بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله النبي الامين وعلى اله وصحبه اجمعين حياكم الله ومرحبا بكم في هذا الدرس هذا درسنا الرابع من الوحدة الرابعة وحديثنا فيه ان شاء الله عن قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وسنبين معنا هذه القاعدة ان شاء الله. والفاظها ونتكلم عن تطبيقاتها عند المفسرين ونختم بذكر بعض الفوائد اه التي تتعلق بدراستها في بيان الفاظ القاعدة ومعناها نقول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فاذا وقعت حادثة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم او سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن مسألة فكان ذلك سببا لنزول اية او لورود حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ووجدنا لفظا عاما في هذا النص يعني في هذه الاية او في ذلك الحديث فان العبرة اي الحجة والاستدلال بعموم اللفظ ولا يختص الحكم بصورة السبب عند جمهور الاصوليين فنحتج باللفظ العام على ما دل عليه من الصور والافراد ولا نقتصر بالاستدلال بهذه الاية او بذلك الحديث على الصورة الخاصة التي كانت سبب النزول او سبب ورود الحديث من امثلة هذه القاعدة قوله سبحانه وتعالى فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك هذه الاية نزلت على سبب خاص وعلى حادثة معينة وهي ما اصاب كعبة اه ابن عجر رضي الله عنه اه من اذى القمل من اذى القمل الذي اصابه في حال احرامه ونلاحظ في الاية انها نزلت انها نزلت بلفظ عام يعني كعب العز رضي الله عنه اصابه القمل في رأسه فحمل النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر عليه قال ما كنت ارى الوجع قد بلغ بك ما ارى ثم امره بان يحلق رأسه والفدية قال كعب ففي نزلت هذه الاية لكننا نلاحظ ان الاية لما نزلت نزلت بلفظ عام قال الله جل وعلا او به اذى من رأسه ولم يأتي تأتي الاية بلفظ او به قمل من رأسه مثلا وانما جاءت باللفظ العام لان قوله اذى نكرة في سياق الشرط تفيد العموم فهي عامة في كل صور الاذى فتشمل القملة وغيره من انواع الاذى وعلى هذا فاذا اصيب المحرم في رأسه باي نوع من انواع الاذى التي تستدعي حلاقة الشعر كمن اصيب مثلا بحساسية او بجرح يستدعي حلاقة شعره لاجل الخياطة فانه يدخل في عموم الاية ويتناوله الحكم ونقول له احلق رأسك وعليك الفدية المذكورة في هذه الاية وان كانت صورته في الحقيقة تختلف عن صورة سبب النزول لكن القاعدة كما قررنا ان الحجة والاستدلال بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ننتقل بعد ذلك الى ذكر بعض تطبيقات هذه القاعدة عند المفسرين. المثال الاول في قوله جل وعلا وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا نلاحظ اولا ان هذه السورة او ان هذه الاية نزلت على سبب خاص وسبب نزولها ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه اه او غيره ان ان الله جل وعلا لما افاء على نبيه صلى الله عليه وسلم من اموال بني النظير بغير قتال قال بعض الناس هلا قسمها فارادوا ان يقسم النبي صلى الله عليه وسلم تلك آآ ذلك الفيء كما قسم الغنائم من قبل فنزل قوله جل وعلا وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ونلاحظ ان هذه الاية جاءت بلفظ عام وما اتاكم الرسول فخذوه فما هنا تفيد العموم ولم تقيد ولم تخصص الغنائم او بالفيء او بغير ذلك وانما جاءت الاية بلفظ عام تطبيق هذه القاعدة عند المفسرين يظهر في كلام ابن جزير رحمه الله. قال ابن جزير نزلت بسبب الفيء المذكور اي ما اتاكم الرسول من الفيء فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا الى ان قال رحمه الله ولفظ الاية مع ذلك عام في اوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم او نواهيه ولذلك استدل بها عبدالله بن مسعود على المنع من لبس المحرم المخيط ولعن الواشمة والواصلة في القرآن لورود ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله وهو هنا يشير الى اه اثر عبدالله بن مسعود الذي اعمل فيه القاعدة التي نتكلم عنها اليوم ابن مسعود رضي الله عنه كما جاء في الصحيح جاءته امرأة فقالت بلغني انك تنهى عن الواشمة والواصلة اشيء وجدته في كتاب الله؟ او عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن مسعود بل شيء وجدته في كتاب الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذه المرأة والله لقد قرأت ما بين دفتي المصحف فما وجدت فيه ما تقول يعني ما وجدت في الاية في القرآن اية في لعن الواصلة والمستوصلة والواشم والمستوشمة فقال ابن مسعود رضي الله عنه لان كنت قرأتيه لقد وجدتيه اما قرأت قول الله تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ولاحظ ان ابن مسعود رضي الله عنه يعلم ان هذه الاية نزلت في مسألة الفين لكنه ان وجد في الاية لفظا عاما والعبرة ان والقاعدة ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فاستدل بهذه الاية على عموم اوامر النبي صلى الله عليه وسلم. لان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب التطبيق الثاني لهذه القاعدة في كلام المفسرين في قوله تعالى يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد هذه الاية نزلت على سبب خاص وهو ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه قال ان اهل الجاهلية كانوا يطوفون بالبيت عراة فنزلت هذه الاية ونلاحظ ان الاية نزلت بالفاظ عامة يا بني ادم لفظ عام خذوا زينتكم زينتكم لفظ عام لانه مفرد مضاف الى معرفة عند كل مسجد وهذا ايضا لفظ عام لان كل من صيغ العموم ولذلك قال الرازي رحمه الله في تفسيره قال السؤال الثاني ان هذه الاية نزلت في المنع من الطواف حال العري والجواب اننا بينا في اصول الفقه ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وايضاح هذا التطبيق ان الاية وان نزلت في الامر بستر العورة عند الطواف بالبيت الحرام الا ان الفاظها عامة فهي تشمل اخذ الزينة سواء كانت الزينة في ستر العورة او فيما زاد على ذلك من التجمل والتحسن خذوا زينتكم وتشمل اخذ الزينة للطواف وللصلاة وللاعتكاف ولغير ذلك مما يكون في المساجد وتشمل ايضا اخذ الزينة في المسجد الحرام وفي بقية المساجد لعموم قوله تعالى كل مسجد خذوا زينتكم عند كل مسجد. فبهذا يظهر ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. اخيرا من فوائد دراسة هذه القاعدة هذه قاعدة من اكثر القواعد شهرة بين المفسرين وامثلتها في التفسير كثيرة وانبه الى اننا لابد ان نتحقق من ركني القاعدة قبل اعمالها هذه القاعدة تعمل اذا وجدنا لفظا عاما ورد على سبب خاص فلابد ان نتأكد اولا ان اللفظ لفظ عام لانه احيانا يكون النص اه لم يرد بلفظ عام وانما ورد بلفظ مطلق او بلفظ خاص فلا يصح اعمال القاعدة. الامر الثاني لا بد ان نتحقق ان هذه الاية العامة وردت على سبب خاص فبعض الايات لم يثبت لها سبب نزول وانما نزلت بوحي من الله عز وجل ابتداء دون حادثة معينة ودون سؤال معين فلا يصح ان نعمل هذه القاعدة فاذا تحققنا من وجود اللفظ العام ومن كون الاية وردت على سبب خاص فحينئذ نعمل هذه القاعدة ونقول كما قال عامة اهل العلم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب بهذا نكون قد انتهينا من درس اليوم ونلقاكم باذن الله جل وعلا في الدروس القادمة وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين