بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله في كتابه فتح المجيد شرح كتاب التوحيد في باب قول الله تعالى يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية قال نقلا عن الامام العلامة ابن القيم رحمه الله قال واكثر الناس يظنون بالله غير الحق وظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم ولا يسلم من ذلك الا من عرف الله وعرف اسمائه وصفاته وعرف موجب حكمته وحمده فمن قنط من رحمته وايس من روحه فقد ظن به ظن السوء بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الواجب على المسلم ان يحسن الظن بربه والله جل وعلا كما في الحديث انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء اه يحسن الظن بالله عز وجل ويتوقع حصول الخير مهما اشتدت الاحوال وما فانه لا ييأس من انفراج الشدائد ونزول وزوال المصايب فان الله جل وعلا يبتلي عباده ثم ينظر ماذا يعملون فمن احسن الظن بربه وتوقع من الله الفرج فان الكرب لا تدوم يزيلها الله جل وعلا ويغيرها واما من ايس من رحمة الله وظن لله ظن السوء فان الله عز وجل طبيب عباده يعاملهم بحسب ما يعتقدونه وما يتوقعونه من قبل الله عز وجل. من ظن خيرا جاءه الخير ومن ظن غير الخير جاءه ما توقع وهذا بسبب ظنه واعماله فالمسلم يحسن الظن بالله دائما وابدا ولا ييأس ولا يقنط من رحمة الله واذا اصابه شيء فانه يدعو الله عز وجل ويتقرب اليه والله قريب مجيب. يزيل الشدائد سبحانه وتعالى واما اذا ايس العبد من رحمة الله وظن انها لا تنفرج فان الله يعامله بحسب ما توقع والله جل وعلا يقول انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء نعم ومن جوز عليه ان يعذب اولياءه مع احسانهم واخلاصهم ويسوي بينهم وبين اعدائه فقد ظن به ظن السوء نعم من ظن ان الله يسوي بين عباده وبين المحسنين والمسيئين ويقول كلهم عباد لله ظن بالله ظن السوء هم كلهم عباد لله لكن من احسن احسن الله اليه ومن اساء فان الله يجزيه باساءته وسوء ظنه بالله عز وجل. نعم ومن ظن انه يترك خلقه سدى معطلين عن الامر والنهي لا يرسل اليهم رسلا ولا ينزل عليهم كتبه بل يتركهم هملا كالانعام فقد ظن به ظن السوء. نعم من ظن ان الله جل وعلا يترك عباده ولا يحسن الى من احسن منهم فانه ظن بالله ظن السوء لان الله حكم عدل سبحانه وتعالى نعم ومن ظن انه يترك خلقه سدى معطلين عن الامر والنهي لا يرسل اليهم رسلا ولا ينزل عليهم كتبه بل يتركهم هملا كالانعام. فقد ظن به ظن السوء بلا شك الله لا يترك عباده ويهملهم بل هو يراقبهم ويعاملهم اعمالهم كما في الاثر يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه فعلى المسلم ان يظن بالله ظن الخير ان يحسن الظن بالله وان يتوقع الفرج من الله ولا ييأس نعم ومن ظن انه لن يجمع عبيده بعد موتهم للثواب والعقاب في دار يجازي المحسن فيها باحسانه والمسيء باساءته ويبين لخلقه حقيقة ما اختلفوا فيه ويظهر للعالمين كلهم صدقه وصدق رسله وان اعداءه كانوا هم الكاذبين فقد ظن به ظن السوء من ظن ان الله يترك عباده على ما هم عليه ولا ليحاسب ما المسيء منهم على اساءته ويجازي المحسن منهم باحسانه لقد ظن بالله ظن السوء نعم ومن ظن انه يضيع عليه عمله الصالح الذي عمله خالصا لوجهه على امتثال امره ويبطله عليه بلا سبب من العبد او انه يعاقبه بما لا صنع له فيه ولا اختيار له ولا قدرة ولا ارادة له في حصوله بل يعاقبه على فعله هو سبحانه به او ظنا به انه يجوز عليه ان يؤيد اعداءه الكاذبين عليه بالمعجزات التي يؤيد بها انبيائه ورسله ويجريها على ايديهم يضلون بها عباده وانه يحسن منه كل شيء حتى تعذيب من افنى عمره في طاعته فيخلده في الجحيم في اسفل سافلين وينعم من استنفذ عمره في عداوته وعداوة رسله ودينه فيرفعه الى اعلى عليين وكلا الامرين عنده في الحسن سواء ولا يعرف امتناع احدهما ووقوع الاخر الا بخبر صادق والا فالعقل لا يقضي بقبح احدهما وحسن الاخر فقد ظن به سبحانه ظن السوء ومن ظن انه اخبر عن نفسه وصفاته وافعاله بما ظاهره باطل وتشبيه وتمثيل وترك الحق لم يخبر به وانما رمز اليه رموزا بعيدة واشار اليه اشارات ملغز لم يصرح به وصرح دائما بالتشبيه والتمثيل والباطل واراد من خلقه ان يتعبوا اذهانهم وقواهم وافكارهم في تحريف كلامه عن مواضعه وتأويله على غير تأويله ويتطلب له وجوه الاحتمالات المستكره والتأويلات التي هي بالالغاز والاحاجي اشبه منها بالكشف والبيان واحالهم في معرفة اسمائه وصفاته على عقولهم وارائهم لا على كتابه بل اراد منهم ان بل اراد منهم ان يحملوا كلامه على ما يعرفونه من خطابهم ولغتهم مع قدرته على ان يصرح لهم بالحق الذي ينبغي التصريح به ويريحهم من الالفاظ التي توقعهم في اعتقاد باطل فلم يفعل بل سلك بهم خلاف طريق الهدى والبيان فقد ظن به ظن السوء نعم فانه ان قال انه غير قادر على التعبير عن الحق باللفظ الصريح الذي عبر به هو وسلفه فقد ظن بقدرته العجز وان قال انه قادر ولم يبين وعدل عن البيان وعن التصريح بالحق الى ما يوهم بل يوقع في الباطل المحال والاعتقاد الفاسد فقد ظن بحكمته ورحمته سبحانه ظن السوء نعم هذه كلها ظنون باطلة وفاسدة آآ الواجب ان يحسن العبد ظنه بربه عز وجل ومن ظن انه هو وسلفه عبروا عن الحق بصريحه دون الله ورسوله وان الهدى والحق في كلامهم وعباراتهم واما كلام الله فانه يؤخذ من ظاهره التشبيه والتمثيل والضلال وظاهر كلام المتهوكين والحيارى هو الهدى والحق فهذا من اسوء الظن بالله. نعم هذا هو والعياذ بالله الذي يصوب اراء الناس عقلياتهم ويخطي كلام الله وكلام رسوله وانبيائه كما يفعله الظلال الصوفية ومن شابههم فقد ظن بربه ان ظن السوء والعياذ بالله نعم فكل هؤلاء من الظانين بالله ظن السوء ومن الظانين بالله غير الحق ظن الجاهلية ومن ظن به ان يكون في ملكه ما لا يشاء ولا يقدر على ايجاده وتكوينه فقد ظن بالله ظن السوء من وصف ربه بالعجز ان يغير ما يقع في الكون وفي الناس فهؤلاء ظنوا بالله ظن السوء لا ومن ظن به انه كان معطلا من الازل الى الابد عن ان يفعل ولا يوصف حينئذ بالقدرة على الفعل ثم صار قادرا عليه بعد ان لم يكن قادرا فقد ظن به ظن السوء نعم هذي كلها اقوال لاهل الضلال وهي كلها من ظن السوء بالله عز وجل نعم ومن ظن به سبحانه انه لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم الموجودات ولا عدد السماوات ولا النجوم ولا بني ادم وحركات وافعالهم ولا يعلموا شيئا من الموجودات في الاعيان فقد ظن به ظن السوء كذلك هذا من ظمن السوء بالله نعم. ومن ظن به سبحانه انه لا سمع له ولا بصر ولا علم له ولا ارادة ولا كلام يقول به وانه لا يكلم احدا من الخلق ولا يتكلم ابدا ولا قال ولا يقول ولا له امر ولا نهي يقوم به فقد ظن به سبحانه ظن السوء. هذه كلها اقوال لاهل الضلال في حق الله سبحانه وتعالى لانهم اهل ظلال وشبهات توقعوا فيما وقعوا فيه ولو انهم اتبعوا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما عليه سلف الامة وائمتها لعرفوا الحق من الباطل والهدى من الضلال وميزوا بين هذا وهذا نعم ومن ظن به سبحانه انه ليس فوق سماواته على عرشه بائنا من خلقه وان نسبة ذاته الى عرشه كنسبتها الى اسفل سافلين والى الامكنة التي يرغب عن ذكرها وانه اسفل كما انه اعلى وان من قال سبحان ربي الاسفل كان كمن قال سبحان ربي الاعلى فقد ظن به اقبح الظن واسوأه اي نعم من سوى بين المتناقضات والمتضادات في حق الله جل وعلا وفي افعاله وتصرفاته فقد ظن بالله ظن السوء يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية كما ذكر الله ذلك عنهم نعم. ومن ظن انه يحب الكفر والفسوق والعصيان ويحب الفساد كما يحب الايمان والبر والطاعة والاصلاح فقد ظن به ظن السوء نعم من ظن ان الله لا يميز بين الطيب والخبيث وبين الضار والنافع وبين الحق والباطل كلها بالنسبة له سواء فقد ظن بالله ظن السوء بل اسوء الظن نعم ومن ظن به انه لا يحب ولا يرظى ولا يغضب ولا يسخط ولا يوالي ولا يعادي ولا يقرب من احد من خلقه ولا يقرب منه احد وان دوات الشياطين في القرب من ذاته كذوات الملائكة المقربين واوليائه المفلحين فقد ظن به سبحانه ظن السوء نعم انواع كثيرة انواع كثيرة لاهل الضلال واهل التخبط واهل الجهل بالله وكل هذا بسبب انهم لم حكموا كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فلم يفرقوا بين الضار والنافع والحق والباطل والهدى والضلال بل كلها عندهم سواء هذا من عمى البصيرة ومن وصف الله عز وجل بالظلم و نفي العلم عنه سبحانه وهذه مسالك باطلة ومناهج منحرفة لانها مخالفة لما ثبت عن الله ورسوله القرآن واضح والسنة واظحة في بيان الحق والحث عليه والاخذ به وبيان الباطل والنهي عنه وابعاد الناس ابعاد العباد عنه هذا شيء واضح في كتاب الله سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولن تحيط ما وقع فيه هؤلاء بسبب امل بصيرة والجهل بالله جل وعلا وبما يليق به سبحانه وما لا يليق به نعم ومن ظن به سبحانه انه يسوي بين المتضادين او يفرق بين المتساويين من كل وجه او يحبط طاعات العمر المديد الخالصة الصواب بكبيرة واحدة تكون بعدها فيخلد فاعل تلك الطاعات في الجحيم ابد الابدين بتلك الكبيرة ويحبط بها جميع طاعاته ويخلده في العذاب كما يخلد من لم يؤمن به طرفة عين واستنفذ ساعات عمره في مساخطه ومعاداة رسله ودينه فقد ظن به سبحانه ظن السوء اي نعم انواع كثيرة ظن السوء في حق الله وفيما يجريه على عباده انواع كثيرة وانما هذه امثلة منها اسأل الله العافية والسلامة والواجب على العبد دائما وابدا ان يحسن الظن بربه ان يحسن الظن بربه. والله جل وعلا يقول انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين