الحديث التاسع عن ابي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا ذر اترى كثرة المال هو الغنى قلت نعم يا رسول الله قال فترى قلة المال هو الفقر قلت نعم يا رسول الله قال انما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب الحديث رواه النسائي في الكبرى وابن حبان والحاكم والبيهقي في الشعب وهو حديث صحيح وورد معناه في البخاري عن ابي هريرة مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس معنى الحديث كما يقول النووي رحمه الله الغنى المحمود غنى النفس وقلة حرصها وعدم طمعها اه من كان جشعا طماعا هلوعا سيكون حريصا على المال غاية الحرص حتى لا يبالي من اين يكتسبه حتى لا يبالي من اين يكتسبه وغنى القلب وغنى النفس متقاربان متلازمان. ولا يحصل غنى النفس الا بغنى القلب ولا غنى القلب الا بغنى النفس وقال ابن بطال رحمه الله معنى الحديث ليس حقيقة الغنى كثرة المال ليس حقيقة الغناء كثرة المال لان كثيرا ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما اوتي فهو يجتهد في الازدياد منه بحيث يصل الى درجة انه لا يبالي اخذه من حلال ام من حرام فيكون في الحقيقة فقيرا لشدة حرصه لانه مهما كان عنده كثرة من المال فسيبقى جائعا متطلعا متطلبا له. وهذي وهذي حقيقة الفقر لكن الغني غني النفس. من استغنى عن غيره وقنع بما اتاه الله ولم يكن جشعا طماعا هلوعا متطلبا غاية التطلب قاضيا وقته في سبيل ذلك وذكر القرطبي رحمه الله في معنى الحديث ان الغنى النافع او العظيم او الممدوح هو غنى النفس ازا ازا استغنت وكفت عن المطامع. فعزت وعظمت وحصلها الحظوة والنزاهة والشرف والمدح بخلاف فقير النفس الحريص الجماع المناع يورطه فقره هذا في رذائل الامور وخسائس الافعال والدناءات ويصغر في اعين الناس وهو اذل من الذليل فالمتصف بغنى النفس عزيز قانع بما رزقه الله لا يلح في الطلب ولا يلحف في السؤال يرضى بما قسمه الله له والمتصف بفقر النفس على الضد. لا يقنع بما اعطيه بل هو دائما في طلب الزيادة اذا فاته شيء من الدنيا حزن واسف في حال الفقير ما استغنى بما اتاه الله ثم غنى النفس ينشأ عنه الرضا بالقضاء. والتسليم لامر الله واليقين ان ما عند الله خير وابقى غنى النفس ما يكفيك من سد حاجة. فان زاد شيء فان زاد عاد ذاك الغنى فقرا قال الطيبي يمكن ان يراد بغنى النفس حصول الكمالات العلمية والعملية ومن ينفق الساعات في جمع ماله مخافة فقر فالذي فعل الفقر الذي فعله هو الفقر بعينه فينبغي انفاق الاوقات في تحصيل الكمالات لا في تحصيل الكماليات او الاموال هذي بعض الناس لا يعرف ان الفقر المحمود الافتقار الى الله وان الافتقار الى الله يورث الغنى. غنى النفس لان من توكل على المعطي المانع وركن اليه رضي بقضائه وشكره على نعمائه. فبارك الله له فيما اتاه ورزقه من حيث لا يحتسب فيصبر عند الضيق ويشكر عند النعمة وقوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم ووجدك عائلا فاغنى ما هو معناه انه يعني اعطاه اكثر من من كسرى وقيصر من الاموال اغنى نفسه واغناه عن سؤال الناس واغناه عن الاحتياج الى البشر غنى النفس بالاضافة بالاضافة الى انه اغناه آآ ماديا يعني الله فتح على نبيه في خيبر مالا عظيما وما حصل بعدها ايضا وكان قبل خيبر عليه الصلاة والسلام في قلة من المال قال ابن القيم رحمه الله امور القلب اكمل واقوم الامور النفس. والنفس من جند القلب ورعيته وهي من اشد جنده خلافا عليه وشقاقا له فاذا حصل له كمال الغنى اذا حصل له كمال بالغنى لم يتم الا بغناها ايضا فانه متى كانت فقيرة عاد حكم فقرها عليه يعني على القلب وتشوش عليه غناه فكان غناها تماما لغناه وكمالا له. وغناه اصلا بغناها فمنه يصل الغنى اليها ومنها يصل الفقر والضرر والعنت اليه المدارج. وقال ايضا ابن القيم رحمه الله ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن ولكن الغنى غنى النفس ومتى استغنت النفس استغنى القلب والغني انما يصير غنيا بحصول ما يسد فاقته ويدفع حاجته وفي القلب فاقة عظيمة اذا الهلع الموجود في القلب والطمع شدة الطمع في الدنيا لما يغني الله نفس الانسان وقلبه هذا يزول فماذا يحصل في القلب راحة طمأنينة توكل بينما ذاك الهلوع او ولو كان عنده اموال الدنيا لكنه فقير القلب فقير ولا زال يشعر بالحاجة ويشعر بظرورة طلب الزيادة فيبقى يبقى محتاجا يبقى يريد يجمع يريد يستحوذ يأخذ معنى الفقر موجود عنده وان كانت ارصدته بالملايين فمن حصل له غنى القلب حصل له كل شيء من الخير. ومن فاته فاته كل شيء والله سبحانه وتعالى هو الغني. يغني قلوب من شاء من عباده والغنى الحقيقي هو الاستغناء بالله عن غيره ومن حصل عنده فقر قلبي صار عنده الحسرة والحزن ومن استغنى بالله عن غيره زالت حسرته وزال حزنه وكمال صلاح النفس كمال صلاح النفس بالاستقامة وبلوغها الطمأنينة وهذا لا يحصل الا بغنى القلب ولما كان الملك ولما كان القلب هو الملك وكان صلاحه صلاحا لجميع رعيته كما جاء في حديث المضغة فان القلب اذا استغنى اذا استغنى خلع على جنوده الخلع السنية والعطايا العظيمة فادت الحقوق واطمأنت وسكنت وصارت له كوزير الصدق معينة مؤازرة الملك يخلع على جنوده رعيته على من شاء منهم اه مثل ايش يعني؟ يخلع يعني مثل تقليد الرتب مثلا اه تعليق الرتب تقليد الاوسمة فيخلع عليهم الخلع السنية كذلك الاموال والثياب والى اخره لما يكون القلب غنيا يخلع وهو الملك يخلع على رعيته وهي الاعضاء الخلع السنية فيخلع على اللسان خلعة الصدق والقول السديد والحكمة النافعة ويخلع على العين خلعة الاعتبار في النظر بالمسطور في الكتاب العزيز والمنثور في الافاق من الايات وكذلك يخلع على العين غض المحارم. الغض عن المحارم ويخلع على الاذن خلعة استماع نافع والامتناع عن سماع الضار ويخلع على العيدين والرجلين فعل الطاعات والمشي الى القربات بايد وقوة ويخلع على الفرج خلعة الحفظ والعفة فيغدو العبد بجوارحه يرفل في هذه الخلع لان ملكه وهو القلب غني يغدق يعطي هذه الاعضاء فتستغني فاذا استغنى القلب بهذا الغنى استغنت النفس وسقيت بماء الحياة وادت الحقوق وقامت بالاوامر ورضيت عن الله وبالله يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية وعندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الفقر لا ننسى انه كان يقصد بالتأكيد من ضمن ما يقصد فقر القلب فلم يكن قوله عليه الصلاة والسلام اه لم يكن تعوذوا من الفقر كما جاء عند ابي داوود خاصا اه عدم المال حتى قال غير واحد من اهل العلم ان ان المقصود فقر القلب يستعيذ بالله من فقر القلب وقال الحافظ رحمه الله الذي استعاذ منه وكرهه فقر القلب والذي اختاره وارتضاه طرح المال وقال ابن عبدالبر الذي استعاذ منه والذي لا يدرك معه القوت والكفاف يعني النبي عليه الصلاة والسلام اختار الوسط لان بعض الناس عنده اكثر مما يحتاج وبعض الناس عنده اقل مما يحتاج ذاك غني يعني تعريف اهل الارض وهذا فقير الوسط ما هو يعني يأتيك ما يكفيك. ما عندك زيادة تلهي ولا عندك نقص يشغل يأتيك ما يكفيك هذا هو الكفاف هذه المرتبة التي اختارها النبي عليه الصلاة والسلام لنفسه ولاهله اجعل رزق ال محمد قوتا كفافا كفافا لا لك ولا عليك. لا عليك ديون وليست عندك اموال زائدة تشقى بحراستها والتفكير والعمل في استثمارها وتنميتها هذا مشغل فالسعادة الحقيقية ان يكون عند الانسان الكفاف فاذا الذي استعاذ منه عليه الصلاة والسلام الفقر فقر النفس فقر القلب وكذلك سأل الله الغنى اي غنى غنى النفس غنى القلب كيف يتحقق غنى النفس غنى القلب؟ بالكفاف ايضا يعني من ضمن ذلك وقوله وجدك عائلا فاغنى اغناك عن غيرك واغناك عن واغناك عن كثرة الادخارات ايضا وكان يستعيذ من الفقر المطغي من الغنى المطغي والفقر المنسي. لان الفقر الفقر اذا اذا صار عند الانسان الفقر الشديد انساه مصالح نفسه قرص انشغل عن طلب العلم وانشغل عن العبادة بالبحث بالبحث عن المال ولابي سليمان الداراني رحمه الله جمل غاية في الحكمة فقال لا عمل كطلب السلامة ولا سلامة كسلامة القلب ولا عقل كمخالفة الهوى ولا فقر كفقر القلب ولا غنى كغنى النفس ولا قوة كرد الغضب ولا نور كنور اليقين ولا يقين كاستصغار الدنيا ولا معرفة كمعرفة النفس ولا نعمة كالعافية من الذنوب ولا زهد كقصر الامل ولا حرص كالمنافسة في الدرجات ولا عدل كالانصاف ولا تعدي كالجور ولا طاعة كاداء الفرائض ولا تقوى كاجتناب ها المحرمات المحارم ولا عدم كعدم العقل ولا فضيلة كالجهاد ولا جهاد كمجاهدة النفس ولا ذل كالطمع ولا ثواب كالعفو ولا جزاء ها الجنة فالغنى الحقيقي غنى القلب والفقر الحقيقي فقر القلب من كان غني القلب فما اغناه ومن كان فقير ومن كان فقير القلب ما افقره ولا يتحقق غنى القلب الا بتمام الافتقار الى الله. يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله. الشعور اليقين الاعتقاد قد بالاحتياج الى الله واللجوء الى الله والاعتماد على الله وهذا فيه سؤال ودعاء ايضا ويستلزم عبوديات وفي تحقيق مقامات الشكر عند النعمة والصبر عند البلاء والخشوع والاخبات والرضا والانابة والخشية وسائر المقامات واكمل الخلق كما قال ابن القيم رحمه الله اكملهم عبودية واعظمهم شهودا لفقره وضرورته وحاجته الى ربه. قال موسى عليه السلام ربي اني لما انزلت الي من خير فقير واغنى الاغنياء مفتقر الى الله محتاج الى الله في حفظ نفسه وصحته وثروته ولا يمكن للعبد ان يستغني عن الله طرفة عين. وقد جاء في الحديث اصلح لي شأني كله ولا تكل نفسي طرفة عين فالضرورة يعني شعور العبد بضرورته الى ربه وحاجته الى ربه وفاقته اليه. هذا من اعظم مقامات العبودية تعرضنا في موضوع القسوة رقة القلب الى قضية القسوة وان القسوة هذه اه بلاء عظيم وشر مستطير ولكن هذه القسوة لها علاجات فما هي علاجات القسوة يعني مما يتعلق بموضوع القلب تليينه