المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثامن والمائتان الحديث الرابع عن صفية بنت حيي رضي الله عنها انها قالت كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم معتكفا فأتيته ازوره ليلا فحدثته ثم قمت لانقلب فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار اسامة بن زيد فمر رجلان من الانصار فلما رأى يا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اسرعا فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم على رسلكما انها صفية بنت حيي فقالا سبحان الله يا رسول الله فقال ان الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم واني خشيت ان يقذف في قلوبكما شرا او قال شيئا وفي رواية انها جاءت تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الاواخر من رمضان فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معها يقلبها حتى اذا بلغت باب المسجد عند باب ام سلمة ثم ذكره بمعناه رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث صفية رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معتكفا فأتيته ازوره ليلا الى اخره فيه فوائد عديدة منها مشروعية الاعتكاف ومنها ان المباشرة التي نهي عنها المعتكف هي التي تكون لشهوة كما قال شيخ الاسلام كل مباشرة اضيفت الى النساء فهي التي لشهوة واما المكالمة والمباشرة للمعتكف ونحوه من دون شهوة فلا بأس بها كما في هذا الحديث وحديث عائشة المتقدم ومنها انه لا بأس اذا زاره بعض اصحابه او بعض اهله ان يتحدث معهم ما لم يكن في ذلك مفسدة وينبغي الا يسترسل في ذلك ويكثر منه ومنها حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم مع كل احد خصوصا مع اهله ومن يتصل به فانها لما قامت لتنقلب اي لترجع الى مسكنها قام معها ليقلبها اي ليرجع معها الى باب المسجد ففي هذا تواضعه وحسن خلقه وهكذا ينبغي للانسان ان يحسن خلقه مع الناس كلهم خصوصا مع اهله واولاده ومن يتصل به لان هذا من البر وهم اولى الناس ببره ومنها انه ينبغي للانسان ان يجنب نفسه محال التهم وان يبعد عنها مهما امكن لان من قرب من محال التهم اتهم ومنها انه لو عرض له فعل شيء مصادفة لو رؤي في تلك الحال اتهم فينبغي له ان يزيل التهمة عن نفسه لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما رأى الانصاريين اسرعا قال على رسلكما فاخبرهما ان التي معه زوجته مع انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليس محلا للتهمة بل هو ابعد الخلق عنها ولهذا استغربا ذلك فقالا سبحان الله اي كيف نظن بك ظن السوء فاخبرهما بالعلة في ذلك فقال ان الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم اي ان له مع الانسان مجاري خفية لا يشعر بها الانسان وهي كمجاري الدم التي هي ادق المجاري ولها اتصال في جميع جسد الانسان لان الدم جوهر البدن وبه قوامه فالشيطان يجري مع تلك المجاري ولهذا كان من فوائد الصوم انه يضيق مجاري الدم التي يجري معها الشيطان وورد عليكم بالصوم فانه وجاء وهو مع هذا يرى الانسان من حيث لا يراه ولا يغفل عنه ابدا فهو دائما يوسوس له فلما كان بهذه المثابة قال فخشيت ان يقذف في قلوبكما شيئا اي من وساوسه او قال شرا اي فتهلكا ومن الفوائد في هذا الحديث بيان كيد الشيطان والتحذير من الاغترار في تسويله ووسوسته وقوله وكان مسكنها في بيت اسامة بن زيد كانت عادة اهل المدينة في ذلك الزمان ان يكون للانسان حوش واسع وفي داخله عدة بيوت لاناس متفرقين وذلك الحوش ينسب لواحد وبعضهم يستعمل ذلك الى الان فكان مسكن صفية في بيت اسامة اي حوشه الذي فيه عدة بيوت وكانت مساكن ازواجه صلى الله عليه وعلى اله وسلم حجرا على دائرة المسجد وابوابها مشرعة في المسجد واما صفية فلم يكن لها بيت كبيوت ازواجه على جدار المسجد لانها لم يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا بعد فتح اي برا ولم يبق بيت هناك والله اعلم