المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي لما كان اعداء الرسول يقولون تربصوا به ريب المنون. قال الله تعالى هذا طريق مسلوك معبد منهوك. فلم نجعل لبشر من قبلك يا محمد الخلد في الدنيا. فاذا مت فسبيل امثالك من الرسل والانبياء والاولياء وغيرهم اي فهل اذا مت خلدوا بعدك؟ فليهنهم الخلود اذا ان كان وليس الامر كذلك بل كل من عليها فان. ولهذا قال ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون كل نفس ذائقة الموت. وهذا يشمل سائر نفوس الخلائق. وان هذا كأس لا بد من شربه. وان طال بالعبد المدى وعمر سنين ولكن الله تعالى اوجد عباده في الدنيا وامرهم ونهاهم وابتلاهم بالخير والشر بالغنى والفقر والعز والذل والحياة والموت فتنة منه تعالى ليبلوغهم ايهم احسن عملا. ومن يفتتن عند مواقع الفتن ومن ينجو فنجازيكم باعمالكم ان خيرا فخير وان شرا فالشر. وما ربك بظلام للعبيد وهذه الاية تدل على بطلان قول من يقول ببقاء الخضر. وانه مخلد في الدنيا فهو قول لا دليل عليه. ومناقض للادلة الشرعية شرعية وهذا من شدة كفرهم فان المشركين اذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزأوا به وقالوا اهذا الذي يذكر الهتكم؟ اي اهذا المحتقر بزعمهم؟ الذي يسب الهتكم ويذمها ويقع فيها. اي فلا تبال به ولا تحتفلوا به. هذا استهزاؤهم واحتقارهم له بما هو من كماله. فانه الاكمل الافضل. الذي من فضائله ومكارمه اخلاص العبادة لله. وذم كل ما يعبد من دونه وتنقصه. وذكر محله ومكانته. ولكن محل الازدراء والاستهزاء هؤلاء الكفار الذين جمعوا كل خلق ذميم. ولو لم يكن الا كفرهم بالرب وجحدهم لرسله. فصاروا بذلك من اخس الخلق وارذلهم. ومع فذكرهم للرحمن الذي هو اعلى حالاتهم كافرون بها. لانه لا يذكرونه ولا يؤمنون به الا وهم مشركون. فذكر وهم كفر وشرك فكيف باحوالهم بعد ذلك؟ ولهذا قال وفي ذكر اسمه الرحمن هنا بيان لقباحة حالهم. وانهم كيف قابلوا الرحمن مسد النعم كلها. ودافعوا النقم الذي ما بالعباد من نعمة الا منه ولا يدفع السوء الا اياه. بالكفر والشرك. خلق الانسان من عجل خلق الانسان من عجل. اي خلق عجولا. يبادر الاشياء. ويستعجل بوقوعها. فالمؤمنون يستعدلون عقوبة الله للكافرين ويتباطؤونها والكافرون يتولون ويستعجلون بالعذاب. تكذيبا وعنادا ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين؟ والله تعالى يمهل ولا يهمل. ويحلم ويجعل لهم اجلا مؤقتا. اذا جاء اجلهم لا تأخرون ساعة ولا يستقدمون. ولهذا قال ساريكم اياتي اي في انتقامي ممن كفر بي وعصاني. فلا تستعجلون ذلك. وكذلك الذين كفروا يقولون قالوا هذا القول اغترارا. ولما يحق عليهم العقاب وينزل بهم العذاب لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون. فلو يعلم الذين كفروا حالهم الشنيعة حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم. اذ قد احاط بهم من كل جانب وغشيهم من كل مكان ولا هم ينصرون اي لا ينصرهم غيرهم فلا نصروا ولا انتصروا. بل تأتيهم بغتة بل تأتيهم النار بغتة فتبهتهم من من الانزعاج والذعر والخوف العظيم. فلا يستطيعون ردها اذ هم اذلوا واضعف من ذلك. اي فيؤخر عنهم العذاب فلو علموا هذه الحالة حق المعرفة لما استعجلوا بالعذاب ولخافوه اشد الخوف ولكن لما ترحلوا عنهم هذا العلم قالوا ما قالوا. ولما ذكر استهزائهم برسوله بقولهم اهذا الذي يذكر الهتكم؟ سلاه بان هذا الاممي السالفة مع رسولهم فقال ما كانوا به يستهزؤون. احاق بالذين سخروا منهم اي نزل بهم ما كانوا به يستهزئون. اي نزل بهم العذاب وتقطعت عنهم الاسباب. فليحذر هؤلاء ان يصيبهم ما اصاب اولئك المكذبين بالليل والنهار من الرحمن. بل هم عن ذكر ربهم معرضون. يقول تعالى ذاكرا عجز هؤلاء الذين اتخذوا من دونه الهة وانهم محتاجون مضطرون الى ربهم الرحمن الذي رحمته شملت البر والفاجر في ليلهم ونهارهم فقال قل من يكلأكم اي يحرسكم ويحفظكم بالليل اذ كنتم نائمين على فرشكم وذهبت حواسكم وبالنهار وقت انتشاركم وغفلتكم من الرحمن. اي بدله غيره. اي هل يحفظكم احد غيره؟ لا حافظ الا فلهذا اشركوا به والا فلو اقبلوا على ذكر ربهم وتلقوا نصائح لهدوا لرشدهم ووفقوا في امرهم. اي اذا اردناهم هل من الهتهم من يقدر على منعهم من ذلك السوء؟ والشر النازل بهم اي لا يعانون على امورهم من جهتنا. واذا لم يعانوا من الله فهم مخذولون في لا يستطيعون جلب منفعة ولا دفع مضرة. والذي اوجب لهم استمرارهم على كفرهم وشركهم قوله حتى طال عليهم العمر. افلا يرون انا نأتي الارض بل متعنا هؤلاء واباءهم حتى طال عليهم العمر. اي امددناهم بالاموال والبنين واطلنا اعمارهم. فاشتغلوا بالتمتع بها ولهوا بها عما له خلقوا. وطال عليهم الامد. فقصت قلوبهم وعسى طغيانهم وتغلظ كفرانهم فلو الفتوا انظارهم الى من عن يمينهم وعن يسارهم من الارض لم يجدوا الا هالك ولم يسمعوا الا صوت ناعية ولم يحسوا الا بقرون متتابعة على الهلاك. وقد نصب الموت في كل طريق لاقتناص النفوس الاشرار ولهذا قال افلا يرون انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها؟ اي بموت اهلها وفنائهم شيئا فشيئا حتى يرث الله الارض ومن عليها وهو خير الوارثين. فلو رأوا هذه الحالة لم يغتروا ويستمروا على ما هم عليه. افهم الغالبون الذين بوسعهم الخروج عن قدر الله. وبطاقتهم الامتناع عن الموت. فهل هذا وصفهم حتى يغتروا بطول البقاء؟ ام اذا جاء جاءهم رسول ربهم لقبض ارواحهم اذعنوا وذلوا ولم يظهر منهم ادنى ممانعة اي قل يا محمد للناس كلهم انما انذركم بالوحي اي انما انا رسول لا اتيكم بشيء من عندي ولا عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا اقول اني في ملاك وانما انذركم بما اوحاه الله لي. فان استجبتم فقد استجبتم لله وسيثيبكم على ذلك. وان اعرضتم وعرضتم فليس بيدي من الامر شيء وانما الامر لله. والتقدير كله لله ولا يسمع الصم الدعاء اي الاصم لا يسمع صوتا. لان سمعه قد فسد وتعطل شرط السماع مع الصوت ان يوجد محل قابل لذلك. كذلك الوحي سبب لحياة القلوب والارواح وللفقه عن الله. ولكن اذا كان قلبك غير قابل لسماع الهدى. كان بالنسبة للهدى والايمان بمنزلة الاصم. بالنسبة الى الاصوات. فهؤلاء المشركون صم عن الهدى فلا يستغرب عدم اهتدائهم خصوصا في هذه الحالة التي لم يأتهم العذاب ولا مسهم الم ليقولن يا ويلنا انا كنا فلو مسهم نفحة من عذاب ربك. اي ولو جزء يسير ولا يسير من عذابه يا ويلنا انا كنا ظالمين. اي لم يكن قولهم الا الدعاء بالويل والثبور والندم. والاعتراف وكفرهم واستحقاقهم للعذاب