بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين امين. قال الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب فضل الوضوء. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم. الى قوله تعالى ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى باب فضل الوضوء. الوضوء بضم الواو وضوء. ويقال وضوء. اما الوضوء فهو الفعل واما الوضوء فهو الالة يعني الماء الذي يتوضأ به. والوضوء في اللغة بمعنى النظافة حسن والبهاء واما شرعا فهو التعبد لله عز وجل بغسل الاعضاء الاربعة على صفة صوصة وكان فرض الوضوء في مكة مع الصلاة. وقيل كان في المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فتكون اية المائدة وهي قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة تكونوا مقررا ومؤكدة لا مؤسسة. والوضوء شرط من شروط صحة الصلاة. فكل صلاة لا تصح الا بوضوء لقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا لا يقبل الله صلاة احدكم اذا احدث حتى يتوضأ. ثم ساق المؤلف رحمه الله الاية في هذا الباب وهي قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم صدقوا قال الله عز وجل هذه الاية بالنداء بوصف الايمان. والنداء بوصف الايمان له ثلاث فوائد الفائدة الاولى العناية والاهتمام. لان النداء تنبيه ولا تنبيه الا على ما كان مهم من والفائدة الثانية الحث والاغراء على القبول والامتثال. فان كان خبرا فبتصديقه وان كان طلبا فبامتثاله وتنفيذه. اي يا ايها الذين امنوا لايمانكم افعلوا كذا والفائدة الثالثة ان فعل ما وجه اليهم من الخطاب من مقتضيات الامام. وان مخالفته نقص في الايمان. يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا والايمان في اللغة بمعنى التصديق واما شرعا فهو التصديق المستلزم للقبول والاذعان. فهو اعتقاد بالقلب ونطق نيسان وعمل بالقلب والجوارح. يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة اي اذا اردتم القيام الى الصلاة فعبر بالفعل عن ارادته بقرب وقوعه. فمعنى اذا قمتم اي اذا اردتم القيام. كقوله عز وجل فاذا قرأت القرآن اي اردت قراءة القرآن. فالشرط الداخل على الفعل هنا يراد به ارادة الشيء وذلك ان الشرط الداخل على الفعل في اللغة العربية وفي النصوص الشرعية يرد على ثلاثة اوجه الوجه الاول ان يكون المراد بالشرط الداخل على الفعل ارادة الفعل مع قرب وقوعه كهذه الاية يا ايها الذين امنوا اذا قمتم اي اردتم القيام. والوجه الثاني ان يكون المراد بالشرط الداخلي على الفعل الشروع فيه والتلبس به. كما في حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه الحديث. فقوله كان اذا خطب ليس المراد اذا اراد ان اخطب وان من المراد اذا شرع في الخطبة. والوجه الثالث ان يكون المراد بالشرط الداخل على الفعل الفراغ والانتهاء منه كقوله عز وجل فاذا قضيتم مناسككم. ليس المراد اردتم ان تقضوا وانما مراد اذا فرغتم. ومنه ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في شارب الخمر اذا شرب فاجلدوه. اي اذا تحقق منه الشرب. يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة والصلاة هي عبادة ذات اقوال وافعال. مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. وهذا يدل على الوضوء لكل ما يسمى صلاة. وضابط ما يسمى صلاة ما تشترط له الفاتحة. فكل ما تشترط له الفاتحة فهو صلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. فعلى هذا يخرج بذلك سجود الشكر وسجود التلاوة. لانه ليس من شرطه بل ولا يشرع فيه ان يقرأ الفاتحة اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم. والغسل جريان الماء على العضو. فخرج بذلك المسح وقوله وجوهكم الوجه ما تحصل به المواجهة. وحده من منحنى الجبهة الى من من اللحيين والذقن طولا ومن الاذن الى الاذن عرضا. وقيل من منابت شعر الرأس المعتاد الى من حضر من اللحين والذقن طولا ومن الاذن الى الاذن عرضا. والفم والانف داخلان في الوجه. لانه يحصل بهما المواجهة وعلى هذا فالمضمضة والاستنشاق واجبان من واجبات الوضوء وقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم واظب على المظمظة والاستنشاق اغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق واليد معروفة هو مفصل الذراع من العضد. وقوله الى المرافق الى هنا. قيل انها بمعنى مع. يعني اغسلوا ايديكم مع المرافق كقوله عز وجل ولا تأكلوا اموالهم الى اموالكم اي مع اموالكم. وقيل انها على ظاهرها وعلى بابها وانها للغاية. ولكن دلت السنة على دخول المرفق في الغسل فانه قد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وادار الماء على مرفقين. ثم قال سبحانه وتعالى وامسحوا برؤوسكم. المسح هو وان يبل يده بالماء ويمرها على العضو. وقوله برؤوسكم الرأس من الترأس وحده مما نابت شعر الرأس المعتاد من الجوانب الى منتهى الرقبة. والباء في قوله برؤوسكم. الباء هنا وهذا يدل على انه يلصق يده ويستوعب الرأس مسحا. ثم قال وارجلكم الى الكعبين. ارجلكم معطوف على قول اغسلوا وجوهكم يعني واغسلوا ارجلكم والرجل معروفة وقوله الى الكعبين الكعب هو العظم في اسفل القدم وفي قوله الى الكعبين يقال فيها ما قيل في قوله الى المرفقين. هذه هي الاعضاء الاربعة التي يجب غسلها وهي الوجه ويدخل فيه الفم والانف وغسل اليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين الى الكعبين. ويأتي ان شاء الله تعالى بقية الكلام على هذه الاية. وفق الله الجميع لما ما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد