المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي وهذا من لطفه بعباده حيث امرهم باحسن الاخلاق الاعمال والاقوال الموجبة للسعادة في الدنيا والاخرة. فقال هذا امر بكل كلام يقرب الى الله من قراءة وذكر وعلم وامر بمعروف ونهي عن منكر وكلام حسن لطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم. وانه اذا دار الامر بين امرين حسنين فانه يأمر بايثار احسنهما. ان لم يمكن الجمع بينهما والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح. فان من ملك لسانه ملك جميع امره. وقوله ان الشيطان ينزغ بينهم. اي يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم. فدواؤ هذا الا يطيعوه في الاقوال غير الحسنة التي يدعوهم اليها. وان يلينوا فيما بينهم لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم. فان انه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم ان يحاربوه فانه يدعوهم ليكونوا من اصحاب السعير. واما اخوانهم انهم وان نزغ الشيطان فيما بينهم وسعى في العداوة فان الحزم كل الحزم. السعي في ضد عدوهم. وان يقمعوا انفسهم الامارة بالسوء التي يدخل الشيطان من قبلها بذلك يطيعون ربهم ويستقيم امرهم ويهدون لرشدهم يرحمكم او ان يشأ يعذبكم وما ارسلناك عليهم وكيلا. ربكم قم اعلم بكم من انفسكم. فلذلك لا يريد لكم الا ما هو الخير. ولا يأمركم الا بما فيه مصلحة لكم. وقد تريدون شيئا والخير وفي عكسه ان يشأ يرحمكم او ان يشأ يعذبكم فيوفق من شاء لاسباب الرحمة ويخذل من شاء فيضل عنها فيستحق حق العذاب. تدبر امرهم وتقوم بمجازاتهم. وانما الله هو الوكيل وانت مبلغ هاد الى صراط مستقيم وربك اعلم بمن في السماوات والارض من جميع في الخلائق فيعطي كلا منهم ما يستحقه. وتقتضيه حكمته. ويفضل بعضهم على بعض في جميع الخصال الحسية والمعنوية كما فضل بعض النبيين المشتركين بوحيه على بعض بالفضائل. والخصائص الراجعة الى ما من به عليهم. من الاوصاف الممدوحة الاخلاق المرضية والاعمال الصالحة. وكثرة الاتباع ونزول الكتب على بعضهم. المشتملة على الاحكام الشرعية والعقائد المرضية كما انزل على داوود زبورا وهو الكتاب المعروف. فاذا كان تعالى قد فضل بعضهم على بعض واتى بعضهم كتبا فلم تنكر المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم ما انزله الله عليه وما فضله به من النبوة والكتاب فلا يملكون كشف الضر يقول تعالى قل للمشركين بالله الذين اتخذوا من دونه اندادا يعبدونهم كما يعبدون الله ويدعونهم كما يدعونه ملزما لهم بتصحيح ما زعموه واعتقدوه. ان كانوا صادقين ادعوا الذين زعمتم الهة من دونه فانظروا هل ينفعونكم او يدفعون عنكم الضر فلا يملكون كشف الضر عنكم من مرض او فقر او شدة ونحو لذلك فلا يدفعونه بالكلية ولا يملكون ايضا تحويلا له من شخص الى اخر من شدة الى ما دونها. فاذا كانوا في هذه الصفة فلاي شيء تدعونه من دون الله؟ فانه لا كمال لهم ولا فعال نافعة. فاتخاذهم الهة نقص في الدين العقل وسفه في الرأي ومن العجب ان السفه عند الاعتياد والممارسة وتلقيه عن الاباء الضالين بالقبول يراه صاحبه هو الرأي السديد والعقل المفيد ويرى اخلاص الدين لله الواحد الاحد المنعم بجميع النعم الظاهرة والباطنة هو السفه والامر متعجب منه كما قال المشركون اجعل الالهة الها واحدا؟ ان هذا لشيء عجاب. ثم اخبر ايضا ان الذي حين يعبدونهم من دون الله في شغل شاغل عنهم باهتمامهم بالافتقار الى الله وابتغاء الوسيلة اليه فقال اولئك كالذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون اولئك الذين يدعون من الانبياء والصالحين والملائكة يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب؟ ايتنافسون في القرب من ربهم؟ ويبذلون ما يقدرون عليه؟ من الاعمال الصالحة المقربة الى الله تعالى ويرجون رحمته ويخافون عذابه. فيجتنبون كل ما يوصل الى العذاب اي هو الذي ينبغي شدة الحذر منه. والتوقي من اسبابه. وهذه الامور الثلاثة الخوف والرجاء والمحبة التي وصف الله بها هؤلاء المقربين عنده هي الاصل والمادة في كل خير. فمن تمت له تمت له امور. واذا القلب منها ترحلت عنه الخيرات واحاطت به الشرور وعلامة المحبة ما ذكره الله ان يجتهد العبد في كل محل يقربه الى الله وينافس في قربه باخلاص الاعمال كلها لله. والنصح فيها وايقاعها في اكمل الوجوه المقدور عليها من زعم انه يحب الله بغير ذلك فهو كاذب اي ما من قرية من القرى المكذبة للرسل الا لابد ان يصيبهم هلاك قبل يوم القيامة. او عذاب شديد. كتاب كتبه الله. وقضاء ابرمه لابد من وقوعه فليبادر المكذبون بالانابة الى الله وتصديق رسله قبل ان تتم عليهم كلمة العذاب ويحق عليهم القولون اه يذكر تعالى رحمته بعدم انزاله الايات التي اقترحها المكذبون وانه ما منعه ان يرسلها. الا كراهة تكذيب لها فاذا كذبوا بها عاجلهم العقاب. وحل بهم من غير تأخير. كما فعل بالاولين الذين كذبوا بها. ومن اعظم الاية التي ارسلها الله الى ثمود. وهي الناقة العظيمة الباهرة التي كانت تصدر عنها جميع القبيلة باجمعها. ومع ذلك كذبوا بها فاصابهم ما قص الله علينا في كتابه. وهؤلاء كذلك ولو جاءتهم الايات الكبار لم يؤمنوا. فانه وما منعهم من الايمان خفاء ما جاء به الرسول واشتباهه هل هو حق او باطل؟ فانه قد جاء ومعه من البراهين الكثيرة ادل على صحة ما جاء به. الموجب لهداية من طلب الهداية. فغيرها مثلها. فلا بد ان يسلكوا بها ما سلكوا بغيرها انزالها والحالة هذه خير لهم وانفع. وقوله اي لم يكن القصد بها ان تكون داعية وموجبة للايمان. الذي لا يحصل الا بها بل المقصود منها والترهيب ليرتدعوا عما هم عليه. واذ قلنا لك ان ربك احاط بالناس وما جعلنا الرؤيا واذ قلنا لك ان ربك احاط بالناس علما وقدرة فليس لهم ملجأ يلجأون اليه ولا ملاذ يلوذون به عنه. وهذا كاف لمن له عقل في الانكفاف عما يكرهه الله الذي احاط بالناس. وما جعلنا الرؤية التي اريناها هناك الا فتنة اكثر المفسرين على انها ليلة الاسراء. والشجرة الملعونة التي ذكرت في القرآن وهي شجرة التي تنبت في اصل الجحيم. والمعنى اذا كان هذان الامران قد صارا فتنة للناس حتى استلج الكفار بكفرهم زاد شرهم وبعض من كان ايمانه ضعيفا رجع عنه بسبب ان ما اخبرهم به من الامور التي كانت ليلة الاسراء ومن الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى. كان خارقا للعادة والاخبار بوجود شجرة تنبت في اصل الجحيم ايضا من الخوارج فهذا الذي اوجب لهم التكذيب. فكيف لو شاهدوا الايات العظيمة والخوارق الجسيمة؟ اليس ذلك اولى ان يزداد بسببه شرهم فلذلك رحمهم الله وصرفه عنهم. ومن هنا تعلم ان عدم التصريح في الكتاب والسنة بذكر الامور العظيمة التي حدثت في الازمنة كانت المتأخرة اولى واحسن. لان الامور التي لم يشاهد الناس لها نظيرا ربما لا تقبلها عقولهم. فيكون ذلك ريبا في قلوب لبعض المؤمنين ومانعا يمنع من لم يدخل الاسلام ومنفرا عنه. بل ذكر الله الفاظا عامة فتناولوا جميع ما يكون الله اعلم ونخوفهم بالايات فما يزيدهم التخويف. وهذا ابلغ ما يكون في التحلي بالشر ومحبته. وبغض الخير وعدم الانقياد له