بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم الذين بادروا اولا الى الايمان من المهاجرين الذين هاجروا من ديارهم واوطانهم الى الله ومن الانصار الذين نصروا نبيه صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوا المهاجرين والانصار السابقين الى الايمان باحسان في الاعتقاد والاقوال والافعال رضي الله عنهم فقبل طاعتهم ورضوا عنه بما اعطاهم من ثوابه العظيم واعد لهم جنات تجري الانهار تحت قصورها ما شتينا فيها ابدا ذلك الجزاء هو الفلاح العظيم وهذه اية عظيمة تبهج النفس وتدفع الانسان الى العمل وربنا جل جلاله لما ذكر فضائل الاعراب الذين يتخذون ما ينفقون قربات عند الله وصلوات الرسول وما اعد لهم من الثواب بين ان فوق منزلتهم منازل اعلى واعظم وهي منازل السابقين الاولين فعقب بذكر القدوة الصالحة والمثل الكامل في الايمان والفظائل. والنصر في سبيل الله لاجل ان يهتدي المؤمنون ولاي ان يهتدي اصحاب الهمة والصلاح حذوهم وكذلك لاجل ان لا يخلو تقسيم القبائل الساكنة بالمدينة وحواليها وبواديها عن ذكر افضل الاقسام تنويها بشأنهم وايضا هذا فيه تنشيط للهمم في ان يأخذ الانسان باعلى النماذج تقربا الى الله ولذلك جاء عن الامام مالك وعن الامام ابي حنيفة ان سير القوم احب اليهم من كثير من الفقه حتى يقرأ الانسان سيرهم ليحتذي حذوهم فقال تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار اي واصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين سبقوا المسلمين اولا الى الايمان من الذين تركوا قومهم وفارقوا اوطانهم وقدموا الله ورسوله على كل شيء ومن اهل المدينة الذين نصروا الرسول صلى الله عليه وسلم على الكافرين واووا اصحابه المهاجرين وتأمل في هذه الاية الكريمة والسابقون الاولون من المهاجرين فهي للتبيين ايها السابقون الاولون الموصوفون بوصف كونهم مهاجرين وانصارا نعم والانسان حينما يقرأ يتفكر بالاعمال حتى يسير على هذه الطرائق. وربنا جل جلاله قد ذكرهم في مواطن كثيرة منها قوله تعالى للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصا ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون. فالانسان ينتفع بهذه الصفات حتى يرقي المرء نفسه ولذلك احد التابعين قادر لانس ابن مالك ارأيت اسم الانصار كنتم تسمون به ام سماكم الله؟ قال بل سمانا الله عز وجل ولذلك هذا الاسم هو اسم اسلامي تبن مناقب الانصار ان الله هو سماهم بهذا الاسم العظيم في مكان نصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم نعم ثم قال تعالى والذين اتبعوهم باحسان طبعا لما ذكر الصحابة في هذا لم يذكر هذا الامر والسابقون الاولون للمهاجرين والارزاق. ثم قال والذين اتبعوهم باحسان. وهذا فيه تزكية عظيمة للصحابة والذين اتبعوهم باحسان اي والتابعون للسابقين من المهاجرين والانصار الذين سلكوا طريقهم المستقيم في الايمان والعمل الصالح وهذه تشمل بقية المهاجرين والانصار سوى السابقين الاولين ولذلك على المؤمنين اليوم ان يطبقوا ويتصف بما كان عليه الانصار من الكرم مع المؤمنين وايثارهم على انفسهم ولذلك ربنا جل جلاله قال على نحو هذه الاية والذين اتبعوه باحسان قال والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم ولذلك فنحن حينما نبدأ بدرس او تأليف كتاب نبدأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم نحمد الله تعالى عموما وعلى هذه مخصوصا ثم نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الذي بلغنا عن الله تعالى الكتاب والسنة ثم نترضى عن الصحابة والتابعين لانهم هم الذين بلغوا لنا هذا الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم ورضوا عنه اي رضي الله عن الصحابة السابقين والتابعين لهم باحسان لما اطاعوه ورضوا هم عن الله بما انعم عليهم في الدنيا واثابهم في الاخرة. ولذلك الصبر والرضا والشكر هذه مقامات ينبغي على العبد ان يراقب نفسه بها دواما وربنا قال لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا قال تعالى واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار. اي يهيأ الله تعالى لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين عين لهم باحسان جنات في الدار الاخرة تجري تحت اشجارها وغرفها بقصورها الانهار. وهذا اجمل المناظر الماء مع الشجر خالدين فيها ابدا اي لابثين فيها على الدوام بلا انتهاء الذي ينعم بشيء من حطام الدنيا يخشى عليه ان يذهب ولكن نعيم الاخرة يبقى لا يذهب خالدين فيها ابدا اي لابثين فيها على الدوام بلا انتهاء. فلا يموتون فيها ولا عنها ينتقلون. ولا تبيد هذه الجنة التي اعدها الله تعالى ثم بين ربنا هذا الفوز فقال ذلك الفوز العظيم. اي دخول الجنة والخلود فيها اعظم فوز يحصل به كل مرغوب ويندفع به كل محظور والانسان قد يفوز بشيء من حطام الدنيا بهذه الدنيا الفانية ولكن الله سبحانه وتعالى بين ان الفوز الحقيقي هو والفوز يوم القيامة وذلك الانسان يسعى يسعى لاجل تحصيل العمل الصالح بالدار الاخرة وينبغي على الانسان ان لا يقصر في شيء من العمل الصالح ابدا. نعم ثم قال الله تعالى وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن اهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الى عذاب عظيم وممن هم قريبون من اهل من المدينة ومن سكان البادية منافقون ومن اهل المدينة منافقون اقاموا على النفاق وثبتوا عليه لا تعلمهم ايها الرسول الله هو الذي يعلمهم فيعذبهم الله مرتين مرة في الدنيا بانكشاف نفاقهم وقتلهم واسرهم ومر في الاخرة بعذاب القبر. طبعا هذا التفسير الاخوة في المختصر على احد القولين ونحن نرى ان عذاب القبر هو عذاب الدنيا وان عذاب الاخرة هو عذاب يوم القيامة ثم يردون الى يوم القيامة الى عذاب عظيم في الدرك الاسفل من النار وتأمل هنا في قوله مردوا على النفاق. اي عتوا فيه ومرنوا عليه واصل مردة يدل على تجريد الشيء من قشره او ما يعلوه من شعره واصل المرود الملامسة ومنه حينما نقول صرحا ممرد ونقول ايضا غلام امرد واذا قلنا على ارض بانها مرداء هي الرملة التي لا تنبت شيئا كأن من لم يقبل قول غيره ولم يلتفت اليه بقي كما كان على صفته من غير حدوث تغير منه البتة ولذلك ينبغي على الانسان ان ينتفع من نصائح الاخرين وارشاداتهم اذا في هذه الاية ربنا جل جلاله لما بعد ان بين حال كمالة المؤمنين كلهم قف عليه بذكر مردة المنافقين من اهل البدو والحذر واعطفهم عليهم من باب عطف الضد على الضد ونحن نعلم بان القرآن مثاني اذا ذكر حال المؤمنين ذكر حال غيرهم لاجل ان يقتدي المرء بالمؤمنين ويحذر الانسان الكافرين قال وممن حولكم من الاعراب منافقون اي ومن سكان البوادي الذين حول مدينتكم ايها المسلمون منافقون ومن اهل المدينة مردوا على النفاق. ايوة من اهل المدينة النبوية منافقون تمرنوا على النفاق حتى صار سجية لهم ومهروا في اتقانه فلا يشعر به كل احد واستمروا عليه ولم يتوبوا ثم بين الله تعالى فضله على نبيه فقال لا تعلمهم اي لا تعلمهم يا محمد ما تعلم نفاق هؤلاء المردة من المنافقين ولكن نحن نعلمهم اي واتي بضمير التعظيم لعظمة الله تعالى سنعذبهم مرتين اي سنعذب هؤلاء الذين مرضوا على النفاق في الدنيا في القبر وفي الاخرة اي يوم القيامة. اي يوم القيامة ثم يردون الى عذاب عظيم. اي ثم يرد هؤلاء المنافقون بعد تعذيبهم مرتين الى عذاب عظيم في نار جهنم كما قال تعالى ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار ثم قال تعالى واخرون اعترفوا بذنوبهم واخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا واخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم ومن اهل المدينة قوم اخرون تخلفوا عن الغزوة من غير عذر فاقروا على انفسهم بانهم لم يكن لهم عذر ولم يأتوا باعذار كاذبة مزجوا اعمالهم الصالحة السابقة من القيام بطاعة الله والتمسك بشرائعه والجهاد في سبيله بعمل سيء يرجون من الله ان يتوب عليهم ويتجاوز عنهم ان الله غفور لمن تاب من عباده. رحيم بهم اذا لما بين الله تعالى حال المنافقين المتخلفين عن الغزو رغبة عن الغزو وتكذيبا للنبي صلى الله عليه وسلم وشكا بما جاء به شرع في بيان حال المذنبين الذين تأخروا عن الجهاد كسلا وميلا الى الدعة والراحة مع كونهم مؤمنين مصدقين بالحق لهم اعمال صالحة سابقة فقال تعالى واخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا واخر سيئا. اي وقوم اخرون اقروا بذنوبهم بتخلفهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك جمعوا عملا صالحا بالتوبة وغيرها من الطاعات وعملا سيئا بالتخلف عن الجهاد ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من المعاصي والسيئات ولذلك جاء في الصحيح من حديث سامر بن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتاني الليلة اتيان فابتعثاني فانتهيا. فانتهينا الى مدينة مبنية بلبن ذهب بلبنة ذهب ولبنة فضة فتلقانا رجال شطر من خلقهم كاحسن ما انت رائن وشطر كاقبح ما انت رائن قال لهم اذهبوا فقعوا في ذلك النهر فوقعوا فيه. ثم رجعوا الينا. قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في احسن صورة قال لي هذه جنة عدن وهداك منزلك. قال اما القوم الذين كان شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فانهم خلطوا عملا صالحا واخر سيئا. تجاوز الله عنهم ولذلك ايها الاخوة دل هذا الحديث على ان العمل الصالح في الدنيا يزين وجه صاحبه يوم القيامة كما انه لا يخفى على احد تزيينه لوجه صاحبه في الدنيا في ظهر في وجه المؤمن نور العبادة وهو جالس بين الخلق قال الله تعالى عن هؤلاء عسى الله ان يتوب عليهم اي سيقبل الله توبة اولئك الذين بذنوبهم ثم علل ربنا ذلك بقوله ان الله غفور رحيم. اي ان الله غفور يستر ذنوب من تاب اليه ويتجاوز عن مؤاخذتهم بها. رحيم بهم فلا يعذبهم بها وتأمل اخي الكريم قول الله تعالى في منة عظيمة علينا ان لا ننساها. ليل نهار وصباح مساء الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم السيئات. وقهم عذاب الجحيم ربنا وادخلهم ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تقي السيئات يومئذ فقد رحمته. وذلك هو الفوز العظيم. تأمل اخي الكريم ان الله سبحانه وتعالى له ملائكة يدعون للمؤمنين ومما يدعون به ان الله سبحانه وتعالى يقينا السيئات فكيف يتجرأ الانسان على الحرام فيقع فيه والملائكة تشفق على المؤمنين. فتدعو الله ان يقيهم السيئات لان السيئات جراحات فينبغي على الانسان ان يحذر غاية الحذر من الذنوب والمعاصي وان راقب نفسه وان يملأ وقته بالطاعات حتى لا يقع في المحرمات. فان هذه الذنوب مهلكة تهلك الانسان ثم قال الله تعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلي عليهم ان صلاتك سكن لهم. والله سميع عليم قل ايها الرسول من من اموالهم زكاة تطهرهم بها من دنس المعاصي والاثام وتنمي حسناتهم بها وادعوا لهم بعد اخذها منهم ان دعائك رحمة لهم وطمأنينة. والله سميع لدعائك عليم باعمالهم ونياتها اذا هؤلاء لما اظهروا التوبة والندامة عن تخلفهم عن غزوة تبوك وهم اقروا بان السبب الموجب لذلك التخلف هو حبهم للدنيا وحبهم للمال والنفوس مجبولة على حب الدنيا وعلى حب المال وايضا على شدة حرصهم على صونها من الانفاق وربنا جل جلاله امر نبيه صلى الله عليه وسلم بما يظهر صحة قولهم في ادعاء هذه التوبة والندامة وهو الامر باخراج الزكاة وايضا من شرط التوبة تدارك ما يمكن تداركه مما فات وكان التخلف عن الغزو مشتملا على امرين هما عدم المشاركة في الجهاد وعدم انفاق المال في الجهاد جاء في هذه الاية ارشاد لطريق تداركهم ما يمكن تداركه مما فات وهو نفع المسلمين بالمال ولذلك ايها الاخوة ما لا يدرك كله لا يترك كله ولا جله فربنا قال قد من اموالهم صدقة تطهرهم اي خد يا محمد من اموال المسلمين صدقة تطهرهم من دنس ذنوبهم وبالدنس المعاصي ولذا جاء ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. فالصدقة سميت صدقة بانها تدل على صدق ايمان العبد. فالمال محبوب على النفوس كما قال تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون والمرء لا يدفعه الا لمحبته لربه فمحبة الرب في قلب المؤمن اعظم من محبة المال قال وتزكيهم بها اي وتنمي اموالهم وتزيد في اخلاقهم الحسنة واعمالهم الصالحة وفي ثوابهم الدنيوي وثوابهم الاخروي ثم امر الله نبيه بامر افق قال وصلي عليهم ان صلاتك سكن لهم. اي وادعوا يا محمد للمسلمين عند اخذك صدقاتهم لان دعائك لهم طمأنينة وراحة لقلوبهم البخاري علينا وعليه رحمة الله بوب باب صلاة الامام ودعائه لصاحب الصدقة وقوله خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم والله الله سميع عليم هكذا البخاري ثم ساق حديث عبدالله بن ابي اوفى رظي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صلي عليهم فاتاه ابي ابو اوفى بصدقته قال اللهم صلي على طبعا هذا الرجل هم اهله وقرابته نعم ولذلك كان الحديث يدل على فضيلة الصدقة وانها من اسباب رحمة الله بالعباد ومغفرته لهم وايضا من الامور المستحبة للامام اذا اتاها المتصدق ان يدعو له بان يتقبل الله صدقته. وعليه ان يترحم عليه وان يستغفر له وايضا من الاداب العظيمة التي حث عليها الشرع الاسلامي الحنيف ان يظهر الانسان الحب والمودة لاخوانه المؤمنين خصوصا الذين يكثرون طاعة الله تعالى وفي هذا حث على الزيادة في الاعمال الصالحة وترغيب غيره ان يتنافس في فعل الباقيات الصالحات التي تبقى في الدنيا والاخرة ثم قال تعالى والله سميع عليم. اي والله سميع لاقوال عباده مجيب لدعائهم ومن ذلك سماعه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليم بنياتهم واحوالهم ويجازيهم بحسب اعمالهم ولذلك ربنا قال الم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم. فربنا ياخذ الصدقات وينميها لاصحابها ثم قال الله تعالى الم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم ليعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد والتائبون الى الله ان الله يقبل التوبة من عباده التائبين اليه وانه يقبل الصدقات وهو غني عنها وهذا طبعا من رحمة الله يا اخواني ان الله يعطي العبد ثم يثيبه في نفقته وانه يقبل الصدقات وهو غني عنها ويثيب المتصدق على صدقته وانه سبحانه هو التواب على من تاب من عباده الرحيم بالهم ولذلك لما تأتي الى هذه الاية الكريمة وتتأمل ان الله سبحانه وتعالى حكى عن القوم الذين تقدم ذكرهم انهم تابوا عن ذنوبهم وانهم تصدقوا وهناك لم يتولى قوله عسى الله ان يتوب عليهم وما كان ذلك صريحا في قبيل في قبول التوبة. ذكر في هذه الاية انه يقبل التوبة وانه يأخذ الصدقات وفي هذا ترغيب من لم يتب في التوبة وترغيب لكل العصائب في التوبة بطاعة الله تعالى فقال الم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات اي الم يعلموا ان الله وحده هو الذي يقبل التوبة من التائبين ويقبل الصدقات من عباده حينما تكون طيبة خالصة لله تعالى. وهذا امر لا بد منه المال تسأل عن اخذه وتسأل عن لغيه ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين. فقال يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. اني بما تعملون علم وقال يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم الحديث قال ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فانى يستجاب لذلك نعم اذا ربنا جل جلاله طيب لا يقبل الا الطيب وتأمل كيف ختمت هذه الاية الكريمة وان الله هو التواب الرحيم اي وايضا الم يعلموا ان الله كثير التوبة عن عباده ويعفو عن من تاب اليه حتى لو تكرر منه الدب مرارا. فربنا واسع الرحمة للتائبين فلا يعاقبهم بل يثيبهم سبحانه وتعالى. طبعا اذا صدقت التوبة وربنا جل جلاله يتوب على عباده ثم قال الله تعالى وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون وقل ايها الرسول لهؤلاء المتخلفين عن الجهاد والتائبين عن ذنبهم اجبروا ظرر ما فاتكم واخلصوا اعمالكم لله واعملوا بما يرضيه فسيرى الله ورسوله والمؤمنون اعمالكم وسترجعون يوم القيامة الى ربكم الذي يعلم كل شيء في علم ما تسرون وما تعلنون. وسيخبركم بما كنتم تعملون في الدنيا ويجازيكم عليه ولذلك في هذه الاية الكريمة حث كريم على العمل الصالح وترغيب في هذا العمل الصالح وتأمل المناسبة لما قال الم يعلموا ان الله يقبل التوبة الذي هو في قوة اخباره بان الله يقبل التوبة وكان للتوبة ترفع المؤاخذة بما مضى امروا بالعمل الصالح عقب الاعلام بقبول التوبة لانه لما قبلت توبتهم كان حقا عليهم ان يدلوا على صدق توبتهم وفرط رغبتهم في الارتقاء بالتوبة والعبودية الى مراتب الكمال لاجل ان يلحقوا بالذين سبقوهم وذلك لا يكون الا بالزيادة من الاعمال الصالحة. لجبر ما فات من الاوقات التي كانت حقيقة في ان تعمر بالحسنات لكنها عمرت بالسيئات فينبغي على لسان ان يتوب وان يكثر من الاعمال الصالحة حتى يستدرك ما فات. ولاجل ان يكون قدوة بحاله وبمقاله وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وهذه كثير من الناس يظنون هو العمل الدنيوي لكن المقصود به العمل الذي يقصد به وجه الله. فربنا يراه يتيب عليه والذين كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان يراهم واذا كان يمدحهم يقول نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ويمدح الصحابة وهكذا وايضا المؤمنون يقتدون بالعامل حتى كان بعض السلف اذا رؤي ذكر الله ايوة قل يا محمد اعملوا فسيرى الله اعمالكم كلها ظاهرها وخفيها فيجازيكم عليها ويرى رسول الله والمؤمنون ما يطيعهم الله عليه منها فيشهدون عليكم بالخير او الشر ولذلك شهادة المؤمنين مهمة جاء من حديث انس قال مروا بجنازة فاثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت. ثم مروا باخرى فاثنوا عليها شرا. فقال وجبت فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما وجبت؟ قال هذا اثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة. وهذا اثنيتم عليه شرا فوجبت له النار انتم شهداء الله في الارض ولذلك ان الشهداء الله في الارض هم عباد الله المؤمنين الذين اخلصوا لله وتمسكوا بشرعه وذلك لان الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم كان موجها للصحابة لانك يعي الانسان ان يقتدي بالصحابة قالوا ستردون الى عالم الغيب والشهادة وهذا الرجوع الى الله والوقوف بين يدي الله ينبغي على الانسان ان لا ينساه ابدا وعلى الانسان ان يستذكر هذا فعلا وتركا وحينما يسبق يصبر على اهله يصبر على جيرانه يصبر على الطاعة يصبر على المقدورات المؤلمة وهكذا يحتسب الانسان كل عمل لانه سيلقى الله فاحرص على لقاء الله بعملك الصالح وبصبرك ومن اعذب الصبر الصبر على الهوى والصبر على ترك السيئات اذا وستردون الى عالم الغيب والشهادة اي وقل يا محمد وسترجعون يوم القيامة الى الله الذي يعلم ما غاب وما يشاهد فيعلم سرائركم وعلى نيتكم لا يخفى عليه شيء من اموركم كما قال تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون وربنا قال ثم ردوا الى الله مولاهم الحق الا له الحكم وهو اسرع الحاسبين قالوا ستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون اي سيخبركم الله يومئذ بما كنتم تعملونه في الدنيا من خير او شر ويجازيكم عليه كما قال الله تعالى ثم الى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون انه عليم بذات الصدور والايات في هذا كثيرة ثم قال تعالى واخرون مرجون لامر الله اما يعذبهم واما يتوب عليهم والله عليم حكيم ومن المتخلفين عن غزوة تبوك قوم اخرون لم يكن لهم عذر فهؤلاء مؤخرون لقضاء الله وحكمه فيهم يحكم فيهم بما يشاء. اما ان يعذبهم ان لم يتوبوا اليه واما ان يتوب عليهم ان تابوا والله عليم لمن يستحق عقابه. وبمن يستحق عفوه حكيم في شرعه وتدبيره وهؤلاء هم مرار ابن الربيع وكعب ابن مالك وهلال ابن امية وهذه الاية الكريمة واخرون مرجعون لامر الله ما يعذبهم واما يتوب عليهم والله عليم حكيم وربنا جل جلاله ذكر فريق اخر عطف خبره على خبر الفريق الاخرين والفرق لأ يعني الفريق الاخرون الذين قد ذكروا والمراد بهؤلاء من بقي من المخلفين لم يتب لم يتب الله عليه وكان امرهم موقوفا الى ان يقضي الله بما شاء وفي ذلك حكمة حتى يكون هؤلاء قدوة لمن يأتي بعدهم قالوا اخرون مرجعون لامر الله اما يعذبهم واما يتوب عليهم اي ومن المتخلفين عن غزوة تبوك قوم اخرون مؤخر حكمهم الى ان يقضي الله فيهم بما شاء اما ان يعذبهم بذنوبهم واما ان يوفقهم للتوبة فيتوب عليهم والله عليم حكيم. اي والله عليم بكل شيء ومن ذلك علمه باحوال هذا الفريق ونياته. وبما يستحقونه من عقوبة او عفو حكيم في حكمه فيهم وفي جميع اقواله وافعاله فيضع كل شيء في موضعه اللائق ولذلك هذه الاشياء الانسان في حياته تكون لديه ذنوب والانسان لما يطلع على سير هؤلاء يختار الطريق الذي يقربه الى ربه الاخوة في مركز تفسير في فوائد هذا الصفحة ذكروا اربع فوائد من فوائد الايات فضل المسارعة الى الايمان. والهجرة في سبيل الله ونصرة الدين واتباع طريق السلف الصالح استئثار الله بعلم الغيب فلا يعلم احد ما في القلوب الا الله الرجاء لاهل المعاصي من المؤمنين بتوبة الله عليهم ومغفرته لهم ان تابوا واصلحوا عملهم وجوب الزكاة وبيان فضلها واثرها في تنمية المال وتطهير النفوس من البخل وغيره من الافات هذه الفوائد ذكرها الاخوة ويمكن ان يزاد عليها. اولا يؤخذ من قوله تعالى والذين اتبعوهم باحسان انه لا يكتفى بمجرد الدعوة في اتباع الصحابة الكرام بل يجب ان يكون المتبع محسنا باداء الفرائض واجتناب المحارم وهذا مقصد مهم عند ذكر سير السابق اذا النجاة هي في الاخلاص لله والاحسان في مراقبة الله تعالى ثانيا في الاية ارشاد كريم الى ان يحسن المتبع القول فيهم ولا يقدح بهم ولذلك نسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن انطوت سرائرهم على محبة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثالثا تفضيل السابق الى الاسلام والهجرة وان السابقين افضل من غيرهم لانها لا اصبح قدوة حتى لمن جاء بعدهم رابعا اعلم الله انه قد رضي عن السابقين الاولين من المهاجرين والانصار والذين اتبعوه باحسان فالخسران لمن سبهم او تنكر سبيلهم خامسا في قوله والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه يدخل في هذا اللفظ التابعون وسائر الامة لكن بشرط ماذا؟ بشرط الاحسان فالانسان عليه ان يحقق الاحسان في طاعة الله وان يحقق الاحسان في الاحسان لعبيد الله وربنا مع المحسنين قال وان الله لمع المحسنين وهذا شرف عظيم انك حينما تكون محسنا تنال معية الله التي هي اعظم من كل شيء سادسا قد دلت الاية الكريمة على وجوب اتباع الصحابة الكرام. فينبغي اتباعهم في هذا الاحسان. هذا العمل الصالح تابعا رضوان الله على العبد غاية ما يطلبه المؤمن فربنا لا يرضى الا عن عبد علم انه يوافقه على موجبات الرضا. ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه ابدا. اذا الانسان يسعى لحصوله على رضا الله ورضا الله يكون العمل على ما يحبه الله تعالى ويريده ثامنا كل من اخبر الله انه رضي الله عنه فانه من اهل الجنة تاسعا في قوله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار قدم المهاجرين لفضلهم وشرفهم عاشرا في قوله تعالى ذلك الفوز العظيم في التعبير باسم الاشارة يعني فيه معنى البعد بيان لبعد منزلتهم في مراتب الفضل وعظم الدرجة من مؤمني الاعراب الحادي عشر لا يعلم ما في قلوب الاخرين الا الله. قال الله تعالى لا تعلمهم نحن نعلمهم لذلك لا ينبغي الاقدام على دعوى معرفة الامور الخفية من اعمال القلوب. وانما يشكر الانسان سرائر الاخرين الى الله سبحانه وتعالى اما نحن فقد امرنا ان نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ثاني عشر المخلط الذي خلط الاعمال الصالحة بالاعمال السيئة وتجرأ على بعض المحرمات او قصر في بعض الواجبات مع اعترافه وحزنه نادما راجيا ان يغفر الله له فهو تحت الخوف والرجاء وهو الى السلامة اقرب اما المخلط الذي لا يعترف ولا يندم بل هو مصر على الذنوب فهو يخاف عليه اشد الخوف لان هذا الصنيع هو بداية النهاية نسأل الله العافية والسلامة ثالث عشر تكلم العلماء في ارجى اية في القرآن. فقال ابو عثمان النهدي ما في القرآن اية ارجى عندي لهذه الامة من قوله تعالى واخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا واخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم رابع عشر هذه الاية الكريمة عامة في كل المذنبين الخاطئين المخلصين المتلوثين ببعض الذنوب خامس عشر مجرد الاعتراف بالذنب ليس توبة لكن يقترن به الندم على الماضي والعزم على تركه في المستقبل وكان هذا الندم والتوبة اخلاصا لله. لاجل كونه منهيا عنه من قبل الله فهذا المجموع توبة. اذا الانسان لما يتوب ينبغي ان يؤدي شروط التوبة كاملة سادسا سادس عشر كما ان المؤمنين درجات سابقون وتابعون لهم باحسان فالمنافقون دركات فريق يعني عرفوا باقوال قالوها وفريق مردوا على النفاق. وحذقوه فالانسان كلما ازدادت ذنوبه كلما ازداد عذابه سابع عشر لم يكن من المهاجرين من نافق. وهذه فضيلة اخرى مع السبق فليس فيهم من نافق ثامن عشر اثبات وعذاب القبر كما في قوله سنعذبهم مرتين التاسع عشر المؤمن اذا عمل عملا صالحا فان الله لا يظلمه ولا يهضمه وما يفعله من المحرم اليسير فيستحق عليه العقوبة. ويرجى له من الله التوبة. وان مات ولم يتب فامره الى الله تعالى عشرون ان العبد لا يمكنه ان يتطهر ويتزكى حتى يخرج زكاة ما له وانه لا يكفرها شيء سوى ادائها. لان الزكاة والتطهير متوقف على اخراجها هذه وعشرون ينبغي ادخال السرور على المؤمنين بالكلام اللين والدعاء لهم ونحو ذلك مما يكون فيه طمأنينة وسكون لقلبه تاني وعشرون ينبغي تنشيط من انفق نفقة وعمل صالحا بالدعاء له والثناء عليه ثالث وعشرون عمل الحسنات يطهر النفس ويزكيها من الذنوب رابع وعشرون الصدقة توجب الطهارة من الذنوب وتوجب الزكاة التي هي العمل الصالح خامس وعشرون في قوله ان صلاتك سكن لهم دليل ان المؤمن ينتفع بدعاء اخوانهم سادس وعشرون علامة صدق التوبة الاجتهاد في العمل الصالح فالندم والتوبة ليس نهاية المطلب ولكنه العمل الصالح الذي يدل على صدق التوبة فينبغي على الانسان ان يجد في العمل الصالح وان يحذر التفريط في الاعمال الصالحة تابع وعشرون ترغيب في العمل الصالح وعدم التفريط به فالعمل الصالح مادة الجنة وسبب الرحمة وان العمل الصالح يراه الله تعالى. ويدني صاحبه منه وانه ينبغي للانسان ان يكون قدوة بحاله ومقاله. لاجل ان يقتدي به الاخرون بحاله وفعله وصنيعه ثامن وعشرون ربنا يرى اعمال عباده ويثيب عليها تاسع وعشرون السبق الى الهجرة طاعة عظيمة من حيث ان الهجرة فعل شاق على النفس. ومخالف للطبع فمن اقدم عليه اولا صار قدوة لغيره في الطاعة فنسأل الله تعالى ان يرحمنا وان يرحم امة محمد صلى الله عليه وسلم اجمعين هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته