المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الجليل الجميل اما الجليل فهو الذي له معاني الكبرياء والعظمة كما تقدم التنبيه عليها واما الجميل فانه جميل بذاته جميل باسمائه جميل بصفاته جميل بافعاله فاسماؤه كلها حسنى وهي في غاية الحسن والجمال فلا يسمى الا باحسن الاسماء. واذا كان الاسم يحتمل المدح وغيره لم يدخل في اسمائه كما يعلم من استقراء اسمائه الحسنى قال تعالى ولله الاسماء الحسنى هل تعلم له سميا وذاته تعالى اكمل الذوات واجمل من كل شيء ولا يمكن ان يعبر عن كنه جماله كما لا يمكن التعبير عنكم جلاله حتى ان اهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم الذي لا يوصف. والسرور والافراح واللذات التي لا يقادر قدرها اذا رأوا ربهم وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم وتلاشى ما هم فيه من الافراح وودوا ان لو تدوم لهم هذه الحال التي هي اعلى نعيم ولذة واكتسوا من جماله جمالا الى ما هم فيه من الجمال وكانت قلوبهم دائما في شوق عظيم ونزوع شديد الى رؤية بهم حتى انهم ليفرحون بيوم المزيد فرحا تكاد تطير له القلوب مع ان هذه اللذة وان كانت تبعا لمعرفتهم بربهم ومحبته والشوق اليه. ولكن عند رؤية محبوبهم جاهدت جماله وجلاله تتضاعف اللذة وتقوى المعرفة والحب وكذلك هو الجميل في صفاته فانها صفات حمد وثناء ومدح فهي اوسع الصفات واعمها واكثرها تعلقا خصوصا اوصاف الرحمة والبر والاحسان والجود والكرم فانها من اثار جماله ولذلك كانت افعاله كلها جميلة لانها دائرة بين افعال البر والاحسان التي يحمد عليها ويثنى عليها ويشكر عليها وبين افعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها الحكمة والحمد فليس في افعاله عبث ولا سفه ولا ظلم. بل كلها هدى ورحمة وعدل ورشد ان ربي على صراط مستقيم فافعاله كلها في غاية الحسن والجمال وشرعه كله رحمة ونور وهدى وجمال وكل جمال في الدنيا وفي دار النعيم فانه اثر من اثار جماله وهو تعالى له المثل الاعلى فمعطي الجمال احق بالجمال. وكيف يقدر احد ان يعبر عن جماله وقد قال اعرف الخلق به لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك