بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى ان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن اياتنا غافلون ان الكافرين الذين لا يتوقعون لقاء الله فيخافوه او يطمع فيه وارتضوا الحياة الدنيا الفانية بدلا من الحياة الاخروية الباقية وسكنت انفسهم اليها فرحة بها والذين هم عن ايات الله ودلائله معرضون عنها لا هن ربنا جل جلاله لما اقام الدلائل الظاهرة على صحة القول باثبات الاله الرحيم الحكيم وعلى صحة القول بالمعاد والبعث والنشور والحشر ربنا جل جلاله بين في هذه الايات احوال من يكفر بهذه وايضا شرح من يؤمن بها فربنا جل جلاله بين في هذه الايات احوال الكافرين وبعدها احوال المؤمنين فقال تعالى ان الذين لا يرجون لقاءنا اي ان الذين لا يتوقعون لقاءنا يوم القيامة فلا يخافون من لقاء الله ولا يطمعون فيه ولا يخافون من عقابه ولا يطمعون في ثوابه ولذلك المؤمن يعبد ربه خوفا ورجاء وايضا يعبد ربه محبة لان الله ينعم عليه فهنا لا يرجون معنى الرجاء الخوف ومعناها ايضا الطمع فالانسان يخاف العقاب ويطمع بالثواب ولذلك فان الثواب سمي ثوابا لانه يثوب على الانسان بالخير اي يعود له بالخير فقال ان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها اي وردوا بالحياة الدنيا بدلا من الاخرة وفرحوا بها وركنوا اليها وسكنوها ترك سنة الانسان الباقي فيها قال والذين هم عن اياتنا غافلون ايها الذين هم عن اياتنا القرآنية معرضون ولا يتفكرون بالايات الافقية. لان الانسان في اي شيء يحرك نظره يجد ايات الله في كل مكان ثم قال تعالى في حكم هؤلاء اولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون اولئك المتصفون بهذه الصفات مستقرهم الذي يأبون اليه هو النار بسبب ما اكتسبوه من الكفر والتكذيب بيوم القيامة فربنا جل جلاله بين حالهم اي اولئك الذين تلك صفاتهم مقرهم ومسكنهم في الاخرة النار بسبب ما كانوا يكسبونه في الدنيا من الكفر والشرك والمعاصي عياذا بالله تعالى ولما بين ربنا حال هؤلاء وحكم هؤلاء قال ان الذين امنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم ان الذين امنوا بالله وعملوا الاعمال الصالحات يرزقهم الله الهداية الى العمل الصالح الموصل الى رضاه بسبب ايمانهم ثم يدخلهم الله يوم القيامة في جنات النعيم الدائم تجري من تحتهم الانهار فربنا جل جلاله لما شرح احوال المنكرين الجاهلين كما في الاية المتقدمة لا يسمعون الايات القرآنية ولا تتحرك عقولهم للايات الكونية والليل والنهار والشمس والقمر ذكر ربنا في هذه الاية اخواني المؤمنين فذكر صفاتهم اولا ثم ذكر ما لهم من الاحوال يوم القيامة والرفعة والمنزلة وهنا يعني في القرآن يأتي دوام حينما يذكر احوال جهة يذكر احوال الجهة الاخرى فقال ان الذين امنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم حتى هنا اختيار ربهم لم يؤتى باسم الجلالة اتي بهذا الاسم اسم الرب وفيه يعني العناية بهؤلاء فربنا جل جلاله ورب الجميع وهناك ايضا ربوبية خاصة ما يرفد به عباده المؤمنين اي ان الذين امنوا بكل ما وجب عليهم الايمان به. ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره وتؤمن بالبعث اي ان الذين امنوا بكل ما وجب عليهم الايمان به وعملوا الصالحات يزيدهم ربهم في الدنيا هدى الى هداهم. ويرشدهم في الاخرة الى جناته وذلك بسبب ايمانهم ربنا قال الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور وربنا قال يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم وربنا قال ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ثم قال ربنا مما رغب في هؤلاء قال تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم اي تجري من تحت هؤلاء الذين امنوا وعملوا الصالحات الانهار فتجري من تحت غرفهم ومقاعدهم وسرورهم في بساتين النعيم وهذه الانهار هي انوار متنوعة فيها فيها الذ المشارب ومنظرها اجمل المناظر وحينما يشح على الناس في هذه الدنيا الماء يدرك الانسان حاجته الى الماء ثم قال ربنا دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام واخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين دعائهم في الجنة هو تسبيح الله وتقديسه وتحية الله لهم وتحية الملائكة وتحية بعضهم البعض سلام وخاتمة دعائهم الثناء على الله رب المخلوقات كلها اذا هذه اية عظيمة دعواهم فيها سبحانك اللهم اي دعاء المؤمنين في الجنة ان يقولوا سبحانك اللهم اي ننزهك يا الله تنزيها من كل عيب ونقص ولذلك يقول جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ان اهل الجنة يأكلون فيها ويشربون لا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخضون قالوا فما بال الطعام؟ قال جشاء ورشح كرشح المسك يذهبون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس. هذا الحديث يفسر الاية فيما يتعلق هنا دعواهم فيها سبحانك اللهم في الجنة تسقط جميع التكاليف جميع التكاليف التي يخل فيها الانسان في الدنيا تسقط ولكنهم لما يرون من عظم النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم فاذا احتاجوا شيئا وطلبوا شيء قالوا سبحانك اللهم لعظيم رضاهم عن الله تعالى ولذلك لا يوجد شيء من النعيم في الدنيا من نعيم الجنة الا الذكر. فينبغي على الانسان ان يكثر من ذكر الله تعالى واذا كان يذكر فلا يجد اللذة فليعلم ان لديه مانع من اللذة التقصير في حق في اداء حقوق الله او الذنوب فيخلص الانسان نفسه فيؤدي الحقوق لله كاملة ويحذر الذنوب سيجد لذة وانشراحا للصدر ما بعده فذكر الله في الدنيا هو من نعيم الجنة فهنا لما يرون من النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام. ايوا تحية المؤمنين في الجنة دعاء بعضهم لبعض بالسلامة من كل سوء الجنة دار السلام فهي سليمة وهم يهنئونهم على ما سلمهم الله تعالى قالوا اخر دعواهم ان الحمدلله رب العالمين ولذلك لما يرون من النعيم ولما يتمتعون به يكثرون من تسبيح الله وتنزيهه. وحمد الله تعالى اي وخاتمة دعائهم ان يقولوا الحمد لله رب العالمين اي جميع المحامد مستحقة لله تعالى رب العالمين فهو وحده الموصوف بالكمال مع محبته وتعظيمه باعتبار ان الحمد هو يعني يعني ذكر المحامد لله تعالى والكمال محبة وتعظيما ثم قال الله تعالى ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي اليهم اجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون ولو يعجل الله سبحانه استجابة دعاء الناس على انفسهم واولادهم واموالهم بالشر عند الغضب مثل ما يستجيب لهم في دعائهم بالخير لهلكوا ولكن الله يمهلهم فيترك الذين لا ينتظرون لقاءه لانهم لا يخافون عقابا ولا يرتجون ثوابا يتركهم مترددين حائرين مرتابين في يوم الحساب ولذلك على الانسان ان يراقب نفسه وان يحذر من الغفلة وان يحذر من العقاب حينما يغفل الانسان عن طاعة الله تعالى وهذه اية عظيمة تبين حاج الانسان وربنا جل جلاله لما وصف الكفار بانهم لا يرجون لقاء الله ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وكانوا عن ايات الله غافلين بين ان من غفلتهم ان الرسول متى انذرهم؟ استعجلوا العذاب جهلا منه منهم وسفها وهذا كما قال تعالى في سورة الرعد ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وان ربك لدوا مغفرة للناس على ظلمهم وان ربك لشديد العقاب وهم يستعجلون بالعذاب من الرسول وايضا الناس يدعون على انفسهم كثيرا ما يدعون على انفسهم وعلى اولادهم فقال تعالى ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي اليهم اجلهم اي ولو يعجل الله للناس الشر اذا دعوا به على انفسهم كاستعجالهم بالخير لهلكوا ولذلك لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر واحدهم لعن الدابة التي يركب عليها يعني امرهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال انزل عنه فلا تصحبنا بملعون. قال انزل عنه فلا تصحبنا بملعون ثم قال لا تدعوا على انفسكم ولا تدعوا على اولادكم ولا تدعوا على اموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيبوا لكم. اذا الانسان من هي يعني الدعاء على نفسه او على ولده ثم قال فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهن اي فنترك الذين لا يؤمنون بلقائنا فلا يخافون عقابنا ولا يطمعون ثوابنا. نتركهم في تمردهم مترددين متحيرين لا يهتدون الى الحق. اذا ربنا يتركهم في الدنيا بالضلالة ويتركهم يتخبطون حتى يقعوا في النار يوم القيامة وربنا بين عقوبة من يستحق العقاب فقال ان الذين لا يؤمنون بالاخرة زينا لهم اعمالهم فهم يعمهن ثم قال الله تعالى مبينا حال الانسان فقال واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون واذا اصاب الانسان المسرف على نفسه مرض او سوء حال دعانا متذللا متضرعا مضطجعا على جنبه او قائما او قاعد او قائم رجاء ان يزال ما به من ضر فلما استجبنا دعاءه وازلنا ما به من ضر مضى على ما كان عليه كأنه لم يدعنا لكشف ضرط اصابه كما زين لهذا المعرض الاستمرار في ضلاله زين للمتجاوزين للحدود بكفرهم ما كانوا يعملونه من الكفر والمعاصي فلا يتركونه ولذلك ربنا جل جلاله لما حكى عن الكافرين انهم يستعجلون في نزول الاعداء ثم بين في هذه الاية الكريمة انهم كاذبون في ذلك الطلب وانهم كاذبون في ذلك الاستعجال بانه لو نزل بالانسان ادنى شيء يكرهه ويؤذيه فانه يتضرع الى الله تعالى في ازالته عنه وفي دفعي عنه وذلك يدل على انه ليس صادقا في هذا الطلب وهذا الانسان هو بنفسه يكذب نفسه في طلب الشر وهو في الحقيقة لا يريد حقيقة الشر فربنا قال واذا مس الانسان الضر دعانا لجلبه او قاعدا او قائم. اي واذا اصاب الانسان الشدة والكرب اجتهد في دعاء الله تعالى في جميع احواله مضطجعا على جنبه او قاعدا او قائم وربنا جل جلاله قال واذا انعمنا على الانسان اعرض ونأى بجانبه واذا مسه الشر فذو دعاء عريظ وربنا قال واذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر فمنهم مقتصد وما يجحد باياتنا الا كل ختار كفور اذا ربنا يقول فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعونا الى ضر مسه هذا والعياذ بالله الذي ينكر النعمة اي فلما فرجنا عن الانسان المضطر واستجبنا دعاءه وانجيناه استمر على ما كان عليه من الكفر والمعاصي ونسي او تناسى ما كان فيه من الشدة التي انقذه الله منها وانه لم يتعظ بتلك الشدة ولم يؤدي شكر الله تعالى ففي هذه الحال يعني نسي او تناسى كأنه لم يدعو الله الى ما اصابه وربنا قال فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون ليكفروا بما اتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون وربنا قال واذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمة منه وذاك كل ما لديك فهو تخويل وقتي وسوف تذهب الى الله تعالى فرادى وتترك ما خولك الله به وراء ظهرك قالوا اذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو اليه من قبل وجعل لله اندادا ليضل عن سبيله. قل تمتع بكفرك قل تمتع بكفرك قليلا. انك من اصحاب النار اذا في هذه السورة ربنا قال ختم الايقاظ كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون اي كما زين الانسان الدعاء عند البلاء والاعراض عند الرخاء واستمراره على ما كان عليه من كفران بعد كشف ضره. كذلك زين للكافرين المجاوزين الحد بالكفر والعصيان ما كانوا يعملونه من ذلك ولذلك على الانسان ان يحذر العقوبة فربنا جل جلاله يمد الانسان بالصحة والعافية وينسى الانسان ان هذا من الاستدراج ثم قال تعالى ولقد اهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ولقد اهلكنا الامم من قبلكم ايها المشركون للتكذيبهم لرسول الله وارتكابه في المعاصي. وقد جاءتهم رسلهم الذين ارسلناهم اليهم بالبراهين الواضحة. الدالة على صدقهم فيما جاءوا به من عند ربهم فما استقام لهم ان يؤمنوا لعدم استعدادهم للامام فخذلهم الله ولم يوفقهم له كما جازينا تلك الامم الظالمة نجزي امثالهم في كل زمان ومكان وحقيقة في هذا تحذير عظيم ان الانسان عليه ان لا ينسى لا ينسى التاريخ المعاصر الذي يحصل فيه ما يحصل ونرى الايات في هذا الشيء المناسب. وايضا القرون السابقة وربنا جل جلاله قد ذكر فيها يعني قد حينما تطوف البلاد وتبحث تجد معالم قديمة وربنا جل جلاله قال الم يروا كم اهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الارض ما لم نمكن لكم وارسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الانهار تجري من تحتهم فاهلكناهم بذنوبهم وانشأنا من بعدهم قرنا اخرين. اذا يعني الانسان ان يتعظ بالتاريخ المعاصر وكم شاهدنا ونشاهد من الظلمة من اهلكهم الله تعالى وايضا الامم السالفة واذا سرنا في الارض علينا ان نسير سير اعتبار وكم حرت هذه الارض من حضارات ثم ذهبت لكن بقيت العبرة فيأخذ المؤمن العبرة. اذا ربنا يقول ولقد اهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجائتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا. كذلك نجزي القوم المجرمين فربنا جل جلاله اعاد الخطاب الى المشركين عودا على بدئه بمناسبة التماثل بينهم وبين الامم قبلهم في الغرور بتأخير العذاب عنهم حتى حل بهم الهلاك فجأة وهذا التهديد تهديد وموعظة بما حل بامثالهم. اذا على الانسان ان يعتبر بغيره فقال تعالى ولقد اهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا. لما ظلموا اي ولقد اهلكنا بالاستئصال الامم الماضية التي كانت قبلكم ايها المشركون لما اشرك اهلها بالله وكذبوا رسله وخالفوا امره ونهيه وربنا قال اولم يهدي لهم كم اهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم. ان في ذلك لايات افلا يسمعون وربنا قال وكم اهلكنا قبلهم من قرن هم اشد منهم بطشا تنقبوا في البلاد هل من محيص اذا الله سبحانه وتعالى يعطينا امثلة على امم كانت اقوى لكن الله قد اهلكهم فهم ذهبوا ولكن بقي حسابهم ثم قال تعالى وجاءتهم رسلهم بالبينات اي واتت الامم الماضية رسل الله من معجزات والبراهين الواضحة التي تدل على صدقهم قال وما كانوا ليؤمنوا اي فلم يكن اهل القرون الماضية ليؤمنوا برسل الله الذين جاؤوهم بالمعجزات لماذا؟ لان الله طبع على قلوبهم بسبب شدة كفرهم ومعاندتهم للحق واستعمال النعم في غير مرات نسديها. ولذلك دوام من كبر مقولة ابي حازم سلمة ابن دينار كل نعمة لا تقربوا الى الله فهي بلية. حتى يرعى الانسان نعم الله ولاجل ان يضع كل شيء في محله وربنا لما ذكر اصاب الامم السابقة قال كذلك نجزي القوم المجرمين حتى نعلم ان سنة الله تعالى هي اهلاك المعتدين اي كما اهلكنا اهل القرون الماضية من قبلكم ايها المشركون بسبب شركهم كذلك نهلككم اذا لم تتوبوا وتؤمنوا بالله ورسله ونهلك كل مشرك وكافر كذلك وربنا قال الم نهلك الاولين ثم نتبعهم الاخرين كذلك نفعل بالمجرمين. اذا من اجرم وتجاوز الحد فليحذر سطوة الجبار. فربنا جل جلاله يمهل ولا يهمل قال تعالى ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون ثم صيرناكم ايها الناس خلفا لتلك الامم المكذبة التي اهلكناها لننظر كيف تعملون هل تعملون خيرا فتثاب عليه؟ ام تعملون شراء فتعاقب عليه اذا هذا الخطاب معطوف على الخطاب الذي قبله ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعد اولئك الاقوام كلها بما اتيناكم في هذا الدين من اسباب القوة والنصر هو الملك والحكم وقدرناه لكم باتباعه اذ كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاءكم به فهو خاتم النبيين ولذلك لا يوجد امة بعد هذه الامة ولذلك يا ربنا جل جلاله يبشر هذه الامة بانها هي التي هي الامة السائدة في الارض حينما تعمل بالقرآن وبالسنة ولكن يتأخر النصر حينما تتأخر اسبابه قال ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم اي ثم جعلناكم سكانا في الارض تكونون فيها من بعد الامم الماضية التي اهلكناها قال ننظرا كيف تعملون اي استخلفناكم بعدهم لننظر اي عمل تعملون من اعمال الخير او الشر فنجازيكم عليه ولذلك جاء في صحيح مسلم من حديث ابي سعيد الخدري سعد ابن مالك ابن سنان ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الدنيا حلوة خضراء ان الدنيا حلوة خضرة وان الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون ولذلك هذه الاية الكريمة قرأها عمر الفاروق وفي زمن الفاروق اتسعت دولة الاسلام اتساعا عظيما قرأ هذه الاية الكريمة فقال صدق ربنا ما جعلنا خلائف الارض الا لينظر الى اعمالنا قال فادوا خير اعمالكم بالليل والنهار والسر والعلانية وهكذا ينبغي على الانسان ان يعمل بطاعة الله تعالى وان يستخدم النعم في مرضات الله تعالى من فوائد الايات ذكر الاخوة في المختصر في التفسير ثلاثة فوائد لهذه الصفحة لطف الله بعباده في عدم اجابة دعائهم على انفسهم واولادهم بالشر بيان بيان حال الانسان بالدعاء في الضراء والاعراض عند الرخاء والتحذير من الاتصال بذلك هلاك الامم السابقة كان سببه ارتكابهم المعاصي والظلم هذه الفوائد في ذكرها الاخوة وبالامكان ان يظاف اولا بشارة للمؤمنين على دوام الدين فربنا جل جلاله هو المعبود الى الابد على طول المدى ثانيا اهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس وانما يكون ذلك في ذلك حينما يرون تزايد النعم فالنعم في الجنة تتكرر وتعاد وتزاد ليس لها انقضاء ولا امد بل هي نعيم دائم ثالثا لو يعجل الله للناس دعاءهم على انفسهم وذويهم لهلكوا ولكن الله حليم رحيم بعباده وهو اعلم بما يصلحهم وهذا يدل على عجلة الانسان وعدم صبره وانه لا بد ان يروض الانسان نفسه حتى يحسن قيادها ولذلك فان المؤمن يقرأ القرآن لمقاصد ومنها معالجة النفس ومجاهدتها على ما فيه خير الدنيا والاخرة رابعا النية لها اثر عظيم فالداعي على نفسه وذويه في حقيقة الامر لم يقصد هذا ولكنه ساقه اليه حدة الطبع وعجلة النفس بوساوس الشيطان ولذلك فان الله سبحانه وتعالى يرحم عباده بعدم الاستجابة في الاعم الاغلب وقد يستجاب كما في الحديث الذي رواه مسلم برقم ثلاثة الاف وتسعة حينما قال على الذي لعن ما يركب قال انزل عنه فلا تصحبنا بملعون ثم قال لا تدعوا على انفسكم ولا تدعوا على اولادكم ولا تدعوا على اموالكم. لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب اذا على الانسان ان يحذر خامسا على المؤمن ان لا يطمع ان تكون الدنيا حظه ونصيبه يعني على الانسان ان لا يطلع بالدنيا ويتمسك بها بل عليه ان يريد الشيء الاعظم وهو الجنة والدار الاخرة فامد الدنيا قليل والاخرة طويلا بل عليه على الانسان ان يستعمل الدنيا سبيلا للاخرة فالدنيا دار ممر وليست مستقرة وانما الحياة الكاملة هي الاخرة لانها ابدية سرمدية سادسا الانسان منتقل عن الدنيا لا محالة فعليه ان لا تسكن نفسه اليها بل يجب ان يتزود لطريق رحلته الطويل ولذلك هذه الايام التي نقضيها هي مراحل مراحل نقطعها في رحلتنا الى ربنا والمؤمن يلاقي ربه بعمله فليحسن الانسان في هذه الدنيا لاجل رحلته الطويلة سابعا المؤمن يسعى للاعمال الصالحة التي يزداد بسببها ايمان فربنا يسدد المؤمنين الى الاستقامة بسبب ايمانهم. بل يسددهم في الدنيا ويسددهم في طريق الاخرة ثامنا استحباب حمد الله بعد انتهاء المجالس تاسعا من معاني الدعاء بالسلام اي سلمت وامنت مما ابتلي به اهل النار عاشرا من رحمة الله بعباده ان الله يستجيب دعاءهم بالخير ولا يستجيب دعاءهم بالشر حادي عشر في الايات تذكير بالاجل. وهو ان الله قد جعل لكل انسان انفاسا معدودة وساعات محدودة عند انقظائها تقف دقات قلبه ويطوى سجله ويحال بينه وبين هذه الدنيا اما الى دار انس وبهجة واما الى دار شقاء ووحشة والانسان يجد عمله حينما يولي من هذه الدنيا ورحم الله الربيع ابن خثيم قال ما خير ينتظره المؤمن مثل الموت. نعم ثاني عشر البينات هي الايات والحجج التي تبين صدق من جاء بها وواجب على المؤمنين ان يبينوا للعالمين دلائل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فالسعيد في هذه الدنيا من نصب نفسه في بيان رسالة الرسول وبث دلائل نبوته في الانام ام لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون فعلينا ان نعرف الناس بهذا النبي العظيم ثالث عشر اباح الله لنا نعما كثيرة وثمة نعم لا يبلغ الانسان حق الوصول اليها. مثل الذهب والحرير للرجال. يعني مهما تمتع الانسان لا يبلغ به المتعة ان يلبس الرجل الذهب ولا ان يلبس الحرير وهذا المعنى ما اقتضته الايات في هذه الصفحة الكريمة. اذ ان البهجة بالحياة الدنيا والرضا بها يكون مقدار التوغل فيها بمقدار ما يصرف عن الاستعداد للدار الاخرة وتلاحظ هذا في حياة الكثيرين الذين اتخذوا من الذهب سيارات او مقاعد للطائرات فالانسان اذا انهمك في الدنيا اخذت دنياه من اخرته ولذلك الله قد اباح لنا نعيم واباح لنا متاع في هذه الدنيا لا نتجاوز حده. فاذا تجاوز الانسان حده حرم منه في الدار الاخرة رابع عشر نعيم الجنة هو النعيم التام وهو نعيم القلب بالفرح والسرور والبهجة والحبور. ورؤية الرحمن الملك في الديان مع تمام السرور بلقاء الاتقياء احباب الرحمن خامس عشر التسبيح والحمد دعاء وكذلك التهليل ولذلك فدعاء الكرب لا اله الا الله العظيم الحليم. لا اله الا الله رب العرش العظيم. لا اله الا الله رب السماوات ورب الارض ورب العرش الكريم ونلاقي فان دعوة ذي النون لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين وذات جميع الطاعات هي دعاء جميع الطاعات هي دعاء دعاء العمل سادس عشر يستحب للداعي ان يقول في اخر دعائه الحمد لله رب العالمين سابع عشر بلاغة القرآن ومن ذلك بلاغة القرآن في الحذف. ففي الاية السابعة حذف تقديره ورضوا بالحياة الدنيا من الاخرة ويفسر ذلك قوله ارظيت بالحياة الدنيا من الاخرة واللاتي فان المؤمن يجعل نصب عينيه دواما الله والدار الاخرة الثامن عشر بلاغة القرآن باختيار الفعل المناسب ففي اختيار الفعل الماضي رضوا اطمئنوا دلالة على التحقق والوقوع يقابله اختيار صفة الحال والاستقبال. لا يرجون للايذان باستمرار عدم الرجاء التاسع عشر اصحاب الدنيا الذين يعبون بالشهوات المحرمة والغافلون عن الدار الاخرة المعرضون عن الايات القرآنية والمعرضون عن الايات الكونية ليس لهم مصير يلجأون اليه بعد هول الحساب الا جهنم دار العذاب عياذا بالله تعالى عشرون الظلم سبب الهلاك والزوال قلت يوم رأينا في التاريخ المعاصر من الاقوام الظلمة اهلكهم الله وجعلهم احاديث للناس. قال تعالى ولقد اهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا. فالانسان عليه ان حادي وعشرون الانسان قليل الصبر عند نزول البلاء مع قلة شكره حالة النعمة والرخاء ثاني وعشرون ربنا جل جلاله جعل نظام العالم يسير برحمته يؤيده قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وقوله الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان ولذلك ما من لحظة نعيشها الا برحمة الله. قل ارأيتم ان اهلكني الله ومن معي او رحيمنها باعتبار كل لحظة نعيشها نستدر بها رحمة الله بالعمل الصالح وفي سورة تبارك الذي في هذه الاية التي قرأتها يعني ان طير طيران الطير وفتحه لاجنحته وقبضه اياها هو من رحمة الله سبحانه وتعالى اذا ربنا جعل هذا العالم على الرفق بالمخلوقات واستبقاء الانواع الى اجال ارادها ولذلك لما يدعون على انفسهم بالهلاك فهم لا يهلكون ثالث وعشرون التحذير من نسيان الاخرة والاقبال على الدنيا لان الانسان اذا نسي الاخرة اقبل على الدنيا ويحذر الانسان الاطمئنان للدنيا ويحذر الانسان الجري وراء زخارفها. كما قال القائل اثنتان لا تنساهما الله والدار الاخرة واثنتان انساهما احسانا في الغير واساءة الغير لك رابع وعشرون قيمة واهمية السلام الذي يفتقده الان كثير من الناس والسلام والدعاء بالسلام والسلامة يمر معنا في الصلاة وفي خارج الصلاة كثيرا خامس وعشرون الايمان والعمل الصالح طريق الجنة فربنا جل جلاله يسدد بالايمان الى طريق الجنة سادس وعشرون تكشف الايات عن طبائع عن طبائع غالب الناس وهي العجلة فعل المؤمن ان يكون ذا اناة في كل امورها ولا يسارع الانسان الا في طاعة الله تعالى سبع وعشرون الكافر اذا مسه الضر يقع في الهوان اما المؤمن فهو مع ربه دائما والمؤمن اذا مسه الظر زاد تضرعه. ولذلك يلطف الله تعالى به ثامن وعشرون جمال التعبير فقوله تعالى واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مس له. تأمل هنا مرة وما يوحي به من سرعة النسيان لفضل الملك الديان. فعلى الانسان ان لا ينسى حق الله تعالى تاسع وعشرون في الايات دم لمن يترك الدعاء في الرخاء ويحرأ ويهرع اليه في الشدة والمؤمن يتضرع الى ربه في السراء وفي الضراء وهذا هو الارجى في الاجابة والذال تجاه في الحديث تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ثلاثون المؤمن يصرف قوته وطاقته وشهوته فيما احله الله ويجعل النعم في مرضاة مجديها اما من اعرض عن الذكر وانهمك في المحرمات فهو مسرف لانه استعمل النعم في غير محلها. فالانسان لا يسرف ولا يضع الشيء في غير محله. وهذا من الظلم اذا وضع الانسان الشيء في غير محله حادي وثلاثون نسيان الاخرة بداية النهاية ولذلك فان المصلي في صلاته يذكر الدار الاخرة في كل صلاة بل في كل ركعة حينما يقول مالك يوم الدين تمت هذه الفوائد المضافة وثمة كلمات ينبغي على الانسان ان يفقه دلالاتها واطمئن بها اي سفنوا اليها والطمأنينة والاطمئنان سكوت سكون بعد انزعاج دعواهم اي دعاؤهم وقولهم فالدعوة تطلق على الادعاء والدعاء والقول كذلك واصل دعوا ان يميل الشخص الشيء اليه بصوت وكلام منه طغيانهم اي عتوبهم وتكبرهم واصل الطغيان مجاوزة الحد يعمهون اي يترددون ويتحيرون واصل عمها يدل على حيرة وقلة اهتداء القرون جمع قرن والقرن القوم من الناس المقترنون في زمن واحد خلائف اي سكانا يخلف بعضهم بعضا واصل خلف ان يجيء شيء بعد شيء يقوم مقامه هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته