المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اي فاتياه بهذين الامرين دعوته الى الاسلام وتخليص هذا الشعب الشريف بني اسرائيل من قيده وتعبيده لهم ويملكوا امرهم ويقيم فيهم موسى شرع الله ودينه قد جئناك باية تدل على صدقنا. فالقى موسى عصاه فاذا هي ثعبان مبين. ونزع يده فاذا ها هي بيضاء للناظرين الى اخر ما ذكر الله عنهما. اي من اتبع الصراط واهتدى بالشرع المبين حصلت له السلامة في الدنيا والاخرة انا قد اوحي الينا اي خبر من عند الله لا من عند انفسنا اي كذب باخبار الله واخبار رسله وتولى عن الانقياد لهم واتباعهم هذا فيه الترغيب لفرعون بالايمان والتصديق واتباعهما والترهيب من ضد ذلك ولكن لم يفد فيه هذا الوعظ والتذكير فانكر ربه وكفر وجادل في ذلك ظلما وعنادا اي قال فرعون لموسى على وجه الانكار فاجاب موسى بجواب شاف كاف واضح فقال اي ربنا الذي خلق جميع المخلوقات اعطى كل مخلوق خلقه اللائق به. الدال على حسن صنعه من خلقه. من كبر الجسم وصغره وتوسطه. وجميع صفاته. ثم هدى كل كل مخلوق الى ما خلقه له. وهذه الهداية العامة المشاهدة في جميع المخلوقات. فكل مخلوق تجده يسعى لما خلق له من المنافع وفي دفع المضار عنه حتى ان الله تعالى اعطى الحيوان البهيم من العقل ما يتمكن به على ذلك. وهذا كقوله تعالى الذي احسن كل شيء خلقه. فالذي خلق المخلوقات واعطاها خلقها الحسن. الذي لا تقترح العقول فوق حسنه. وهداها لمصالحها هو الرب على الحقيقة فانكاره انكار لاعظم الاشياء وجودا. وهو مكابرة ومجاهرة بالكذب. فلو قدر ان الانسان انكر من وللمعلومة ما انكر كان انكاره لرب العالمين اكبر من ذلك. ولهذا لما لم يمكن فرعون ان يعاند هذا الدليل القاطع الى المشاغبة وحاد عن المقصود فقال لموسى لا يضل ربي ولا ينسى. اي ما شأنهم؟ وما خبرهم وكيف وصلت بهم الحال؟ وقد سبقونا الى الانكار والكفر والظلم والعناد ولنا فيهم اسوة. فقال موسى لا يضل ربي ولا ينسى. اي قد احصى اعمالهم من خير وشر وكتبه في كتاب وهو اللوح المحفوظ واحاط به علما وخبرا فلا يضل عن شيء منها ولا ينسى ما علمه منها مضمون ذلك انهم قدموا الى ما قدموا ولاقوا اعمالهم وسيجازون عليها. فلا معنى لسؤالك واستفهامك يا فرعون عنهم فتلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم. فان كان الدليل الذي اوردناه عليك. والايات التي اريناكها قد تحققت صدقها او يقينها وهو الواقع. فانقد الى الحق ودع عنك الكفر والظلم. وكثرة الجدال بالباطل. وان كنت قد شككت فيها او رأيتها غير الطريق مفتوح. وباب البحث غير مغلق. فرد الدليل بالدليل. والبرهان بالبرهان. ولن تجد لذلك سبيلا. ماذا دام الملوان كيف وقد اخبر الله عنه انه جحدها مع استيقانها؟ كما قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وقال موسى لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السماوات والارض بصائر. فعلم انه ظالم في جداله قصده العلو في الارض ثم استطرد في هذا الدليل القاطع بذكر كثير من نعمه واحسانه الضروري. فقال الذي جعل لكم الارض مهدا اي فراشا بحالة تتمكنون من السكون فيها والقرار والبناء والغراس. واثارتها للازدراع وغيره. وذللها لذلك. ولم يجعلها ممتنعة عن مصلحة من مصالحكم وسلك لكم فيها سبلا اي نفذ لكم الطرق الموصلة من ارض الى ارض ومن قطر الى قطر. حتى كان الادميون يتمكنون من الوصول الى جميع الارض باسهل ما يكون. وينتفعون باسفارهم اكثر مما ينتفعون باقامتهم اي انزل المطر هذه الارض بعد موتها وانبت بذلك جميع اصناف النوابت على اختلاف انواعها. وتشتت اشكالها وتباين احوالها. فساقه وقدره ويسره رزقا لنا ولانعامنا ولولا ذلك لهلك من عليها من ادمي وحيوان ولهذا قال كلوا وارعوا انعامكم وسياقها على وجه ليدل ذلك على ان الاصل في جميع النوابت الاباحة فلا يحرم منهم الا ما كان مضرا كالسموم ونحوه اي لذوي العقول الرزينة والافكار المستقيمة على فضل الله واحسانه ورحمته في وسعة جوده وتمام عنايته. وعلى انه الرب المعبود المالك المحمود الذي لا يستحق العبادة سواه ولا الحمد والمدح والثناء الا من امتن بهذه النعم. وعلى انه على كل شيء قدير. وكما احيا الارض بعد موتها ان ذلك لمحيي الموتى. وخص الله اولي النهى بذلك لانهم المنتفعون بها. الناظرون اليها نظر اعتبار. واما من عاداهم فانهم بمنزلة البهائم السارحة والانعام لا ينظرون اليها نظر اعتبار ولا تنفذ بصائرهم الى المقصود منها بل حظهم حظ البهائم يأكلون ويشربون قلوبهم لاهية واجسامهم معرضة وكأين من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون ولما ذكر كرم الارض شكرها لما ينزله الله عليها من المطر. وانها باذن ربها تخرج النبات المختلف الانواع. اخبر انه خلقنا منها. وفيها تعيدنا اذا متنا فدفنا فيها. ومنها يخرجنا تارة اخرى. فكما اوجدنا منها من العدم. وقد علمنا ذلك وتحققناه عيدنا بالبعث منها بعد موتنا. ليجازينا باعمالنا التي عملناها عليها. وهذان دليلان على الاعادة عقليان واضحان اخراج النبات من الارض بعد موتها واخراج المكلفين منها في ايجادهم