عليه وسلم المؤمن بايات الله الخاضع لربه. فمحال ان يكذب على الله ويتقول عليه ما لم يقل فاعداؤه رموه بالكذب الذي هو وصفهم. فاظهر الله خزيهم وبين فضائحهم. فله تعالى الحمد فعليهم غضب عليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بانهم استحبوا الحياة الدنيا الذين اولئك الذين طبع الله واولئك هم الغافلون يخبر تعالى عن شناعة حال من كفر بالله من بعد ايمانه. فعمي بعد ما ابصر ورجع الى الضلال بعدما اهتدى. وشرح صدره بالكفر راضيا به مطمئنا ان لهم الغضب الشديد من الرب الرحيم. الذي اذا غضب لم يقم لغضبه شيء. وغضب عليهم كل شيء ولهم عذاب عظيم اي في غاية الشدة. مع انه دائم ابدا. وذلك بانه مستحب الحياة الدنيا على الاخرة. حيث ارتدوا على ادبارهم طمعا في شيء من حطام الدنيا ورغبة فيه وزهدا في خير الاخرة. فلما اختاروا الكفر على الايمان منعهم الله الهداية فلم يهدهم لان الكفر وصفهم فطبع على قلوبهم فلا يدخلها خير. وعلى سمعهم وعلى ابصارهم فلا ينفذ منها ما ينفعهم. ويصل الى قلوبهم فشملتهم الغفلة واحاط بهم الخذلان وحرموا رحمة الله التي وسعت كل شيء. وذلك انها اتتهم فردوها وعرضت عليهم لم يقبلوها لا جرم انهم في الاخرة هم الخاسرون لا جرم انهم في الاخرة هم الخاسرون الذين خسروا انفسهم واموالهم واهليهم يوم القيامة. وفاتهم النعيم المقيم. وحصلوا على العذاب الاليم. وهذا بخلاف اكره على الكفر واجبر عليه وقلبه مطمئن بالايمان راغب فيه. فانه لا حرج عليه ولا اثم. ويجوز له النطق بكلمة الكفر عند الاكراه عليها ودل ذلك على ان كلام المكره على الطلاق او العتاق او البيع او الشراء او سائر العقود انه لا عبرة به ولا يترتب عليه فيه حكم شرعي لانه اذا لم يعاقب على كلمة الكفر اذا اكره عليها فغيرها من باب اولى واحرى الذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها ان ربك من بعدها لغفور رحيم. اي ثمان ربك الذي ربى عباده المخلصين بلطفه واحسانه لغفور رحيم لمن هاجر في سبيله وخلى دياره وامواله طلبا لمرضاة الله وفتن على دينه ليرجع الى الكفر فثبت على الايمان. وتخلص ما معه من اليقين. ثم جاهد اعداء الله ليدخلهم في دين الله. بلسانه ويده على هذه العبادات الشاقة على اكثر الناس. فهذه اكبر الاسباب التي تنال بها اعظم العطايا. وافضل المواهب. وهي مغفرة الله للذنوب