بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان الدرس مائة وتسعون. بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين شرع لعباده ما يضمن مصالحهم ويدفع عنهم المضارع عاجلا واجلا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد ارسله رحمة للعالمين وعلى اله واصحابه واتباعهم الى يوم الدين وبعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اتحدث اليكم في هذه الحلقة كسابقاتها عن احكام الجنايات ونخص هنا التحدث عن احكام القسامة من حيث معناها ودليلها وشروطها وما يترتب عليها من احكام فالقسامة لغة اسم مصدر من قولهم اقسم اقساما وقسامة اي حلف حلفا والمراد بها والمراد بها هنا الايمان اي ايمان مكررة في دعوى قتل معصوم تشرع القسامة في القتيل اذا وجد ولم يعلم قاتله واتهم به شخص والدليل عليها السنة والاجماع ففي الصحيحين عن سهل ابن ابي حثمة ان عبد الله ابن سهل ومحيصة ابن مسعود خرجا الى خيبر فاتى محيصة الى عبد الله ابن سهل وهو يتشحط في دمه فاتى يهود فقال انتم قتلتموه فقالوا لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتحلفون وتستحقون دم صاحبكم. وفي رواية تأتون البينة قالوا ما لنا بينة؟ فقال اتحلفون؟ قالوا وكيف نحلف ولم نشهد ولم نرى فقال تبرئكم يهود بخمسين يمينا فقالوا كيف نأخذ ايمان قوم كفار اواداه النبي صلى الله عليه وسلم بمئة من الابل فدل ذلك على مشروعية القسامة وانها اصل من اصول الشرع مستقل بنفسه وقاعدة من قواعد الاحكام فتخصص بها الادلة العامة واما شروط القسامة فمن اهمها وجود اللوث وهو العداوة الظاهرة بين القتيل والمتهم بقتله القبائل التي يطلب بعضها بعضا بالثأر وكل من بينه وبين المقتول ضغن يغلب على الظن انه قتله من اجله فللاولياء حينئذ ان يقسموا ويحلفوا على القاتل اذا غلب على ظنهم انه قتله وان كانوا غائبين واختار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان اللوث لا يختص بالعداوة بل يتناول كل ما يغلب على الظن صحة دعوة كتفرق جماعة عن قتيل وشهادة من لا يثبت القتل بشهادتهم كالصبيان والنساء وقال احمد اذهب الى القسامة اذا كان ثم لطخ واذا كان ثم سبب بين. واذا كان ثم عداوة. واذا كان مثل المدعى عليه يفعل مثل هذا قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله معلقا على كلام احمد رحمه الله فذكر امورا اربعة اللطف وهو التكلم في عرظه كالشهادة المردودة والسبب البين كالتفرق عن قتيل والعداوة وكون المطلوب من المعروفين بالقتل وهذا هو الصواب وقال الامام ابن القيم رحمه الله وهذا من احسن الاستشهاد فانه اعتماد على ظاهر الامارات المغلبة على الظن صدق المدعي فيجوز له ان يحلف بناء على ذلك ويجوز للحاكم بل يجب عليه ان يثبت له حق القصاص او الدية. مع علمه انه لم يرى ولم يشهد انتهى لكن لا ينبغي للاولياء ان يحلفوا الا بعد الاستيقاق من غلبة الظن وينبغي للحاكم ان يعظهم ويعرفهم ما في اليمين الكاذبة من العقوبة ومن شروط القسامة ايضا ان يكون المدعى عليه القتل فيها مكلفا. فلا تصح الدعوة فيها على صغير ولا مجنون ومن شروطها ان كان القتل من المدعى عليه فان لم يمكن منه القتل لبعده عن مكان الحادث وقت وقوعه لم تسمع الدعوة عليه وصفة القسامة انها اذا توفرت شروط اقامتها فان الحاكم يبدأ بالمدعين فيحلفون خمسين يمينا توزع عليهم على قدر ارثهم من القتيل ان فلانا هو الذي قتله ويكون ذلك بحضور المدعى عليه فان ابى الورثة ان يحلفوا او امتنعوا من تكميل الخمسين يمينا فانه يحلف المدعى عليه خمسين يمينا اذا رظي المدعون بايمانه فاذا حلف خمسين يمينا بريء وان لم يرظى المدعون بتحليف المدعى عليه فان الامام يفدي القتيل بالدية من بيت المال كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فان الانصار لما امتنعوا من قبول ايمان اليهود فدى النبي صلى الله عليه وسلم القتيل من بيت المال ولانه لم يبق سبيل لاثبات الدم على المدعى عليه فوجب الغرم من بيت المال لئلا يضيع دم المعصوم هدرا الى مبرر له لا لا وقد اختلف الفقهاء في الذي يثبت في القسامة اذا توفرت شروطها وحلف اولياء القتيل خمسين يمينا. والصحيح في ذلك انها اذا توفرت شروط القصاص بعد توفر شروط القسامة وتمامها انه يثبت بها القصاص على المدعى عليه. لقول النبي صلى الله عليه وسلم يحلف خمسون منكم على رجل منهم فيدفع اليكم بامته وفي لفظ لمسلم ويسلم اليكم فتقوم القسامة مقام البينة قال العلامة ابن القيم رحمه الله عن ثبوت الحكم بالقسامة وليس اعطاء بمجرد الدعوى وانما هو بالدليل الظاهر الذي يغلب على الظن صدقه فوق تغليب الشاهدين وهو اللوث والعداوة الظاهرة والقرينة الظاهرة فقوى الشارع هذا السبب باستحلاف خمسين من اولياء المقتول الذين يستحيل اتفاقهم كلهم على رمي البريء بدم ليس منه وقوله صلى الله عليه وسلم لو يعطى الناس بدعواهم لا يعارض القسامة بوجه فانما نفى الاعطاء بدعوى مجردة انتهى كلامه رحمه الله قال الفقهاء رحمهم الله ومن مات في زحمة جمعة او طواف فانه تدفع ديته من بيت المال لما روي عن عمر وعلي انه قتل رجل في زحام الناس بعرفة فجاء اهله الى عمر فقال بينتكم على قاتله. فقال علي رضي الله عنه يا امير المؤمنين لا يطل دم امرئ مسلم ان علمت قاتله والا فاعط ديته من بيت المال وبهذا القدر نكتفي الى الحلقة القادمة ان شاء الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله سلم على نبينا محمد واله وصحبه