بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد فهذا هو شرح الحديث الثاني من كتاب المحرر في الحديث تأليف الحافظ محمد ابن احمد الجماعي الصالحي الشهير بابن عبدالهادي المولود عام خمس وسبعمئة والمتوفى عام اربع واربعين وسبع مئة بالسند المتصل اليه قال وعن ابي سعيد قال قيل يا رسول الله انتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب قال ان الماء طهور لا ينجسه شيء رواه احمد وابو داوود والنسائي والترمذي وحسنه وفي لفظ لاحمد وابي داود والدارقطني يطرح فيها محايض النساء ولحم الكلاب وعذروا الناس وفي اسناد هذا الحديث اختلاف لكن صححه احمد وروي من حديث ابي هريرة وسهل ابن سعد وجابر رضي الله عنه اذا هو هذا الحديث الثاني وهو في كتاب الطهارة قال عن ابي سعيد الخدري اي واروي في هذا الباب عن ابي سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله انتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض الحيض بكسر الحاء وفتح الياء جمع حيظة من احيض بكسر الحاء ايضا على الاثم من الحيضة بالفتح والنتن ولحوم الكلاب قال ان الماء طهور اي ظاهر في نفسه مطهر لغيره. على وزن فعول لا ينجسه شيء رواه احمد اي ان الامام المبجل احمد بن حنبل رواه واخرجه فهو رواه بسنده واخرجه في مصنفه الكبير المسند رواه احمد وابو داوود وهو تلميذ الامام احمد وخريجه صاحب السنن والنسائي احمد ابن شعيب ابن علي ابن بحر ابن كنان وعند الاطلاق يراد المجتمع والترمذي ابو عيسى الترمذي صاحب الجامع الكبير المختصر هو المعروف بسنن الترمذي وحسنه اي انه قد حكم بحسنه وهذا الحديث صححه مع الامام احمد صححه احمد وابن معين وابن حزم كما هو مبين قال ابن عبد الهادي وفي لفظ لاحمد وابي داود والدار قطني. طبعا هذا من دقته ومن جودة هذا الكتاب انه يأتيك بمعنى اختلاف الالفاظ يطرح فيها محايض النساء ولحم الكلاب وعذر النساء وعذروا النساء قال النووي في الايجاز سنن ابي داوود عذر هو بفتح العين وكسر الذال اسم جنس للعذرة وهي الغائط فهذا هو الصحيح في ظبطه وضبط ايضا بكسر العين وفتح الذال وهذا ايضا صحيح كمعدة ومعد واما ما يقع في بعض النسخ من ضم العين فتصحيف لا معنى له هنا اذا هو عذر بفتح العين وكسر الذال وجاء في جامع الاصول وانا احيل دائما الى جامع الاصول لانه يأتيه في عقب الاحاديث بشرح الفاظ شرحا جميلا عذروا قال العذر الغائط والعذر جنس لها وجمعها العذرات قال الحديث في مسند الامام احمد وسنن ابي داود وسنن ابن ماجة وجامع الترمذي وسنن النسائي ومسند ابي يعلى وفي كتاب ابن الجارود وهو ايضا في السنن الكبرى للبيهقي وهذا الحديث فيه من الفوائد والعوائد الشيء الكثير فصحابيه هو الصحابي الجليل سعد ابن مالك ابن سنان سعد ابن مالك ابن سنان الخدري الانصاري الخزرجي مشهور بكنيته وقد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة اولها غزوة الخندق سنة خمس وكان قبلها صغيرا وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا فكان من علماء الصحابة وكان من فضلاء الانصار توفي عام اربع وسبعين وقد دفن في البقيع وكان مقوالا للحق لا تأخذه في الله لومة لائم وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وهذا الحديث مشهور جدا عند اهل العلم بقولهم حديث بئر بضاعة وهنا بضاعة قال ابو داوود عن هذا البئر قال وقدرت انا بئر بضاعة برداء مددته عليها ثم زرعته فاذا عرضها ستة اذرع وسألت الذي فتح لي باب البستان فادخلني اليه وسألته هل غير بناؤها عما كانت عليه؟ قال لا ورأيت فيها ماء متغير اللون انتهى كلام ابي داوود وهذا يدلك على حرص اهل الحديث على خدمة السنة وانهم قد بذلوا غاية ما يستطيعه البشر وقد ذكر العلماء ان بئر بضاعة في الشمال الشرقي من المدينة النبوية وبضاعة المشهور ظم الباء ويجوز كسرها اذا هذا الحديث هكذا وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن. طبعا النتن ما يستقذر من النجاسات في الميتاتي ونحوها وهذا الحديث حديث صحيح ومما يصححه كثرة طرقه حديث صحيح بطرقه وشواهده وقد صححه جماعة من اهل العلم كما مر معنا وتصحيح الامام احمد قد نقله المجزي في تهذيب الكمال وذكر غير المجزي انه من ما صححه يحيى ابن سعيد القطان وابو محمد ابن حزم وتصحيح ابن حزم في المحلى وتصحيح القطان نقله الحافظ ابن حجر في التلخيص والترمذي قال مقويا الخبر قال قد جود ابو اسامة هذا الحديث فلم يروي احد حديث ابي سعيد في بئر بضاعة احسن مما روى ابو اسامة وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن ابي سعيد وكأنه في هذا يشير الى تقوية الخبر بالطرق الى ابي سعيد فالحديث صحيح ولا يظره اعلال من اعله بجهالة احد ارواحه والخبر هكذا جاء انا اتوضأ من بئر بضاعة. انا اتوضأ بالنون وقد رجح النووي انها بالتاء اتتوضأ خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وهكذا جاء عند الشافعي في الام والنووي حينما رجح رواية التاء مع ان من منهج النووي حينما تأتي روايتان يحاول ان يؤلف بينهما ويصحح كلتا الروايتين قال عن رواية انا توضأ قال انها غلط فاحش قال لانه جاء التصريح بانه صلى الله عليه وسلم توظأ منها من طرق كثيرة هكذا قال النووي في المجموع وقد نقل صاحب المنهل العذب المورود ان العراقي رد على النووي ما قاله ويحمل ان الوجهين صحيح وهذا الحديث حينما جاء في هذا اللفظ انتوظأ او اتتوظأ على ما رجحه النووي من بئر بظاعة وهي بئر يلقى فيها الحير والنتن ولحوم الكلاب لا يظن ان الناس في ذاك الزمان كانوا يلقون هذا عمدا فالصحابة هم اطهر الناس وانزههم وما كانوا يفعلون هذا ابدا علما ان الماء كان في تلكم البلاد عزيزا ولن يكونوا يضيعون شيئا ابدا وقد علمهم النبي صلى الله عليه وسلم اعزاز النعمة وعدم التبذير ولكن هذا الذي كان يحصل بان الارض كانت منخفضة فتأتي السيور وتأتي الاتربة وتأتي الاهوية فتتساقط في هذا البئر اذا كانت السيور السيول كانت هي التي تحمل هذه الاقدار من الطرق وتقع هذه في هذا البئر وكذلك الرياح لان معلوم ان تلك البلاد كان فيها صحابي اذا هنا قال فنتوظأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب قال ان الماء طهور. ان الماء طهور الماء واللام الاستغراق اي كل ماء فهو طهور وظاهر الحديث طبعا طهور طهور بفتح الطاء من صيغ المبالغة فهو الطاهر بذاته المطهر لغيره وظاهر الحديث يدل على ان الماء لا ينجس مهما كان ما دام انه يطلق عليه اسم الماء ولو تغيرت اوصافه لكن قام الاجماع على نجاسة ما تغيرت اوصافه او احد اوصافه بنجس اذا قال النبي صلى الله عليه وسلم مجيبا ان الماء طهور لا ينجسه شيء لا ينجسه شيء طبعا النجاسة يقال نجس ينجس من باب قتلة ونجس ضد طهرا والاثم النجاسة وفي الاصلاح الشرعي قذر مخصوص يمنع جنسه الصلاة كالبول والدم هنا قوله لا ينجس شيء نكرة في سياق النفي فتعم كل شيء وظاهره ان الماء لا ينجس بوقوع شيء فيه سواء اكان قليلا ام كثيرا ولو تغيرت اوصافه لكن لم يبقى على عمومه قال النووي اعلم ان حديث بئر بضاعة عام مخصوص قص منه المتغير بنجاته فانه نجس بالاجماع وخص منه ايضا ما دون القلتين اذا لاقته نجاسة فالمراد الماء الكثير الذي لم تتغير لم تغيره نجاسة لا ينجسه شيء هل في المراد انتبه الى مقولة النووي قال فالمراد الماء الكثير الذي لم تغيره نجاسة لا ينجسه شيء وهذا كانت صفة بئر بضاعة والله اعلم. طبعا يدل عليه صنيع ابي داوود حينما ذهب اليه وذرعه بثوبهم وهذا الحديث من الاحاديث العظيمة وهو يدل على ان الماء طهور لا ينجسه شيء كماء البحار والانهار والابار والانظار وهذا هو الاصل في الماء انه طهور حتى تثبت لدينا نجاسته وربنا يقول وانزلنا من السماء ماء طهورا وربنا يقول وانزلنا من السماء ماء بقدر فاسكناه في الارض وانا على ذهاب به لقادرون. هذه الاية عظيمة تذكرنا بنعمة الماء وانتم تعلمون ايها الاحباب ان عبد الله ابن عمر لما شرب الماء بكى وقيل له ما الذي ابكاك؟ قال ذكرت اهل اهل النار وقرأ قول الله تعالى وحيل بينهم وبين ما يشتهون. قال وتذكرت ان اكثر شهوتهم للماء ان افيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله تريد ان الماء نعمة عظيمة اذا هذا الحديث وان كان عاما وهو مخصوص ويخرج عنه الماء القليل بما سيأتينا من الادلة وهذا الحديث من الاحاديث التي لها سبب ورود فالنبي صلى الله عليه وسلم سئل فاجاب وهذا الحديث كما قلنا من الاحاديث المهمة جدا وخلاصة الكلام ينقسم الماء الى ثلاثة اقسام طهور بالاجماع وهو الكثير الذي لم تتغير احد اوصابه ونجس بالاجماع وهو المتغير احد اوصافه بنجاسة سواء اكان قليلا ام كثيرا والقسم الوسط وهو محل النظر والاجتهاد هو الماء القليل هو محل النظر والاجتهاد والاختلاف هو الماء القليل الذي لاقته نجاسة لم تغيره فذهب الامام مالك وهو رواية عن الامام احمد وهو رأي بعض العلماء ان الاصل في الماء الطهورية وانما النجاسة تؤثر فيه اذا غيرت احد اوصافه اخذا بهذا الحديث الماء طهور لا ينجسه شيء فاخذ الامام مالك بعموم الحديث وعنده ما دام ان الماء لم يعني لم تغير اوصابه فهو طهور ولو كان قليلا اخذا بهذا الحديث بدل النووي يرحمه الله لخص المقام فقال واعلم ان حديث بئر بضاعة لا يخالف حديث القلتين طبعا سيأتينا حيث القلتين ونعيد المسألة ببسط اوسع قال واعلم ان حديث بئر بضاعة لا يخالف حديث القلتين لان مائها كان فوق القلتين كما ذكرنا. فحديث وبئر بضاعة يخص منه شيئان احدهما اذا كان دون القلتين. اما الثاني فمجمع على تخصيصه قالوا اما الاول فقال به الشافعي واحمد وغيره مالك واخرون في عمومه. اذا انتهى هذا الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث عظيم فيه فوائد واقسم المجلس بقراءته بالسند المتصل وعن ابي سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله ان توظأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب قال ان الماء طهور لا ينجسه شيء رواه احمد وابو داوود والنسائي والترمذي وحسنه وفي لفظ لاحمد وابي داوود والدار قطني يطرح فيها مخايض النساء ولحم الكلاب وعذر الناس قال في اسناد الحديث اختلاف لكن صححه احمد وروي من حديث ابي هريرة وسهل ابن سعد وجابر طبعا حديث ابي هريرة اخرجه الدار قطني والبيهقي. وفيه عبدالله بن لهيئة اما حديث سهل بن سعد فاخرجه الدارق والبيهقي وفيه مجهول وحديث جابر اخرجه الدار قطني والبيهقي وفيه القاسم ابن عبد الله العمري والاحاديث لها طرق اخرى فقد نشرها ابن عبدالهادي عقب هذا الخبر من باب ان الخبر وردت له طرق اخرى. والترمذي اشار الى وجوه اخرى الى ابي سعيد وخلاصة المقام بان هذا الحديث حديث صحيح وهو حديث مهم وله تعلق بالحديث الذي قبله هو الطهور ماؤه الحل ميتته هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان