المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. الم تر الى ربك كيف مد الظل ولو شاء ثم جعلنا الشمس عليه دليلا. اي الم تشاهد ببصرك وبصيرتك. كمال قدرة ربك وسعة رحمته. انه مد على العباد الظل. وذلك قبل طلوع الشمس ثم جعلنا الشمس عليه دليلا. ثم جعلنا الشمس عليه اي على الظل دليلا. فلولا وجود الشمس لما عرف الظل فان الضد يعرف بضده يسيرا. فكلما ارتفعت الشمس تقلص الظل شيئا فشيئا حتى يذهب بالكلية. فتوالي الظل والشمس على الخلق الذي يشاهدونه عيانا. وما يترتب على ذلك من اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما وتعاقب الفصول وحصول المصالح الكثيرة بسبب ذلك. من ادل دليل على كمال قدرة الله وعظمته. وكمال وعنايته بعباده وانه وحده المعبود المحمود المحبوب المعظم ذو الجلال والاكرام وهو الذي جعل لكم الليل لباسا وانهم سباتا. وجعل النهار نشورا. اي من رحمته بكم ولطفه ان جعل الليل لكم بمنزلة اللباس الذي يغشاكم حتى تستقروا فيه وتهدأ بالنوم وتثبت حركاتكم اي تنقطع عند النوم فلولا الليل لما سكن العباد ولا استمروا في تصرفهم فضرهم ذلك غاية الضرر. ولو استمر ايضا ولا تعطلت عليهم معايشهم ومصالحهم. ولكنه جعل النهار نشورا ينتشرون فيه. لتجاراتهم واسفارهم واعمالهم فيقوم بذلك ما يقوم من المصالح وانزلنا من السماء اي هو وحده الذي رحم عباده وادر عليهم رزقه. بان ارسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته. وهو المطر فثار بها السحاب وتألف وصار كسفا. والقحته وادرته باذن امرها والمتصرف فيها. ليقع استبشار العباد بالمطر قبل نزوله وليستعدوا له قبل ان يفاجئهم دفعة واحدة يطهر من الحدث والخبث ويطهر من الغش والادناس فيه بركة من بركته. انه انزله ليحيي به بلدة ميتا. فتختلف اصناف النوابت والاشجار فيها. مما يأكل الناس والانعام اي نسقيكموه انتم وانعامكم. اليس الذي ارسل الرياح المباركة وجعلها في عملها متنوعات. وانزل من السماء ماء طهورا مباركا. فيه رزق العباد ورزق بهائمهم. هو الذي يستحق وان يعبد وحده ولا يشرك معه غيره الناس الا كفورا. ولما ذكر تعالى هذه الايات العيانية المشاهدة. وصرفها للعباد ليعرفوه ويشكروه اذكروا ومع ذلك ابى اكثر الخلق الا كفورا لفساد اخلاقهم وطبائعهم في كل قضية نذيرا. يخبر تعالى عن نفوذ مشيئته وانه لو شاء لبعث في كل قرية نذيرا اي رسول ينذرهم ويحذرهم. فمشيئته غير قاصرة عن ذلك. ولكن اقتضت حكمته ورحمته بك وبالعباد يا محمد. ان ارسلك الى جميعهم احمرهم واسودهم عربيهم وعجميهم انسهم وجنهم فلا تطع الكافرين في ترك شيء مما ارسلت به بل ابذل جهدك في تبليغ ما ارسلت به. وجاهدهم بالقرآن جهادا كبيرا. اي لا تبقي من مجهودك في نصر الحق وقمع الباطل. الا بذلت ولو رأيت منهم من التكذيب والجراءة ما رأيت. فابذل جهدك واستفرغ وسعك. ولا تيأس من هدايتهم. ولا تترك ابلاغهم وجعل بينهما برزخا وهجرا نحجورا. اي وهو وحده الذي خرج البحرين يلتقيان. البحر العذب وهي الانهار السارحة على وجه الارض. والبحر الملح. وجعل منفعة كل واحد منهما مصلحة للعباد وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا. وجعل بينهما برزخا اي حاجزا يحجز من اختلاط احدهما بالاخر. فتذهب المنفعة المقصودة منهما اي حاجزا حصينا اي وهو الله وحده لا شريك له الذي خلق الادمي مما ثم نشر منه ذرية كثيرة وجعلهم انسابا واصهارا متفرقين ومجتمعين. والمادة كلها من ذلك الماء المهيب فهذا يدل على كمال اقتداره. لقوله ويدل على ان عبادته هي الحق وعبادة غيره باطلة. لقوله ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا. ان يعبدون اصناما وامواتا لا تضر ولا تنفع ويجعلونها اندادا لمالك النفع والضر والعطاء والمنع. مع ان الواجب عليهم ان يكونوا مقتدين بارشادات بهم ذابين عن دينه ولكنهم عكسوا القضية الباطل الذي هو الاوثان والانداد. اعداء لله. فالكافر عاونها وظاهرها على ربها. وصار عدوا لربه مبارزا له في العداوة والحرب. هذا وهو الذي خلقه ورزقه. وانعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة. وليس يخرج عن ملكه وسلطانه وقبضته الله لم يقطع عنه احسانه وبره. وهو بجهله مستمر على هذه المعاداة والمبارزة