يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من المسلمين قضاء التائب عن ترك بعض الصلوات من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى حضرة الاخ المكرم اعاذه الله من وساوس الشيطان. ووفقه لما فيه صلاح امر دينه ودنياه. وبعد وصلني كتابك المتضمن بيان اشياء وقعت منك واشكل عليك امرها وخفت من عاقبتها وقد سبق ان اجبناك في الثالث عشر من شهر رجب من عام تسعين وثلاثمائة والف للهجرة بطلب حضورك فلم يتيسر لك ونحن الان نجيبك ان شاء الله على ما في خطابك اولا ذكرت انك تصلي في بعض الاوقات وتدع الصلاة في اوقات اخرى ويحصل منك العزم على التوبة في بعض الاوقات ثم ترجع عن ذلك وربما افضى بك ذلك التساهل الى ترك بقية الاركان. وقد عزمت على التوبة الصادقة والاقلاع التام. فهل تقبل ام تكون من الذين قال الله فيهم ان الذين امنوا ثم كفروا ثم امنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا. لم يكن الله ليغفر لهم وهل يشترط في التوبة النطق بالشهادتين بمسمع عالم؟ وهل لا بد من الغسل وصلاة ركعتين الى اخره الجواب قد بين الله في كتابه العظيم انه سبحانه يقبل التوبة من عباده مهما تنوعت ذنوبهم وكثرت كما قال تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم اجمع العلماء ان هذه الاية في التائبين وقد اخبر فيها سبحانه انه يغفر الذنوب جميعا لهم. اذا صدقوا في التوبة اليه بالندم والاقلاع من الذنوب والعزم الا يعودوا فيها فهذه هي التوبة ونهاهم سبحانه من القنوط من رحمته وهو اليأس مهما عظمت الذنوب وكثرت فرحمة الله اوسع وعفوه اعظم قال تعالى وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون وقال في حق النصارى افلا يتوبون الى الله ويستغفرونه؟ والله غفور رحيم وقال النبي صلى الله عليه وسلم الاسلام يهدم ما قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها والايات والاحاديث في هذا المعنى كثيرة فالواجب عليك الاقلاع من جميع الذنوب والحذر منها. والعزم على عدم العود فيها. مع الندم على ما سلف منها اخلاصا لله وتعظيما له وحذرا من عقابه مع احسان الظن به سبحانه وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال يقول الله تعالى انا عند ظن عبدي بي وانا معه حين يذكرني وقال عليه الصلاة والسلام وفي الحديث الاخر لا يموتن احدكم الا وهو يحسن الظن بالله اخرجه مسلم في صحيحه فاتق الله يا عبد الله واحسن الظن بربك وتب اليه توبة صادقة ارضاء له سبحانه وارغاما للشيطان قال وابشر فانه سبحانه سيتوب عليك ويكفر سيئاتك الماضية اذا صدقت في التوبة. وهو سبحانه الصادق في وعده الرحيم بعباده اما الشهادة على مسمع عالم فليس ذلك بشرط وانما التوبة تكون بالاقرار بما جحدته. وبعمل ما تركت فاذا كان الكفر بترك الصلاة فان التوبة تكون بفعل الصلاة مستقبلا. والندم على ما سلف والعزيمة على عدم العود وليس عليك قضاء ما تركته من الصلوات. لان التوبة تهدم ما كان قبلها اما ان كنت تركت الشهادتين او شككت فيهما فان التوبة من ذلك تكون بالاتيان بها ولو وحدك فتقول اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله عن ايمان وصدق بان الله معبودك الحق لا شريك له وان محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله الى جميع الثقلين من اطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار اما الغسل فهو مشروع وقد اوجبه بعض العلماء على من اسلم بعد كفره الاصلي او الردة فينبغي لك ان تغتسل وذلك بصب الماء على جميع بدنك بنية الدخول في الاسلام والتوبة مما سلف من الكفر اما صلاة ركعتين بعد الغسل فلا تجب. ولكن يستحب لكل مسلم اذا تطهر الطهارة الشرعية ان يصلي ركعتين لاحاديث وردت في ذلك واما قوله سبحانه ان الذين امنوا ثم كفروا ثم امنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا فليس معناها ان من زاد كفره او تكرر لا يتوب الله عليه. وانما معناها عند اهل العلم استمراره على الكفر يموت كما قال الله سبحانه في الاية الاخرى في سورة البقرة ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون وقال تعالى في سورة ال عمران ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من احدهم ملء الارض ذهبا ولو افتدى به اولئك لهم عذاب اليم وما لهم من ناصرين وقال ايضا في سورة البقرة ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة. واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون فقد اوضح الله سبحانه في هذه الايات الثلاث ان حصول العذاب واللعنة وعدم القبول وحبوط الاعمال كل ذلك مقيد بالموت على الكفر وقد اجمع العلماء رحمهم الله على ان الكافر مهما تنوع كفره ومهما تكررت ردته فانه مقبول التوبة عند الله اذا تاب توبة نصوحا. وهي المشتملة على الاقلاع عن الكفر. والعزيمة على عدم العودة فيه والندم على ما مضى منه وانما اختلفوا في حكم من تكررت ردته في حكم الشرع في الدنيا هل يقبل منه ويسلم من القتل ام لا تقبل منه ويقتل هذا محل الخلاف اما فيما بينه وبين الله سبحانه فليس في قبولها خلاف اذا كانت توبة نصوحا كما تقدم وارجو ان يكون فيما ذكرناه لك مقنع وكفاية والواجب عليك البدار بالتوبة الصادقة. والضراعة الى الله سبحانه والالحاح في الدعاء ان يتقبل منك. وان يثبتك على الحق ويعيذك من نزغات الشياطين ووساوسه فانه العدو المبين الذي يريد اهلاكك واهلاك غيرك كما قال الله سبحانه ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير فبادر الى ارغامه بالتوبة الصادقة. وابشر بالخير والعاقبة الحميدة والسلامة من النار مع قبول التوبة اذا صدقت في ذلك واوصيك بالاكثار من ذكر الله وتسبيحه وتحميده وكثرة الاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن افضل ذلك ان تكثر من كلمة التوحيد لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ومن الكلمات الاتية سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني. انك انت الغفور الرحيم كما نوصيك بالاكثار من تلاوة القرآن والتدبر لاياته فان فيه الهداية لكل خير والتحذير من كل شر ونوصيك ايضا بمطالعة ما تيسر من كتب الحديث المعروفة مثل رياض الصالحين وبلوغ المرام. فان فيها ما ينفعك ويعينك على الخير ان شاء الله اما صوم النافلة كالاثنين والخميس وصيام ثلاثة ايام من كل شهر فهو قربة وطاعة وفيه اجر عظيم وتكفير للسيئات ولكن اذا كانت امك لا ترضى بذلك فلا تكدرها فان الوالدة حقها عظيم وبرها من اعظم الواجبات ولعلها تخاف عليك من الكسل اذا صمت وعدم القيام بالواجب في طلب الرزق والقيام بحاجات البيت ومعلوم ان طلب الرزق الحلال لاعاشة العيال واهل البيت من افضل القربات بل من اهم الواجبات وهو افضل من التفرغ لصوم التطوع وصلاة التطوع وبكل حال فالذي انصحك به هو ان تسمع قولها وتطيعها في مثل هذا واذا رأيت مجالا في المستقبل لطلبها الاذن. فاستأذنها في الصوم اذا كان الصوم لا يعطلك ولا يضعفك عن المهمات مذكورة انفا والله المسئول ان يمنحك الفقه في الدين ويهديك صراطه المستقيم ويمن علينا وعليك بالتوبة النصوح ويعيذنا واياك وسائر المسلمين من نزغات الشيطان وشر النفس وسيئات العمل. انه جواد كريم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه التوقيع نائب رئيس الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. اعداد مشروع كبار العلماء كويت اعزها الله بالتوحيد والسنة