المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الحادي والعشرون عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عشر من الفطرة قص الشارب واعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الاظفار وغسل البراجم ونتف الابط وحلق العانة وانتقاص الماء يعني الاستنجاء قال الراوي ونسيت العاشرة الا ان تكون المضمضة رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه الفطرة هي الخلقة التي خلق الله عباده عليها وجعلهم مفطورين عليها على محبة الخير وايثاره وكراهة الشر ودفعه وفطرهم حنفاء مستعدين لقبول الخير والاخلاص لله والتقرب اليه وجعل تعالى شرائع الفطرة نوعين احدهما يطهر القلب والروح وهو الايمان بالله وتوابعه من خوفه ورجائه ومحبته والانابة اليه قال تعالى فاقم وجهك للدين حنيفا في طورات الله التي فطرت لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس اعلمون منيبين اليه واتقوه واقيموا الصلاة واقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين فهذه تزكي النفس وتطهر القلب وتنميه وتذهب عنه الافات الرذيلة وتحليه بالاخلاق الجميلة وهي كلها ترجع الى اصول الايمان واعمال القلوب والنوع الثاني ما يعود الى تطهير الظاهر ونظافته ودفع الاوساخ والاقذار عنه وهي هذه العشر وهي من محاسن الدين الاسلامي اذ هي كلها تنظيف للاعضاء وتكميل لها لتتم صحتها وتكون مستعدة لكل ما يراد منها تأمل المضمضة والاستنشاق فانهما مشروعان في طهارة الحدث الاصغر والاكبر الاتفاق وهما فرضان فيهما على الصحيح ولا يخفى ما فيهما من تطهير الفم والانف وتنظيفهما لان الفم والانف يتوارد عليهما كثير من الاوساخ والابخرة ونحوها وهو مضطر الى ذلك وازالته وكذلك السواك يطهر الفم فهو مطهرة للفم مرضاة للرب ولهذا يشرع كل وقت ويتأكد عند الوضوء والصلاة والانتباه من النوم وتغير الفم وصفرة الاسنان ونحوها واما قص الشارب او حفه حتى تبدو الشفه فلما في ذلك من النظافة والتحرز مما يخرج من الانف فان شعر الشارب اذا تدلى على الشفه باشر به ما يتناوله من مأكول ومشروب مع تشويه الخلقة بوفرته وان استحسنه من لا يعبأ به وهذا بخلاف اللحية فان الله جعلها وقارا للرجل وجمالا له ولهذا يبقى جماله في حال كبره بوجود شعر اللحية واعتبر ذلك بمن يعصي الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيحلقها كيف يبقى وجهه مشوها قد ذهبت محاسنه وخصوصا وقت الكبر فيكون كالمرأة العجوز اذا وصلت الى هذه السن ذهبت محاسنها ولو كانت في صباها من اجمل النساء وهذا محسوس ولكن العوائد والتقليد الاعمى يوجب استحسان القبيح واستقباح الحسن واما قص الاظفار ونتف الابط وغسل البراجم وهي مطاوي البدن التي تجتمع فيها الاوساخ فلها من التنظيف وازالة المؤذيات ما لا يمكن جحده وكذلك حلق العانة واما الاستنجاء وهو ازالة الخارج من السبيلين بماء او حجر فهو لازم وشرط من شروط الطهارة فعلمت ان هذه الاشياء كلها تكمل ظاهر الانسان وتطهره وتنظفه وتدفع عنه الاشياء الضارة والمستقبحة والنظافة من الايمان والمقصود ان الفطرة هي شاملة لجميع الشريعة باطنها وظاهرها لانها تنقي الباطن من الاخلاق الرذيلة وتحليه بالاخلاق الجميلة التي ترجع الى عقائد الايمان والتوحيد والاخلاص لله والانابة اليه وتنقي الظاهر من الانجاس والاوساخ واسبابها وتطهروه الطهارة الحسية والطهارة المعنوية ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم الطهور شطر الايمان وقال تعالى المتطهرين الشريعة كلها طهارة وزكاء وتنمية وتكميل وحث على معالي الامور ونهي عن سفسافها والله اعلم