المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثاني والثمانون والمئة الحديث السابع عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت قال ما لك؟ قال وقعت على امرأتي وانا صائم وفي رواية اصبت اهلي في رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد اطعام ستين مسكينا قال لا قال فمكث النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فبينما نحن على ذلك اذ اوتي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعرق فيه تمر والعرق المكتل قال اين السائل قال انا قال خذ هذا فتصدق به فقال الرجل اعلى افقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها يريد الحرتين اهل بيت افقر من اهل بيتي فضحك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى بدت انيابه ثم قال اطعمه اهلك رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت والمراد بهذا الهلاك المعنوي الديني فان الهلاك يطلق على الهلاك الذي هو الموت ضد الحياة الحسية ويطلق على فعل المحرم الموجب للاثم المهلك قال ما لك اي ما اهلكك واي شيء اصابك قال وقعت على امرأتي وانا صائم وفي رواية اصبت اهلي في رمضان فلما علم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه جاء تائبا نادما طالبا ما يزيل عنه ما وقع فيه ارشده صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى ذلك فقال هل تجد رقبة تعتقها قال لا وفي رواية انه ضرب على عنقه وقال والله يا رسول الله لا املك غير هذه قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين قال لا وفي رواية وهل اصابني ما اصابني الا من الصيام اي انه لا يملك نفسه ولهذا لم يملكها في صيام شهر واحد حتى وقع فيما وقع فيه فكيف بشهرين مع طول الهجرة قال فهل تجد اطعام ستين مسكينا قال لا ففيه انه يجب بالوطء في نهار رمضان هذه الكفارة وهي ككفارة الظهار على الترتيب فمن قدر على العتق لا يعدل الى الصيام ومن استطاع الصيام لا يعدل الى الاطعام وغير الوطأ من المفطرات لا يجب به كفارة وكذلك الوطؤ في صيام غير رمضان ليس فيه كفارة لان الكفارة لحرمة زمان رمضان وكذلك قضاؤه ليس في الوطأ فيه كفارة لكن يأثم في الوطء في الصيام الفرض دون النفل وفيه ان الوطأ في نهار رمضان فيه الاثم العظيم لان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اقره على قوله هلكت وقوله فمكث النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فبينما نحن على ذلك اوتي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعرق فيه تمر والعرق المكتل وهو الزنبيل والزبيل كل هذه لغات فيه قال اين السائل اي عما يجب عليه بسبب فعله ذلك فقال انا قال خذ هذا فتصدق به اي كفارة عنك فلما رأى ذلك طمع فقال اعلى افقر مني يا رسول الله والله ما بين لابتيها يريد الحرتين اهل بيت افقر من اهل بيتي والحارة الارض الصلبة تركبها حجارة سود ان يريدوا انهم احوج الناس بهذه الكفارة فضحك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى بدت انيابه اي لان هذه حالة غريبة تضحك لانه جاء هالكا خائفا ثم بعد ذلك طمع ولهذا لما رجع الى قومه وكانوا قد خوفوه عاقبة فعله قال وجدت عندكم الضيق وعند رسول الله السعة والضحك في محله محمود دليل على حسن الخلق ولين الجانب كما انه في غير محله دليل على قلة العقل فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اطعمه اهلك ففيه ان الانسان اذا عجز عن الكفارة وكفر عنه غيره انها تجزئه ويجوز دفعها اليه ايضا وليس فيه دليل على ان من عجز عن الكفارة انها تسقط عنه لان هذا كفر عنه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم والكفارة كغيرها من الديون لا تسقط بالعجز الا باسقاط رب الدين وفي هذا حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم حيث لم يعنفه لانه جاء تائبا وفيه ان الانسان اذا فعل ذنبا ينبغي له المبادرة بفعل ما يذهب اثم ذلك من استغفار وتوبة وكفارة ونحو ذلك ولهذا قال تعالى والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله طه ولم يصروا ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون وفيه اشارة الى ان الاطعام يجوز ولو لم يعط كل مسكين مد بر او نصف صاع من غيره فاذا اشبع ستين مسكينا اجزأه