ام يجامعها فيه او يطلقها وهي حامل قد تبين حملها او هي ايسة او صغيرة لانها في هذه الاحوال كلها تبتدأ بالعدة الواضحة. فمن طلقها اكثر من واحدة او وهي حائض او نفساء او في طهر قد وطئ فيه. ولم يتبين حملها فانه اثم المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل قال الله تعالى في احكام الطلاق والعدد الطلاق مرتان الى قوله واعلموا ان الله بكل شيء عليم. وقال قال يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن. الايات وما بعدها. ذكر الله احكام الفراق كما ذكر احكام النكاح والدخول فيها. تقدم انه تعالى حث الزوج على الصبر على زوجته. ما دام متمكنا من الصبر. وفي هذا ذكر الله انه واذا كان لا بد له من الطلاق فعليه ان يطلق زوجته لعدتها اي لتستقبل عدتها. وذلك ان يطلقها مرة واحدة في طهر متعد لحدود الله. واذا طلقها هذا الطلاق المشروع فله ان يراجعها ما دامت في العدة. كما قال تعالى وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا. وسواء رضيت او كرهت وهذا الطلاق الذي يتمكن فيه العبد من الرجعة هو الطلاق بواحدة او اثنتين بلا عوض. فان طلقها الطلقة الثالثة فلا تحل له حتى تنقضي عدتها وتنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا جاح تحليل ويطأها ويطلقها رغبة في طلاقها. تنقضي عدتها منه فله ان ينكحها برضاها. وبقية شروط النكاح اي من الولي ومن الصداق وغيره. فان طلقها بعوض بلفظ الطلاق او الخلع او الفداء او غيرها من الالفاظ. فقد اباح الله هذا الفداء عند حاجة وهي التي نص عليها بقوله فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به. وسواء كان العوض بقليل او كثير لعموم الاية فاذا فارقها على هذا الوجه حصل لها الفكاك منه ولم يكن له عليها رجعة الا اذا شاءت بها نكاح جديد. وعند التراجع بين الزوجين اذا رغب كل منهما في الاخر فليس لولي الانثى ان يعضلها ويمنعها ان تراجع بعلها الاول او الذي فارقها بغضا له ونكاية له وغضبا عليه او طمعا في بذلها او بذله له شيئا من المال. فكل هذا لا يحل للولي ان يفعله. بل عليه ان يسعى في التأليف بينها وبين زوجها. واقل ما عليه الا يعارض في ذلك. واذا كان منهيا عن ذلك بعد الطلاق او الفداء نحوهما فكيف في ابتداء الامر؟ ولكن بشرط ان يكون الزوج كفئا وطرد المرأة به. واما اذا منعها من تزوج من ليس كفؤا لها في دينه او غيره من الصفات المعتبرة شرعا فهو محسن. لان منعها عما فيه ضررها احسان عليها. وهذا احد الاسباب في اعتبار الولي للمرء في النكاح. وفي قوله في الرجعة ان ارادوا اصلاحا. وفي التراجع ان ظن ان يقيما حدود الله اعتبار هذا الشرط في الرجب والتراجع والا فلا يراجع ولا يتراجعا للضرار وللبقاء على غير ما يحبه الله. وفي هذا ان الافعال مبنية على مقاصدها. وان امر الذي يقصد فيه الخير والصلاح لابد ان يجعل الله فيه بركة. كما ان الذي يقصد به غير ذلك ولو مكن منه العبد فانه ضرر ويخشى ان تكون عواقبه ذميمة. ويستفاد من هذا معنى كلي نافع. وهو انه ينبغي للعبد اذا اراد ان يدخل في امر من الامور مثل الامور التي يترتب عليها حقوق كثيرة ومثل الولايات الكبار والصغار والامور المهمة التي يتأنى وينظر في نفسه وعاقبة امره فان رأى من نفسه قوة على ذلك ووثق بقيامه بما فيها من الحقوق. تقدم اليها متوكلا على الله. والا احجم واغتنم السلامة عن الدخول في الامور الخطرة. وامر تعالى الازواج ان يمسكوا زوجاتهم بمعروف او يسرحوهن بمعروف. فان امسكها امسكها بعشرة حسنة. وان فارقها فليكن على وجه الشرع بطمأنينة من غير مغاضبة ولا مشاتمة ولا عداوات تقع بينه وبينها او بينه وبين اهلها. ومن بالمعروف ان يعطيها شيئا من المال تتمتع به وينجبر به خاطرها. وتذهب عن زوجها شاكرة. ولا يكون لهذا الفراق على هذا الوجه العواقب الطيبة للطرفين. ولما بين الباري هذه الاحكام الجليلة غاية التبيين. وكان القصد بها ان يعلمها العباد ويعملوا بها عندها ولا يتجاوزوها فانه لم ينزلها عبثا بل انزلها بالعلم والصدق والحق النافع والجد. نهى عن اتخاذها هزوا اي لعبا بها وهو التجري عليها وعدم الامتثال لواجبها. للمضارة في الامساك والارسال او كثرة الطلاق وجمع الثلاث. وقال واذكروا نعمة الله عليكم عموما باللسان حمدا وثناء وبالقلب اعترافا واقرارا. وبالاركان بان يستعان بنعمه على طاعته. وخصوصا ما انزل عليكم من الكتاب والحكمة. فان في الكتاب والسنة من بيان الحق والهدى من الضلال والحلال من الحرام. وجميع ما يحتاجه العباد من امور دينه ودنياهم ما يوجب للعباد ان يشكروه شكرا كثيرا. ويقوموا بحقه ويخضعوا لاحكامه. وختم الايات بعموم علمه تنبيها على ان احكام قد شرعها العليم الحكيم صالحة للعباد في كل زمان ومكان. وقد ذكر عدة المفارقة بحسب احوالها في كتابه فذكر ان المفارقة بطلاق ان كانت تحيض استكمال ثلاثة قروء من بعد وقوع الطلاق عليها. وان الايسة وان لم تحض لصغر ونحوه عدتها ثلاث ستة اشهر وان المفارقة بموت زوجها تربص اربعة اشهر وعشرا. وان الحامل من المفارقات في الحياة وبعد الممات عدتها بوضع الحمل وفي هذه العدد وتقديرها من الاسرار والحكم والمنافع للزوجين وغيرهما ما هو من ايات الله للمتأملين المستبصرين. وقال تعالى تعالى يا ايها الذين امنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن. فما لكم عليه ان من عدة تعتدونها. فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا. ففي هذه الاية ان المفارقة في الحياة بطلاق ونحوه ليس لزوجها عليها عدة. اذا لم يدخل او يخلو بها بل بمجرد ما يطلقها لها التزوج في الحال. وفي هذا ان العدة تثبت يقول وكذلك الخلوة كما ثبت عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم. ومفهوم الاية ان الفراق بالموت تعتد له الزوجة المعقود عليه ولو قبل الدخول وكما يؤخذ من مفهوم هذه فانه يؤخذ من عموم قوله. والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن وفيها ان العدة من حقوق الزوج لتمكنه من الرجعة ولحفظ فراشه ومائه من الاختلاط. وحق لها ايضا فان المعتدة نوعان نوع حامل لها النفقة بكل حال. قال تعالى وان كن اولة حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن. ونوع غير حامل وهي ايضا نوعان مفارقة بائنة بموت او فسخ او خلع او ثلاث او عوض فهؤلاء كلهن لا نفقة لهن ولا كسوة ولا مسكن الا على وجه المعروف والاحسان. ومفارقة رجعية فما دامت في العدة فلها النفقة والكسوة والمسكن وتوابعها على الزوج وحكمها حكم الزوجة التي في حباله في كل حال الا في القسم فلا قسم لها. لان الله سماه بعلا لها في قوله وبعولته تهن احق بردهن في ذلك. ولان له ان يرجعها الى الزوجية التامة رضيت او كرهت ما دامت في العدة. وفي قوله ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن. دليل على امانتها على نفسها. وقبول قولها في وجود الحيض وانقطاعه. لانه توعدها اتمام ذلك. وهذا دليل على ان قولها معتبر. وفي قوله اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن. دليل على انه لا يقع الطلاق الا بعد بعد النكاح وان من علق طلاقا بنكاح امرأة لم ينعقد هذا التعليق. ولم يقع عليها شيء اذا نكحها. لان النكاح لا يراد به خلاف مقصود وهذا بخلاف تعليق عتق المملوك للغير بملكه اياه فانه صحيح. ويعتق اذا ملكه لان تملك الرقيق يقصد به العتق وهو مقصود شرعي صحيح. وقوله فمتعوهن به الامر بتمتيع المفارقة بالطلاق قبل المسيس مطلقا. وفي اية البقرة الامر متيعي اذا لم يسمي لها مهرا. ان سم لها مهرا فانه يتنصف اذا طلقها قبل الدخول. ويكون نصف الصداق هو المتعة. كما قال تعالى لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرضوا لهن فريضة. ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقترح قدره متاعا بالمعروف متاعا بالمعروف حقا على المحسنين. وان طلقتموهن من قبل بان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة. فنصف ما فرضتم الا ان يعفون او يعفو الذي بيده عقدة وان تعفو اقرب للتقوى. فحث على العفو في هذا الموضع الخاص لنفعه وعظم موقعه. وقال ولا تنسوا الفضل بينكم وهذا ارشاد عظيم نافع في جميع المعاملات انه ينبغي للعبد فيها الا يستقصي في كل شيء. بل يجعل للفضل محلا من عفو اباة واعطاء ازيد مما في الذمة قدرا او وصفا. وقبول ادنى من الحق كمية وكيفية. فكم حصل بهذا الفضل وان كان طفي خير كثير واجر كبير. ومعروف وبركة وراحة فكر وطمأنينة قلب. وفي قوله وللمطلقات متاع بالمعروف حق على المتقين. فهذا العموم يقتضي ان كل مطلقة لها على زوجها متعة. لكن ان كانت غير مدخول بها ولم يسمى لها مهر متعة واجبة كما تقدم بحسب يسار الزوج واعساره. وان كان قد سمي لها مهر تنصف المهر. وكان النصف الحاصل لها هو متعة. فان لم يكن الامر كذلك كانت المتعة حقا معروفا واحسانا جميلا. لما فيها من جبر خاطرها وقضائ نوائبها التي هي مظنة الحاجة اليها في تلك الحال. وكون ذلك عنوانا على التسريح بالمعروف. ودفعا للمشاغبات والعداوات التي تحدث بكثير من الناس عند الطلاق. واحتياطا لبراءة ذمته مما لعله لحقه لها من الحقوق. وتسهيلا للرجعة او المراجعة اذا تغيرت الحال واحدث الله بعد ذلك امرا. ونهى من الفوائد شيء كثير. ومدح الله هذه الاحكام الجليلة بقوله يبين الله لكم اياته لعلكم تعقلون. فسمى هذه الاحكام ايات لانها تدل اكبر دلالة على عنايته لطفه بعباده وانه شرع لهم من الاحكام الاحكام الصالحة لكل زمان ومكان. ولا يصلح العباد غيرها