المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ومن ابواب الصلح وغيرها. الصحيح جواز الصلح عن المؤجل ببعضه حالا. لانه لا دليل على المنع ولا محذور في هذا. بل في ذلك مصلحة للقاضي والمقتضي فقد يحتاج من عليه الحق الى الوفاء قبل حلوله وقد يحتاج صاحب الحق الى حقه لعذر من الاعذار وفي تجويز هذا مصلحة ظاهرة خصوصا في الدين الذي على الميت اذا مات ولم يمض من الاجل الا شيء قليل فاننا بين امرين اما ان نقول ان دينه يحل كله اذا لم يحصل توثيقة لصاحب الحق وفي هذا ظلم لان للبيع المؤجل يجعل الثمن في مقابلة السلعة ومقابلة الاجل. فاذا باعه سلعة تساوي مائة بمائة وعشرين ولم يمض من الاجل الا بعضه. وقيل بحلول المئة والعشرين كان هذا ظلما منافيا للعدل. فكان من العدل الحسن ان ينظر مقدار ما مضى من الاجل ويجعل له حصته من الثمن مع الاصل ويحصل بذلك براءة ذمة الميت وحصوله ذو الحق لصاحبه من غير ظلم يدخل عليه ولا مال يأخذه بغير حق. والامر الثاني ان يعلق دينه الى اجله حلوله وقد يعتاري التركة في هذه المدة خطر وقد يحصل له توثقة بحقه برهن او كفيل فهذا جائز ولكن الحالة الاولى في الغالب ارجح للطرفين. وقد ورد ان بني النضير لما اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يجليهم من ذكر له الناس ان بينهم وبين الناس ديونا فامرهم ان يضعوا ويتعجلوا. واما قياس المانعين لهذه المسألة بمسألة قلب الدين بالربا فهذا القياس من ابعد الاقيسة. وبين الامرين من الفرق كما بين الظلم المحض والعدل الصريح. والصحيح وصحة الصلح عن حق الشفعة وعن الخيار. لان قوله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا من حرم حلالا او احل حراما يدخل فيه كل صلح لا محذور فيه. ولا يدخل فيه ربا ولا يسقط واجبا. والصلح عن حق بالشفعة والخيار كذلك. وقولهم في تعليل المنع من الصلح عنهما انهما لم يشرعا لاستفادة مال بل للاحظ من الامرين فنعم كذلك ولكن قد يرضى الانسان باسقاط حقه من الشفعة او باسقاط خياره اذا بذل له مال. ولا يرضى بدون لذلك ولم يشرعا في الاصل الا لاجل ان ينظر صاحبهما اي الامرين احظ له من جهة المال. فاذا ترجح الاسقاط بالمال المبذول فيه فهذا موافق للقواعد والاصول. ولا دليل ظاهر على المنع. والصحيح جواز اخراج الميازيب في الطرق العامة بان هذا عمل المسلمين في كل عصر ومصر وهذا من حقوق الطرق المشتركة. الصحيح ان المفلس اذا لم اعلم غرماءه بفلسه ولم يحجروا عليه فتصرف تصرفا يضرهم واعطى بعضهم وحرم اخرين انه ليس له ذلك لان هذا ظلم محرم فكيف ينفذ الظلم المحرم؟ ولان حقوقهم كلهم تعلقت بماله فكيف يخص بعضهم فيه الحجر من الحاكم فانه اظهار لهذه الحالة لا ايجاب شيء لم يجب الا بحجره. وايضا فلو جوز له تنفيذ هذه قال لحصل من ضرر المعاملات ما الله به عليم. وايضا فالغالب على من يفعل هذا الفعل انه يغدر الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا من غير اعلام له بحاله. فكيف ينفذ الغدر البين الظاهر؟ هذا لا يكون. والصحيح ان الوكالة لا تنتسخ الا بعد علم الوكيل بعزله. وان تصرفه قبل علمه نافذ صحيح. لان العزل منعه من اعلامه. ولانه هو الذي غر ناس بمعاملته وتضمينه في هذه الحالة قبل علمه من ابعد الاشياء عن الاصول والقواعد الشرعية. والصحيح ان الوكيل اذا باع باقل مما قدره له موكله انه لا ينفذ تصرفه الا بالاجازة. لان الاذن انما حصل على هذه الصفة كما ان الصحيح ان الوكيل اذا باع او اشترى باكثر من ثمن المثل او باقل من ثمن المثل مع احتياطه واجتهاده لموكله انه غير ضامن لان الاذن حاصل ولم يحصل منه عدوان وانما حصل منه اغترار مترتب على الاذن فلا يكون ذلك من ضمانه. والصواب ان قبض الوكيل للثمن او للمثمن يرجع فيه الى العرف والعادة. فيعمل على ذلك والله اعلم والصحيح جواز توكيله في كل قليل وكثير او في شراء ما شاء او عينا بما يشاء. لعدم الدليل على المنع وقوله قم لانه يكثر فيه الغرر والضرر جوابه انه اختار الوكيل اختيارا مطلقا. وفوض اليه جميع التصرفات التي فيها معاوضة وانابه مناب نفسه فهو كما لو عدد انواع التصرفات لانه رضي بهذه الحالة واطمأن الى اختيار وكيله ولا يفعل ذلك الا لكمال ثقته به. فلا مانع من هذا ولا محذور فيه. بل قد يكون في ذلك مصلحة كبيرة. قوله و ان قال اقبض حقي من زيد لم يملك طلبه من وارثه. هذا فيه نظر وتفصيل. فان تبين من مراده انه وكله على احصاء حقه بقطع النظر عمن يقبض منه فلا شك انه يملك قبضه من وارثه كما يملك قبضه من وكيل زيد. وان ان قصده انه يقبض من زيد فقط وانه لا يرغب قبضه من وارثه فهذا لا يملكه الا باذن ظاهر ولكن طاهر ان مراد الموكلين هو المعنى الاول وانه مطابق لقوله اقبض حقي الذي قبله