بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. ادرس مائة وتسعة وثمانون بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. نبينا محمد واله وصحبه ومن اهتدى بهديه وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اتحدث اليكم في هذه الحلقة امتدادا للحلقات السابقة في احكام الجنايات ولفزت في حلقتنا هذه الحديث عن كفارة القتل فالكفارة سميت بذلك اشتقاقا من الكفر وهو الستر لانها تستر الذنب وتغطيه والدليل على وجوب كفارة القتل الكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة الى اهله الا ان يصدقوا الى قوله تعالى فمن لم يجده فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما وروى ابو داوود والنسائي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في القاتل اعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار وانما تجب الكفارة في قتل الخطأ وشبه العمد واما القتل العمد العدوان فلا كفارة فيه لقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له بابا عظيما ولم يذكر فيه كفارة وروي ان سويد بن الصامت قتل رجلا فاوجب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القود ولم يوجب كفارة وعمرو بن امية الظمري قتل رجلا قتل رجلين عمدا فوداهما النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوجب عليه كفارة ولان الكفارة وجبت في الخطأ لتمحو اثمه لكونه لا يخلو من تفريط فلا تلزموا في موضع عظم الاثم فيه بحيث لا يرتفع بها قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله لا كفارة في قتل العمد ولا في اليمين الغموس كقول احمد وليس ذلك تخفيفا عن مرتكبيهما وذكر موفق الدين ابن قدامة رحمه الله وغيره ان القتل الخطأ لا يوصف بتحريم ولا اباحة لانه كقتل المجنون لكن النفس الذاهبة به معصومة محرمة فلذلك وجبت الكفارة فيها انتهى ومعناه ان الحكمة في تشريع الكفارة في القتل الخطأ ترجع الى امرين الامر الاول ان الخطأ لا يخلو من تفريط من القاتل فيحتاج الى تكفير الامر الثاني النظر الى حرمة النفس الذاهبة به واما العمد فلا تجب فيه الكفارة لان اثمه لا يرتفع بالكفارة لعظمه وشدته والعياذ بالله لكن القاتل عمدا اذا تاب الى الله تعالى ومكن من نفسه ليقتص منه فان ذلك يخفف عنه الاثم ويسقط عنه حق الله تعالى بالتوبة ويسقط عنه حق الاولياء بالقصاص او العفو عنه ويبقى عليه حق القتيل يرضيه الله تعالى بما شاء هذا معنى ما قرره العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي وتقدم في بعض الحلقات فمن قتل نفسا محرمة ولو كان مملوكه او كان كافرا معاهدا او مستأمنا مولودا او جنينا فان ضرب بطن حامل فالقت جنينا ميتا من قتل واحدا من هؤلاء وجبت عليه الكفارة لعموم قوله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة الى اهله الا ان يصدقوا. فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة الى اهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله كان الله عليما حكيما وسواء انفرد بقتل النفس او شارك في ذلك غيره. وسواء كان القتل بمباشرة او تسبب كمن حفر بئرا متعديا في حفرها او نصب سكينا ونحو ذلك من كل فعل ينتج عنه وفاة شخص فانه تجب عليه الكفارة قال الامام الموفق رحمه الله يلزم كل واحد من شركائه كفارة. هذا قول اكثر اهل العلم منهم مالك والشافعي واصحاب الرأي انتهى وتجب الكفارة على القاتل سواء كان كبيرا او صغيرا او مجنونا. وسواء كان حرا او عبدا لعموم الاية والكفارة عتق رقبة مؤمنة. فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين ولا يجزئ الاطعام فيها فاذا لم يستطع الصوم بقي في ذمته ولا يجزئ عنه الاطعام لانه تعالى لم يذكره والابدال في الكفارات تتوقف على النص دون القياس ويكفر العبد بالصوم لانه لا مال له يعتق منه وان كان القاتل مجنونا او صغيرا كفر عنه وليه بعتق لعدم امكان الصوم منه ولا تدخله النيابة. وقد وجبت الكفارة على كل منهما لانها حق مالي يتعلق بالقتل اشبه الدية انها عبادة مالية اشبهت الزكاة فتجب على الصغير والمجنون وتتعدد الكفارة بتعدد القتل كتعدد الدية بتعدد القتل. فلو قتل عدة اشخاص وجبت عليه عدة كفارات بعددهم وان كان القتل مباحا كقتل الباغي والمرتد والزاني المحصن والمقتول قصاصا او حدا او لاجل الدفاع عن نفسه فلا كفارة في ذلك كله لعدم حرمة المقتول ايها المستمعون الكرام ان اداء كفارة القتل مما يتساهل فيه بعض الناس اليوم خصوصا في حوادث السيارات التي تذهب فيها انفس كثيرة فقد يستثقل من تحمل المسؤولية في ذلك يستثقل الصيام ولا سيما اذا تعددت عليه الكفارات فلا يصوم وتبقى ذمته مشغولة بهذا الواجب العظيم كما ان هناك ظاهرة اخرى وهي ان عاقلة القاتل قد لا تتحمل دية الخطأ وان تحمل احد منهم شيئا منها فانه يظنه من باب التبرع ولذلك نرى بعض من حصل منهم القتل الخطأ يسألون الناس سداد الدية وهذا تعطيل لحكم شرعي عظيم ادى الى جهل الكثيرين به ربما يكون بعض المتسولين باسم تلك الغرامة متحيلا فيجب فيجب الاخذ على يده ومنعه من اكل المال بالباطل والتحيل بواسطة حمل بعضهم صور صكوك غير حقيقية وقد يكون مضى عليها حين طويل من الدهر انه يجب التنبه لهؤلاء الكذابين وردعهم عن ذلك. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. ونسأل الله ان يغنينا بحلال عن حرامه ويكفينا بفضله عمن سواه والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته