بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى مبشرا عباده المؤمنين يبشرهم ربهم برحمة منهم ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم يخبرهم الله ربهم بما يسرهم من رحمته ومن احلال رضوانه عليهم فلا يسخط عليهم ابدا وبدخول جنات لهم فيها نعيم دائم لا ينقطع ابدا اذا هذه بشارة من عند الله تعالى والذي يدعو الى الله تعالى يبشر الناس وينذر الناس. وقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا نذيرا برحمة منه. من منا لا يحتاج رحمة الله تعالى بل نحن نذكر رحمة الله تعالى ونذكر اسمه الرحمن الرحيم في الصلاة وفي خارج الصلاة في اليوم والليلة مرارا كي نستدر رحمة الله وكي نسير على جلب رحمة الله تعالى فما من نفس نتنفسه الا برحمة من عند الله تعالى وما من لحظة نعيشها الا برحمة من عند الله تعالى ورضوان هذا الرضا رضا الله عن الانسان واعظم شيء. وجنات لهم فيها نعيم مقيم. ما في الدنيا متاع يزول اما في الاخرة فهو نعيم باق لا يزول ثم قال تعالى خالدين فيها ابدا. ان الله عنده اجر عظيم ماكثين في تلك الجنان مكسا لا نهاية له ثوابا لهم على اعمالهم الصالحة التي كانوا يعملونها في الدنيا ان الله عنده ثواب عظيم لمن امتثل اوامره واجتنب نواهيه مخلصا له الدين وهذه بشار اخرى انهم في النعيم الذي هم فيه انهم خالدون لانهم في هذه الدنيا لما كانوا يعملون الصالحات يعملونها على سبيل الاستمرار والدوام ان الله عنده اجر عظيم. مهما تخيلت النعيم الذي اعده الله لعباده الصالحين فانت لا تبلغه ثم قال تعالى بعد ان ذكر هذا الشيء العظيم حذر من ارتكاب صراط المغضوب عليهم او الظالين لان الانسان اذا انحرف عن صراط الله المستقيم حرم النعيم يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اباءكم واخوانكم اولياء ان استحبوا الكفر على الايمان ومن يتولهم منكم فاولئك هم الظالمون يا ايها الذين امنوا بالله واتبعوا ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم لا تصيروا اباءكم واخوانكم في النسب وغيرهم من قرابتكم اصفياء توالونهم بافشاء اسرار المؤمنين اليهم والتشاور معهم ان اثر الكفر على الايمان بالله وحده ومن يصيرهم اولياءه مع بقائهم على الكفر ويظهر لهم المودة فقد عصى الله وظلم نفسه بايرادها موارد الهلاك بسبب المعصية وليتأمل الانسان في هذه الاية ربنا قال لا تتخذوا ابائكم واخوانكم فهؤلاء هم اقرب الناس الى الانسان فعلى هدف غيرهم من باب اولى واحرى فلا تتخذوهم اولياء. ان استحبوا يختاروا على وجه الرضا والمحبة الكفر على الايمان ثم قال تعالى قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا فتربصوا حتى يأتي الله بامره. والله لا يهدي القوم الفاسقين قل ايها الرسول ان كان اباؤكم ايها المؤمنون وابناؤكم واخوانكم وازواجكم واقرباؤكم اموالكم التي اكتسبتموها. طبعا تأملوا هنا جاءت اقترفتموها والمفسرون فسروها بي اكتسبتموها وهو معنى صحيح وفيه معنى ان الانسان مولع بكسب المال وتجارتكم التي تحبون رواجها وتخافون كسادها وبيوتكم التي ترضون المقام فيها ان كان كل اولئك احب اليكم من الله ورسوله ومن الجهاد في سبيله فانتظروا ما ينزله الله بكم من العقاب والنكال والله لا يوفق الخارجين عن طاعته للعمل بما يرضيه اذا في هذه الاية التذكير على ان الانسان يجعل النعم في طاعة الله تعالى. وليحذر الانسان ان ترده النعمة عن طاعة الله تعالى وذلك هذه الاية الكريمة اعظم دليل على وجوب محبة الله وعلى وجوه محبة رسوله وعلى تقديم هذه المحبة على محبة كل احد وعلامة ذلك انه اذا عرض على الانسان امران احدهما يحبه الله ورسوله وليس لنفسه فيه هوى والاخر تحبه نفسه وتشتهيه ولكنه يفوت عليه محبوب محبوب الله ورسوله او ينقصه فانه ان قدم ما تهواه نفسه على ما يحبه الله دل ذلك على انه ظالم تارك لما يجب عليه ولذلك ربنا قال لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون. المال يحبه الانسان. لكنه يقدمه لمحبة الله تعالى الذي محبة الله عنده اعظم من محبة المال ثم قال الله تعالى لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين لقد نصركم الله ايها المؤمنون على عدوكم من المشركين في غزوات كثيرة على قلة عددكم وظعف عدتكم حين توكلتم على الله واخذتم بالاسباب ولم تعجبوا بكثرتكم فلم تكن الكثرة سبب نصركم عليهم واما يوم حنين حين اعجبتكم كثرتكم فقلتم لن نغلب اليوم من قلة فلم تنفعكم كثرتكم التي اعجبتكم شيئا فتغلب عليكم عدوكم وضاقت عليكم الارض على سعتها. ثم وليتم عن اعدائكم فارين منهزمين اذا ربنا جل جلاله يذكر المؤمنين فضله ويذكرهم احسانه لديهم في نصره اياهم في مواطن عديدة في غزواتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا النصر هو من عند الله تعالى وبتأييد من عنده وبتقدير لا بعددهم ولا بعدتهم ونبأهم على ان النصر من عنده سبحانه وتعالى وربنا جل جلاله ذكرهم بهذه الوقعة. فقال ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم كانوا يومئذ اثني عشر الفا فقال بعضهم لن نغلب اليوم من قلة. فاراد الله اظهار عجزهم. ففر الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بقي على مغنته في نفر قليل ثم استنصر بالله واخذ قبضة من تراب فرمى بها وجوه الكفار وقال شاهت الوجوه. ونادى باصحابه فرجعوا اليه وهزم الله الكفار اذا على الانسان ان لا يعجب ابدا بنفسه بل عليه ان يخضع لربه ومولاه ثم انزل الله سكينته على المؤمنين ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وانزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم بعد فراركم من عدوكم انزل الله الطمأنينة على رسوله وانزلها على المؤمنين فثبتوا للقتال وانزل ملائكة لم ترهم وعذب الذين كفروا بما حصل لهم من القتل والاسر واخذ الاموال وسبي الذراري وذلك الجزاء الذي جزي به هؤلاء هو جزاء الكافرين المكذبين لرسولهم المعرضين عما جاء به اذا ربنا جل جلاله يذكر عباده نعمه من فوائد الايات اولا مراتب فضل المجاهدين الكثيرة فهم اعظم درجة عند الله من كل ذي درجة. فلهم المزية والمرتبة العلية. وهم الفائزون الظافرون الناجون وهم الذين يبشرهم ربهم بالنعيم بالايات اعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله وتقديم هذه المحبة على محبة كل شيء تخصيص يوم حليم الذكر من بين ايام الحروب لما فيه من العبرة بحصول النصر عند امتثال امر الله ورسوله وحصول الهزيمة عند ايثار الحظوظ العاجلة عن الامتثال فضل نزول السكينة فسكينة الرسول صلى الله عليه وسلم سكينة اطمئنان على المسلمين الذين معه وثقة بالنصر وسكينة المؤمنين سكينة سكينة ثبات وشجاعة بعد الجزع والخوف اذا الانسان يتدبر الايات ويتدبر المعاني ولا يجعل شيئا من محاب الدنيا يلهيه عن محبة الله تعالى والانسان يكثر اللجأ الى الله سبحانه وتعالى ويعلم المرء ان الولاية الدينية هي اعظم واشرف من ولاية النسب وان النصر انما يكون من عند الله تعالى وحده فهو ليس بعدد ولا عتاد ولا قوة انما هو في مدد من لله تعالى وايمان المجاهدين وصدق توكلهم على الله تعالى اهم من كثرة العدد والعتاد هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته