المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله المثال السابع عشر في المحلل في المسابقة قال المستعين بالله شرط اخذ العوض في مسابقة الخيل والابل والسهام ان يكون فيها قلل لا يخرج شيئا يكافئ في مركوبه ورحبة المتسابقين. والسبب في ذلك لاجل الخروج عن شبه القمار. لانه اذا لم يكن فان كان كل واحد اما ان يغنم واما ان يغرم ففيه خطر وقمار وميسر فلا بد من المحلل الذي يخرج المسابقة في هذا الموضوع هذا مقصدها وموضوعها يؤيد هذا حديث ابي هريرة مرفوعا من ادخل فرسا بين فرسين وهو يأمن ان يسبق فلا بأس ومن ان ادخل فرسا بين فرسيين وهو لا يأمن ان يسبق فهو قمار. رواه احمد وابو داوود. ولكن اسناده ضعيف. فهو يصلح للاعتضاد. الله الله تعالى قرن بين الميسر والخمر الميسر جميع المغالبات التي فيها عوض من غير استثناء. كما ان هذا مقتضى السلامة من الخطر في سر فهو مذهب جمهور العلماء فتعين القول به. قال المتوكل على الله ثبت ثبوتا لا مرية فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا سبق اي اخذ عوض الا في مسابقة الخيل والابل والسهام. ولم يشترط في ذلك محللا. ولو كان المحلل شرطا لذكره لشدة الحاجة اليه عظم البلوى فيه. ولذلك المسابقات الجارية في وقت الخلفاء الراشدين على كثرتها واعتناء المسلمين بها لم يثبت اشتراطهم فيها المحلل والحديث الذي ذكرته هو ضعيف كما ذكرته لا يصح ان يعارض الاحاديث الصحيحة ولا العمل المستمر في القرون المفضلة. اما قولكم ان فهذا هو الميسر الذي حرمه الله تعالى. الشارع صرح باستثناء هذا النوع هو اخذ العوض في مسابقة الخيل والابل والسهام لعظم مصلحته واعانته على تعلم الرماية والركوب المعين على الجهاد الذي هو اكبر العبادات وانفع الطاعات. فهو وان كان فيه مفسدة يسيرة من جهة القمار ومصلحته تربو على مضرته باضعاف مضاعفة. وهذا شأن الاحكام الشرعية ان ما كانت مصلحته ترجح على مضرته فان شارع يبيحه ويأمر به يؤيد هذا ان المتسابقين بقطع النظر عن المحلل لو كان المحذور من اخذ العوض كونه قمارا فان هذا لا يخرجه عن القمار الخطر حاصل اما ان يغنم احدهما واما ان يغرم اما ان يغنم ان انفرد بالسبق او شاركه المحلل واما ان يغرم ان سبقه احدهما المحلل لا يخرج المسألة عن المحذور التي توهمتم. يؤيد هذا ان المحلل ظلم للمتسابقين او تحيل بارز انه ان كان مكافئا لهما ان تورعا وتكلفا احتمل ان يسبق فيفوز بالسبقين او يشارك احدهما من غير مقصود لمغالبته وهو من باب اكل المال بالباطل لان القصد في المسابقة في الرمي والركوب غالب المتسابقين فقط. المحلل ليس له غرض في مغالبته وقهره ولا له ايضا غرض في ذلك. وانما غرضه فقط اخذ العوض هو مخالف لموضوع المسابقة. وان كان المحلل غير مكافئ لهما كما هو الغالب الذي لا يسمح اكثر المتسابقين الملتزمين للمحلل الا جعله اقل منهما بكثير. كان ذلك تحيلا باردا لا يفيد شيئا. فثبت ان المحلل غير شرط في اخذ العوض بل ولا محمود. وانه من اعظم الموانع لمقصود المسابقة اذا التزم بشروطه المذكورة عندهم فقال المستعين بالله الحق ما قلت. وانا قد جرت لي هذه المسألة والتزمنا بالمحلل وتقيدنا بجميع شروطه. وانه يكون معه مكافئ لفرس وفرس من سابقته. فلما تمت بيننا الشروط ونحن على مضد واغماض من هذا المحلل فتح لنا بعض الحاضرين حيلة اخرى فقال لو انكم تجعلون المسابقة نوبا متكررة فمرة يكون المحلل هذا الذي اتفقتما عليه والمرة الثانية يكون المحلل صاحبة. والمحلل الاول احد المتسابقين المخرجين للسبق. والمرة الثانية تكون انت. وقلنا ويصلح هذا؟ قال لا مانع. ففرحنا بذلك اذ يكون المحلل مساويا لنا في هذا الحظر. وقال المتوكل على الله هذا التحيل لا يتمشى على قولكم من وجهين احدهما انه ظاهرة بل صريحة على منع التحليل. والثاني انه باستكمال النوبات الثلاثة رجعت المسألة الى المعنى الذي منع المسابقة من دون محلل. وايضا فان منها محظورا ثالثا وهو انه شرط عقد في عقد لانكم لم تعقدوا العقد الاول الا بشرط التزام بالعقود اخرى فانتم فررتم من محذور فوقعتم في عدة محاذير ولا سبيل الى السلامة الا بالعمل بالقول الذي نصرناه. فقال صدقت حصلت الموافقة من كل وجه والحمد لله رب العالمين