المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثالث والعشرون والمائتان الحديث الخامس عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه مكة فقال المشركون انه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب فامرهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يرملوا الاشواط الثلاثة وان يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعهم ان يرملوا الاشواط كلها الا الابقاء عليهم رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه مكة اي في عمرة القضية وهي سنة سبع من الهجرة فقال المشركون يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب يعنون الرسول والصحابة اي ان الحمى اضعفتهم وقصدهم التشمت بهم ويثرب من اسماء المدينة ولكنها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن تسميتها يثرب وسماها طيبة وكان فيها حمى عظيمة فلما هاجر الرسول والصحابة اليها اصابتهم حماها فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ربه ان ينقل حماها الى الجحفة فنقلها الله الى الجحفة وخفت عن المدينة جدا ولم يزل فيها بقية منها لكنها اخف من قبل ذلك فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قول المشركين اراد اغاظتهم فامر الصحابة ان يرملوا الاشواط الثلاثة ليرى المشركون قوتهم وجلدهم على العبادة فلم يكفهم المشي كما يفعل الناس حتى انهم رملوا وكان المشركون قد اجتمعوا على قعيقعان وهو الجبل الذي اصله المروة وهم في اعلاه وموضعه فيه حارة تسمى الان بالقرارة ولم تزل اثار الجبل باقية فاجتمعوا هناك لينظروا طواف الرسول والصحابة وكانوا اذ ذاك من فيه يرى من في المسجد فلما رأوا طوافهم غاظهم ذلك وقالوا اينما تقول فانه لم يكفهم حتى رملوا والرمل هو الخبب وهو السرعة في المشي دون السعي وامرهم صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يمشوا ما بين الركنين اليمانيين لانهم في هذه الحال يختفون عن المشركين بالبيت فحصل لهم المصلحتان اغاظة عدوهم وراحة انفسهم وقوله ولم يمنعهم ان يرملوا الاشواط كلها الا الابقاء عليهم اي انه اكتفى بالثلاثة الاول لاجل ان يبقي عليهم نشاطهم. ففيه مشروعية اغاظة اعداء الله وفيه مشروعية الرمل لانه تذكير بما جرى لاولياء الله مع اعدائه وكثير من افعال الحج شرع للتذكر كما شرع السعي للتذكير بما جرى لهاجر واسماعيل وكما شرع الرمي للتذكير بما جرى لابراهيم مع الشيطان ونحو ذلك