ومجاوريهم. وحمد الله الذي اجرى هذه النعمة على يده. وقال هذا رحمة من ربي. فاذا جاء وعد ربي جعله دكا وكان وعد ربي حقا. فهذه الايات الكريمات صريحة ان يأجوج ومأجوج من محل اخر ايات متعددة. مثل قوله هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لاول عشر ما ظننتم ان يخرجوا. فهذا خروج من محل الى محل. وكذلك قوله فاخرجنا من كان ولوالديه ووالديهم وجميع المسلمين. والحمد لله اولا واخرا وظاهرا وباطنا. سنة تسع وخمسين وثلاثمائة والف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم اذا وقعت كما اخبر كان ذلك زيادة ايمان في حق من عرفها. وعرف تأويلها. ومطابقتها لخبر الله ورسوله وكان اية وبرهانا على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد يشكل على بعض المؤمنين بعض الاخبار اذا وقعت المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على محمد وعلى اله وصحبه لهم باحسان الى يوم الدين اما بعد. فانه يجب على كل مسلم ان يعتقد ويصدق بكل ما اخبر الله به ورسوله سواء كان الخبر عن الله واسمائه وصفاته وافعاله او عن مخلوقاته الماضية والحاضرة والمستقبلة. هذا على وجه العموم والاجمال فرض واجب على كل مسلم. لا يتم الايمان الا به. فيصدق الله ورسوله في كل اخبارهما. ثم كلما فجاءه عن الله وعن رسوله خبر تفصيلي في ذلك. وجب عليه الايمان التفصيلي بذلك الخبر المعين. الايمان بلفظ النص والايمان بمعناه هذا اصل مجمع عليه بين جميع المسلمين. وقد يخبر الشارع عن امور مستقبلة تطبيقها على الواقع. فعلى من اشكل عليه الامر فيها ان يتوقف في الامر الذي وقع. هل هو المراد بخبر الله وخبر رسوله وهل هو ذلك الموصوف ام لا؟ فمن انتهى الى سمع وتوقف عما لا يعلم فقد احسن في ذلك وسلم. ومن تسرع بالجزم بالنفي او الاثبات من غير برهان ولا دليل يجب المصير اليه. فهذا من القول بلا علم. وقد علم ما يترتب على ذلك من الوعيد. فالمتعين على كل مؤمن ان يقوم بما يعلم. وما تدل عليه الادلة الشرعية وان يتوقف عما لا يعلم نفيا واثباتا. ولهذا امثلة كثيرة منها ما ورد في الكتاب والسنة من الخبر عن يأجوج ومأجوج وما هم عليه من الصفات التي وصفها الله ورسوله فظهرت واتضحت فوصلت الى درجة اليقين حين تطبق عليها الادلة الشرعية والبراهين اليقينية والعلم بالواقع. ويوجد كثير من المؤمنين يتوهمون ويظنون يعتقدون ان يأجوج ومأجوج الى الان لم يظهروا. ولم يعثر عليهم احد. ولم يبرزوا الى الناس. وانهم وراء والردم الذي بناه ذو القرنين. وانهم امم عظيمة. اضعاف اضعاف الموجودين الان في الارض من الادميين في جميع جهات الارض وفي كل قاراتها الست المعروفة. وفي جزائرها التابعة لهذه القارات. فكل هؤلاء المذكورين عند هؤلاء الناس اقل بكثير بما لا نسبة له الى يأجوج ومأجوج. الذين هم الان موجودون في الارض وهذا الظن غلط محض. وسببه عدم فهم ما جاء به الكتاب والسنة على وجهه في هذه المسألة. وعدم العلم بالواقع وعدم العلم باحوال الارض وسكانها. مع ورود احاديث لا خطام لها ولا زمام في صفاتهم من ذلك كله انكار خروجهم. وان يأجوج ومأجوج غير الامم الموجودين في اقطار الارض المعروفين من الروس والصين واليابان وامريكا وغير سكان اسيا وسكان افريقيا وسكان اوروبا وسكان امريكا الجنوبية وامريكا الشمالية وغير سكان استراليا وتوابع هؤلاء. فيأجوج ومأجوج عند هؤلاء امم غير هؤلاء. وهم في الارض هم اكثر من المذكورين اضعافا مضاعفة. وانهم الى الان لم يوقف لهم على خبر. واما من تدبر اوصافهم في الكتاب السنة الصحيحة الصريحة وطبقه على الواقع فانه لا يشك ولا يستريب انهم هؤلاء الامم او بعضهم. وان ظهورهم على الوصف الذي وصفوا به في الكتاب والسنة من اعظم الايات والادلة على صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه سلم وان الاوصاف المذكورة في الكتاب والسنة الصحيحة منطبقة عليهم اشد الانطباق. وسنذكر ان شاء الله من ادلة في الكتاب والسنة وكلام المؤرخين الاولين والاخرين والمفسرين ومن الامور الواقعة ما تعلم به حقيقة هذه مسألة فهكذلك على وجه الاختصار. الدليل الاول اخباره تعالى عن ذي القرنين حين بلغ مغارب الارض ومشارقها. ثم كرر راجعا من المشرق الى الشمال فلما بلغ بين السدين وجد من دونهما. اي من دون السدين الموجودين منذ خلق الله الارض وهما سلاسل الجبال المتواصلة يمنة ويسرة. حتى تتصل بالبحار. كما قال ذلك غير واحد من المؤرخين ومنهم ابن كثير في التاريخ وهو نص القرآن. فالسدان كانا موجودين قبل مجيء ذي القرنين لاولئك قوم وكان بينهما فجوة اي ريع. اتصلوا منه يأجوج ومأجوج الى ما جاورهم من الناس. فيفسدون قتلا قلبا ونهبا وتخريبا. فلما وصل اليهم ذو القرنين شكوا اليه ما يلقون من يأجوج ومأجوج. فقالوا فهل نجعل لك خرجا على ان تجعل بيننا وبينهم سدا. يريدون فقط ذلك الريع والفجوة التي بين الجبال. فقال ذو قرنين ما مكني فيه ربي اي من الملك والقوة وكمال العدد والعدة وحسن النظام وسعة الرزق خير في مما تبذلون لي من الجعل. فاعينوني بقوة. اي ساعدوني بابدانكم وقوتكم على بنيانه. اجعل بينكم بينهم ردما. ولم يقل سدا. لان السدين وهما سلاسل الجبال موجودان. وانما يريد ردم ما بينهما اتوني زبر الحديد اي قطع الحديد. حتى اذا ساوى بين الصدفين اي حاذ ذلك الحديد الذي جمعوه ووضعوه في ذلك الريع رؤوس الجبال. قال انفخوا حتى اذا جعله نارا قال اتوني افرغ عليه قطرا. اي نحاسا مذابة ليلتحم بالحديد. فاستحكم ذلك البنيان ووازن الجبال. وحجز به بين يأجوج ومأجوج الادميين كما ثبت بذلك الحديث الذي في الصحيحين. وسنذكره ان شاء الله. وتدل هذه الايات على انهم من جنس لهؤلاء القوم الذين اشتكوا منهم الاذية الا انهم تميزوا بالافساد في الارض. وان ذا القرنين رحم هؤلاء الذين اشتكوا منهم الاذية فبنى ذلك الردم الذي ينفذون منه اليهم. وكان ما عن يمين هذا الريع ويساره جبال شاهقة تتصل ببحار مغرقة كما هو ظاهر الايات. وكما صرح بذلك ابن كثير في البداية والنهاية وغيره وهذا الردم الذي بناه ذو القرنين يسير جدا بالنسبة الى السدود الطبيعية التي عن يمينه وشماله. فلما بناه صاروا لا يستطيعون ان يظهروا على ذلك البنيان. ولا ان ينقبوه. وكذلك لا يستطيعون الصعود على سلاسل لتلك الجبال الشاهقة ولا النفوذ من وراء البحار. فمكثوا على ذلك مددا طويلة. وهم منحازون في ديارهم اماكنهم لا سبيل لهم الى النفوذ من تلك الحواجز والحوائل. لعدم الاسباب التي تمكنهم من ذلك. ثم بعد بعد ذلك بمدد ترقت الصناعات وقويت المخترعات. وتنوعت الاسباب التي مكنتهم من النفوذ من تلك الحواجز حوائل وكان مبادئ ذلك في وقت النبي صلى الله عليه وسلم من حين قال في الحديث الثابت في الصحيحين ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه. وحلق الابهام والسبابة. وسيأتي ان شاء الله هذا الحديث. النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من ضرب الامثال التي فيها تقريب المعاني الى الاذهان. فهم من ذلك الوقت متهيئون للخروج وحاصل لهم. ومنهم بعض الاسباب التي تمكنهم. وذلك والله اعلم حين سمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وامته ودعوته. وانهم شارعون في فتح البلدان. فعزموا على مقاومتهم. وعملوا الاسباب لذلك فلم تزل ارادتهم تقوى وقوتهم تزداد وشرهم يطغى. حتى انفتحوا من كل مكان. فبرزوا من فوق رؤوس الجبال ونفذوا فوق متون البحار. وصعدوا في جو السماء. فكان هذا مصداقا لخبر الله ورسوله وقد يتوهم بعض الناس انه لابد عند خروجهم ان يشاهد الناس الردم منهدما. فاذا لم يشاهدوه فهم الى الان كان خلفه وهذا غلط واضح من وجوه. منها ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان ابتداء انفتاحه قد ابتدأ في زماني وفحوى ذلك الحديث يدل على انه في ازدياد من وقت الى اخر. حتى وصلوا الى هذه الحالة المشاهدة على المؤمن ان يصدق الرسول في كل ما يخبر به ولا يقع في قلبه ادنى ريب من صدقه. فخبر الرسول اصدق من خبر كل لاحد من الخلق وقد اخبر بذلك. ومنها انه لا يلزم من انفتاح الردم المعين في السد. ان يراه كل احد حالا في فقد يراه من يجاوره ويخفى على غيرهم. وقد يصل النقل الى الناس وقد لا يصل. ومنها ان المقصود من خروجهم قد حصل فليس في رؤية نفس الردم الذي بناه ذو القرنين كبير اية. بل الاية المقصودة خروجهم. فاذا رآهم الناس قد خرجوا على الناس من كل حذب وصوب ومكان مرتفع ومنخفض عرفوا ان السد قد اندك. ومنها ان الله اخبر لما بنى ذو القرنين الردم انهم لم يستطيعوا ان يظهروه. اي يعلو عليه ولا على السدود الطبيعية. وما استطاعوا له نقب ومعلوم ان عدم قدرتهم على واحد من الامرين في ذلك الوقت لعدم الاسباب التي توصلهم الى ظهوره او نقبه. واما الان فلا يعجزون عن صعود اي جبل يكون. واي سد يحصل ولا على نقبه بل يقدرون على ما ذلك فعلم بذلك انهم استطاعوا في هذه الاوقات على النفوذ والظهور الذي كانوا سابقا عاجزين عنه. وهذا مظاهر ومنها ان السد عبارة عن سلاسل الجبال التي عن يمين تلك الثنية وذلك الريع ويساره. والردم منه عبارة عن عن تلك الثنية التي سدها ذو القرنين. فالان قد شاهد الناس خروجهم من وراء هذه الجبال والبحار. الا ترى سلاسل جبال اسيا واوروبا وغيرها قد خرجوا من ورائها والبحر الاسود والابيض والبحار والمحيطات من كل جانب عبروها من ورائها بعدما كانوا منحازين في ديارهم غير متمكنين من الخروج. فعلم من ذلك ان يأجوج ومأجوج هم هؤلاء الامم الروس والصين وامريكا والافرنج ومن تبعهم يوضح هذا الدليل الثاني. قوله تعالى حتى اذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. اي حتى اذا انفتحوا على الناس فبرزوا بعدما كانوا منحازين في ديارهم بهذا الوصف الذي ذكر الله عنهم وهم من كل حدب اي مكان مرتفع كالجبال وما فوقها ينسلون اي يسرعون. وهذا مطابق لما هم عليه. فانهم في جميع اقطار الدنيا قد انفتحوا على الناس واتوهم من كل جانب. ولهذا اتى باداة التعميم وهي قوله من كل حدب. فلم يبق جبل الا صعدوه ولا بحر عميق الا عبروه. ولا صعب الا سلكوه. وابلغ من ذلك انهم في جو الهواء ينسلون. اي بالطائرات التي جابت مشارق الارض ومغاربها وجميع جهاتها. فاذا لم يصدق عليهم هذا الوصف. فمن تراه يصدق عليه. واذا لم ينطبق عليهم هذا النعت فاخبرني بمن ينطبق عليه. في هذه الاية الكريمة برهان ودليل باهر على الاخبار بحدوث هذه المخترعات التي وصلوا بها الى هذه الحال. لان اخبار الله ورسوله شيء اخبار به وبما لا يتم ذلك الا به. وذلك لا يحصل تمكنهم من الاسراع والرسلان من كل حدب الا بالصنائم الراقية والمخترعات المدهشة. الدليل الثالث ما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم انه قال يقول الله ادم يا ادم فيقول لبيك وسعديك. فيقول اخرج من ذريتك بعث النار. فيقول يا رب وما بعث النار قال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون في النار وواحد في الجنة. فضج الناس حين حدثهم النبي صلى الله عليه سلم بهذا الحديث. قالوا يا رسول الله واينا ذلك الرجل؟ فقال ابشروا فانكم في امتين ما كانتا في شيء الا كفرتاه يأجوج ومأجوج. وفي لفظ وما انتم من الناس الا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الاسود او كالشعرة السوداء في جلد الثور الابيض الحديث. فهذا الحديث صريح في انهم من ذرية ادم. وسيأتي كلام اهل السير والتاريخ انهم من ذرية يافا ابن نوح. وان الترك طائفة منهم وانهم سموا تركا. لانهم تركوا انفراد من ذي القرنين كما ستأتي الاشارة اليه. وهذا الحديث مطابق لاحوال هذه الامم الموجودين. الروس والصين اليابان والفرنج ومن ورائهم من اهل امريكا فانه وصفهم بالكثرة العظيمة. وان العرب ومن جاورهم بالنسبة اليهم كالشعرة الواحدة بالنسبة الى شعر جلد الثور. ووصفهم بكثرة الكفر وانهم جمهور بعث النار وذلك لكفرهم وعدم ايمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم. وقلة ايمانهم بسائر الانبياء الايمان الصحيح. فانهم في ازمان متطاولة لا يكاد يوجد فيهم اسلام. ثم بعد ذلك وجد فيهم اسلام قليل جدا بالنسبة الى كثرتهم اذا لم يكونوا هذه الامم فمن يكونون؟ واذا اردت النسبة بين العرب ومن جاورهم من الامم الاسلامية وبين تلك الامم رأيت الامر كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يعارض ويظن انهم غير هؤلاء يدعي ويعتقد انهم اكثر من المذكورين باضعاف مضاعفة. وانهم الى الان خلف السد لم يطلع عليهم. فيا لله اين هؤلاء واين اين محلهم؟ واين ديارهم الواسعة من الارض؟ وقد اكتشفت جميع قارات الارض وما يتبعها من الجزائر سيأتي ان شاء الله بيان فساد هذا الغلط والظن. واعلم ان الايات الكريمة والاحاديث الصحيحة وكلام العلماء العارفين ظاهرة ظهورا لا ريب فيه ان يأجوج ومأجوج من الادميين. وانهم ليسوا عالما غيبيا كالجن والملائكة لا يشاهدهم الناس بل هم ظاهرون محسوسون مشاهدون. فلا يمكن لاحد ان يقول قد يكونون موجودين. وقد حاجب الله عنهم الابصار. فلو قال احد هذا القول عرف انه خلاف الادلة الصحيحة. وخلاف الواقع. وهو قول بلا علم بل قول مناف لما علم من الايات والاحاديث انهم ادميون يشاهدون ويفسدون في الارض ويجوبون مشارق الارض ومغاربها. وغير ذلك من صفاتهم. الدليل الرابع ما ثبت ايضا في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ذات يوم ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه. وحلق وبين الابهام والتي تليها. فهذا دليل صريح صحيح انه من ذلك اليوم الذي تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم يوجد بعض الاسباب الداعية لخروجهم. وانه لا يزال السبب يقوى وقتا بعد وقت. سواء كان المعنى انه مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم يقصد به تقريب الحقيقة الى الاذهان. وانهم قد ابتدأوا في السعي الى الخروج والاندفاع من الارض او ان ردم يأجوج ومأجوج انفتح منه ذلك الوقت هذا المقدار وانه لا يزال في زيادة حتى زال واندثر واذا قال قائل لم لم يشاهد الناس اندكاكة؟ فقد مضى الجواب على هذا الاشكال. ويقال ايضا اذا كان من زمان النبي صلى الله عليه وسلم. وقد انفتح منه هذا المقدار. ولولا كلام النبي صلى الله عليه وسلم لم يدري المسلمون عن انفتاحه. مع قوله ويل للعرب من شر قد اقترب. ثم اخباره بمقدار من فتح منه فيه دليل ظاهر انه انفتح بعضه وانه عن قريب ينفتح جميعه. ويخرجون على الناس. وايضا ففي الحديث هذا وصف ظهر ظهورا جليا لا يشك فيه من عرف الواقع. فان النبي صلى الله عليه وسلم توعد العرب بالشر القريب الذي يقع بهم من يأجوج ومأجوج فمن عرف حالة العرب والاسلام وكيف توسع الفتح الاسلامي في المشارق والمغارب وكيف حصل للعرب من العز بالاسلام انتشاره ما لا يعرف لغيرهم. ثم كيف تداعت عليهم الامم كما تداعت الاكلة على الصحفة. كما اخبر به الصادق المصدوق ثم كيف تقلص الاسلام؟ وزال عز العرب عن تلك الممالك الاسلامية. وكيف وقعت بهم تلك الدواهي العظام والشرور الجسام شيئا فشيئا حتى وقعت داهية التتر العظيمة. الذين هم من عنصر يأجوج ومأجوج. ومن نفس ديارهم كما ذكره اهل السير ومنهم ابن كثير رحمه الله. ولم تزل الشرور تتوالى على المسلمين عموما وعلى العرب وخصوصا من هذه الامم حتى وصلت الى هذه الحالة الموجودة اليوم التي يرثى لها. ونرجو الله ان يلطف ببقية المسلمين والعرب وان يدفع عنهم من الشرور ما لا يدفعه غيره. فهذه الشرور التي اشرنا لها وهي معروفة هي واضعاف اضعافها. من اين اصابت المسلمين عامة؟ والعرب منهم خاصة الا ممن اخبر الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى بوقوعها منهم. وهم يأجوج ومأجوج. ولهذا كان بعض العلماء المتأخرين العارفين باحواله الامم كالامير شكيب ارسلان وغيره يرون ان يأجوج ومأجوج هم دول السوفيت او بعضهم. ولا ريب انهم منهم بل هم مبتدأهم وابن كثير في تاريخه جزم بانهم من غلي الذين تفرعت عنهم التتر والصين واليابان وغيرهم من الاوروبيين. كما ذكر ذلك المعتنون بالاسباب. ومن ورائهم من الامم كامريكا حكمهم حكمهم فهذه الاوصاف المتنوعة التي وصفوا بها بالكتاب والسنة لا يشك من فهمها تماما وفهم الواقع انها تنطبق وعلى هؤلاء الامم. واما ما يوجد من الاثار الدالة على طولهم المفرط. وقصرهم المفرط وصفاتهم المخالفة لصفات الادميين فكلها كذب. مخالفة للنصوص الصحيحة والواقع. لا يحل اعتقادها والاعتماد عليها. فضلا عن تقديمها على دلالة النصوص الصحيحة. فهي وان ذكرها بعض الناس فقد اولع كثير من المصنفين بذكر احاديث لا زمام لها ولا خطام. ومجرد ما يراها البصير يعرف مخالفتها لما دلت عليه النصوص الصحيحة. فان قلت فقد ورد في صحيح مسلم في حديث النواس ابن سمعان الطويل ان يأجوج ومأجوج حين يقتل عيسى ابن مريم الدجال فيقول الله له قد اخرجت عبادا لي لا يدان لاحد بقتالهم فحرز عبادي في الطور وانهم يخرجون اشربوا اوائلهم بحيرة طبرية ويمر عليها اخرهم فيقول قد كان ها هنا ماء وانهم يرمون بنشابهم الى السماء فتعود عليهم مخضوبة دماء فيقولون قد قهرنا اهل الارض وعلونا اهل السماء. الجواب عن هذا وجوه الاول ان هذا الحديث على فرض مخالفته ومناقضته لما دلت عليه تلك النصوص فانه لا يقاومها ولا ما يظهر من دلالته على دلالتها. هذا على وجه التنزل. والا فليس ولله الحمد بينهما مخالفة. الوجه الثاني ان دلالة تلك النصوص على صفاتهم المذكورة المشاهدة عيانا. دلالة يقينية لا يمكن ان يردها ما يخالف ويناقضها. الثالث ان اخباره بخروجهم بعد قتل عيسى للدجال وقتل المسلمين لليهود. لا يدل على انهم لم يخرجوا قبل ذلك. بل هذا خروج من محل الى محل. فان يأجوج ومأجوج يأتون حانقين متغيظين على عيسى ومن معه من المؤمنين يريدون الايقاع بهم فيكبتهم الله ويقمعهم ويلقي عليهم الموت الذريع ومما يدل على ان البعث والاخراج لا يراد به ابتداء الخروج والبعث بل يراد به البعث والخروج من محل الى فيها من المؤمنين. وقوله فاخرجناهم من جنات وعيون. الايات. الى غير ذلك من الايات على ان المراد الخروج والاخراج من محل الى اخر. ليس المراد به الاخراج الابتدائي. ومثل ذلك البعث كقوله تعالى بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بات شديد فجاسوا خلال الديار. وهذا بعث لهم من البلاد الجزرية الى البلاد الشامية نظير ما في بعض الفاظ حديث النواس بعثت عبادا لي لا يدان لاحد بقتالهم من غير فرق. فبعث الله غرابا يبحث في الارض. ليس المراد ببعثه ان شاء خلقه. وانما المراد فارسل الله غرابا يبحث في الارض. وايضا قوله ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله. ومعناه لنا ملكا وهذا ظاهر بين ولله الحمد. الوجه الرابع ان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يمثل الناس بما كانوا يعرفون. خصوصا في الامور التي لم يشاهد المسلمون لها مثيلا. ولا نظيرا في ذلك الوقت. فاخباره صلى الله عليه وسلم برميهم بنشابهم الى السماء الى اخره يدل على قوتهم وقهرهم لاهل الارض بسلاحهم وكأن في هذا اشارة الى طيرانهم في الافق. والا فمن المعلوم ان سلاح النشاب ونحوه من السلاح الاول قد نسخ من زمان وان الاسلحة لا تزال في رقي وازدياد. ولا يرجى في وقت من الاوقات ان يعود الناس الى سلاح النشاب بل الذي يدل عليه الاستقراء والتتبع للاحوال ان السلاح يترقى ترقيا فاحشا. ينسي هذا السلاح الموجود حتى يكون مادة هلاك الخلق وتدميرهم. ويقع ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من فناء الرجال بالقتل حتى يكون قيم خمسين امرأة رجل واحد. والرسول صلى الله عليه وسلم لا يخبر بما تحيله العقول. بل فيه الشفاء والعصمة والنور والبرهان والحق واليقين. واما ما فيه من ذكر ماء البحيرة وانهم يشربونه. فاما ان ذلك اشارة وتنبيه على كثرتهم العظيمة التي هم في الحقيقة عليها. واما ان ماء البحيرة سيستخرجونه الى عمارة حروفهم وزروعهم حتى ينشفوها. وهذا شرب حقيقي. ويدل على هذا ان ماء البحيرة لو اجتمع جميع من على وجه الارض من الادميين والحيوانات فشربوا منها بافواههم لم ينشفوها. والنبي صلى الله عليه وسلم ينزه ان يتكلم بخلاف الواقع. فتعين احد التأويلين. ان كان حديث النواس بن سمعان محفوظا جمعا بين النصوص ويدل على التأويل الاخير ان الصهيونيين الذين اكثرهم من عنصر الفرنج الذين اتوا من البلاد لا يزالون يستخرجون ماء البحيرة بالمكائن وغيرها. ولا زالوا مجدين على هذا الامر. ولابد ان يقع جميع ما اخبر الله به ورسوله الدليل الخامس ما تواترت به الاخبار من اصناف العلماء والمفسرين والمؤرخين واهل السير والانساب من المتقدمين والمتأخرين. واتفاق محققيهم ان يأجوج ومأجوج في شمالي اسيا. وانهم جيران الاتراك وان قيل لهم ترك لان ذا القرنين لما ردم على يأجوج ومأجوج وترك منهم هذه الطائفة فقيل لهم الترك لانهم تركوا خلف السد. فالترك منهم والباقون جيرانهم المتصلون بهم في بلاد تركستان. وقد ذكر ذلك غير واحد من المؤرخين والمفسرين حتى كاد ان يكون اتفاقا منهم على هذا. ومن ورائهم من الامم تبع لهم وفرع عنهم وايضا فانهم ذكروا ان اولاد نوح الذين انسلوا ثلاثة سام وهو ابو العرب ومن جاورهم محام وهو ابو السودان والبربر وجميع اهل افريقيا ويافا وهو ابو الصقالبة والترك. ويأجوج ومأجوج والتتر. ومن تفرع عنهم من اهل الصين واليابان الافرنج ونحوها. وكلام المفسرين واهل الانساب في هذا الموضع. وفي هذا المعنى كثير جدا. لا يمكن نقله في هذه رسالة المختصرة والمصنف اذا عرف الواقع واين ديار الترك؟ ومن جيرانهم؟ عرف ان كلام هؤلاء العلماء صريح انهم هؤلاء الامم الذين ذكرنا وليكن على بالك ان يأجوج ومأجوج ليسوا عالما غيبيا وانما هم ادميون محسوسون كما دلت على ذلك انواع الادلة. الدليل السادس ان الشارع لا يخبر بامر تحيله العقول ويكذبه والواقع بل اخباره كلها لا يعارضها حس ولا عقل صحيح. ولا غيرها من الامور العلمية. ومن زعم ان يأجوج ومأجوج غيره هؤلاء الامم الذين ذكرنا فان قوله يتضمن المحال. لان هذا القائل يدعي ويعتقد انهم امم عظيمة من بني ادم وانهم اكثر من هؤلاء الامم الذين يعرفون الان على وجه الارض كلها باضعاف مضاعفة. وهذا قول محال ينزه الشام من ان ينسب اليه هذا القول لانه يطرق الكافرين والمعاندين الى القدح في الشارع. ويقولون كيف يخبر عن امم على وجه الارض اكثر من الموجودين في القارات الست وتوابعها. فاين هم؟ واين ديارهم؟ الارض كلها مكشوفة. وقد اكتشفها الناس قطرا قطرا ولم يبق محل من الارض الا وصل اليه علم الناس. لجهة قليلة جدا تحت مدار القطبين. وقد غمر الثلوج لا يمكن ان يعيش فيها ادمي ولا حيوان ولا نبات. لشدة بردها وعدم وصول الشمس اليها وهي رقعة صغيرة جدا بالنسبة الى الارض المكتشفة. فمجرد تصور العارف لهذا القول يكفي في رده. يوضح هذا توضيحا تام الدليل السابع ان قارات الدنيا كلها القديمة والحديثة ست قارات. الاولى اسيا من البحر الاحمر والابيض غربا الى اقصى بلاد سيبيريا من بلاد الروس شمالا. والى البحر الهادي شرقا. الى البحر الاسود واوكرانيا من ما يلي اوروبا غربا. الثانية افريقيا وشرقيها البحر الاحمر الى المحيط الاطلسي غربا. ومن البحر الابيض شمالا الى المحيط المتصل بالمحيط الهندي جنوبا. الثالثة قارة اوروبا التي يحدها البحر الابيض جنوبا الى البحر الشمالي ثم الاطلسي شمالا وغربا. ومن بلاد الاندلس غربا الى بلاد اوكرانيا السوفيتية شرقا. الرابعة استراليا وهي قارة واقعة في الشرق الجنوبي في وسط المحيط الهادي. الخامسة امريكا الجنوبية وهي الواقعة من خليج بنما من المحيط الاطلسي شمالا. وتنتهي الى البحر الهادي جنوبا. السادسة امريكا الشمالية تتصل من غرب بالبحر الاطلسي وبالبحر الشمالي. ومن شرق بالمحيط الهادي. فهذه قرارات الارض كلها باتفاق العارفين بها ويتبعها جزر صغيرة وكبيرة ملحقة بهذه وهذه القارات قد عرفها الناس كلها معرفة تامة. وعرفوا اجناس اهلها واصنافهم وتغلغل علمهم الى معرفة احصاءه وتيقنوا يقينا لا شك فيه ان المذكورين في هؤلاء القارات الست هم اهل الارض وانه لا يوجد على وجه الارض سوى فمتى اخبرنا مخبر ان في الارض غير هؤلاء المذكورين من بني ادم اكثر من المذكورين من بني ادم باضعاف مضاعفة علمنا غلطه الفاحش وانه خلاف الواقع المقطوع به. يوضح هذا ويزيده بيانا. الدليل الثامن وهو ان انه قد ثبتت كروية الارض ثبوتا لا امتراء فيه. وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم هذا. وذكر شيخ الاسلام ان الكتاب والسنة على هذا القول ظاهرة. كما انه قد اتفق عليه اهل المعرفة. وقد كان في الزمان الماضي يوجد من يعارض في كروية الارض ارض من اهل العلم قبل اكتشافها. ويظن ان كرويتها تنافي سطحيتها. وهذا غلط فان الجسم العظيم المسطح قد يكون مستديرا. قال تعالى والى الارض كيف سطحت. اي مدت ومهدت ووسعت لجميع منافع الادميين. وقال تعالى الليل على النهار ويكور النهار على الليل. والتكوير هو الاستدارة. كاستدارة العمامة على الرأس. وقال تعالى كل في فلكي يسبحون. ثم ان الواقع المعروف معرفة لا شك فيها يوافق هذا. وبعد ظهور المخترعات والمقربات وقرب صلاة صارت كروية الارض معروفة لكل احد له معرفة بالارض. وقد يتمكن الانسان في كل وقت ان يعرف اوقات جهات الارض ويعرف ان ليل بعض الجهات نهار لجهات اخرى. وبالعكس ان الشمس لا تزال تجري في فلكها. اذا طلعت على جانب من الارض غربت عن الجانب الاخر. فمثلا اذا زالت الشمس في جزيرة العرب تكون قد غربت عن اقاصي الصين وبلاد اليابان. واذا غربت في جزيرة العرب تكون قد ابتدأ شروقها في بلاد امريكا ثم اذا زالت الشمس في امريكا طلعت على بلاد اليابان والصين وهلم مجرة وكذلك من عبر مغربا من البحر الغربي الشمالي ينفذ على امريكا ثم منها الى المحيط الهادي ثم من المحيط الهادي على اليابان ثم الصين ثم يرجع الى موضعه وهكذا في كل مكان. ومعلوم انه اذا كانت الارض كروية كانت محصورة تحيط فيها معارف الناس. فدعوى المدعي ان هنا امما اكثر من المذكورين المعروفين. وهم على وجه الارض دعوة مخالفة للدليل قاطع وما كان كذلك فهو معروف الغلط. واعلم انه ليس مع من عارض ما ذكرنا شيء من الادلة. الا ما ذكرنا في حديث واس ابن سمعان. وقد ذكرنا وجهه. وكذلك يظنون ان الاسماء تبقى على الدوام. فلما رأوا ان هذه الامم لها اسماء مخصوصة كالروسي واليابان ونحوهم ظنوا انهم غير يأجوج ومأجوج. هذا غلط واضح. فكم تنقلت وتغيرت الاسماء اسماء الجهات والحكومات والعناصر. وكم تغيرت من اسم الى اسم اخر؟ وكم اندمجت امم بامم؟ وقد ذكر المعتنون بانساب تركي التورانيين الذين هم من نسل يأجوج ومأجوج. وان هذه الامة لا تزال تندفع شرقا وغربا. ومعلوم ان الاسماء بتغير تنقلاتها. والعبرة انما هي بالاوصاف التي ذكرت في الكتاب والسنة. وقد بينا فيما سبق انطباق اوصافهم على هذه الامم مع ان الاسم اليوم موجود فان اسم بلادي يأجوج ومأجوج الاصلية وهو بلاد من غلي وشرقي باكستان لا زال معروفا. وتلك القبائل لا يزال يقال لهم يأجوج ومأجوج. وهم الان تبع لحكومة الروس. الدليل التاسع هو الجامع لكل ما تقدم. وهو ان دلالة الكتاب والسنة الصحيحة والاوصاف المذكورة فيهما ليأجوج ومأجوج لا تصدق الا على من من الامم. وكذلك الامور الواقعة المقطوع بها حسا وعلما. كما تقدمت الاشارة اليها وتقريرها. اذا جمعت ذلك كله علمت علما يقينا لا شك فيه ولا ريب انها واقعة على تلك الامم. وانهم المرادون بها وانها من براهين رسالة محمد صلى الله الله عليه وسلم. علمت ايضا بما تقدم انه لا يوجد غير المذكورين من بني ادم على وجه الارض. وان من قال انهم غيرهم لم يقله عن علم وبرهان. وانما هو قول بلا علم مخالف للعلم. الدليل العاشر ان لفظ يأجوج ومأجوج واستقامة من الاجيج والسرعة ووصف الشارع لهم بذلك يدل على ما ذكرنا. ولهذا كان الاولى ان يكون اسم جنس. وان كان طائفة من اهل العلم يرون انهم طائفة مخصوصة من دول السوفيت. وهم المعروفون الان بهذا الاسم. فكونه اسم جنس يشملهم ويشمل من ورائهم اولى لوجهين. احدهما ان الاوصاف المذكورة في الكتاب والسنة تنطبق كل الانطباق على تلك الامم المذكورة مثل قوله من كل حدب ينسلون. والشر الذي وصل الى المسلمين منهم عامة. والى العرب خاصة وصف كثرتهم وكثرة كفرهم وانهم اكثر بعث النار وغيرها مما هو صريح فيهم. الثاني ان اخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن بعث النار وانه من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون في النار وواحد في الجنة. وان جمهور هذا العدد من يأجوج ومأجوج لا يتصور ان يكون الا اسم جنس. ولما كان الاشكال في هذه المسألة قد وقع لكثير من الناس لم يتضح لهم الامر فيها مع ان من نظر الى ادلتها الشرعية والعقلية لم يرتب. احببت ان اورد من كلام اهل العصر المعتبرين والذي لهم المعرفة التامة في هذه الامور ما يدل على ما ذكر. وقد ذكر الامير شكيب ارسلان رحمه الله في حواشي حاضر العالم الاسلامي ان يأجوج ومأجوج هم المجار وهم المغول. وذكر غزواتهم لبلاد الافرنج. واندفاعهم اليها واندماجهم بهم وقال ايضا في كتابه الذي سماه غزوات العرب المطبوع في صفحة سبعين ومئة منه وفي تلك الايام وصل جاروا الى فرنسا وملأوا البلاد عيفا وتدميرا. ورأى الاهالي فيهم تصديق نبوة حزقيال عن يأجوج ومأجوج. الى اخر ما قال وفي المجلد الاول من الحلل السندسية للامير شيكيب صفحة ثمان وسبعين ومائة. وذكر القاصي ان القوط اي ملوك الاندلس الذين اخرهم لزريق الذي هزمه المسلمون من ولد يأجوج ومأجوج ابن ياثف ابن نوح. هو في المجلد الحادي عشر من المنار في اخر جواب سؤال صفحة اربع وثمانين ومئتين. هذا ومن تذكر اغارة المغول التتار. وهم نسل يأجوج ومأجوج في القرن السابع الهجري على بلاد المسلمين والنصارى. وما اتوه من الافساد في الارض. وما اوقعوه بالامم المختلفة من القتل والسبي والنهب امكنه تصور حصول هذا منهم مرة اخرى قبل مجيء الساعة. كما قال القرآن الشريف حتى اذا فتحت يأجوج ومأجوج الى اخره. وذكر شكيب ارسلان في حواشي مقدمة ابن خلدون وحاضر العالم الاسلامي كيفية تسلسل حساب التتر ويأجوج ومأجوج والترك. ودخولهم في جملة اهل اوروبا. بعدما كانت مساكنهم في اسيا. فذهب اناس في اسيا اكثرهم. وقد ذكر صاحب التذكرة فيها في الجزء الثاني صفحة ست وثمانين. لما تكلم عن طبائع الاقطار ذكر بلاد يأجوج ومأجوج وموقعها وما يناوحها من الاقطار في كلام طويل يؤيد ما ذكرنا. وقال في مجلة الفتح صفحة اربع واربعمئة العام التاسع من الثامن من محرم سنة اربع وخمس ومائتين والف صفحة ست وتسعين في الجزء مذكور من مقالة الشيخ محمد سليمان. قال جاءت القرون الوسطى فجاء اهل اوروبا عادين على المسلمين. يغزونهم في ديارهم ويحاربونهم على تخومهم وفتحت يأجوج ومأجوج. فانسل التتار من الشرق على بلاد الاسلام. فاكتسحوها وخربوها وهدموا الخلافة وقتلوا الخليفة. ووقع المسلمون بين شقي الرحى من الشرق ومن الغرب في بلاء مبين. وفي منجم العمران صفحة ثمان وخمسين من الجزء الاول ومن الامم التي عرفت حركات مهاجراتها قبيلة ينكنو التركية فانها اقدم القبائل التي نعرف تاريخ حملها على امة اخرى ربما كانت الامة الهندية الجرمانية التي كانت قاطنة بالقرب من يوتي غاته في الجهة الشمالية الغربية من الصين فتلك الحملة التي جعلت شأنها الفتح والتخريب والسلب والنهب صدرت من السور العظيم المبني لصدها سنة اربع وعشر ومائتين قبل الميلاد. وامتدت حتى بلغت اقاصي غرب اوروبا. سائرة في اواسط اسيا من الجهة الشمالية من سلسلة جبال هملايا الى ان قال صفحة اثنتين وستين ولما رأى الاوروبيون ما رأوا من فتوحات المنغول التي امتدت من سور الصين الى كاراكو في اواسط اوروبا والى سواحل البحر المتوسط من غربي اسيا وفي ست وعشرين سنة وقع الرعب في قلوب بهم الى اخر ما قال. وقال ايضا في المنجم صفحة اثنتين وسبعين من المجلد الاول اهتمت الدنيا باسرها بفتوحات روسيا في اواسط اسيا وانجلترا باتت في وجل من جراء ذلك. وكانت نهاية حرب روسيا والجراكسة سنة اربع وستين مائة والف الموافق الحادي والثمانين ومائتين والف للهجرة. واسطة لهدم الحاجز العظيم. الذي كان يمنعها عن توسيع دائرة املاكها. وهو جبل قوة قاف. يعني القفقاس. وقد تمكنت بذلك من نوال مقصدهم الى اخره وفي المقتبس قال المسعودي في كتاب التنبيه وحد الاقليم الخامس بحر الشام الى اقصى الروم مما يلي البحر الى تراقية وبلاد المرجان والاستبان واليأجوج ومأجوج والترك والخزر واللان والجلالقة. فجعلهم في ارض الترك. وقال ابن رستة الاقليم السادس يبتدأ من المشرق فيمر على بلاد يأجوج ومأجوج ثم على بلاد الخزر وينتهي الى البحر المغرب. فانظر كيف صرح بمجاورته الارض الخزر وهي معروفة قريب من قزوين. وقال البلخي في تاريخه صفحة اربع وثلاثين وخمسمائة. الاقليم السادس يبتدأ من المشرق فيمر على بلاد يأجوج ومأجوج ثم على بلاد الخزر ثم على وسط بحر جرجان الى بلاد الروم. قال اهل العلم اما ما وراء هذه الاقاليم الى تمام الموضع المسكون الذي عرفناه فانه يبتدأ من المشرق من بلاد يأجوج ومأجوج فيمر على بلاد التغرغر وارض الترك. وكل هذا ظاهر وكلامهم في هذا كثير. والغرض الاصلي هنا بيان مراد الله ورسوله وان الاوصاف التي ذكرت عنهم في الكتاب والسنة الصحيحة المحفوظة تنطبق عليهم غاية الانطباق. وان الواقع يصدق ذلك له وان كلام اهل السير والمحققين من الاخباريين يؤيد ذلك ويشهد له. فعلى من تيقن ذلك وعرف دخوله في النصوص يعتقده ويدين الله به. وعلى من اشكل عليه الامر ان يتوقف عن الجزم باحد الامرين نفيا واثباتا. واذا كان لا بد له من باحد الامرين فليصبر وليتأنى حتى يتدبر الادلة الشرعية والعقلية. ويعرف الواقع فاذا جزم باحد الامرين الى الدليل فقد ادى ما عليه من اتباع الدليل الصحيح. فاذا جزم باحد الامرين مقلدا لغيره من غير معرفة صحيحة بالمآل فهو من القول بلا علم. وليس هذا الاصل خاصا بهذه المسألة. بل جميع المسائل الاصولية تجري على هذا الاصل الذي نرجو الله تعالى ان يتحقق به كل طالب للعلم النافع. ونسأل الله ان يهدينا واخواننا المسلمين صراطه المستقيم هداية علمية. حتى نعرف ما انزل الينا من الكتاب والحكمة اجمالا وتفصيلا. وهداية عملية حتى نسلك الطريق الموصل الى الله. والى دارك بامتثال الاوامر واجتناب النواهي. انه جواد كريم. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. قال ذلك وكتبه العبد الفقير الى الله من جميع الوجوه. عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله ال سعدي. غفر الله له