الحاد الملحد دليل على الله تعالى اذا رأيت انسانا عاقلا يرى ايات الله الكونية والنفسية والافاقية واياته التنزيلية القرآنية وتعرض عليه كل انواع الادلة والبراهين التي من شأنها ان تقود الى الايمان والتوحيد كما قال الشاعر فيا لك من ايات حق لو اهتدى فيهن مريد الحق كن هواديا ولكن على تلك القلوب اكنة فليست وان اصغت تجيب المنادي فاذا رأيت هذا الانسان مع كل ذلك يبقى متململا في شأن تلك البراهين شاكا في نتيجتها لا يملك عليها اي رد ولكن لا يهتدي من ورائها ايضا الى اي حق وهو مع ذلك حاضر الفكر والعقل فاعلم انك من هذا الانسان امام دليل اخر على وجود الله عز وجل ذلك لان العقل اذا ترك وشأنه فلابد ان يعمل عمله الطبيعي اكتشاف الحقائق والوصول عن طريق المقدمات الى النتائج ولو لم يكن هناك موجد عظيم لهذا العقل له السلطان المطلق على عمله وسيره يستطيع ان يوقفه عن عمله عندما يشاء ويستطيع ان يصدها عن فهم ابسط الحقائق في كل لحظة من الزمن لما توقف عقل هذا الانسان عن فهم هذه الحقيقة البديهية الواضحة خصوصا بعد النظر في براهينها اليقينية القاطعة اما وقد وقع منه هذا العجز الغريب فانه مصداق لسنة الله الجارية في عباده ينير الطريق امام العقل الذي لم يستكبر صاحبه عن التأمل في معرفة الحق منذ اول الطريق ولم يفضل اتباع شهواته على اتباع نداء عقله منذ اول مراحل الفكر ويسد الطريق امام العقل الذي استكبر منذ الخطوة الاولى اذ اعلن بلسان حاله او مقاله انه ليس على استعداد لان يتبع الحق الذي يصده عن شهواته ويضيق عليه السبيل الى اهوائه ستراه بعد ذلك يفهم كل دقيق من شؤون الحياة المختلفة حتى اذا وضعته امام اجلى حقيقة فيها وهي وجود الله عز وجل وجدته فيها كمجنون يتخبطه الشيطان من المس ومن تخبط الملحدين. وهذا يانهم العجيب انهم ينكرون ان تكون العيون مخلوقة فينا للابصار والاذان للسمع والعقل للتفكر والتفهم اذ لو لم ينكروا ذلك للزم عليهم القول بانها مخلوقة لعلل غائية. وتكون حينئذ مصنوعة لهذه الفائدة من قبل صانع فعل ذلك عن ارادة فيتهربون عن هذا اللزوم ولو كلفهم ذلك ان ينهضوا باعباء مكابرة لا يتصورها العقل اتراهم يقولون ان العين التقت مع الابصار والتقت الاذن بالسمع بمحظ المصادفة ايضا والتقى هذا المخ في جوف رأسه مع الفكر بمحظ المصادفة ايضا والعمر الحق ان هذا الهذيان نفسه من ابلغ البراهين الناطقة بوجود الله فما كان للعاقل ان يتعطل عن الاهتداء الى اوضح ما هو واضح امامه. لو ان سيره الى فهم الاشياء كان بشكل الي مجرد اما وقد تعطل عن الفهم رغم وجوده ووجود كل مقومات الفهم بعد ان جنح صاحبه الى الالحاد في ذات الله واستكبر عن التأمل المنصف فانه لابلغ دليل على ان هذه القوة انما هي من تدبير فاطر حكيم اوقفها عن الانتاج في رأس هذا المستكبر جزاء لاستكباره وتحقيقا لسبب عقابه الخالد يوم القيامة