باب القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة والانفاق وذم السوالم من غير ضرورة. قال الله تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقها. وقال تعالى للفقراء الذين احصروا وفي سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الارض يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف. تعرفهم ما هم لا يسألون الناس انحافا. وقال تعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقد وكان بين ذلك قواما. وقال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون. واما الاحاديث فتقدم معظمها في البابين السابقين ومما لم يتقدم عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الغنى عن كثرة العرض. ولكن الغنى غنى النفس. متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد افلح من اسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما اتى رواه مسلم. وعن حكيم ابن حزام رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعطاني ثم سألته فاعطاني ثم سألته فاعطاني ثم قال يا حكيم ان هذا المال حلو فمن اخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن اخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى. قال حكيم فقلت يا رسول الله الذي بعثك بالحق لا ارجو احدا بعدك شيئا. حتى افارق الدنيا. فكان ابو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما يعطيه العطاء فيأبى ان يقبل منه شيئا. ثم ان عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فابى ان يقبله فقال يا معشر اشهدكم على حكيم اني اعرض عليه حقه الذي قسمه الله له في هذا فيا اباي يأخذه فلم يرزأ حكيم احدا من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى متفق عليه. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله. وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهديه. اما بعد الايات الكريمات والاحاديث الثلاثة كلها تدل على انه ينبغي المؤمن القناعة وعدم الجشع وعدم الحرص على السؤال وانه يرضى بما قسمه الله له من الكسب ولا يتكلف يقول جل وعلا وما من دابة على الله يرزقها. ويقول سبحانه وكاين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها واياكم. ويقول جل وعلا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوا ويقول عز وجل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق وما اريدوا يطعمون. ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. المؤمن يطلب الرزق من عند الله. يفعل الاسباب نجارة حدادة غرازة تجارة زراعة غير ذلك. يطلب الرزق بالاسباب المباحة حتى يستغني عما في ايدي الناس. ويحرص على القناعة وعدم التكلف عدم الاسراف وعدم التبديد حتى ينفعه القليل يقول صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرب ولكن الغنى غنى النفس. كم من انسان عنده الاموال كثيرة وهو فقير القلب؟ الغنى غنى القلب ليس كثرة الاموال من ان الله قلبه والغني. فينبغي للمؤمن ان يكون قنوعا غني القلب. لا ينظر الى ما في ايدي الناس. بل يتسبب ويطلب الرزق من عند الله ويرضى بالقليل ويقنع حتى يفرج الله الامور. وفي الحديث الثاني يقول صلى الله عليه وسلم قد افلح من اسلم ورزق فهما وقنعه الله بما اتاه. في اللفظ الاخر طوبى لمن اسلم. ورزقا وقنعه الله بما اتاه. كثير من الناس لا يقنع الا ان يسأل الناس والا ان يجمع الاموال بغير حلها هذا غلط كبير. بل واجب ان يقنع بميسور ويتحرى الحلال وكسب الطيب. حتى ترتاح نفسه حتى يطمئن وبالحديث رضي الله عنه سأل النبي فاعطاه ثم سألك فاعطاه ثم سألك اعطاه ثم قال يا حكيم ان هذا المال حلو خضر فمن اخذه بالشهوات من سورك له فيه ومن اخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع وليد العلي اخر من الدفتر وليد العليا المعطية وليد السفلى على اخره. ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغني يؤمنه الله. وقال حليم لما سمع هذه النصيحة قال والذي بعثك بالحق لا ارجع احد بعدك يعني ما عاد اخذ من احد شيء ابدا واستغنى مما اعطاه الله حتى صار الصديق وعمر يعرضان عليه للعطاء وفاء بما قال والله لارزق احدا بعدك لكن اذا جاء الانسان من بيت المال ما فيه بأس مثل ما قال صلى الله عليه وسلم لعمر ما جاءك من هذا المال وانت غير مشرك ولا سائل فخذه وما لا شيء فاذا جاء من بيت المال من العطاء يقبل لا بأس او من اخ الله هدية من اخ له في الله لا بأس النبي كان يقبل الهدية ويثيب عليها. لكن لا يكون باشراف نفس ولا طمع فيما عند الناس. بل يرضى بما قسمه الله له يرظى باسباب المؤهلة الطيبة حتى يستغني عن ما في ايدي الناس. رزق الله الجميع التوفيق. امين. الله لا