المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الثامنة عشرة اطلاق الهداية والاظلال وتقييدها في كثير من الايات يخبر الله بانه يهدي من يشاء ويظل من يشاء وفي بعظها يذكر مع ذلك الاسباب المتعلقة بالعبد الموجبة للهداية او الموجبة للاضلال. وكذلك حصول المغفرة وضدها وبسط الرزق وتقديره وذلك في ايات كثيرة. فحيث اخبر انه يهدي من يشاء ويظل من يشاء ويغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ويرحم من يشاء ويبسط الرزق لمن يشاء. ويقدره على من يشاء. يدل ذلك على كمال توحيده وانفراده بخلق الاشياء. وتدبير جميع الامور وان خزائن الاشياء كلها بيده يعطي ويمنع ويخفض ويرفع فيقتضي مع ذلك من العباد ان يعترفوا بذلك وان يعلقوا املهم به وحده في حصول كل ما يحب في حصول كل ما يحبون منه منها ودفع كل ما يكرهون والا يسألوا احدا غيره كما في الحديث القدسي يا عبادي كلكم ضال الا من هديت فاستهدوني اهدكم الى اخره في بعض الايات يذكر فيها اسباب ذلك ليعرف العباد الاسباب والطرق المفضية اليها في سلك النافع ويدع الضار كقوله تعالى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى هذا سنيسره للعسرى تبين ان اسباب الهداية والتيسير ايمان العبد بحكمة ربه في سننه وخلقه وشرعه. واخذه بهذه السنن وانقياده لامره الشرعي اسباب الضلال والتعسير ضد ذلك. وكذلك قوله تعالى في صفة القرآن يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. وقوله يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين وقوله فريق نادى وفريقا حق عليهم الضلالة انهم تتخذ الشياطين اولياء من دون الله. فاخبر ان الله يهدي بالقرآن من كان قصده حسنا ومن رغب في الخير واتبع رضوان الله وانه يضل من فسق عن سنن الله الحكيمة وتمرد على الله وتولى اعداءه من شياطين الانس والجن ورضي بولاية عن ولاية رب العالمين. وكذلك قوله تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين وقوله ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. وكذلك يذكر في بعض الايات الاسباب التي تنال بها المغفرة والرحمة والتي تحق بها كلمة العذاب كقوله تعالى واني لغفار لما تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى وقوله ورحمته وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون الذين يتبعون رسولا نبي الامي. وقوله ان رحمة الله قريب من المحسنين. وقوله وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. ثم ذكر الاسباب التي تنال بها المغفرة والرحمة. وهي خصال التقوى المذكورة في هذه الاية وغيرها ان الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله. وقال تعالى واذا قرأ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون. واعم من ذلك كله قوله تعالى واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون فطريق الرحمة والمغفرة سلوك طاعة الله ورسوله عموما وهذه الاسباب المذكورة خصوصا واخبر ان العذاب له اسباب متعددة وكلها راجعة الى شيئين. التكذيب لله ورسوله والتولي عن طاعة الله ورسوله. كقوله تعالى لا يصداها الا العشق الذي كذب وتولى وسيجنبها الاتقى الذي يؤتي ماله يتزكى. وقال تعالى انا قد اوحي الينا ان العذاب على من كذب وتولى. وكذلك يذكر اسباب الرزق وانها لزوم طاعة الله ورسوله والسعي الجميل في مناكب الارض. مع لزوم تقوى كقوله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب. وانتظار الفرج والرزق كقوله تعالى سيجعل الله بعد عسر يسرا. وكثرة الذكر والاستغفار. قال تعالى وان استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يمتعكم متاعا حسنا الى اجل مسمى ويؤتي كل ذي فضل فضله. وقال تعالى فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا. فاخبر ان الاستغفار سبب يستجلب به مغفرة الله ورزقه وخيره وضد ذلك سبب للفقر والتيسير للعصمة. وامثلة هذه القاعدة كثيرة وقد عرفت طريقها