ومن هجر ظلما من هجر ظلما فانتقل من مكانه الذي الفه وولد فيه وعاش فيه وهذا السير الذي فيه افتراق هو اشد شيء. قال ابن حزم وما من دواهي الدنيا والسير الذي فيه قربة الى الله تعالى وفيه امتثال لامر الله تعالى مثل سفر الهجرة من دار الكفري الى دار الاسلام ومثل السفر للحج ومثل السفر للجهاد ومثل السفر في طلب العلم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين هؤلاء الحاصلون على هذا الجزاء هم الراجعون مما كرهه الله وصهضه الى ما يحبه ويرضاه الذين ذلوا خشية لله وتواضعا فجده في طاعته الحامدون لربهم على كل حال الصائمون المصلون الامرون بما امر الله به او امر به رسوله الناهون عما نهى الله عنه ورسوله الحافظون لاوامر الله بالاتباع ولنواهيه بالاجتناب واخبر ايها الرسول المؤمنين المتصفين بهذه الصفات بما يسرهم في الدنيا والاخرة لما ذكر الله تعالى في الاية السابقة انه اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة بين في هذه الاية الكريمة ان اولئك المؤمنين هم الموصفون بهذه الصفات الجميلة والخلال الجليلة طبعا نحو هذا في سورة ال عمران وفي سورة ال عمران ختمت الاية الخامسة عشرة والله بصير بالعباد لما ذكر الله تعالى جزاء الذين اتقوا ربهم فقال والله بصير بالعباد ثم قال في الاية السادسة عشرة الذين يقولون ربنا اننا امنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار وفي الاية السابعة عشرة قال الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار وتأمل اخي الكريم في هذه الصفات قال التائبون اي الذين اشترى الله منهم انفسهم واموالهم هم الراجعون عن معصية الله الى طاعته. تأمل ان التوبة رجوع عن المعصية الى الطاعة وتأمل اخي الكريم ان الاستغفار فيه فوائد. لان الانسان يترك ما لا يحبه الله تعالى. فهذا ملمح مهم جدا العابدون اي الذين ذلوا لله واطاعوه محبة لهم. واجتهدوا في عبادته وحده. طبعا العبادة هي غاية غاية الذل لمن له غاية الاحسان ونحن نعبد ربنا محبة وتعظيما وخوفا ورجاء الحامدون اي الذين يحمدون الله في جميع احوالهم وتأمل اخي الكريم قول الله تعالى ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وامنتم وكان الله شاكرا عليما قدم الشكر على الايمان لان العبد ينظر الى النعم فيشكر الله عليها ثم يؤمن بالمنعم فكأن الشكر سبب للايمان مقدم عليه ثمان حمد الله من ذكره والذكر روح الاعمال الصالحة فاذا خلى العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا رح فيه وهذه خصلة عظيمة ان الانسان يطالع النعم فيكثر من حمده ربه وشكره يستذكر الانسان ان هذه نعمة من عند الله بقلبه ويحمد الله بلسانه ويستخدم هذه النعم في مرضاة الله تعالى السائحون اي الصائمون هذا هو اغلب المفسرين والاخوة في مركز تفسير فسروه بالصائمين طبعا هذا يشمل هو يشمل الصائمين ونحن الان بحمد الله تعالى في شهر الصيام نسأل الله ان يجعله شهرا مباركا على امة الاسلام اجمعين يشمل المسافرين في القروات كالسفر للجهاد والحج والعمرة وطلب العلم وصلة الارحام وايضا يعني حتى ان عكر ما قال السائحون طلبة العلم لانهم يسيرون في الارض يركبون البحر ويقطعون القفر لاجل ان يطلب العلم ويبثوه وايضا يشمل السائحين بقلوبهم في ذكر الله ومحبته والانابة اليه والشوق الى لقائه وانه يترتب عليها كل ما ذكر من الاعمال الصالحة وايضا يعني هذا المعنى يعني يشمل ايضا المتدبرين الجائلون بافكارهم في توحيد ربهم وملكوتهم وما خلق من العبر والعلامات الدالة على توحيده وتعظيمه اذا السائحون مشتق من السياحة والسياحة السير في الارض. لكن هنا ليس سير الاجمام والنزهة كما يفعله كثير من الناس المراد به سير خاص محمود شرعا وهو السفر يعني وضع من دواه الدنيا يعد مثل الافتراق. يقول ولو سالت الارواح به فضلا عن الدموع كان قليلا. طبعا نذكر هذا في طوق الصحيفة الثامنة عشرة بعد الثلاث مئة فاصعب شيء ان الانسان يهجر من دياره ولا نوجد الملايين من المهجرين ولذلك ينبغي على الانسان ان يحتسب الاجر عند ربهم قال الراكعون الساجدون اي المصلون الراكعون والساجدون في صلواتهم المكتوبة والمندوبة الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر اي الذين يأمرون الناس بكل ما امر الله ويأمرون الناس بكل ما امر رسوله صلى الله عليه وسلم من الايمان بالله وطاعته وطاعة رسوله وينهونهم عن كل ما نهى الله ورسوله عنه مثل الشرك بالله والمعصية ولذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدلالة الى الخير والتحذير من الشر والنصيحة للخلق اعظم ما عبد الله به نصيحة الخلق ايها الاخوة اعظم ما عبد الله به ولذلك من جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل ونحن نعلم بان الجزاء من جنس العمل وتأملوا كيف ان الله قد سمى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم سراجا منيرا لان نوره للدنيا كنور الشمس واتم واعظم. فينبغي على الانسان ان يبث هدي النبوة في الافاق فهذه منزلة هي هي اعظم المنازل ان يقوم الانسان مقام النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة الى الله قال والحافظون لحدود الله اي والعاملون بامر الله ونهيه الذين لا يضيعون شيء من احكام الشريعة وهؤلاء الذين يحفظون حدود الله تعالى واوامر الله تعالى هم الصادقون مع الله والصادقون يدوم امرهم. اما الكاذبون فينقطع امرهم ولذلك الصدق مع الله يجعل الانسان يصبر على على حفظ حدود الله ومن ذلك ما يصيب الانسان من الفقر. يقول الامام احمد الصبر على الفقر مرتبة لا ينالها الا الاكابر ثم قال تعالى وبشر المؤمنين اي وبشر يا محمد جميع المؤمنين بكل خير في الدنيا والاخرة ونحن قلنا مرارا في الدروس ان كل امر للنبي فهو امر لامته وهنا قال وبشر المؤمنين لو ان البشارة ما جاء في سورة البقرة. طبعا هنا لم يذكر لم يذكر المبشر به وفي سورة البقرة الاية الخامسة والعشرين قال وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الانهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واتوا به ولهم فيها ازواج مطهرة وهم فيها خالدون. فذكر المبشر والمبشر والمبشر به. والسبب الموصل لهذه البشارة ولذلك ذكروا الجنة مهم جدا بانه اذا خلل القلب من ملاحظة في الجنة فترة العزائم ولذلك فان حظ القلب من نكد الحياة على قدر البعد عن القرآن الذي فيه البشارة. فهذه البشائر مهمة جدا ثم قال الله تعالى ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم لا ينبغي للنبي ولا ينبغي للمؤمنين ان يطلبوا المغفرة من الله للمشركين ولو كانوا اقرباءهم من بعد ما اتضح لهم انهم من اصحاب النار لموتهم على الشرك فتأمل اخي الكريم كيف ان الله سبحانه وتعالى يعلم هذه الامة اجمع والانسان يقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومن قراءة السيرة ينتفع الانسان كيفية السير الى الله تعالى اذا ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم لما بين الله تعالى من اول هذه السورة الى هذا الموضع وجوب اظهار البراعم من من الكفار والمنافقين في جميع الوجوه. بين في هذه الاية انه تجب البراءة حتى عن اموات الكفار حتى ولو كانوا في غاية القرب من الانسان كالاب والام مثلما اوجبت الايات البراءة عن احيائها والمقصود منه بيان وجود مقاطعتهم على اقصى الغايات والمنع من مواصلتهم بسبب من الاسباب ولما كثرت في هذه السورة الكريمة البراءة من احياء المشركين جاء الامر ايضا بالبراءة من اموات المنافقين بالنهي عن الدعاء لهم جاءت هذه الاية مشيرة الى البراءة من كل مشرك فوقع التصريح بعدها بما اشارت اليه فقال تعالى ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولذلك اخرج البخاري ومسلم من حديث سعيد بن المسيب عن ابيه قال لما حضرت ابا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده ابا جهل وعبدالله ابن ابي امية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عم قل لا اله الا الله كلمة اشهد لك بها عند الله فقال ابو جهل وعبدالله بن ابي امية يا ابا طالب اترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال ابو طالب اخر ما كلمهم هو على ملة عبدالمطلب وابى ان يقول لا اله الا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما والله لاستغفرن لك ما لم انهى عنه فانزل الله عز وجل ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى من بعد ما تبينوا كان لهم انهم اصحاب الجهل وانزل الله تعالى في ابي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين طبعا في هذا الحديث العظيم حث ابن العباد ان يتخيروا لانفسهم الاصحاب الفضلاء الذين يكونون لهم عونا على طاعة الله والتضرع الى الله يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر وان يبتعدوا عن قرناء السوء لما لهم من الخطر الكبير طبعا الانسان لما يتأمل في هذه الرواية وهذه الايات يتأمل الانسان رأفة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على عمه ابي طالب لما كان منه من الدفاع والمناصرة ولهذا كان يريد الاستغفار له لولا ان الله نهاه اذا ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين اي ما ينبغي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين يعني اسأل الله المغفرة للذين يعبدون معه غيره قال ولو كانوا اولي قربى اي حتى لو كانوا من اقاربهم وهذه امور الولاء والبراء مما ينبغي للانسان ان يعنى به غاية العناية وفي سورة المجادلة لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا اباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم ولذلك ينبغي على الانسان ان يحذر غاية الحذر جاء في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة قال زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر امه فبكى وابكى من حوله فقال استأذنت ربي في ان استغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في ان ازور قبرها فاذن لي فزوروا القبور فانها تذكر الموت اذا ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى. قال من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب اي من بعد ما تبين لمحمد صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ان المشركين هم اهل النار الخالدون فيها بموتهم على الكفر عيالا بالله تعالى ثم قال تعالى وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدتي ووعدها اياه فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه ان ابراهيم لاواه حليم وما كان طلب ابراهيم المغفرة لابيه الا بسبب وعده اياه ليطلبنها لهم رجاء يسلم. فلما اتضح لابراهيم ان اباه عدو لله لعدم نفع النصح فيه او لعلمه بوحي انه يموت كافرا تبرأ وكان استغفاره له اجتهادا منه لا مخالفة لحكم اوحى الله اليه به ان ابراهيم كثير التضرع ان ابراهيم كثير التضرع الى الله كثير الصفح والتجاوز عن قوله الظالمين طب المقصود اه هذه الاية الكريمة ان لا يتوهم الانسان ان الله سبحانه وتعالى منع نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم من بعض ما اذن فيه لابراهيم فقد بين الله تعالى ان هذا الحكم وهو ايجاب الانقطاع عن الكفار احيائهم وامواتهم غير مختص بدين محمد عليه الصلاة والسلام بل المبالغة في تقرير وجوب الانقطاع كانت مشروعة ايضا في ملة ابراهيم فتكون المقاطعة ظرورية فقال تعالى وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه. اي وما وقع استغفار ابراهيم عليه الصلاة والسلام لابيه الا بسبب وعده له بانه سيستغفر له والذي يقرأ الايات في قصة ابراهيم سيجد في هذا عدد من الايات كما قال تعالى هاكيا عن ابراهيم ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب قال تعالى فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه اي فلما علم ابراهيم عليه الصلاة والسلام ان اباه عدو لله تبرأ منه وترك الاستغفار له ان ابراهيم لاواه حليم سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام لكثير التضرع والدعاء لله. خوفا وحزنا وانه صابر على اذى الناس له وانه ذو رحمة بهم وصفح عما يصدر منهم لان الانسان اذا احسن اليك فاحسن اليه. واذا اساء اليك فنزه نفسك ان تسيء اليه ثم قال تعالى مبينا ما يتعلق بهذا الامر. قال وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ان الله بكل شيء عليم وما كان الله ليحكم على قوم بالضلال بعد ان وفقهم للهداية حتى يبين لهم المحرمات التي يجب اجتنابها فان ارتكبوا ما حرم عليهم بعد بيان تحريمه حكم عليهم بالضلال ان الله بكل شيء عليم لا يخفى عليه شيء وقد علمكم ما لم تكونوا تعلمون اذا لما منع الله تعالى المؤمنين من الاستغفار للمشركين والمسلمون كانوا قد استغفروا للمشركين قبلي نزلوا لهذه الاية فانه قبل نزول هذه الاية كانوا يستغفرون لابائهم وامهاتهم وسائر اقاربهم من مات على الكفر فلما نزلت هذه الاية خافوا بسبب ما صدر عنهم قبل ذلك من الاستغفار للمشركين فربنا جل جلاله طمأن المؤمنين فيما يتعلق بعدم محاسبتهم حتى يأتيهم الحكم الشرعي فقال تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون اي ليس من سنة الله في خلقه ولا من حكمته وعدله ان يضل قوما بعد هدايته لهم الى الايمان حتى يبين لهم ما يجب عليهم تركه فاذا بين لهم ولم يتقوا استحقوا حين ذاك اضلاله لهم وعقابه عليهم والنصوص في هذا كثيرة منها قوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصلح جهنم وساءت مصيرا ثم ختمت الاية بقول الله تعالى ان الله بكل شيء عليم. اي ان الله عليم بجميع الاشياء لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ثم قال الله تعالى ان الله له ملك السماوات والارض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ان الله له ملك السماوات وملك الارض لا شريك له فيهما لا يخفى عنه فيهما خافية. يحيي من شاء احياءه ويميت من شاء اماتته وما لكم ايها الناس غير الله من ولينا تولى امركم وما لكم من نصير يدفع عنكم السوء وينصركم على عدوكم لما امر الله تعالى بالبراءة من الكفار بين سبحانه وتعالى ان له الخلق وان له الامر فبين انه له ملك السماوات والارض فاذا كان هو ناصر لكم فلا يقدر احد على اظراركم ابدا فالانسان اذا تولى ربه فان الله تعالى يتولاه فقال ان الله له ملك السماوات والارض اي ان الله وحده له سلطان السماوات والارض لا شريك له في خلقه ولا تدبيره ولا في تشريعه يحيي ويميت اي الله وحده يحيي من يشاء ويميت من يشاء كما قال الله تعالى له ملك السماوات والارض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير وايضا في سورة الفاتحة الحمد لله فاطر السماوات والارض جاعل الملائكة رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء ان الله على كل شيء قدير ولذلك هنا الله يزيده في الخلق بل حتى الانسان المخلوق تستجد عنده اشياء وتتبدل اشياء هذا الدم الذي في جسم الانسان يبقى مئة وعشرين يوما ثم يستبدل بدم جديد قال وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير. اي وما لكم ايها الناس من احد غير الله ينفعكم. وما لكم من احد سواه ينصركم ويدفع عنكم ما يضركم ثم قال تعالى طبعا في هذه الصفحة ذكر امر التائبين في اول الصفحة وفي اخر الصفحة ايضا ذكر امر التوبة لاهمية التوبة فقال تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رؤوف رحيم لقد تاب الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. اذ اذن للمنافقين في التخلف عن غزوة تبوك ولقد تاب على المهاجرين وعلى الانصار الذين لم يتخلفوا عنه بل اتبعوا في غزوة تبوك مع شدة الحر وقلة ذات اليد وقوة الاعداء بعدما كادت تميل قلوب طائفة منهم هموا بترك الغزو عمر ابن عبد العزيز التاسع عشر من مقاصد التوبة تصحيح التقصير يقول عبدالله بن مبارك من اعظم المصائب للرجل ان يعلم من نفسه تقصيرا ثم لا يبالي. ولا يحزن عليه لما هم فيه من الشدة العظيمة. ثم وفقهم الله للثبات والخروج الى الغزو وتاب عليهم انه سبحانه رؤوف بهم رحيم ومن رحمته توفيقهم للتوبة وقبولها منهم. وتأمل اخي الكريم كيف ان الله قد تاب على نبيه في هذا الامر وفي هذا الاجتهاد الذي اجتهده. وهذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم انه يجتهد فيأتي الوحي بمتابعته لما تقدم الكلام في احوال المنافقين من تخلفهم عن غزوة تبوك وايضا جاء الاستطراد في تقسيم المنافقين الى اعراب والى غيرهم وربنا جل جلاله ذكر الذين بنوا مسجد الضرار وذكر مبايعة المؤمنين لله تعالى في الجهاد واثنى عليهم وانه ينبغي ان يبايدوا المشركين فمسألة البراء من المشركين من المسائل التي ينبغي على الانسان ان يعاودها يعني نفسه في مراجعته لفعله حتى يحقق الولاء لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين والبراءة من الشرك واهله انه ينبغي ان يباين من المشركين حتى الذين ماتوا منهم بترك الاستغفار لهم عاد الى ذكر ما بقي من احوال غزوة تبوك. فهذه الايات تتمة ما تقدم من موضوع توبتي المتخلفين عن غزوة تبوك افخرت على طريقة القرآن في تفريق الايات في الموضوع الواحد لانه يعني حتى لا يسأم التالي لها في الصلاة وغيرها وايضا اقوى في تجديد الذكرى وايضا لاجل التأثير في نفس القارئ والمستمع لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار اي لقد قبل الله تعالى التوبة والانابة من النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والانصار ووفقهم للتوبة فتابوا فتاب الله عليهم وهنا المهاجرون الذين هاجروا من مكة الى المدينة وتركوا امور الدنيا وراء ظهورهم نصرة لله ونصرة لنبيه. والانصار هم الذين نصروا دين الله ونصروا النبي صلى الله عليه وسلم ونصروا من هاجر اليهم فربنا جل جلاله تجاوز عنهم وغفر لهم قال الذين اتبعوه في ساعة العسرة اي الذين اطاعوا نبيه صلى الله عليه وسلم بالخروج معهم في غزوة تبوك في وقت العسرة بسبب شدة الحر وطول السفر وقلة الراحلة والماء والطعام والنفقة قال من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم اي تاب الله على النبي واصحابه الذين اتبعوه في غزوة تبوك. من بعد ما اوشكت قلوب بعض الناس ان تميل عن الحق فيا شكر ويرتاب بسبب المشقة الشديدة الف نالتهم في تلك الغزوة ثم تاب عليهم اي ثم رزق الله الصحابة الذين كادت قلوبهم ان تزيغ الانابة الى ربهم والرجوع الى الثبات على دينه وتأمل نحو هذا حصل فيه معركة احد تهم الطائفتان ان تفشلا وما هو الفشل؟ الفشل في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يعلم الانسان انه اذا قصر في الكتاب والسنة انه عليه ان يحذر الفشل قال تعالى انه بهم رؤوف رحيم. اي تاب الله على الفريق الذين كادت قلوبهم ان تزيغ عن الحق بان الله بالصحابة نبيه لان الله تعالى باصحاب النبي وبالنبي صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم ومن رأفته ورحمته بهم انه لا يريد اهلاكا بل انه سبحانه وتعالى وفقهم للتوبة وعافاهم من زيغ القلوب وثبتهم على دينه سبحانه وتعالى من فوائد الايات بطلان الاحتجاج على جواز الاستغفار للمشركين بفعل ابراهيم ان الذنوب والمعاصي هي سبب المصائب والخذلان وعدم التوفيق ان الله ومالك الملك وهو ولينا ولا ولي ولا نصير لنا من دونه بيان فضل اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الناس طبعا هذه الفوائد التي ذكرها الاخوة في المختصر في التفسير ويمكن ان يضاف عليها فوائد اخرى اولا ذكر الله تعالى صفات المؤمنين الكمل ليستبق الى التحلي بها عباد الله وليكونوا في اعلى المقامات لينالوا اكمل الدرجات عند الله ثانيا شعب الايمان بينها القرآن وفصلها الحديث النبوي الشريف وجمعها اهل الحديث في مؤلفات خاصة عامة ومفردا ثالثا للتوبة شروط اولا الاقلاع عن الذنب ثانيا الندم ثالثا العزم على عدم العودة رابعا ارجاع الحقوق الى اصحابها والامر المهم في ذلك كله في هذه الشروط الاربعة الدافع لذلك طلب رضا الله سبحانه وتعالى رابعا لابد للتائب من عبادة واشتغال بامر الاخرة والنفس ان لم تشغلها بطاعة الله اشغلتك بالمعصية فعلى التائب ان يبدل تلك الاوقات التي مرت في المعاصي باوقات الطاعات وان يتدارك ما فرط بهم وان يستبدل تلكم الخطوات الى الحرام بخطوات الى الخير. يقول ابن كثير في البداية والنهاية وان يبدل تلك الخطوات بخطوات الى الخير ويحفظ لحظاته وخطواته ولفظاته وخطراته. حتى الخواطر على الانسان ان يدفع خواطر السوء واذا استذكرها عليه ان لا يستدرها مستمتعا بها بل عليه ان يدفعها حتى لا يجعل الانسان في قلبه شيئا لا يحبه الله خامسا الاوصاف التي ذكرها الله للمؤمنين الكمل بعضها يتعلق بالتعامل مع الخالق وبعضها يتعلق بالتعامل مع المخلوق وهذا فيه ملمح فذلك لاجل ان نعلم ان الدين مبني على الاخلاص لله والاحسان لعبيدك في قوله تعالى وبشر المؤمنين مع حذف المبشر به فيه مقصد وهو التعظيم كأنه قال وبشرهم بما يجل عن احاطة الافهام وتعبير الكلام طبعا هذي في سورة التوبة في هذا الجزء. ومر معنا في سورة الاطراف الاية الخمسة وعشرين في الاية الخمسة وعشرين ادخل المبشر والمبشر والمبشر به والسبب الموصل لهذه البشارة والقرآن له مقاصد سبعة او سابعا النهي عن الاستغفار للكفار الذين يموتون على كفرهم وضلالهم ولو كانوا اولي قربى ولان رابطة الايمان اقوى من كل رابطة ثامنا ينبغي على المؤمن ان لا تقوده عاطفته الى مخالفة شرع الله تاسعا الحذر من مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه بحجة اتباع ما كان عليه الاباء فهذا من الكبر والعناد الذي كان يتصف به مشركو قريش عاشرا العقيدة الصحيحة هي الاساس الذي يبنى عليه حادي عشر تحريم الدعاء للكفار بالمغفرة احياء وامواتا وكذلك لا يجوز وصفهم المغفور له او المرحوم ثاني عشر لا يجوز موالاة الكفار حيهم وميتهم فان الله لم يجعل للمؤمنين ان يستغفروا للمشركين فطلبوا الغفران للمشرك مما لا يجوز ثالث عشر على المؤمن ان يقتدي بصفات النبي صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة وكذلك من امر الله بالاقتداء بهم ومنهم سيد الحنفاء ابراهيم ومن ذلك التأوه قال تعالى ان ابراهيم لاواه اي شديد الرق الموجب للتأوه من خوف الله ومن الشفقة على العباد الانسان لما يشفق على العباد يعمل الدعوة الى الله وارشاد الخلق وهذه من اعظم المنازل ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا رابع عشر على المؤمن ان يكون حليما عند الغضب ولا يكون ذلك الا برقة القلب فمن كان سريع الغضب عصبيا فليعلم انه ينبغي عليه ان يروظ قلبه ولا يرقق القلب مثل كلام الرب. ولا يصلح القلب الا كلام الرب خامس عشر ما من مؤمن الا وهو بحاجة الى التوبة والاستغفار سادس عشر غزوة تبوك سماها الله ساعة العسر تهويا لاوقات الكروب وتصبيرا على ما يصيب المؤمن فالمصائب امدها يسير مع انه سماها بالعسرى اذ اجتمع عليهم عسرة الدهر وعثرة الزاد وعسرة الماء ومر عند الاية الثانية والتسعين بكاء الذين لم يجدوا ظهرا يركبون عليه سابع عشر طاعة الله في المكاره الشاقة على النفس من اسباب توبة الله على العبد. فعلى الانسان ان يحتسب كل شيء يصيبه ثامن عشر هذه الصفحة الكريمة بدأت بذكر التوبة وختمت بذكر التوبة بحاجتنا الى التوبة دواما وقد ذكر النووي في رياض الصالحين باب التوبة قال العلماء التوبة واجبة من كل ذنب ثم ذكر شروط التوبة وبعدها قال ويجب ان يتوب من جميع الذنوب ثم قال وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة واجماع الامة على وجوب التوبة وسائق الادلة ثم اننا ايها الاخوة نعلم ان احدنا بولادته يدخل الدنيا دار الفناء فيحيى ثم يموت ويدخل بموته اول منازل الاخرة ثم يحيى حياة ابدية فعلى الحصيف ان يعلق قلبه بدار الحياة الباقية التي لا ثناء فيها وان لا يعكرها ميدان الحياة الفانية ولذلك فان الاموات محبوسون في قبورهم نادمون على ما فرطوا والاحياء في الدنيا يقتتلون على ما ندم عليه اهل القبور فلا هؤلاء لا هؤلاء يرجعون ولا هؤلاء بهؤلاء معتبرون كما قال ذلك الخليفة الاموي عشرون المتصفون بصفات الكمال ومنها التوبة اثر فيهم محبة الله ومحبة الله اذا تمكنت من القلب ظهرت اثارها على الجوارح اذا تمت الصفحة بحمد الله وتمت الفوائد بحمد الله وما زال في هذه الصفحة كلمات ينبغي على المؤمن ان لا يفوت فوائدها وان يتأثر فيها. تأمل في وصف ابراهيم لاواه اي كثير التوجع شفقا وفرقا كثير التضرع والدعاء لله وكل كلام يدل على حزن يقال له التأوه. حليم اي بضيء الغضب يصبر على الاذى والحلم الاناة والسكون مع القدرة والقوة واصل حلمة يدل على ترك العجلة فالانسان ينبغي ان يكون حليما وينبغي عدا الانسان ان يكون اواها ومر في هذه الصفحة يزيغ اي تعدل وتميل عن الحق. واصل زيغة يدل على ميل الشيء عن الاستقامة. ويحذر الانسان يحذر الانسان انه يزيغ عن الحق. وان يزيغ الى الباطل وتأمل ان هذه الصفات الاباة والحليم ذكرت في ابراهيم وابراهيم عليه السلام يمر معنا في الصلاة في كل صلاة في سورة الصافات قال سلام على ابراهيم لنعلم ان من يمتثل هذه الصفات ينال السلامة. ومن منا لا يريد السلامة وهذه سلام على ابراهيم جاءت بعد قصة ذبح الولد حتى نعلم ان الصبر على تربية الاولاد امر يحتاج الى مجاهدة والى بذل الاوقات والمهج وان يكون الاب قدوة لولده بحاله وبمقامه وايضا ابراهيم عليه السلام هو الذي سلم على هذه الامة في قصة الاسراء والمعراج فالمؤمنون يسلمون عليه في الصلاة ويدعون له بالسلامة من كل الافات وابراهيم هو الذي وفى. وقال تعالى وابراهيم الذي وفى. فينبغي على الانسان ان يوفى عهوده مع الله تعالى وابراهيم هو الذي استعمل نعم الله في مرضات مسديها ولاحظ هذا المعنى في سورة إبراهيم مع سورة النحل مع ذكر الايتين الواردتين وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وابراهيم عليه السلام هو الذي دعا لهذه الامة. دعا بان يبعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يعلم الناس الكتاب والحكمة. ويزكيهم. فالانسان يستذكر هذه المعاني حتى يؤدي الدور الواجب الذي عليه هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته