المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ان جناح ان يضعن ثيابهن فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن وان يستعففن خير لهن والله سميع عليم والقواعد من النساء اي اللاتي قعدن عن الاستمتاع والشهوة اللاتي لا يرجون نكاحا اي لا يطمعن في النكاح ولا يطمع فيهن وذلك لكونها عجوزا لا تشتهى او دميمة الخلقة لا تشتهي ولا تشتهى فليس عليهن جناح اي حرج واثم. ان يضعن ثيابهن اي الثياب الظاهرة كالخمار ونحوه. الذي قال الله فيه للنساء وليضربن بخمورهن على جيوبهن. فهؤلاء يجوز لهم ان يكشفن وجوههن لامن المحذور منها وعليها. ولما كان نفي الحرج عنهن في وضع الثياب. ربما توهم منه جواز استعمالها لكل شيء دفع هذا الاحتراز بقوله غير متبرجات بزينة اي غير مظهرات للناس زينة من تجمل بثياب ظاهرة وتستر وجهها ومن ضرب الارض برجلها ليعلم ما تخفي من زينتها لان مجرد الزينة على الانثى ولو مع تسترها ولو كانت لا تشتهى فيها ويوقع الناظر اليها في الحرج. وان يستعففن خير لهن والله سميع عليم وان يستعففن خير لهن. والاستعفاف طلب العفة بفعل الاسباب المقتضية لذلك. من تزوج وترك لما يخشى منه الفتنة والله سميع عليم. والله سميع لجميع الاصوات. عليم بالنيات والمقاصد. فليحذرن من كل قول وقصد فاسد ويعلمن ان الله يجازي على ذلك يخبر تعالى عن منته على عباده وانه لم يجعل عليهم في الدين من حرج بل يسره غاية التيسير فقال ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج اي ليس على هؤلاء في ترك الامور الواجبة التي تتوقف على واحد منها وذلك كالجهاد ونحوه مما يتوقف على بصر للاعمى او سلامة للاعراض او صحة للمريض. ولهذا المعنى العامي الذي ذكرناه اطلق الكلام في ذلك. ولم يقيد كما قيد قوله ولا على انفسكم اي حرج او بيوت اخوانكم او بيوت اخواتكم او بيوت ان تأكلوا من بيوتكم اي بيوت اولادكم. وهذا موافق للحديث الثابت انت ومالك لابيك. والحديث الاخر ان اطيب ما اكلتم من كسبكم وان اولادكم من كسبكم. وليس المراد من قوله من بيوتكم بيت الانسان نفسه فان هذا من باب تحصيل الحاصل الذي ينزه عنه كلام الله ولانه نفى الحرج عما يظن او يتوهم فيه الاثم من هؤلاء المذكورين اما بيت الانسان نفسه فليس فيه ادنى توهم او اخوانكم او بيوت خالاتكم. وهؤلاء او ما ملكتم مفاتحه او صديقكم. او ما ملكتم مفاتحه اي البيوت التي انتم متصرفون فيها بوكالة او ولاية ونحو ذلك. واما تفسيرها بالمملوك فليس بوجيه لوجهين. احدهما ان المملوك لا يقال فيه ملكت مفاتيحه بل يقال ما ملكتموه. او ما ملكت ايمانكم. لانهم مالكون له جملة لا لمفاتحه فقط. والثاني ان بيوت المماليك غير خارجة عن بيت الانسان نفسه. لان المملوك وما ملكه لسيده فلا وجه لنفي الحرج عنه وهذا الحرج المنفي عن الاكل من هذه البيوت كل ذلك اذا كان بدون اذن. والحكمة فيه معلومة من السياق فان هؤلاء قد جرت العادة والعرف بالمسامحة في الاكل منها لاجل القرابة القريبة او التصرف التام او الصداقة. فلو قدر في احد من هؤلاء عدم المسامحة والشح في الاكل المذكور. لم يجز الاكل ولم يرتفع الحرج نظرا للحكمة والمعنى. وقوله ليس عليكم جناح ان تأكلوا جميعا او اشتاتا. ليس عليكم جناح ان تأكلوا جميعا او اشتاتا وكل ذلك جائز. اكل اهل البيت الواحد جميعا. او اكل كل واحد منهم وحده. وهذا نفي للحرج. لا نفي للفضيلة. والا فالافضل الاجتماع على الطعام فاذا دخلتم بيوتا نكرة في سياق الشرط يشمل بيت الانسان وبيت غيره. سواء كان في البيت ساكن ام لا. فاذا دخلها الانسان سلموا على انفسكم اي فليسلم بعضكم على بعض. لان المسلمين كأنهم شخص واحد من تواددهم وتراحمهم وتعاطفهم. فالسلف مشروع لدخول سائر البيوت من غير فرق بين بيت وبيت. والاستئذان تقدم ان فيه تفصيلا في احكامه. ثم مدح هذا السلام فقال قال اي سلامكم بقولكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. او السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. اذ تدخلون البيوت تحية من عند الله. اي قد شرعها لكم وجعلها تحيتكم مباركة لاشتمالها على السلامة من النقص وحصول الرحمة والبركة والنماء والزيادة طيبة انها من الكلم الطيب المحبوب عند الله. الذي فيه طيب نفس للمحيا ومحبة وجلب مودة. لما بين لنا هذه الاحكام الجليلة قال قال كذلك يبين الله لكم الايات لعلكم تعقلون. كذلك يبين الله لكم الايات الدالات على احكامه الشرعية وحكمها. لعلكم تعقلون عنه فتفهمونها وتعقلونها بقلوبكم ولتكونوا من اهل العقول والالباب الرزينة. فان معرفة احكامه الشرعية على وجهها يزيد به العقل. وينمو به اللب لكون معانيها اجل المعاني وادى بها اجل الاداب. ولان الجزاء من جنس العمل. فكما استعمل عقله للعقل عن ربه وللتفكر في اياته التي دعاه اليها زاده من ذلك وفي هذه الايات دليل على قاعدة عامة كلية. وهي ان العرف والعادة مخصص للالفاظ كتخصيص اللفظ لللفظ فان الاصل ان الانسان ممنوع من تناول طعام غيره. مع ان الله اباح الاكل من بيوت هؤلاء للعرف والعادة. فكل مسألة تتوقف على من ما لك الشيء اذا علم اذنه بالقول او العرف جاز الاقدام عليه. وفيها دليل على ان الاب يجوز له ان يأخذ ويتملك من مال ولده ما لا يضره لان الله سمى بيته بيتا للانسان. وفيها دليل على ان المتصرف في بيت الانسان كزوجته واخته ونحوهما يجوز لهما الاكل عادة واطعام السائل المعتاد. وفيها دليل على جواز المشاركة في الطعام. سواء اكلوا مجتمعين او متفرقين ولو افضى ذلك الى ان يأكل بعضهم اكثر من بعض هذا ارشاد من الله لعباده المؤمنين انهم اذا كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم على امر جامع اي من ضرورته او من مصلحته ان يكونوا فيه جميعا كالجهاد المشاورة ونحو ذلك من الامور التي يشترك فيها المؤمنون. فان المصلحة تقتضي اجتماعهم عليه وعدم تفرقهم. فالمؤمن بالله رسوله حقا لا يذهب لامر من الامور لا يرجع لاهله ولا يذهب لبعض الحوائج التي يشذ بها عنهم الا باذن من الرسول او نائبه من بعده. فجعل موجب الايمان عدم الذهاب الا باذنه. ومدحهم على فعلهم هذا وادبهم مع رسوله وولي الامر منهم فقال الذين يستأذنونك اولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله. ولكن هل يأذن لهم ام لا؟ ذكر لاذنه لهم شرطين. احدهما ان يكون لشأن من شؤونهم وشغل من اشغالهم. فاما من يستأذن من غير عذر فلا يؤذن له. والثاني ان يشاء الاذن له فتقتضى المصلحة من دون مضرة بالاذن. قال فاذا استأذنوك لبعض شأنهم فاذن لمن شئت منهم. فاذا كان له عذر واستأذن فاذا كان في قعوده وعدم ذهابه مصلحة برأيه او شجاعته ونحو ذلك لم يأذن له. ومع هذا اذا استأذن واذن له له بشرطين امر الله رسوله ان يستغفر له. لما عسى ان يكون مقصرا في الاستئذان. ولهذا قال يغفر لهم الذنوب ويرحمهم بان جوز لهم الاستئذان مع العذر اجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. اي لا تجعل اجعلوا دعاء الرسول اياكم ودعائكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا. فاذا دعاكم فاجيبوه وجوبا حتى انه تجب اجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في حال الصلاة. وليس احد اذا قال قولا يجب على الامة قبول قوله والعمل به الا الرسول لعصمته. وكوننا مخاطبين باتباعه قال تعالى يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم وكذلك لا تجعلوا دعاءكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا فلا تقولوا يا محمد عند ندائكم او يا محمد بن عبدالله كما يقول ذلك بعضكم لبعض بل من شرفه وفضله وتميزه صلى الله عليه وسلم عن غيره ان يقال يا رسول الله يا نبي الله يتسللون منكم لوادا. لما مدح المؤمنين بالله ورسوله الذين اذا كانوا معه على امر جامع لم يذهبوا وحتى يستأذنوه. توعد من لم يفعل ذلك وذهب من غير استئذان. فهو وان خفي عليكم بذهابه على وجه خفي. وهو المراد بقوله يتسللون منكم لوذا اي يلوذون وقت تسللهم وانطلاقهم بشيء يحجبهم عن العيون. فالله يعلمهم وسيجازيهم على ذلك اتم الجزاء ولهذا توعدهم بقوله كن او يصيبهم عذاب اليم. فليحذر الذين يخالفون عن امره. اي يذهبون الى بعض شؤونهم عن امر الله ورسوله فكيف بمن لم يذهب الى شأن من شؤونه؟ وانما ترك امر الله من دون شغل الله ان تصيبهم فتنة اي شرك وشر او يصيبهم عذاب اليم الله ما في السماوات والارض قد يعلم ما انتم عليه ويوم يرجعون اليه ينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم. الا ان لله ما في السماوات والارض ملكا وعبيدا يتصرف فيهم بحكمه القدري وحكمه الشرعي عليه ويوم يرجعون اليه فينبئهم بما عملوا. قد يعلم ما انتم عليه اي قد احاط علمه بما انتم عليه من خير وشر. وعلم جميع اعمالكم احصاها علمه وجرى بها قلمه. وكتبتها عليكم الحفظة الكرام قام الكاتبون. ويوم يرجعون اليه في يوم القيامة فينبئهم بما عملوا يخبرهم بجميع اعمالهم دقيقها وجليلها اخبارا مطابقا لما وقع منهم ويستشهد عليهم اعضائهم فلا يعدمون منه فضلا او عدلا. ولما قيد علمه باعمالهم ذكر العموم بعد الخصوص فقال والله بكل شيء عليم