المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله باب حرمة مكة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب حرمة مكة اي لان لها حرمة على سائر البقاع بسبب حرمة هذا البيت العظيم السادس عشر والمائتان الحديث الاول عن ابي شريح خويلد بن عمر الخزاعي العدوي رضي الله عنه انه قال لعمرو بن سعيد بن العاص وهو يبعث البعوث الى مكة ايذا لي ايها الامير ان احدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الغد من يوم الفتح فسمعته اذناي ووعاه قلبي وابصرته عيناي حين تكلم به انه حمد الله واثنى عليه ثم قال ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الاخر ان بها دما ولا يعضد بها شجرة فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقولوا ان الله اذن لرسوله ولم يأذن لكم وانما اذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس فليبلغ الشاهد الغائب فقيل لابي شريح ما قال لك قال قال انا اعلم بذلك منك يا ابا شريح ان الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة رواه البخاري ومسلم الخربة بالخاء المعجمة والراء المهملة هي الخيانة وقيل البلية وقيل التهمة واصلها في سرقة الابل قال الشاعر والخارب اللص يحب الخارب قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي شريح انه قال لعمرو بن سعيد بن العاص الى اخره وهو الاشدق عمه عمرو بن العاص وكان اميرا على المدينة لمعاوية وابنه يزيد وغلب على دمشق الشام وكان يبعث البعوث الى مكة بامر يزيد او عبدالملك فنصحه ابو شريح فلم يقبل ولكنه بعد ذلك خرج على عبد الملك فسلط عليه عبد الملك فقتله صبرا وقوله يبعث البعوث الى مكة اي لقتال ابن الزبير وقوله ائذن لي ايها الامير الى اخره هذا دعاء له بالحكمة فانه ينبغي ان يدعى الانسان الذي عند نفسه كبير باللطف والرفق لانه ابلغ لقبوله ولو بلغ بالشر ما بلغ فان الله قال لموسى وهارون اذهبا الى فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى وقوله احدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الغد من يوم الفتح فسمعته اذناي الى اخره اي انه تيقنه بجميع الحواس فلا يشك فيه ولا يمتري فالظاهر انه اذن له لانه حدثه به فقال انه حمد الله واثنى عليه وهذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم في جميع خطبه ان يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم قال ان مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس اي ان الله هو الذي حرمها وليس تحريمها من قبل الخلق كما يحرم بعض الملوك بعض الاماكن ويحمونها فان تحريم الله اعظم من تحريم الخلق بل ولا نسبة بينهما بوجه وقد حرمها يوم خلق السماوات والارض كما يأتي ولما ابتعث الله ابراهيم امره ببناء بيته وتحديد حرمه واظهار حرمته قوله فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الاخر الى اخره اي ان ايمانه ينهاه عن هذه الافعال ولا يجتمع الايمان الكامل معها وقوله ان يسفك بها دما وهذا عام لدم المسلم والكافر ولا يعضد بها شجرة اي جميع الاشجار ويستثنى من ذلك الاذخر كما يأتي والكمأة وما زرعه الادمي وما يبس حتى كان حطبا وترك البهائم ترعى بنفسها لا بأس به وقوله فان احد ترخص بقتال رسول الله اي يوم فتح مكة فقولوا ان الله اذن لرسوله ولم يأذن لكم وانما اذن لي ساعة من نهار اي انه ليس اذنا عاما له كل وقت بل في تلك الساعة فقط وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس فليبلغ الشاهد الغائب ففي هذا نصحه وانه بلغ البلاغ المبين صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكان والله اعلم علم انه يأتي قوم يترخصون بقتاله فلهذا رد تأويلهم وقوله فقيل لابي شريح ما قال لك اي لانه علم انه استمر على تجهيزه ولكن مارد عليك فقال قال انا اعلم بهذا منك يا ابا شريح ان الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة اي خيانة او بلية او تهمة ومراده بذلك ابن الزبير وقد كذب والحق مع ابي شريح ولكن تأول وتستر ان يرد كلام الرسول ردا بينا فاوله وكلامه صلى الله عليه وعلى اله وسلم عام وحاشى ان يكون ابن الزبير اعظم اثما من كفار قريش ومع ذلك لم يحل لرسول الله الا ساعة من نهار مع ان الحق مع ابن الزبير رضي الله عنه فكيف جعله بهذه الحال ولكن والعياذ بالله اسكره خمر الرياسة حتى قال ما قال ولم يقبل النصح ففي هذا الحديث نصح الائمة رضي الله عنهم وانهم لا تأخذهم في الله لومة لائم ولا يخافون في تبليغ ما امروا به احدا فان ابا شريح بلغ ما امر به ولم يبقى عليه تبعه وفيه حسن دعوتهم وفيه انه اذا دعا الى امر متيقن يخبر انه لا يشك فيه ولا يمتري ليكون ابلغ لقبوله وفيه انه لا يجوز قتال احد في الحرم ولا ان يسفك فيه دم فلو عصى خارج الحرم ثم لجأ اليه اعاذه. ولم يتعرض له ما دام فيه قال العلماء ولا يخرج منه قهرا لكن يلجأ الى الخروج بالا يبايع ولا يشارى ولا يعان على شيء حتى يخرج فيستوفى منه الحق واما لو انتهك حرمة الحرم فقتل فيه او زنا فيه ونحو ذلك فمن تمام احترام الحرم لاقتصاص منه وحده واخذ الحق منه لانه هو الذي انتهك حرمة الحرم