بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى فلا تكن في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون الا كما يعبد اباؤهم من قبل وانا لموفوهم نصيبهم غير منقوص فلا تكن ايها الرسول ترتياب وشك من فساد ما يعبده هؤلاء المشركون فليس لهم على صحته برهان عقلي ولا شرعي وانما الحامل لهم على عبادة غير الله تقليدهم لابائهم وان لمتمون لهم نصيبهم من العذاب دون نقص وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو ايضا ينبغي على كل انسان ان ينظر في خطابات القرآن فهذا نهي للنبي صلى الله عليه وسلم فلا تكن في مرية مما يعبد هؤلاء. وكذلك الانسان مطالب ومخاطب بما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم الا ما ورد الدليل بتخصيصه وربنا جل جلاله لما ذكر قصص عبدة الاوثان من الامم السابقة واتبع ذلك بذكر احوال اصحاب الشقاء واصحاب السعادة بين للنبي صلى الله عليه وسلم احوال الكفار من قومه وانهم متبعون لابائهم كحال من تقدم من الامم في اتباعهم اباءهم في الظلال فقال تعالى فلا تكفي مرية مما يعبد هؤلاء اي فلا تكن يا محمد في شك مما يعبد مشركو قومك من الاصنام انه باطل وانه ظلال وشرك بالله. ولذلك كل من اتى بالشرك واتى بمعابد الوثنية. داخل يعني داخل في هذا وان الذي فعل هذه قد ارتكب الاد العظيم من فتح معابد الكفار فقد اتى الاد العظيم فلا نؤمن بهؤلاء. ولا نتقرب اليهم ولا نحبهم وهكذا فينبغي على الانسان ان يحذر الشرك واهله قال ما يعبدون الا كما يعبد اباؤهم من قبل اي ما يعبد هؤلاء المشركون الا كعبادة ابائهم من قبل فهم يقلدونهم بلا حجة قال وان لم وفوهم نصيبهم غير منقوص اي وان سنوفي هؤلاء المشركين حظهم مما كتب لهم من الخير في الدنيا وحظهم من العذاب في الاخرة كاملا بلا نقص طبعا هذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده ان الله سبحانه وتعالى يرزق المؤمن والكافر ولذلك وجود هذه النعم عند الانسان ليس معناه ان الله راض عنه لكن الله سبحانه وتعالى يمد الانسان لاجل ان يختبره ولاجل ان يبتليه ولذلك ينبغي على الانسان ان يراقب هذه النعم لو ان العبد وقف عند عند نعمة من نعم الله فشكر ربه على ايجادها فيه منذ بدء خلقه لوجب عليه ان يشكره سبحانه على دوامها ما دامت هذه النعمة فيه فلو فعل ذلك كان العبد مقصرا في اداء شكر ما بدا له من نعم الله عليه ولو يعني ولو فرض ذلك لكان مقصرا في اداء ما خفي من جليل النعم ولو فعل ذلك لكان مقصرا في اداء ما خفي من لطيف النعم. وربنا يقول والله يعلم وانتم لا تعلمون اذا هذه النعم ينبغي على الانسان ان يجعلها في مرضاة مجديها فربنا جل جلاله يرزق الجميع وكتب للجميع حظهم من الارزاق. فقال هنا وانا لموفوهم نصيبهم غير منقوص وذاك وجود النعمة عند الانسان ليس معناه انه مستحق لها لكن الله سبحانه وتعالى يعطي العبد اختبارا وامتحانا ثم قال تعالى ولقد اتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وانهم لفي شك منهم ريب ولقد اعطينا موسى التوراة فاختلف الناس فيها. فامن بعضهم بها وكفر بعض ولولا قضاء من الله سبق انه لا يعجل العذاب بل يؤخره الى يوم القيامة لحكمة لنزل بهم ما يستحقون من العذاب في الدنيا وان الكافرين من يهود ومشركين لفي شك من القرآن موقع في الارتياء فربنا جل جلاله لما بين في الاية السابقة اصرار كفار مكة على انكار التوحيد بين ايضا اصرارهم على انكار نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم بكتابهم وبين تعالى ان هؤلاء الكفار كانوا على هذه السيرة الفاسدة مع كل الانبياء عليهم الصلاة والسلام وربنا جل جلاله ظرب مثلا واحدا وهو مثل القريب وهو انه لما انزل التوراة على موسى اختلفوا فيه فقبله بعضهم وانكره اخرون وذلك يدل على ان عادة الخلق هكذا كثيرا ما ينكرون ايات الله تعالى اذا ولقد اتينا موسى الكتاب فاختلف فيه اي ولقد اتينا موسى التوراة فاختلف قوم موسى فيها فامن بها بعضهم ولم يؤمن بها اخر فلا تحزن يا محمد من تكذيب مشركي قومك بما اتيناك من القرآن. طبعا هذا فيه تصبير للنبي صلى الله عليه وسلم وتأمل يعني دقة ورقة بالنوفل حينما قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا ليتني فيها جذعا اذ يخرجك قومك. قال اومخرجيهم؟ قال نعم لم يأت احد بمثل ما جئت به الا عذب وربنا قال ولقد اتينا بني اسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين اي عالم زمانهم. واتيناهم بينات من الامر فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون فقال ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم. اي ولولا كلمة سبقت من ربك يا محمد بتأخيرهم وعدم معالجتهم بالعذاب رحمة بالعباد حتى تبقى مدة الامهال لاهلكهم في الحال وميز بين اهل الحق بنجاتهم واهل الباطل بهلاكهم اذا ربنا جل جلاله يختبر الجميع حتى في التأخير يختبر الجميع وربنا يقول وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا. هذا الموعد لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى وربنا قال ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى فاذا جاء اجلهم فان الله كان بعباده بصيرا. ربنا بصير بالعباد ويحاسبهم قال الله تعالى وانهم لفي شك منهم ريب اي ان المنتسبين الى كتاب موسى عليه الصلاة والسلام لفي شك من امر كتابه التوراة موقع في الريبة وتهم هذا الشك يوقعهم في الريبة والتهمة لموسى عليه السلام فلا يدرون احق هو ام باطل ثم قال الله تعالى لما ذكر حال هؤلاء مع حال الكفار الذين ارسل الله تعالى نبينا محمد اليهم قال وان كلا لما ليوفينهم ربك اعمالهم انه بما يعملون خبيرا وان كل من ذكر من المخلوقين وان كل من ذكر من المختلفين ليتمن له ربك ايها الرسول جزاء اعمالهم. فما كان خيرا كان جزاؤه خيرا وما كان سرا كان جزاؤه شرا ان الله بدقائق ما يعملونه عليم لا يخفى عليه من اعمالهم شيء اذا قف عند هذه الاية الكريمة وانظر الى اعمالك يا اخي الكريم. وان كلا لما ليوفينهم ربك اعمالهم اي وان كل المختلفين ليوفينه ليوفينهم ربك يا محمد جزاء اعمالهم يوم القيامة فيجادل كل انسان بما يستحقه. اذا ينبغي على الانسان ان يرحم نفسه وان نجد بالعمل الصالح الذي يقربه الى ربه قال انه بما يعملون خبير اي ان الله عليم باعمالهم كلها لا يخفى عليه شيء ما. فربنا يعلم الظاهر ويعلم الباطن ويجازي العبد ثم قال تعالى فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا انه بما تعملون بصير داوم على الالتزام بالطريق المستقيم ايها الرسول كما امرك الله تمتثل اوامره واجتنب نواهيه وليستقم من تاب معك من المؤمنين ولا تتجاوز الحد بارتكاب المعاصي. انه بما تعملون بصير لا يخفى عليه من اعمالكم شيء وسيجازيكم عليها تأمل هذه الاية الكريمة فاستقم كما امرت حتى النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بالاستقامة وهنا حينما قالوا الاستقامة خير من الف كرامة وهنا حينما قالوا لعزة الاستقامة ومكانتها فنحن مأمورون ان نطلبها في اليوم سبع عشر مرة في خمس اوقات في كل صلاة في كل ركعة ونطلب من الله الهداية على على الصراط المستقيم اذا لما اخبر تعالى بعدم استقامة اهل الكتاب التي اوجبت اختلافهم وافتراقهم امر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين ان يستقيموا فانزلت عليه واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين قال الرجل الي هذه؟ يعني الي خاصة؟ قال لمن عمل بها من امتي اذا الله سبحانه وتعالى كما امروا في سلك ما شرعه الله من الشرائع ويعتقد ما اخبر الله به من العقائد الصحيحة ولا يزيغ عن ذلك يمنة ولا يسرة ويدوم على ذلك ولا يطغوا بان يتجاوزوا ما حده الله من الاستقامة. فربنا جل جلاله قد حدد الاشياء حدودا والانسان ليس من حقه ان يتجاوز ما حده الله تعالى فتأمل حتى الامور الحلال ربنا قد جعل فيها حدا لا يحق للانسان ان يتجاوز الحد الذي حده الله تعالى وتأمل هذه الاية وكيف ان الخضاب للنبي ولمن معه وجاء التأكيد على من معه فاستقم كما امرت ومن تاب معك اي فاثبت يا محمد على الدين الذي امرك الله به. انت ومن اتبعت من المؤمنين الذين رجعوا معك الى طاعة الله وفي سورة فصلت قال فاستقيموا اليه واستغفروه. يعني حتى الانسان يعني هذا الامر بالاستغفار بعد الاستقامة ان الانسان مهما حرص فقد يفوته شيء ومهما كان على الصواب فينبغي ان يستغفر لانه لن يؤدي حق الله تعالى ولذلك كثير من العبادات يأتي بعدها ذكر الاستغفار لاهميته ومكانته كما ان المؤمن حينما لا يصلي يستغفر ربه بعد الصلاة والمتسحر يعني اللي في الاسحار ويقيم الليل وبعد ان ينتهي يستغفر الله. ونصوص عديدة في هذا ولذلك من الاحاديث التي جاءت في هذا عن سفيان بن عبدالله الثقفي قال قلت يا رسول الله قل لي في الاسلام قولا لا اسأل عنه احدا بعدك. قال قل امنت بالله ثم استقم ولذلك هذا الحديث احد الاحاديث كتاب جامع الامة الحجة وقد شرحه شرحا بديعا ابن رجب الحنبلي حتى قال الاستقامة سلوك الصراط المستقيم وهو الدين القيم من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرة ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة وترك المنهيات كلها كذلك وتأمل قال فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا اي لا تتجاوزوا ما حده الله لكم من الاستقامة الى ما نهاكم عنه وجاء التهديد بان الله علم كما قال تعالى واعلموا ان الله يعلم ما في انفسكم فاحذروه. قال هنا انه بما تعملون بصير اي ان الله بما تعملون ايها الناس بصير لا يخفى عليه شيء من اعمالكم خيرها وشرها وسيجازيكم عليها. لما امر بالاستقامة ربنا جل جلاله قد حذرنا من شيء خطير وهو يضاد للاستقامة فقال ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من اولياء ثم لا تنصرون ولا تميلوا الى الكفار الظالمين لمداهنة او مودة فتصيبكم النار بسبب ذلك الميت وليس لكم من دون الله اولياء ينقدونكم منها ثم لا تجدون من ينصركم. طبعا الذين يفعلون هكذا كثر. فبعضهم يأتي الى احد الظلمة الذي يحاد الله ورسوله فيبني المعابد المحرمة وينشر الفساد والضلال وينشر وينشر الدعارة وغير ذلك من المحرمات ثم تجد شخص يضع صورته على الواتساب او يضعه في الحالة وهكذا وهذا يعني هذه الايات تحذر قال ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من اولياء ثم لا تنصرون مناسبة الاية لما قبلها انه بعد ان نهاهم عن الطغيان الذي يشمل اصول المفاسد وكان هذا النهي جامعا لاحوال مصادر الفساد من نفس المفسد بقي ما يخشى عليه من عدوى فساد خليطه. لذا نهاهم عن التقارب من الظالمين شف نهاهم عن التقارب مجرد التقارب نهاهم عنه كما قال تعالى ولا تقربوا الزنا. ما قال ولا تزن. قال ولا تقربوا الزنا. لان قربان الشيء يؤدي الى الوقوع فيها. قالوا لنا ولا تركنوا الى الذين ظلموا النار اي لا تميلوا ايها الناس الى الظلمة. فانكم ان ملتم اليهم ووافقتم على افعالهم ورظيتم بها وداهنتموهم تصبكم النار قالوا وما لكم من دون الله من اولياء ثم لا تنصرون لان الانسان حينما يوالي اعداء الله كأنه ترك موالاة الله تعالى اي ولا تجدون ان ركنتم الى الظلمة اعوانا من دون الله ينفعونكم ولا تجدون من يخلصكم من عذابه. للذي يخلص من عذاب الله هو الاخلاص لله تعالى وان الانسان يعمل لله ثم قال واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات. ذلك ذكرى للذاكرين واتم ايها الرسول الصلاة على احسن وجه في طرفي النهار. وهما اول النهار واخره واقمها في ساعات من الليل. ان الاعمال الصالحات تمحو صغائر الذنوب ذلك المذكور موعظة للمتعظين وعبرة للمعتبرين ولذلك جاء في صحيح البخاري عن حديث عبدالله بن مسعود ان رجلا اصاب من امرأة قبلة فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له في هذه الاية الكريمة امر بامر عظيم فامر باعظم العبادات وباعظم الاخلاق وهذه العبادات والاخلاق يستعان بها على امور الدين فامر بالاستقامة ونهى عن الطغيان ونهى عن الركون الى الظلمة ثم امر سبحانه وتعالى بالعبادات الصالحات. قال واقم الصلاة طرفي النهار. اي واقم الصلاة المفروضة في اول النهار واخره وهي صلاة الفجر والظهر والعصر. قال وزلفا من الليل وتأمل كيف ان الانسان ينبغي عليه يعني ان يواظب على العبادة في الليل والنهار وفي كل وقت من الاوقات. طبعا وزلفا الزلف الساعات القريبة بعضها من بعض من ازلفه اذا قربه لان كل ساعة منها تقرب من الاخرى واصل زلفة يدل على اندفاع وتقدم في قرب الى شيء. نعم وزلثة من الليل اي واقم الصلاة ايضا في ساعات من الليل وهي صلاة المغرب والعشاء. ولذلك تجد الان صلاة المغرب قريبة على صلاة العشاء ليست بعيدة عنها ثم قال ان الحسنات يذهبن السيئات. فالانسان دائما يعمل حسناته يتقرب الى الله. ولاجل ان يتخلص من اظرار الذنوب اي ان هذه الاعمال الصالحة من الصلاة وغيرها تكفر صغائر الذنوب ولذا جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم من حديث ابي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم ارأيتم لو ان نهرا بباب احدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات فليبقى من درنه شيء؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو يمحو الله بهن الخطايا وايضا رواه مسلم في صحيحه من حديث ابي هريرة ايضا قال الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات ما بينهن اذا اجتنب الكبائر اذا ينبغي على الانسان ان يكثر من الحسنات ليتقرب بها الى الله. عليه ان يكثر من الحسنات لتمحى عنه السيئات. عليه ان يكثر من الحسنات ليملأ وقتها بالحسنات لان الانسان اذا اصبح لديه فراغ تدخل عليها ابواب السيئات ولكن الانسان يضيق على السيئات بفعل الحسنات قال تعالى ذلك ذكرى للذاكرين. من منا لا يريد الذكرى والتذكر اي ذلك الذي تقدم مما امركم الله به ونهاكم عنه. تذكرة وموعظة للمتعظين الذين يذكرون الله ويذكرون وعده ووعيده فيرجون ثوابه ويخافون عقابه ثم قال تعالى واصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين تأمل كم ان هذه الاية عظيم واصبر على فعل ما امرت به من الاستقامة وغيرها. وعلى ترك ما نهيت عنه من الطغيان والركون الى الظلمة. ان الله لا يبطل ثواب المحسنين فليتقبل منهم احسن الذي عملوا ويجزيهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون تأمل الى ما يتعلق بهذه الاية مع الايات التي قبلها مناسبة وقوع الامر بالصبر عقب الامر بالاستقامة وعقب النهي عن الركون الى الظلمة لان المأمورات لا تخلو من مشقة عظيمة. صحيح ان الانسان مكلف بما يقدر عليه لكن لا بد ان يكون فيها كلفا حتى يتبين المخلص من غير المخلص فهذه المأمورات لا تخلو من مشقة عظيمة ومخالفة لهوى كثير من النفوس فناسب ان يكون الامر بالصبر بعد ذلك ليكون الصبر على الجميع كل بما يناسبه. اذا قال واصبر فهو امر بالصبر فيصبر الانسان على طاعة الله بان يأتيها كما يريد الله كما يريدها الله اخلاصا ومتابعة يصبر على المعصية بان لا يأتيها. يصبر على المقدورات المؤلمة. اذا واصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين. وتأمل هذه البشارة العظيمة اذ جعل الله الصبر من الاحسان فالانسان حينما يصبر يصبر لله تعالى مراقبا ربه اي احبس نفسك على طاعة الله وترك معصيته وتحمل اذى الكفار. فان الله لا يضيع ثواب المطيعين لله. ويعطيهم ثوابهم كاملا غير منقوص وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى ان الله سبحانه وتعالى يعطي عبده على كل فعل صالح وعلى كل ترك من الاشياء وعلى كل صبر وعلى كل اذى فلا يصاب الانسان من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا ولا اذى. حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها من خطاياه فهذه الاية اية عظيمة وتأملوا ان الصبر قد ذكر في كتاب له في قرابة مئة موطن والصبر منزلة عظيمة ينبغي على الانسان ان يحتسب وان لا يتمعر وجهه بل يصبر ويحتسب ويجد من الرضا في قلبه والسعادة في نفسه لانه يحتسب عند الله الاجر الذي يعلم ما في قلبه اي وما كان ربك يا محمد ليهلك اهل القرى بظلم منه لهم. فربنا لا يظلم ولا يهضم والحال ان اهلها مصلحون في اعمالهم فالله تعالى لم يكن ليهلك قرية الا وهي ظالمة لنفسها ثم قال تعالى فلولا كان من القرون من قبلكم اولوا بقية ينهون عن الفساد في الارض الا قليلا ممن انجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه وكانوا مجرمين فهلا كان من الامم المعذبة قبلكم بقية من اهل الفضل والصلاح ينهون تلك الامم عن الكفر وعن الفساد في الارض بالمعاصي لم تكن منهم تلك البقية الا قليل منهم كانوا ينهون عن الفساد فانجاهم حين اهلكنا قومهم الظالمين واتبع الظالمون من اقوامهم ما هم فيه من النعيم وكانوا ظالمين باتباعهم ذلك. اذا هذه الاية الكريمة فيها حث جليل على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدلالة الى الخير والتحذير من الشر اذا لما بين ربنا جل جلاله ان الامم المتقدمين انحل بهم عذاب الاستئصال بين ان السبب فيه امران السبب الاول انهما كان فيهم قوم ينهون عن الفساد في الارض والسبب الثاني قوله واتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه يعني النعيم الذي تنعموا فيه واعطوا فيه فاذا اسباب الخلل ونحن الان لما ندرس لما ندرس يعني دولة بني امية اسباب الازدهار واسباب الانهيار لماذا انهارت؟ ننتفع منها لما ندرس ايضا الدولة الاموية الدولة العباسية جاءت بعدها لماذا؟ فنحن الان لما لما نقرأ في كتاب الله هذي اسباب الاسباب انه لا يوجد قول ينهون عن الفساد في الارض والثاني ان الناس قد اتبعوا ما اترفوا فيه اي اتبعوا هذه النعم ووضعوها في غير محلهم فحتى ننتفع فعلينا ان لا نغتر بهذه النعم التي انعم الله بها علينا لان النعمة اذا لم تقرب الى الله فهي بنية. كل نعمة من النعم عليك ان تضعها في محلها الذي يريده الله تعالى. وعلينا ان لا نترك النهي عن المنكر. وعلينا لا نقصر بالامر بالمعروف تخيل انك الان قد اوتيت من الوسائل الكثيرة وتخيل انك حينما تريد ان تعبر الصراط تجد امامك ممن قد ظلوا يحاسبونك ويسألونك عن الدعوة الى الله يسألونك عن علمك بلغة القرآن وفهم القرآن وثمة ملايين بل مليارات لا يفقهون لغة القرآن وانت مطالب بتبليغ ارسالات القرآن فتخيل اخي الكريم انك ستوقف وانك ستسأل وسوف تسأل عن تبليغ الايات وارجع الى سورة قال سورة الانعام والاية تسعة وستين وسبعين وواحد وسبعين حتى تفكر انك ستسأل عن الاخرين ان لم بلغ لهم رسالات رب العالمين فربنا يقول فلولا كان من القرون من قبلكم اولو بقية ينهون عن الفساد في الارض اي فهلا وجد من اهل القرود الماضية الذين اهلكناهم بذنوبهم ممن قصصت عليك يا محمد نبأهم في هذه السورة بقايا من اصحاب العقول والايمان والخير ينهون الناس عن الفساد في الارض بالكفر والمعاصي فكان ينبغي ان يوجد والان ينبغي ان يوجد قال تعالى الا قليلا ممن انجينا منهم. وهي تدرك على ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدلالة الى الخير والتحذير من الشر سبب للنجاة اي لكن قليلا لكن قليلا من اولئك كانوا ينهون عن الفساد في الارض وهم اتباع الرسل الذين انجاهم الله تعالى من الهلاك. وتأمل على ان الاتباع اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والتمسك بالسنة فعلا وتركها فنفعل ما فعله ونترك ما يتراجع هو سبب للثبات وسبب للدعوة الى الله قال واتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه اي واتبع الذين ظلموا انفسهم من الامم الماضية ما نطعم فيه من لذات الدنيا وانشغلوا بها واثروه على الاخرة قال وكانوا مجرمين والعياذ بالله تعالى الانسان حينما يضع شيء في غير محله يكون قد اجرم اي وكان الظالمون المترفون مجرمين باكتساب الكفر والمعاصي. فاستحقوا عقاب الله ثم قال تعالى وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون وما كان ربك ايها الرسول ليهلك قرية من القرى. اذا كان اهلها مصلحين في الارض انما يهلكها ان كان اهلها بالكفر والظلم والمعاصي وتأمل اخي الكريم قال مصلحون ولم يقل صالحين فصلاح الانسان لنفسه لا يكفي حتى يكون صالحا في نفسه مصلحا لغيره امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر دال الى الخير محذرا من الشر اذا لما لاح بما مضى ان العبرة في الاهلاك والانجاء للاكثر قرره واكده وبينه فقال وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون فالغالب والعياذ بالله قد اهلكهم الله تعالى بسبب ما وقعوا فيه من الذنوب كما قال تعالى ذلك ان لم يكن ربك مهلك القرى بظلم واهلها غافلون وربنا قال ان الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون وربنا جل جلاله قال وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في امها رسولا يتلو عليهم اياتنا وما كنا مهلك القرى الا واهلها ظالمون فعلى الانسان ان يحذر ظلما وان يحذر المعاصي. ومن الظلم ان الانسان لا يدعو الى الله تعالى. فينبغي على الانسان ان يأمر بالمعروف وان ينهى عن المنكر هو ان يدل الى الخير تأملوا انه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم. لان الكتاب والسنة مدللان ميسران مبسطان للناس فكل انسان ينبغي ان يحمل راية الرسول صلى الله عليه وسلم قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وكل من تشرف بحمده هذه الرسالة وانه من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم فينبغي له ان يقوم بهذا الامر فان قام فانما يقوم لنفسه. ومن قصر فانما يقصر على نفسه من فوائد الايات اولا وجوب الاستقامة على دين الله تعالى. اذا الانسان لا يفعل الحسنات احيانا ثم يتركها احيانا لا نحن مطالبون بالاستقامة على ما يريده الله تعالى ثانيا التحذير من الركون الى الكفار الظالمين بمداهنة او مودة فيحذر الانسان هذا الامر لان من احب الله تعالى ابغض اعداء الله ثالثا بيان سنة الله تعالى في ان الحسنة تمحو السيئة. فهذا باب عظيم جدا على الانسان ان لا يقصر في الحسنات. فيعمل بالحسنات ليتقرب الى الله ويعمل بالحسنات حتى تمحو السيئات. ويعمل بالحسنات حتى لا يفتح بابا للسيئات رابعا الحث على ايجاد جماعة من اولي الفضل يأمرون بالمعروف وينهون عن الفساد والشر. وانهم عصمة من عذاب فينبغي التعاون في هذا وينبغي على كل انسان ان يسعى لهذا فهذا هو سبب النجاة من كل شر في الدنيا والاخرة واما تركه فهو سبيل الشر في الدنيا والاخرة هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته