يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة كتاب مختصر في اصول العقائد الدينية بسم الله الرحمن الرحيم. مختصر في اصول العقائد الدينية. تأليف الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله السادي رحمه الله. بسم الله الرحمن الرحيم المؤلف الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله وصحبه واتباعه الى يوم يوم الدين. اما بعد فهذا مختصر جدا في اصول العقائد الدينية. والاصول الكبيرة المهمة اختصرنا فيها على مجرد الاشارة والتنبيه من غير بسط للكلام ولا ذكر ادلتها اقرب ما يكون لها انها من نوع الفهرست للمسائل. لتعرف اصولها ومقامها ومحلها من الدين ثم من له رغبة في العلم يطلب بسطها وبراهينها من اماكنها. وان يسر الله وفسح في الاجل هذه المطالب ووضحتها بادلتها. الاصل الاول التوحيد. حد التوحيد استمعوا لانواعه هو اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفات الكمال وافراده بانواع العبادة فدخل في هذا توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالخلق والرزق وانواع هو توحيد الاسماء والصفات وهو اثبات ما اثبته لنفسه واثبته له رسوله من الاسماء بالحسنى والصفات الكاملة العليا من غير تشبيه ولا تمثيل. ومن غير تحريف ولا تعطيل وتوحيد الالوهية والعبادة وهو افراده وحده باجناس العبادة وانواعها وافرادها من غير اقم به في شيء منها مع اعتقاد كمال الوهيته. فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر وانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وانه على كل شيء قدير انه الغني الحميد وما سواه فقير اليه من كل وجه. ودخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى الواردة في الكتاب والسنة. والايمان بها ثلاث درجات ايمان بالاسماء وايمان بالصفات وايمان باحكام صفاته. كالعلم بانه عليم منذ علم ويعلم كل شيء قدير ذو قدرة ويقدر على كل شيء الى اخر ما له من الاسماء المقدسة ودخل في ذلك اثبات علوه على خلقه. واستوائه على عرشه ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته. ودخل في ذلك اثبات الصفات الذاتية التي لا ينفك عنها كالسمع والبصر والعلم والعلو ونحوها. والصفات الفعلية وهي الصفات بمشيئته وقدرته كالكلام والخلق والرزق والرحمة والاستواء على العرش والنزول الى السماء دنيا كما يشاء وان جميعها تثبت لله من غير تمثيل ولا تعطيل. وانها كلها قائمة وهو موصوف بها. وانه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل. وانه فعال لما ايريد ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء. لم يزل بالكلام موصوفا وبالرحمة والاحسان معروفة ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. منه بدأ واليه وانه المتكلم به حقا. وان كلامه لا ينفد ولا يبيد. ودخل في ذلك الايمان بانه قريب مجيب. وانه مع ذلك علي اعلى. وانه لا منافاة بين كمال علوه وكمال قربه لانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وصفاته. ولا يتم توحيد الاسماء صفاتي حتى يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة من الاسماء والصفات والافعال واحكامها على وجه يليق بعظمة الباري ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته ومن ظن ان في بعض العقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير معناها المعروف فقد قل ضلالا مبينا. ولا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان افعال العباد مخلوقة لله وان مشيئتهم تابعة لمشيئة الله. وان لهم افعالا وارادة تقع بها افعالهم وهي متعلق الامر والنهي وانه لا يتنافى الامران. اثبات مشيئة الله العامة الشاملة للزواج والافعال والصفات واثبات قدرة العبد على افعاله واقواله. ولا يتم توحيد العبد حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله. وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل المنافاة وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى. وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر. وهو وكل وسيلة قريبة يتوصل بها الى الشرك الاكبر كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك والناس في التوحيد على درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله والائه معانيها الثابتة في الكتاب والسنة وفهمها فهما صحيحا فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه. وانجذاب جميع دواء قلبه الى الله تعالى. متوجها الى اليه وحده لا شريك له. ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان. والاخلاص التام الذي لا يشوبه شيء من الاغراض الفاسدة. فاطمئن الى الله معرفة وانابة. وفعلا وتركا تكميلا لنفسه وتكميلا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم. فنسأل الله من فضله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك الاصل الثاني الايمان بنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة محمد صلى الله الله عليه وسلم خصوصا. وهذا الاصل مبناه على ان يعتقد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وارساله وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه. وان الله ايدهم بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به. وانهم اكمل الخلق علما وعملا وابرهم واكملهم اخلاقا واعمالا. وان الله خصهم بخصائص وفضائل لا يلحقهم فيها يا احد وان الله برأهم من كل خلق رذيل. وانهم معصومون فيما يبلغون عن الله تعالى وانه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب. وانه يجب الايمان بهم بكل ما اوتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم وان هذه الامور ثابتة لنبينا محمد صلى الله عليه عليه وسلم على اكمل الوجوه. وانه يجب معرفة جميع ما جاء به من الشرع جملة وتفصيلا والايمان بذلك والتزام طاعته في كل شيء. بتصديق خبره وامتثال امره واجتناب نهيه ومن ذلك انه خاتم النبيين. قد نسخت شريعته جميع الشرائع. وان نبوته وشريعته باقية الى قيام الساعة فلا نبي بعده ولا شريعة غير شريعته في اصول الدين وفروعه ويدخل في الايمان بالرسل الايمان بالكتب. فالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يقتص الايمان بكل ما جاء به من الكتاب والسنة. الفاظها ومعانيها فلا يتم الايمان الا بذلك وكل من كان اعظم علما بذلك وتصديقا واعترافا وعملا كان اكمل ايمانا. والايمان الملائكة والقدر داخل في هذا الاصل العظيم. ومن تمام الايمان به ان يعلم ان ما جاء به حق حق لا يمكن ان يقوم دليل عقلي او حسي على خلافه كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه فالامور العقلية او الحسية النافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها. حاسة على تعلمها وعملها. وغير النافع من المذكورات ليس فيها ما ينفي وجودها. وان كان الدليل الشرعي ينهى ويذم الامور الضارة منها. ويدخل في الايمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. بل سائر الرسل الاصل الثالث الايمان باليوم الاخر. فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فانه من الايمان باليوم الاخر كاحوال البرزخ واحوال يوم القيامة وما فيها امن الحساب والثواب والعقاب والشفاعة والميزان والصحف المأخوذة باليمين والشمال والصراع واحوال الجنة والنار واحوال اهلها وانواع ما اعد الله فيها لاهلها اجمالا وتفصيلا فكل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر. الاصل الرابع مسألة الايمان. فاهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة من ان الايمان هو تصديق القلب المتضمن لاعمال الجوارح. فيقولون الايمان اعتقادات القلوب واعمالها واعمال الجوارح واقوال اللسان وانها كل من الايمان وان من اكملها ظاهرا وباطنا فقد اكمل الايمان. ومن انتقص شيئا منها فقد انتقص منها ايمانه وهذه الامور بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة ابا عن الطريق والحياء شعبة من الايمان. ويرتبون على هذا الاصل ان الناس في الايمان درجات مقربون واصحاب يمين وظالمون لانفسهم بحسب مقاماتهم من الدين والايمان وانه يزيد وينقص. فمن فعل محرما او ترك واجبا نقص ايمانه الواجب. ما لم يتب الى الله ويرتبون على هذا الاصل ان الناس ثلاثة اقسام. منهم من قام بحقوق الايمان كلها فهو المؤمن حقا ومنهم من تركها كلها فهذا كافر بالله تعالى. ومنهم من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق او خير وشر. ففيه من ولاية الله واستحقاقه لكرامته. بحسب ما معه من الايمان وفيه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب ما ضيعه من الايمان ويرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل بصاحبها الى الكفر تنقص ايمان العبد من غير ان تخرجه من دائرة الاسلام. ولا يخلد في نار جهنم ولا يطلقون عليه الكفر كما تقول الخوارج او ينفون عنه الايمان كما تقوله المعتزلة. بل يقولون هو مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته. فمعه مطلق الايمان. واما الايمان المطلق فينفى عنه. وبهذه الاصول الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة. ويترتب على هذا الاصل ان الاسلام يجب ما قبله. وان توبة تجب ما قبلها. وان من ارتد ومات على ذلك فقد حبط عمله. ومن تاب تاب الله عليه ويرتبون ايضا على هذا الاصل صحة الاستثناء في الايمان. فيصح ان يقول انا مؤمن ان شاء الله. لان انه يرجو من الله تعالى تكميل ايمانه فيستثني لذلك. ويرجو الثبات على ذلك الى الممات. فيستثني من غير شك منه بحصول اصل الايمان. ويرتبون ايضا على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله ومقداره تابع للايمان وجودا وعدما وتكميلا ونقصا ثم يتبع ذلك الولاية والعداوة. ولهذا لا من الايمان الحب في الله والبغض لله والولاية لله والعداوة لله. ويترتب على الايمان ان تحب لاخيه ما يحب لنفسه. ولا يتم الايمان الا به. ويترتب على ذلك ايضا محبة اجتماع المؤمنين والحث على التآلف والتحابب وعدم التقاطع. ويبرأ اهل السنة والجماعة من التعصبات التفرق والتباغض. ويرون ان هذه القاعدة من اهم قواعد الايمان. ولا يرون الاختلاف في المسائل التي التي لا تصل الى كفر او بدعة موجبة للتفرق. ويترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله عليه عليه وسلم بحسب مراتبهم وعملهم. وان لهم من الفضل والسوابق والمناقب ما فضلوا به عن سائر الامة ويدينون بمحبتهم ونشر فضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم وانهم اولى الامة بكل خصلة حميدة. واسبقهم الى كل خير وابعدهم عن كل شر. ويعتقدون ان الامة فلا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها. ويدفع عنها عادية المعتدين. ولا تتم امامته الا بطاعته في غير معصية الله تعالى. ويرون انه لا يتم الايمان الا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد والا باللسان والا فبالقلب على حسب مراتب الشرعية وطرقه المرئية. وبالجملة فيرون القيام بكل الاصول الشرعية على الوجه الشرعي من تمام الايمان والدين. ومن تمام هذا الاصل. الاصل الخامس طريقهم في العلم والعمل وذلك ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ويلتزمون الا طريق الى الله والى كرامته الا بالعلم النافع والعمل الصالح. فالعلم النافع هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فيجتهدون في معرفة معانيها والتفقه وفيها اصولا وفروعا. ويسلكون جميع طرق الدلالات فيها. دلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام. ويبذلون قواهم في ادراك ذلك بحسب ما اعطاهم الله. ويعتقد ان هذه هي العلوم النافعة. وكذلك ما تفرع عنها من صحيحة ومناسبات حكيمة وكل علم اعان على ذلك او ازره او ترتب عليه فانه علم شرعي. كما ان ما ضاده ناقضه فهو علم باطل. فهذا طريقهم في العلم. واما طريقهم في العمل فانهم يتقربون الى الله تعالى بالتصديق والاعتراف التام بعقائد الايمان التي هي اصل العبادات واساسها ثم يتقربون له باداء فرائض الله المتعلقة بحقه. وحقوق عباده مع الاكثار من النوافل وبترك المحرمات والمنهيات تعبدا لله تعالى. ويعلمون ان الله تعالى لا يقبل الا كل امل خالص لوجهه الكريم. مسلوكا فيه طريق النبي الكريم. ويستعينون بالله تعالى في سلوك هذه الطرق النافعة التي هي العلم النافع والعمل الصالح الموصل الى كل خير وفلاح وسعادة عاجلة واجلة. والحمدلله رب العالمين. وصلى الله على محمد