المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي هذا اخبار ووعد وبشارة من الله للذين امنوا ان الله يدافع عنهم كل مكروه ويدفع عنهم كل شر بسبب ايمانهم من شر الكفار وشر وسوسة الشيطان. وشرور انفسهم وسيئات اعمالهم. ويحمل عنهم عند نزول المكاره ما لا يتحملون خففوا عنهم غاية التخفيف. كل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة بحسب ايمانه فمستقل ومستكثر ان الله لا يحب كل خوان. اي خائن في امانته التي حمله الله اياها. فيبخس حقوق الله عليه ويخونها ويخون الخلق كفول لنعم الله يوالي عليه الاحسان ويتوالى منه الكفر والعصيان فهذا لا يحبه الله بل يبغضه ويمقته وسيجازيه على كفره وخيانته ومفهوم الاية. ان الله يحب كل امين قائم بامانته. شكور لمولاه حين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير. كان المسلمون في اول الاسلام ممنوعين من قتال الكفار ومأمورين بالصبر عليهم لحكمة الهية. فلما هاجروا الى المدينة واوذوا وحصل لهم منعة وقوة. اذن لهم قال الله تعالى اذن للذين يقاتلون. يفهم منه انهم كانوا قبل ممنوعين. فاذن الله لهم بقتال الذين يقاتلون. وان ما اذن لهم بانهم ظلموا بمنعهم من دينهم واذيتهم عليه واخراجهم من ديارهم فليستنصروه وليستعينوا به. ثم ذكر صفة ظلمهم فقال الذين اخرجوا من ديارهم اي الجئوا الى الخروج بالاذية والفتنة بغير حق الا ان ذنبهم الذي نقم منهم اعدائهم ان يقولوا ربنا الله اي الا انهم وحدوا الله وعبدوهم مخلصين له الدين. فان كان هذا ذنبا فهو ذنبهم كقوله تعالى وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد. وهذا يدل على حكمة جهاد وان المقصود منه اقامة دين الله وذب الكفار المؤذين للمؤمنين البادئين لهم بالاعتداء عن ظلمهم واعتدائهم والتمكن من عبادة الله واقامة الشرائع الظاهرة. ولهذا قال ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولولا دفع الله الناس بعضا ببعض فيدفع الله بالمجاهدين في سبيله ضرر الكافرين. لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد. اي لهدمت هذه عابد الكبار لطوائف اهل الكتاب. معابد اليهود والنصارى والمساجد للمسلمين. يذكر فيها اي في هذه المعابد الله كثيرا تقام فيها الصلوات وتتلى فيها كتب الله ويذكر فيها اسم الله بانواع الذكر. فلولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لاستولى الكفار على المسلمين فخربوا معابدهم وفتنوهم عن دينهم. فدل هذا ان الجهاد مشروع لاجل دفع الصائل والمؤذي. ومقصود غيره ودل ذلك على ان البلدان التي حصلت فيها الطمأنينة بعبادة الله وعمرت مساجدها واقيمت فيها شعائر الدين كلها من فضائل مجاهدين وببركتهم دفع الله عنها الكافرين. قال الله تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض. ولكن الله ذو فضل على العالمين فان قلت نرى الان مساجد المسلمين عامرة لم تخرب مع ان كثير منها امارة صغيرة وحكومة غير منظمة مع انهم لا يدان لهم بقتال من جاورهم من الافرنج. بل نرى المساجد التي تحت ولايتهم وسيطرتهم عامرة. واهلها امنون مطمئنون. مع قدرة من الكفار على هدمها. والله اخبر انه لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت هذه المعابد. ونحن لا نشاهد دفعا. اجيب ان هذا السؤال والاستشكال داخل في عموم هذه الاية وفرد من افرادها فان من عرف احوال الدول الان ونظامها وانها كل امة وجنس تحت ولايتها وداخل في حكمها تعتبره عضوا من اعضاء المملكة وجزء من اجزاء الحكومة سواء كانت تلك الامة مقتدرة بعددها او عددها او مالها او عملها او خدمتها فتراعي الحكومات مصالح ذلك الشعب الدينية والدنيوية وتخشى ان لم تفعل ذلك ان يختل نظامها وتفقد بعض اركانها. فيقوم من امر الدين بهذا السبب ما يقوم. خصوصا فانها ولله الحمد في غاية الانتظام حتى في عواصم الدول الكبار. وتراعي تلك الدول الحكومات المستقلة نظرا لخواطر عاياهم المسلمين مع وجود التحاسد والتباغض بين دول النصارى الذي اخبر الله انه لا يزال الى يوم القيامة. فتبقى الحكومة المسلمة التي لا تقدر تدافع عن نفسها سالمة من كثير ضررهم لقيام الحسد عندهم. فلا يقدر احدهم ان يمد يده عليها خوفا من بالاخر مع ان الله تعالى لا بد ان يري عباده من نصر الاسلام والمسلمين ما قد وعد به في كتابه وقد ظهرت ولله الحمد اسبابه بشعور المسلمين بضرورة رجوعهم الى دينهم والشعور مبدأ العمل. فنحمده ونسأله ان يتم نعمته. ولهذا قال في وعده الصادق المطابق للواقع تقوي عزيز. ولينصرن الله من ينصره. ان يقوموا بنصر دينه. مخلصا له في ذلك. يقاتل في سبيله. لتكون كلمة والله هي العليا ان الله لقوي عزيز. اي كامل القوة عزيز لا يرام. قد قهر الخلائق واخذ اوصيهم فابشروا يا معشر المسلمين. فانكم وان ضعف عددكم وعددكم وقوي عدد عدوكم وعدتهم. فان ركنكم القوي العزيز ومعتمدكم على من خلقكم وخلق ما تعملون. فاعملوا بالاسباب المأمور بها ثم اطلبوا منه نصركم. فلا بد ان ينصركم. يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم. وقوموا ايها المسلمون بحق الايمان والعمل الصالح. فقد وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ثم ذكر علامة من ينصره وبها يعرف ان من ادعى انه ينصر الله وينصر دينه ولم يتصف بهذا الوصف فهو كاذب قال ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور. الذين ان مكناهم في الارض اي ملكناهم اياها وجعلناهم المتسلطين عليها من غير منازع ينازعهم ولا معارض اقاموا الصلاة في اوقاتها وحدودها واركانها وشروطها في الجمعة والجماعات واتوا الزكاة التي عليهم خصوصا وعلى رعيتهم عموما اتوها اهلها الذين هم اهلها وامروا بالمعروف وهذا يشمل كل معروف حسنه شرعا وعقلا من حقوق الله وحقوق الادميين ونهوا عن المنكر كل منكر شرعا وعقلا معروف قبحه. والامر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتم الا به. فاذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم. اجبروا الناس على التعلم والتعليم. واذا كان يتوقف على تأديب مقدر شرعا. او غير مقدر كان التعزير قاموا بذلك واذا كان يتوقف على جعل اناس متصدين له لزم ذلك. ونحو ذلك مما لا يتم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الا به. اي جميع الامور ترجع الى الله. وقد اخبر ان العاقبة للتقوى فمن سلطه الله على العباد من الملوك. وقام بامر الله كانت له العاقبة الحميدة. والحالة الرشيدة ومن تسلط عليهم بالجبروت واقام فيهم هوى نفسه فانه وان حصل له ملك موقت فان عاقبته غير حميدة. فولايته مشؤومة وعاقبته مذمومة