بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس مائة وستة وتسعون. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. نبينا محمد واله وصحبه وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ونواصل الحديث معكم عن احكام الحدود في الاسلام ونخص في حلقتنا هذه التحدث عن التعزير حيث انتهى بنا الحديث في الحلقات السابقة اليه فنقول وبالله التوفيق والتعزير لغة المنع ويطلق التعزير ويراد به النصرة لانه يمنع المعادي من الايذاء. قال تعالى وتعزروه وتوقروه. يعني النبي صلى الله وعليه وسلم ويقال عذرته بمعنى وقرته ويقال عزرته بمعنى ادبته فهو من الارداد ومعنى التعزير في الاصطلاح الفقهي انه التأديب سمي بذلك لانه يمنع مما لا يجوز فعله ولانه طريق الى التوقير لان المعزر اذا امتنع بسببه من فعل ما لا ينبغي حصل له الوقار وحكم التعزير في الاسلام انه واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة من فعل المحرمات وترك الواجبات ويفعله ولي الامر اذا رأى المصلحة في فعله ويتركه اذا رأى المصلحة في تركه ولا يحتاج في اقامة التعزير الى مطالبة فيعزر المعتدي ولو لم يطالب المعتدى عليه ومرجعه الى اجتهاد الحاكم حيث كانت الجرائم تتفاوت في الشدة والضعف والكثرة والقلة والصحيح من قولي العلماء انه ليس فيه حد معين. لكن اذا كانت المعصية في عقوبتها مقدر من الشارع الزنا والسرقة فانه لا يبلغ بالتعزير الحد المقدر وقد يصل التعزير الى القتل اذا اقتضته المصلحة مثل قتل الجاسوس المسلم وقتل المفرق لجماعة المسلمين وقتل الداعي الى غير كتاب الله وسنة نبيه وغير ذلك مما لا يندفع الا بالقتل قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وهذا اعدل الاقوال وعليه دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين فقد امر بظرب الذي احلت له امرأته جاريتها مئة جلدة. وابو بكر وعمر امر بضرب رجل وامرأة وجدا في لحاف واحد وظرب عمر صبيغا ظربا كثيرا وقال الشيخ ايضا اذا كان المقصود دفع الفساد ولم يندفع الا بالقتل قتل. وحينئذ فمن تكرر منه جنس فساد ولم يرتدع بالحدود المقدرة بل استمر على الفساد فهو كالصائل الذي لا يندفع الا بالقتل فيقتل ولا حد لا قل التعزير لتفاوت الجرائم بالشدة والضعف واختلاف الاحوال والازمان فجعلت العقوبات على بعض الجرائم راجعة الى اجتهاد الحاكم بحسب الحاجة والمصلحة. ولا يخرج عما امر الله به ونهى عنه وكما يقول التعزير بالضرب يكون بالحبس والصفع والتوبيخ والعزل عن الولاية ونحو ذلك. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وقد يكون التعزير بالنيل من عرضه كيا ظالم يا معتدي وباقامته من المجلس. وقال الشيخ ايضا وابن القيم رحمهما الله يجوز التعزير باخذ المال واتلافه. التعزير العقوبات المالية مشروع في مواضع منصوصة كسلب الذي يصطاد في حرم المدينة لمن وجده وكسر دنان الخمر وشق ظروفه وكهدم مسجد الضرار وتضعيف الغرم على من سرق من غير حرز وحرمان القاتل سلبه لما اعتدى على الامير وتحريك المكان الذي يباع فيه الخمر الى ان قال ولم يروا انه ولم يروا انه حرم جميع العقوبات المالية بل اخذ الخلفاء الراشدين واكابر الصحابة بذلك بعد موته دليل على ان ذلك غير منسوخ ومدعي النسخ ليس معه حجة شرعية من كتاب ولا سنة انتهى وقد اجابوا عن قوله صلى الله عليه وسلم لا يجلد احد فوق عشرة اشواط الا في حد من حدود الله متفق عليه اجاب وعن ذلك بان المراد بالحد هنا المعصية لا العقوبات المقدرة في الشرع بل المراد المحرمات وحدود الله تعالى محارمه فيعزر بحسب المصلحة وعلى قدر الجريمة. ولا يجوز ان يكون التعزير بقطع عضو او بجرح المعزر او حلق لحيته لما في ذلك من المثلى والتشويه. كما لا يجوز ان يعزر بحرام كسقيه خمرا ومن عرف باذية الناس واذية اموالهم فانه يحبس حتى يموت او يتوب. قال الامام ابن القيم رحمه الله يحبس وجوبا ذكره غير واحد من الفقهاء ولا ينبغي ان يكون فيه خلاف لانه من نصيحة المسلمين وكف الاذى عنهم. وقال العمل في السلطنة بالسياسة هو الحزم. فلا يخلو منه امام ما لم يخالف الشرع. فاذا ظهرت العدل وتبين وجهه باي طريق فثم شرع الله. فلا يقال ان السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشارع بل موافقة لما جاء به بل جزء من اجزائه. ونحن نسميها سياسة تبعا لمصطلحكم. وانما هي شرع حق قد حبس صلى الله عليه وسلم في التهمة وعاقب في التهمة لما ظهرت اثار الريبة فمن اطلق كلا منهم وخلى سبيله او مع علمه باجتهاده بالفساد في الارض فقوله مخالف للسياسة الشرعية بل يعاقب اهل التهم ولا ولا تقبل الدعوة التي تكذبها العادة والعرف. وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في اهل الشعوذة يعزر الذي يمسك الحية ويدخل النار ونحوه ومن ينتقص مسلما بانه مسلمان. ومن قال لذمي يا حاج او سمى من زار القبور والمشاهد حاجا ونحو ذلك ذلك فانه يعزر واذا ظهر كذب المدعي بما يؤذي به المدعى عليه عذر ويلزمه ما غرم بسببه بتسببه في ظلمه بغير حق ايها المستمعون الكرام هذه جمل نيرة سقتها لكم من كلام العلماء في التعزير وانواعه مما به يرتدع العاصي وينتفي الظلم عن العباد وهذا يدل على كمال هذه الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان حيث فوضت اقامة التعزير نوعيته وكميته الى اجتهاد الحاكم حسب المصلحة في كل زمان ومكان بحسبه وعلى حسب الجريمة. الحمد لله على فضله واحسانه. ونسأل الله عز وجل ان يوفق ولاة امور المسلمين بما فيه نصر الاسلام والمسلمين وان يأخذ بايديهم الى طريق الصواب والسداد والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله والى الحلقة القادمة باذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته