بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. ادرس مائة وواحد وثمانون. بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتحدث اليكم في هذه الحلقة عما يجب بقتل العمد بعد ان تحدثنا فيما سبق عما يهيب بالقتل الخطأ وشبه العمد فقد اجمع المسلمون على مشروعية القصاص في القتل العمد اذا توفرت شروطه لقوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى وقوله تعالى وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس وهذا في شريعة التوراة وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه وقال تعالى ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون قال الامام الشوكاني رحمه الله اي لكم في هذا الحكم الذي شرعه الله لكم حياة لان الرجل اذا علم انه يقتل قصاصا اذا قتل اخر كف عن القتل وانزجر عن التسرع اليه والوقوع فيه فيكون ذلك بمنزلة الحياة للنفوس الانسانية وهذا نوع من البلاغة بليغ وجنس من الفصاحة رفيع فانه جعل القصاص الذي هو موت حياة باعتبار ما يؤول اليه من ارتداع الناس عن قتل بعضهم بعضا ابقاء على انفسهم واستدامة لحياتهم وجعل هذا الخطاب موجها الى اولي الالباب لانهم هم الذين ينظرون في العواقب ويتحامون ما فيه الظرر الاجل واما من كان مصابا بالحمق والطيش والخفة فانه لا ينظر عند ثورة غضبه وغليان مراجل طيشه الى عاقبة ولا يفكر في امر مستقبل كما قال بعض فتاكهم ساغسل عني العار بالسيف جالبا علي قضاء الله ما كان جالبا ثم علل سبحانه هذا الحكم الذي شرعه لعباده بقوله لعلكم تتقون اي تتحامون القتل بالمحافظة على القصاص فيكون ذلك سببا للتقوى انتهى وجاءت السنة النبوية بان ولي القصاص يخير بين استيفائه وبين العفو الى اخذ الدية او العفو مجانا وهو افضل فقد روى ابو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قتل له قتيل فهو بخير النظرين اما ان يودى واما ان يقاد رواه الجماعة الا الترمذي وقال الله تعالى فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ودلت الاية الكريمة والحديث الشريف على ان الولي يخير بين القصاص والدية فان شاء اقتص وان شاء اخذ الدية وعفوه مجانا افظل لقوله تعالى وان تعفوا اقرب للتقوى ولحديث ابي هريرة ما عفا رجل عن مظلمة الا زاده الله بها عزة رواه احمد ومسلم والترمذي فالعفو عن القصاص افضل ما لم يؤدي ذلك الى مفسدة فقد اختار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان العفو لا يصلح في قتل الغيلة لتعذر الاحتراز منه كالقتل مكابرة وذكر القاضي وجها ان قاتل الائمة يقتل حدا لان فساده عام وذكر العلامة ابن القيم رحمه الله على قصة على قصة العرينيين ان قتل الغيلة يوجب قتل القاتل حدا فلا يسقطه العفو ولا تعتبر فيه المكافأة وهو مذهب اهل المدينة واحد الوجهين في مذهب احمد واختيار الشيخ وافتى به رحمه الله انتهى ولا يستحق ولي القتيل القصاص الا بتوفر الا بتوفر شروط اربعة احدها عصمة المقتول بان لا يكون مهدر الدم لان القصاص شرع لحقن الدماء ومهدر الدم غير محفون الدم فلو قتل مسلم كافرا حربيا او مرتدا قبل توبته او قتل زانيا محصنا لم يضمنه بقصاص ولا دية لكنه يعزر لافتياته على الحاكم الشرط الثاني ان يكون القاتل بالغا عاقلا لان القصاص عقوبة مغلظة لا يجوز ايقاعها على الصغير والمجنون لعدم وجود القصد منهما او لانه ليس لهما مقصود صحيح ولقوله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق قال الامام موفق الدين ابن ابن قدامة رحمه الله لا خلاف بين اهل العلم لانه لا قصاص على صبي ولا مجنون وكذلك كل زائل العقل بسبب يعذر فيه كالنائم والمغمى عليه الشرط الثالث المكافأة بين المقتول وقاتله حال جنايته بان يساويه في الدين والحرية والرق الا يكون القاتل افضل من المقتول باسلام او حرية فلا يقتل مسلم بكافر لقوله صلى الله عليه وسلم ولا يقتل مسلم بكافر. رواه البخاري وابو داود ولا يقتل حر بعبد كما رواه احمد عن علي رضي الله عنه من السنة الا يقتل حر بعبد ولان المجني عليه اذا لم يكن مساويا للقاتل فيما ذكر كان اخذه به اخذا لاكثر من الحق ولا يؤثر التفاضل بين الجاني والمجني عليه في غير ما ذكر ويقتل الجميل بالدميم والشريف بظده والكبير بالصغير ويقتل الذكر بالانثى والصحيح بالمجنون والمعتوه لعموم قوله تعالى وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس قوله تعالى الحر بالحر الشرط الرابع عدم الولادة بان لا يكون المقتول ولدا للقاتل وان سفل ولا لبنته وان سفلت فلا يقتل احد الابوين وان علا بالولد وان سهو لقوله صلى الله عليه وسلم لا يقتل والد بولده قال ابن عبدالبر هو حديث مشهور عند اهل العلم بالحجاز والعراق مستفيض عندهم انتهى وبهذا الحديث ونحوه وخص العمومات الواردة بوجوب القصاص وهو قول جمهور اهل العلم ويقتل الولد ويقتل الولد بكل من الابوين لعموم قوله تعالى كتب عليكم القصاص في القتلى وانما خص منه الوالد اذا قتل ولده بالدليل فاذا توفرت هذه الشروط الاربعة استحق اولياء القتيل القصاص وتشريع القصاص فيه رحمة بالناس وحفظ لدمائهم كما قال تعالى ولكم في القصاص حياة فتبا لقوم يقولون ان القصاص وحشية وقسوة وهؤلاء لم ينظروا الى وحشية الجاني حين اقدامه على قتل البريء واقدامه على بث الرعب في البلد واقدامه على ترميل النساء وتيتيم الاطفال وهدم البيوت هؤلاء يرحمون المجرم ولا يرحمون البريء فتبا لعقولهم وقبحا لتصورهم افحكم الجاهلية يبغون؟ ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون لكن لا يجوز استيفاء القصاص الا بتوفر شروط سيأتي بيانها ان شاء الله في الحلقة القادمة فالى ذلك الحين نستودعكم الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد محمد واله وصحبه