باب العفو والاعراض عن الجاهلين. قال الله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين وقال تعالى فاصفح الصفح الجميل. وقال تعالى وليعفوا وليصفحوا ولا تحبون ان يغفر الله لكم وقال تعالى والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. وقال تعالى ولمن صبر وغفر ترى ان ذلك لمن عزم الامور. والايات في الباب كثيرة معلومة. وعن عائشة رضي الله عنها انها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم هل اتى عليك يوم كان اشد من يوم احد؟ قال لقد لقيت من قومك وكان اشد ما لقيت منهم يوم العقبة. اذ عرست نفسي على ابن عبدي اليل ابن عبدك غلال. فلم يجبني الى ما فانطلقت وانا مهموم على وجهي. فلما استفق الا وانا بقرن الثعالب. فرفعت رأسي. فاذا انا بسحابة قد اظلتني فنظرت فاذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال ان الله تعالى قد قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث اليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك والجبال فسلم علي ثم قال يا محمد ان الله قد سمع قول قومك لك وانا ملك الجبال وقد بعثني ربي اليك لتأمرني بامرك فما شئت ان شئت اطبقت عليهم الاخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل ارجو ان يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا. متفق عليه. وعنها رضي الله عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده امرأة ولا خادما الا ان يجاهد في سبيل الله. وما لي لمنه شيء قط فينتقم من صاحبه الا ان ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى. رواه مسلم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهدى اما بعد هذه الايات والحديثان كلها في العفو والصفح والصبر والتحمل والله اثنى على اهل العفو وامر به. قال جل وعلا خذ العفو وامر بالفرف واعن الجاهلين. قال تعالى وان تعفوا اقرب للتقوى قال تعالى فمن عفا واصلح فاجره على الله قال في صفات المتقين والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس قال جل وعلا فاصلح الصفح الجميل قال تعالى ولمن صبر وغفران ذلك لمن عزم الامور وهكذا ما جرى عليه يوم العقبة عليه الصلاة والسلام من تكذيبهم وانكارهم ومقابلتهم لها بالكلام الردي لما انذرهم وحذرهم حتى خرج على وجهه فلم ينفق الا هو في محل بعيد فرفع رأسه فاذا هو بالسحابة فيها جبرائيل ما اخبره جبرائيل ان الله قد سمع كلام قومه له وامر بملك الجبال اي ينفذ فيهم ما يريده عليه الصلاة والسلام من شدة في غضبه عليهم فناداه ملك الجبال وقال انا ملك الجبال وان الله امرني ان اسمع لقولك فان شئت اطبقت عليهم الاخشبين يعني الجبلين قال لا بل استأني بهم ارجو ان يفرج الله من اصلابهم من يعبد الله فهذا فيه صفحه وعفوه عليه الصلاة والسلام يرجو ان الله يخرج من اصلابهم من يعبد الله وحده وقع ذلك اخرج الله من اصلابهم ما يعبدوا الله واسلم الكثير منهم وهذا من لطف الله ورحمته جل وعلا وهكذا تقول عائشة رضي الله عنها ما ضرب عبدا ولا امة ولا زوجة الا يجاهد في سبيل الله. ومن انتقم لنفسه ما خير بامرين الا اختار ايسرهما ولا انتقى لنفسه قط بل يعفو ويصفح الا اذا انتهكت محارم الله فانه يغضب لله وينتقم لله. هذا فيه الحث على العفو والصحة والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم. بالعفو والصفح الا فيما يتعلق بحق الله فحق الله يجب تنفيذه بالحلول وغيرها. اما ما كان من حق النفس مثل ما قال صلى الله عليه وسلم ما زاد الله عبدا بعفو الا عزا. فالعفو وان تعفو واقربوا للتقوى. نسأل الله ان يوفق الجميع