من حرمات الله فهو خير له عند ربه. واحلت لكم الانعام الا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور ذلك الذي ذكرنا لكم من تلكم الاحكام وما فيها من تعظيم واياه وجعل قسما من ذريته من سكانه وامره الله ببنيانه فبناه على تقوى الله واسسه على طاعة الله. وبناه هو وابنه اسماعيل وامره الا يشرك به شيئا بان يخلص لله اعماله. ويبنيه على اسم الله. وطهر البيت فتقطعه اعضاء كذلك المشرك اذا ترك الاعتصام بالايمان تخطفته الشياطين من كل جانب ومزقوه واذهبوا عليه دينه ودنياه ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. اي ذلك الذي ذكرنا لكم المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي قائمين والركع السجود. يذكر تعالى عظمة البيت الحرام وجلالته وعظمة بانيه وهو خليل الرحمن. فقال واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت. اي هيأناه له وانزلناه قائمين والركع السجود. وطهر بيتي اي من الشرك والمعاصي ومن والادناس واضافه الرحمن الى نفسه لشرفه وفضله. ولتعظم محبته في القلوب. وتنصب اليه الافئدة من كل جانب. وليكون اعظم تطهيره وتعظيمه لكونه بيت الرب للطائفين به والعاكفين عنده. المقيمين العبادة من العبادات من ذكر وقراءة. وتعلم علم تعليمه وغير ذلك من انواع القرب. اي المصلين اي طهره لهؤلاء الفضلاء الذين همهم طاعة وخدمته والتقرب اليه عند بيته. فهؤلاء لهم الحق ولهم الاكرام. ومن اكرامهم تطهير البيت لاجلهم. ويدخل في تطهيره من الاصوات اللاغية والمرتفعة التي تشوش على المتعبدين للصلاة والطواف. وقدم الطواف على الاعتكاف والصلاة لاختصاصه بهذا البيت ثم الاعتكاف لاختصاصه بجنس المساجد واذن في الناس بالحج اي اعلمهم به وادعهم اليه وبلغ دانيهم وقاصيهم فرضه وفضيلته فانك اذا دعوتهم اتوك حجاجا وعمارا رجالا اي مشاة على ارجلهم من الشوق وعلى كل ضامر اي ناقة ضامر تقطع المهام والمفاوز وتواصل السير حتى تأتي الى اشرف الاماكن. اي من كل بلد من بعيد وقد فعل الخليل عليه السلام ثم من بعده ابنه محمد صلى الله عليه وسلم فدعايا الناس الى حج هذا البيت وابديا في ذلك واعادا وقد حصل ما وعده الله به. اتاه الناس رجالا وركبانا من مشارق الارض ومغاربها. ثم ذكر فوائد زيارة بيت الله الحرام. مرغبا فيه قال من بهيمة الانعام. ليشهدوا منافع لهم اي لينالوا ببيت الله منافع دينية. من العبادات الفاضلة والعبادات التي لا الا فيه ومنافع دنيوية من التكسب وحصول الارباح الدنيوية. وكل هذا امر مشاهد كل يعرفه. ويذكر اسم الله في ايام معدود معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام. وهذا من المنافع الدينية والدنيوية. اي ليذكروا اسم الله عند ذبح الهدايا. شكرا لله على ما رزقهم منها ويسرها لهم فاذا ذبحتموها اي شديد الفقر. ثم ليقضوا ان يقضوا نسكهم ويزيلوا الوسخ والاذى. الذي لحقهم في حال الاحرام. وليوفوا نذورهم التي اوجبوها على انفسهم. من الحج والعمرة اي القديم افضل المساجد على الاطلاق المعتق من تسلط الجبابرة عليه وهذا امر بالطواف خصوصا بعد الامر بالمناسك عموما. بفضله وشرفه ولكونه المقصود. وما قبله وسائل اليه. ولعله والله واعلم ايضا لفائدة اخرى وهي ان الطواف مشروع كل وقت وسواء كان تابعا لنسك ام مستقلا بنفسه الله واجلالها وتكريمها. لان تعظيم حرمات الله من الامور المحبوبة لله المقربة اليه. التي من عظمها واجلها اثابه الله له ثوابا جزيلا وكانت خيرا له في دينه. ودنياه واخراه عند ربه. وحرمات الله كل ما له حرمة. وامر باحترامه بعبادة او غيرها كالمناسك كلها وكالحرم والاحرام وكالهدايا وكالعبادات التي امر الله العباد بالقيام بها. فتعظيمها اجلالها بالقلب ومحبتها وتكميل العبودية فيها. غير متهاون ولا متكاسل ولا متثاقل. ثم ذكر منته واحسانه بما احله لعباده بهيمة الانعام من ابل وبقر وغنم. وشرعها من جملة المناسك التي يتقرب بها اليه. فعظمت منته فيها من الوجهين الا ما يتلى عليكم في القرآن تحريمه. من قوله حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير. ولكن الذي من رحمته بعباده ان حرمه عليهم ومنعهم منه تزكية لهم وتطهيرا من الشرك به وقول الزور. ولهذا قال واجتنبوا قول الزور فاجتنبوا الرجز اي الخبث القذر من الاوثان اي الانداد التي جعلتموها الهة مع الله فانها اكبر انواع الرجس. والظاهر ان من هنا ليست لبيان الجنس. كما قاله كثير من المفسرين. وانما هي للتبعير. وان عام في جميع المنهيات المحرمات. فيكون منهيا عنها عموما. وعن الاوثان التي هي بعضها خصوصا اي جميع الاقوال المحرمات. فانها من قول الزور الذي هو الكذب. ومن ذلك شهادة الزور فلما نهاهم عن الشرك والرجس وقول الزور امرهم ان يكونوا حنفاء لله. اي مقبلين عليه وعلى عبادته معرضين عما سواه غير مشركين به الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق. ومن يشرك بالله فمثله فكأنما خر من السماء. اي سقط منها فتخطفه الطير بسرعة. اي بعيد كذلك المشرك الايمان بمنزلة السماء محفوظة مرفوعة. ومن ترك الايمان بمنزلة الساقط من السماء. عرضة للافات والبليات. فاما ان تخطفه الطير من تعظيم حرماته وشعائره. والمراد بالشعائر اعلام الدين الظاهرة ومنها المناسك كلها. كما قال تعالى ان الصفا والمروة من شعائر ومنها الهدايا والقرآن للبيت. وتقدم ان معنى تعظيمها اجلالها والقيام بها. وتكميلها على اكمل ما يقدر عليه العبد. ومنها الهدايا تعظيمها باستحسانها واستسمانها. وان تكون مكملة من كل وجه. فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب. فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحته ايمانه لان تعظيمها تابع لتعظيم الله واجلاله كلها الى البيت العتيق. لكم فيها اي في الهدايا منافع الى اجل مسمى. هذا في الهدايا المسوقة من البدن ونحوها ينتفع بها اربابها بالركوب والحلب ونحو ذلك. مما لا يضرها الى اجل مسمى. مقدر موقت وهو ذبح اذا وصلت محلها وهو البيت العتيق. اي الحرم كله منى وغيرها. فاذا ذبحت اكلوا منها واهدوا. واطعموا البائس الفقير ولكل امة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الانعام اي ولكل امة من الامم السالفة اجعلنا من سكن. اي فاستبقوا الى الخيرات وتسارعوا اليها. ولننظر ايكم احسن عملا. والحكمة في لله لكل امة منسك لاقامة ذكره والالتفات لشكره. ولهذا قال ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الانعام فالهكم اله واحد. وان اختلفت الشرائع فكلها متفقة على هذا الاصل. وهو الوهية الله وافراده بالعبودية. وترك الشرك به. ولهذا قال فله اسلموا اي انقادوا واستسلموا له لا لغيره فان الاسلام له طريق الى الوصول الى دار السلام بشر المخبتين. بخير الدنيا والاخرة والمخبت الخاضع لربه المستسلم لامره. المتواضع لعباده. ثم ذكر صفات المخبتين فقال الذين اذا الله وجلت قلوبهم اي خوفا وتعظيما. فتركوا لذلك المحرمات بخوفهم ووجلهم من الله وحده. والصابرين على ما اصابهم من البأساء والضراء وانواع الاذى فلا يجري منهم التسخط لشيء من ذلك. بل صبروا ابتغاء وجه ربهم محتسبين ثوابه. مرتقبين اجره والمقيمي الصلاة اي الذين جعلوها قائمة مستقيمة كاملة. بان ادوا اللازم فيها والمستحب وعبوديتها الظاهرة والباطنة. ومما رزقناهم ينفقون وهذا يشمل جميع النفقات الواجبة كالزكاة والكفارة والنفقة على الزوجات والمماليك والاقارب والنفقات المستحبة كالصدقات بجميع وجوهها واتى بمن المفيدة للتبعيض ليعلم سهولة ما امر الله به ورغب فيه وانه جزء يسير مما رزق الله وليس للعبد في تحصيله قدرة لولا تيسير الله له رزقه اياه. فيا ايها المرزوق من فضل الله انفق مما رزقك الله. ينفق الله عليك زدك من فضله هذا دليل على ان الشعائر عام في جميع اعلام الدين الظاهرة. وتقدم ان الله اخبر ان من عظم شعائره فان ذلك من تقوى القلوب. وهنا اخبر ان من جملة شعائره البدن اي الابل والبقر على احد القولين فتعظم وتستثمن وتستحسن لكم فيها خير. اي المهدي وغيره من الاكل والصدقة والانتفاع والثواب والاجر جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر. فاذكروا اسم الله عليه اليها اي عند ذبحها. قولوا بسم الله واذبحوها. صواف اي قائمات. بان تقام على قوائمها الاربع ثم تعقل يدها اليسرى ثم تنحر فاذا وجبت جنوبها اي سقطت في الارض جنوبها حين تسلخ ثم يسقط الجزار جنوبها على الارض فحينئذ قد استعدت ان يؤكل منها فكلوا منها. وهذا خطاب للمهدي. فيجوز له الاكل من هديه. واطعموا القانع والمعتر. اي الفقير الذي لا اسأل تقنعا وتعففا والفقير الذي يسأل فكل منهما له حق فيهما كذلك سخرناها لكم اي البدن لعلكم تشكرون الله على تسخيرها فانه لولا تسخيره لها لم يكن لكم بها طاقة ولكنه ذللها لكم وسخرها رحمة بكم واحسانا اليكم. فاحمدوه وقوله لن ينال الله لحومها لن ينال الله لحومها ولا دماؤها اي ليس المقصود منها ذبحها فقط ولا ينال الله من لحومها ولا دمائها شيء. لكونه الغني الحميد وانما يناله الاخلاص فيها. والاحتساب والنية الصالحة ولهذا قال ولكن يناله التقوى منكم. ففي هذا حث وترغيب على الاخلاص في النحر. وان يكون القصد وجه الله وحده لا فخرا ولا رياء ولا سمعة ولا مجرد عادة وهكذا سائر العبادات. ان لم يقترن بها الاخلاص وتقوى الله كانت كالقشور الذي لا لب فيه. والجسد الذي لا روح فيه كذلك سخرها لكم لتكبروا الله اي تعظموه وتجلوه على ما هداكم. اي مقابلة لهدايته اياكم. فانه يستحق الثناء واجل الحمد واعلى التعظيم. وبشر المحسنين بعبادة الله بان يعبدوا الله كانهم هم يرونه فان لم يصلوا الى هذه الدرجة فليعبدوهم معتقدين وقت عبادتهم اطلاعه عليهم. ورؤيته اياهم. والمحسنين لعباد الله بجميع وجوه الاحسان من نفع مال او علم او جاه او نصح. او امر بمعروف او نهي عن منكر او كلمة طيبة ونحو ذلك. فالمحسنون له البشارة من الله بسعادة الدنيا والاخرة. وسيحسن الله اليهم كما احسنوا في عبادته ولعباده. هل جزاء الاحسان الا الاحسان للذين احسنوا الحسنى وزيادة