التطهير وتمام النعمة من الله. وقوله بعد ان حث على الجهاد مع المشاق فقال ان تكونوا تألمون انهم يألمون كما تألمون. وترجون من الله ما لا يرجون وقال في الحث على النفقات وما انفقتم من نفقة او نذرتم من نذر عندهم في التوراة في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. ويضع عنهم اصرهم الظلال التي عليهم الذين امنوا به وعذروه ونصروه واتبعوا النور الذي فان الله يعلمه. وقال سبحانه وما انفقتم من شيء فهو يخلف وهو خير الرازقين. ومثل نفقات المجاهدين ومضاعفة اجرهم في قوله تعالى مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل ان انزل معه اولئك هم المفلحون. فبين ان هذه الامور التي تحتوي على الشريعة كلها سيكتب الله لاهلها رحمته المتصلة بالسعادة الابدية. ان رحمة الله قريب من المحسنين. اي في عبادة الله والى المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل العشرون في ذكر بعض الاسباب التي اعان الله بها المؤمنين على اداء الفرائض واجتناب المحرمات على وجه الاجمال والاختصار هذا الدين كله رحمة وفضل من الله وكله تسهيل وتيسير وكله يشتمل على اشرف الوسائل واعلى المقاصد. فاول رحمته وتسهيله انه جعل عقائده واخلاقه غذاء القلوب والارواح وبها صلاحها واستقامتها واعماله اكمل الاعمال واهداها واعدلها واسهلها. قال تعالى الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. وقال وما جعل عليكم في الدين من حرج. وقال سبحانه طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى الا تذكرة لمن فاخبر انه لم ينزل القرآن ليشقى العباد ويتكلف ويشق عليهم ويحرجوا. وانما انزله للتذكير بكل خير وصلاح. كما قال وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. وقال بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا. هو خير مما يجمعون فامر بالفرح بفضله وبرحمته. وهي العلوم والمعارك الدينية والشرائع والاعمال التي امر العباد بسلوكها. والفرح لا يكون الا بمحبوب وبالنفوس بل هي اعظم من فرح اهل الدنيا واللذات والرياسات وسائر ما يتمتع به الخلق مما يجمعون. ولما ذكر شرائع الطهارة من والاخباث والتيمم والماء بين حكمته انها خير ورحمة عاجلة واجلة. لا مشقة فيها. فقال تبارك وتعالى الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين وان كنتم جنبا فطهروا وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احدكم منكم من الغائط او لامسهم النساء فلم تجدوا ما اه اه فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوه وايديكم من ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم وليتم نعمته عليكم لعلكم فعلى العباد شكر الله على ما شرعه لهم من الشرائع الظاهرة والباطنة التي يحصل بها لهم مقصودان عظيمان. التطهر من من الذنوب والسيئات وتمام نعمته بالثواب والاجر والخير والدرجات. وكم ذكر الله من الايات التي شرح فيها ما في شريعته واوامره من الخير والبركة والثواب العاجل والاجل وما فيها من دفع البلايا والشرور والمكاره الحاضرة والمستقبلة. وكل هذا اعظم عون منه لعباده على التزام شريعته والانقياد الكامل لها بطمأنينة وفرح وسرور. والانقياد الكامل لها بطمأنينة وفرح وسرور. وكلما كانت معرفة العبد اكمل وايمانه اتم ظهر له من بركة هذه الشريعة وخيرها. ما يوجب له ان يعلم انها اكمل منة وافضل نعمة انعم الله بها على العباد وانها اعظم ما يتنافس فيه المتنافسون ويغتبط به المغتبطون. ومما يعين على امتثال اوامر الله واجتناب نواهيه. ما على ذلك من الثواب واندفاع العقاب العاجل والاجل الديني والدنيوي والاخروي. ولهذا يذكر الله هذا المعنى في طاعته وطاعة رسوله عموما وفي بعض الشرائع المهمة خصوصا. فمن الاول قوله تعالى واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون فاخبر ان الرحمة والخير والمنافع العاجلة والاجلة ناشئة عن طاعته وطاعة رسوله ونظيرها قوله تعالى ورحمتي وسعت كل كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عباد الله واخبر انه يحب المؤمنين والصابرين والمتقين. وحين ذكر اوصاف المسلمين عامة في قوله ان المسلمين والمسلمات. ثم عدد لها ثم قال في ثوابهم اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما. وقال فاذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم واقيموا الشهادة فلله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الاخر. ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره. قد جعل الله لكل شيء قدرا. واللائي اثنا من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن. واولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن. ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا. ذلك امر الله انزله اليك ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا. فهذا صريح القيام بفرائض الله وترك محارمه الذي هو التقوى سبب لتفريج الكربات. والمخارج من كل ضيق وشدة. وسبب لتيسير الامور كلها تيسير الارزاق المتنوعة تكفير السيئات وتعظيم الاجور. فخيرات الدنيا والاخرة سببها الوحيد الذي لا سبب لها سواه. القيام بالتقوى او الشريعة الدينية الى غير ذلك من الايات الكثيرة الدالة على هذا المعنى العام. ومن الثاني ما تقدم من ذكر ما يترتب على الطهارة من قنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم الى اخر الايات ولما ذكر فرض الصيام بين حكمته وفضله فقال يا ايها الذين امنوا كتب عليكم صيامك ما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. فبين ان بالصيام تنال التقوى تقوى سبب خيرات الدنيا والاخرة. ومن الامرين قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. فرتب حصول الفلاح الذي هو الفوز بكل مطلوب. والنجاة من كل اللي مرهوب على الصلاة خصوصا وعلى العبادة وفعل الخير عموما. ومن ذلك ما رتبه على الحج في قوله ليشهدوا منافع لهم. وهذا يشمل الدينية والدنيوية الحاضرة والمستقبلة والايات في هذه المعاني كثيرة جدا. يرغب الله العباد في العبادات عموما وخصوصا وفي ترك المحرمات بما يحصل بها من الخيرات المتنوعة. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم من احب ان ينسأ له في اثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه متفق عليه وقوله صلى الله عليه وسلم ينزل كل صباح ملكان يقول احدهما اللهم اعط منفقا خلفا ويقول الاخر اللهم اعطي ممسكا تلفا. متفق عليه وقوله صلى الله عليه وسلم ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو الا عزة وما تواضع احد لله الا رفعه الحديث في الصحيح. وكذلك نصوص لا تحصى فيها ترتيب الثواب الحاضر والمؤجل على القيام بطاعة الله مثالا للامر واجتنابا للنهي والاخبار بانه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وما تقدمه لان انفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا. فكلها اعانة من الله لعباده على اعمال الخير كلها. فانه متى امن المؤمن من ووثق بوعد الله وقوي طمعه في فضله هانت عليه الطاعات وهان عليه ترك المحرمات وكثير من المؤمنين يستحلي طاعة الله لايمانه بالله وقوة محبته له وطمعه في فضله وثوابه واعتياده للطاعة. ومن الامور المعينة على ذلك ما شرعه الله من المشاركة في اداء الفرائض كما شرع الاجتماع في الجمعة والجماعة والاعياد. وكما شرع المشاركة في صيام رمضان وفي حج بيته الحرام. وكل احد يفهم ان هذه تخفف الفرائض على العاملين وتهون مشقتها مع ما يحصل في الاجتماع من التنافس في الخيرات وقوة الرغبة التي هي اكبر الاسباب اسبابي لسهولة العبادة ومن المسهلات ما شرعه الله من العقوبات والتعزيزات الشرعية على من ترك الواجبات او تجرأ على المحرمات وذلك بحسب الجرائم فالحدود رحمة من الله وزجر ومنع عن وقوع المحرمات وكثرتها. فالحدود والعقوبات الشرعية وكذلك الموانع القدرية معونة كبيرة من من الله لعباده على اجتناب الجرائم. قال تعالى في الموانع القدرية. ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض اخبر ان توفر اللذات وحصول الارزاق الرغيدة لكل احد سبب للبغي في الارض ولكن من لطفه ان ينزل بقدر مما يشاء. ومن لطفه بعبده ان محبوباته النفسية المحرمة لا يكاد يقدر عليها حفظا له وحماية ومن لطفه انه ما من محبوب محرم الا ويوجد نظيره او ما هو اعلى منه من المباح ليكتفي العباد بحلاله عن حرامه ومن لطفه انه يدفع عن عبده من اسباب الفتن امورا يشعر بها وامورا لا يشعر بها اعانة منه وكرما وحفظا. فكم صرف عن العبد امورا يسعى لتحصيلها ويرى حظه في حصولها. والله تعالى قد صرف عنه ما يضره. قال تعالى وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم. والله يعلم وانتم لا تعلمون ومن انواع الاعانات ان الله يوقع العبد في الحاجات والضرورات لتضطره الاحوال للالتجاء الى الله والاقبال على طاعته وكثرة ذكره ودعائه وقد بورك لك في امر وحاجة وضرورة كانت سببا لصلاح دينك. ومن اعانته لعبده في القيام بواجباته الحياء الذي اختص به ادمي. ان الحياء خلق جعله الله في العبد يمنعه من كثير من الجرائم ويحمله على اداء الحقوق التي لله والتي للعباد. ولهذا كان شعبة من شعب الايمان. وكان الحياء لا يأتي الا بخير. وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستحي فافعل ما شئت. فاخبر صلى الله عليه وسلم ان هذا مما اتفق عليه الرسل. وان الله وضعه في العباد رحمة بهم ليزعهم عن بالمنكرات والفواحش وان من نزع منه الحياء لم يبالي بما صنع وهو نوعان حياء من الله وحياء من الخلق ومن تم له الامران تمت اموره ان فقد الامرين انحلت اخلاقه بالكلية كما ان منعه للعبد محبوباته قد يكون سببا باعثا له على الخير. حاجزا له عن الشر. كذلك اعطاؤه عبده ما يحبه من صحة وعافية وسعة رزق وولد وتوابع ذلك قد يكون اكبر باعث له على الخير والقيام بالواجبات. وخصوصا اصحاب النفوس الابية والهمم العالية فانهم كلما توفرت عليهم النعم ازداد شكرهم ورأوها من اكبر الفرص واعظم الغنائم لاغتنام الخيرات بهذه النعم التي من بركتها ان تكون زادا للعبد الى السعادة الابدية. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس صحة والفراغ فاكثر الناس فوتوا هذه النعم فيما لا يجدي عليهم الا الندم والخسارة والقليل منهم وهم الاعظمون عند الله قدرا لم وبنوا فيها بل صرفوها فيما يعود عليهم بالنفع والسعادة والفلاح. فتبارك من ينعم بالعطاء والمنع والوجود والفقد. عجبا لامر المؤمن. ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له. وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك لاحد الا للمؤمن من اعظم عنايته للعبد ان يوفقه لقوة التوكل عليه. فان من توكل عليه كفاه وسهل عليه امور دينه ودنياه. فمتى ايد العبد بقوة التوكل ورزق صبرا اعانه الله على كل مطلوب. والله الموفق. ومن اعظم الرحمة والاعانة ترجيح جانب الفضل والمجازاة على الحسنات على جانب العدل والمجازاة على السيئات ترجيحا عظيما. ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله كتب الحسنات والسيئات. فمن هم بحسنة ام يعملها كتبت له حسنة واحدة ان عملها كتبها الله عنده عشر حسنات الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة. فان عملها كتبها سيئة واحدة. وقال صلى الله عليه وسلم من مرض او سافر كتب له ما كان اي عمل صحيحا مقيما ونزل من نوى الخير وعمل ما يقدر عليه منه بمنزلة الفاعل له. قال تعالى ومن يخرج من مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله اه وجعل اثار الاعمال التي تعمل بسبب دعاية العبد او بداعي الاقتداء به جعلها من الاعمال التي تكتب للعبد في حياته بعد مماته. قال تعالى انا نحن نحيي الموتى ونتوب ما قدموا واثارهم. وقال صلى الله عليه وسلم اذا مات العبد انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به من بعده او ولد صالح يدعو له. هذه النعم مضاعفاته من المولى الكريم التي لا يدركها العبد بعمله ومباشرته من اكبر العون منه لعباده على التزود من الخيرات واغتنام الفرص فيها خفتها على العاملين كذلك من لطفه ان من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه في الدنيا والاخرة. ومن ترك شيئا لله لم يجد فقده وجعل تعالى كثيرا من الطيبات النافعة المباحة استغني بها المؤمن عن الامور المحرمة ويسهل عليه جدا ترك المحرمات لدواع كثيرة داعي الايمان داعي الخوف من الله وخوف العقوبات المتنوعة وداعي الرغبة في حصول الخيرات والثواب المترتب على ترك المعاصي وداع الحياء من الله ومن خلقه وداع المحبة والانابة الى الله وداعي صرف الشهوات والهوى والغضب الى الامور التي اباحها الله وامر بها. ثم الاعانة الربانية والتسهيلات والتيسير منه على عبده وحفظه الخاص والطافه المتنوعة لها اعظم الواقع واعظم النفع في التوجيه الى فعل الخيرات وترك المنكرات فلا بعد ذلك على الله الا الفاسقون. الذين دعوا الى الرحمة فشردوا ونهجت لهم الطرق الواضحة فنكبوا عنها وتمردوا. كم لله تعالى على العباد من نعم والطاف. وكم له من التخفيفات المتنوعة على الاقوياء والضعاف. وكم اقام الموانع والحواجز القوية عن اقتحام المحرمات سهلت تسهيلات الداخلية والخارجية في نيل الخيرات والوصول الى الكرامات فسحقا وبعدا للمعرضين والمعارضين. ويا ويح الغافلين والمتجرئين الظالمين ويا سعادة المقبلين على محبوبهم ويا نجاحهم وفلاحهم بنيل مرادهم ومطلوبهم. لقد فازوا بالغنائم الرابحة. ولقد اغتبطوا في اياتي الطيبة في الدنيا والاخرة. تبارك الله ما اعظم التفاوت بين العباد. وما اشد التباين بينهم في هذه الدنيا ويوم يقوم الاشهاد هذا قلبهم الان من الاخلاص والصدق واليقين. وسعيه كله فيما يقربه الى رب العالمين. قد عرف الحق فاتبعه وعرف الباطل فاجتنبه هذا قلبه متعلق بالشهوات البهيمية ولم يكن له من الخير رغبة بالكلية. اعرض عن النافع واقبل على الضار ولم يبالي بالعواقب بالوخيمة والخزي والخسار. وعند الغاية يتبين الفرق بين الفريقين. فريق في الجنة وفريق في السعير. قال سبحانه يوم تقوم ساعة يومئذ يتفرقون. فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات هاتفهم في روضتي يحبرون. واما الذين كفروا وكذبوا اياتنا ولقاء الاخرة فاولئك في العذاب محضرون